خبير عسكري: العملية الإسرائيلية في جنين مختلفة والسلطة أرهقت المقاومة
تاريخ النشر: 22nd, January 2025 GMT
قال الخبير العسكري العقيد حاتم الفلاحي إن العملية التي بدأها الاحتلال في مدينة جنين شمالي الضفة الغربية اليوم الثلاثاء تتطلب معلومات استخبارية وجغرافية معقدة، معربا عن اعتقاده بأن السلطة الفلسطينية جعلت المقاومة في وضع صعب.
وأضاف الفلاحي -في تحليل للجزيرة- أن ما يجري هو تطويق للمدينة من 3 جهات (الشمال والشرق والجنوب)، مما يعني أنها ستتعرض لحصار كامل تقريبا من أجل الحصول على موطئ قدم تمهيدا للتقدم التدريجي.
ولفت إلى أن التقدم في المدن يكون بطيئا جدا خشية الكمائن، وقال إن قوات الاحتلال لم تندفع بقوة إلى قلب المدينة خشية وجود ترتيبات دفاعية من جانب المقاومة.
عملية طويلة ومختلفة
وتختلف العملية الحالية عن العمليات السابقة التي تعرضت لها جنين برأي الخبير العسكري، إذ إنها ستكون طويلة زمنيا كون المدينة تواجه حصارا كاملا من جانب قوات السلطة الفلسطينية منذ 45 يوما.
ويرى الفلاحي أن أجهزة الأمن التابعة للسلطة نقلت عمليتها إلى قوات الاحتلال، إذ تولتها الفرقة 877 المسؤولة عن الضفة الغربية.
ولم يستبعد الفلاحي الدفع بقوات خاصة أخرى أو بوحدة المستعربين (دوفدفان) التي تمتلك معرفة وخبرة بالمنطقة، إلى جانب قوات "يمان" الشرطية، وسلاح الجو والمسيّرات والقناصين المنتشرين فوق البنايات.
إعلانوتعتبر إمكانيات المقاومة في جنين محدودة جدا قياسا بنظيرتها في قطاع غزة، وذلك بسبب الحصار المحكم من جانب الاحتلال وأجهزة أمن السلطة، وفق الفلاحي الذي قال إنهم قد يعتمدون على العبوات الناسفة التي استخدمت في عمليات سابقة وأوقعت خسائر في صفوف الاحتلال.
وأعرب المتحدث عن اعتقاده بأن المقاومة تعاني إرهاقا حاليا بسبب المواجهات التي دارت بينها وبين أجهزة أمن السلطة طوال الفترة الماضية، فضلا عن أن تركيز الاحتلال على منطقة بعينها في الضفة يجعل المقاومة في وضع صعب.
دوافع سياسية
وقال الفلاحي إن جنين لا تملك أهدافا عسكرية واضحة لكي يتم استهدافها بعملية واسعة كالتي بدأها الاحتلال في قطاع غزة، معربا عن اعتقاده بأن هذا الهجوم له دوافع سياسية تتمثل في إرضاء بعض الشخصيات الإسرائيلية التي كانت ترفض صفقة غزة.
وأعرب عن اعتقاده بأن فشل قوات السلطة في القضاء على المقاومة خلال الفترة الماضية قد يكون سببا في تقدم قوات الاحتلال التي تريد إثبات عجز السلطة عن فرض الأمن.
وفي وقت سابق اليوم، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي هجوما واسعا على مدينة جنين تحت اسم "الجدار الحديدي"، مما أدى إلى استشهاد 8 فلسطينيين وإصابة أكثر من 35 آخرين، وفق آخر بيانات وزارة الصحة الفلسطينية.
وأكد الهلال الأحمر الفلسطيني أن قوات الاحتلال تمنع طواقمه من الوصول إلى المصابين داخل مخيم جنين، في حين دعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى النفير العام.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات قوات الاحتلال
إقرأ أيضاً:
تحقيق عسكري إسرائيلي يكشف فشلًا استخباراتيًا في هجوم 7 أكتوبر
توصيات أمنية بتعزيز الجيش والمخابرات بعد الفشل
لماذا أخفقت إسرائيل في صد الهجوم؟ وما علاقة "جدار أريحا" بـ"طوفان الأقصى"؟
كشف تحقيق عسكري إسرائيلي عن فشل استخباراتي وتكتيكي كبير في التعامل مع هجوم 7 أكتوبر 2023، حيث فاجأت حماس الاحتلال بهجوم منسق رغم تفوق إسرائيل عسكريًا. وأظهر التحقيق أن القادة الإسرائيليين أساءوا تقدير نوايا الحركة، رغم امتلاكهم معلومات مسبقة عن خططها منذ عام 2019، لكنهم اعتقدوا أنها غير قادرة على تنفيذها.
كما أكد التقرير أن إسرائيل انشغلت بتهديدات أخرى، ما جعل غزة "نقطة عمياء"، وأوصى بإنشاء وحدة استخبارات متخصصة وزيادة حجم الجيش وتعزيز الدفاعات الحدودية، في محاولة لعدم تكرار الفشل.
أجرى جيش الاحتلال الإسرائيلي تحقيقًا موسعًا عن إخفاقه في صد هجمات السابع من أكتوبر 2023 التي قامت بها المقاومة الفلسطينية والمعروفة بطوفان الأقصى، واعترف قادة الكيان الصهيوني بتفوق المقاومة الفلسطينية استخباريًا وتكتيكيًا في القيام بتلك الهجمات وخداع دولة الاحتلال التي تمتلك قدرات استخباراتية وعسكرية متطورة بمراحل كبيرة عن تلك التي تمتلكها المقاومة.
وقالت اللجنة العسكرية، وفق التحقيقات: إن المسؤولين العسكريين فوجئوا بالهجوم الذي قادته المقاومة بعد أن أساءوا تفسير نواياها واستخفوا بقدراتها إلى حد كبير، حتى قبل ساعات من الهجوم.
ورغم أن دلالات الهجوم الوشيك كانت في كل مكان، فإن المسؤولين الإسرائيليين لم يتعاملوا معها على وجه السرعة، حيث كانوا يعتقدون أن حماس إما كانت تقوم بتدريب عسكري، وإما كانت تستعد للدفاع ضد هجوم إسرائيلي، أو تستعد لشن غارات صغيرة عبر الحدود، مما عزز الاعتقاد الخاطئ بين المسؤولين العسكريين بأن شيئًا لم يكن خارجًا عن المألوف.
وجاء في التحقيق أنه "قبل ساعات من الهجوم، ظل كبار المسؤولين العسكريين مستيقظين حتى وقت متأخر من الليل يناقشون السلوك غير المعتاد للمقاومة في ذلك اليوم، وأمر رئيس الأركان العسكرية الإسرائيلية، هيرتسي هاليفي، مساعديه بجمع المزيد من المعلومات لإحاطته في وقت لاحق من اليوم التالي".
وقال مسؤولون إسرائيليون: إن أحدًا لم يعتقد أن الوقت كان عاملًا حاسمًا، ومع ذلك، تم استدعاء أعلى جنرال إسرائيلي في الشمال في وقت متأخر من تلك الليلة إلى مقر الجيش في تل أبيب، بينما كان الجيش مشغولًا بهجوم محتمل يأتي من الشمال من قبل مسلحي حزب الله في لبنان بعد أشهر من التوتر، مما جعل غزة نقطة عمياء وأصبحت في النهاية هدفًا سهلًا للمقاومة.
وقال التقرير: إن المقاومة ظلت كامنة لمدة عامين بعد قتال دام أسابيع مع إسرائيل في عام 2021، غير أنها باغتت إسرائيل بالهجوم في عطلة "سيمخات توراه" اليهودية، عندما كان عدد القوات على طول الحدود أقل من المعتاد.
خططت حماس لاختراق ما بين أربع إلى ثماني نقاط على طول الحدود، إلا أن مسلحيها هاجموا ما يقرب من 60 نقطة. وكان الهدف الأول لحركة المقاومة القاعدة الإسرائيلية المسؤولة عن المنطقة المحيطة بقطاع غزة، وهي قاعدة ناحال عوز، حيث دخلها المسلحون بسهولة وقتلوا كبار القادة العسكريين بها، ودمروا قدرات الاستخبارات الإسرائيلية التي تشرف على المنطقة. وهو ما جعل إسرائيل عمياء لمدة ثلاث ساعات مع تطور العملية الأوسع نطاقًا، مما سمح لموجات من المسلحين بعبور السياج إلى إسرائيل دون مقاومة.
وأشار التقرير إلى أن المسلحين كانت لديهم حرية مطلقة في مهاجمة الوحدات العسكرية، ما أدى إلى مقتل 1200 من أفراد الأمن والمدنيين الإسرائيليين في ذلك اليوم، بالإضافة إلى أخذ 251 شخصًا كرهائن. واستغرق الأمر خمس ساعات ونصف الساعة لجلب التعزيزات إلى المنطقة، وثلاثة أيام لصد المهاجمين بالكامل.
وأضافت لجنة التحقيق في تقريرها: "لم يكن أحد في أي مكان في إسرائيل قادرًا على القول، في الساعة السادسة والنصف صباحًا يوم 7 أكتوبر: إن حماس على وشك تنفيذ هجوم كبير على إسرائيل"، في إشارة إلى الوقت الذي أطلقت فيه المقاومة 1400 صاروخ على إسرائيل لتحويل الانتباه عن غزوها البري. "لم يكن هناك مثل هذا الشخص في نظامنا. كان لدى إسرائيل جنود نظاميون في الاستخبارات ومراقبون في الميدان حذروا من أن حماس تخطط لهجوم، لكن هذه المعلومات لم تكن كافية لإثناء كبار مسؤولي الاستخبارات عن التقييم العام بأن المقاومة لا تريد الحرب".
وأكد تقرير لجنة التحقيق أن إسرائيل اكتشفت خطة المقاومة قبل سنوات من طوفان الأقصى، وأن القادة الإسرائيليين كانوا على علم بخطة حماس لمهاجمة جنوب إسرائيل في عام 2022، غير أن مسؤولي البلاد قرروا أن الخطة، التي أطلق عليها اسم "عملية جدار أريحا"، كانت مجرد طموح، وأن حماس ليست مهتمة ببدء حرب.
وأوضح التقرير أن خطة المقاومة، التي كانت معروفة بعملية "جدار أريحا" للهجوم على جنوب إسرائيل، تمت الموافقة عليها من قبل قيادة المقاومة عام 2019، وحصلت على موافقة تشغيلية في أغسطس 2021. وبحلول أبريل 2022، كانت الحركة تدرس بالفعل توقيت الهجوم، الذي لم يكن معروفًا إلا لقلة مختارة، لكن آلافًا من مسلحي الحركة تدربوا عليه لسنوات استعدادًا له.
وقال التحقيق: إن أصول هجوم السابع من أكتوبر تعود إلى عام 2016، فيما كانت إسرائيل تعتقد أن المقاومة تركز على بناء دولة في غزة ومحاولة السيطرة على الضفة الغربية قبل أي مواجهة كبرى.
وقال مسؤولون إسرائيليون: إن هذا كان صحيحًا، غير أن الاستخبارات الإسرائيلية أخطأت في تقدير هذا التحول الاستراتيجي للمقاومة، التي استغلت الاضطرابات الداخلية في إسرائيل - الصراع بين حكومة اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو ضد الجيش والمحكمة العليا في إسرائيل - وشنت الهجوم في هذا التوقيت.
وخلص التقرير إلى أن المقاومة خدعت إسرائيل وجعلتها تعتقد أن أولويتها هي الحصول على امتيازات اقتصادية لتعزيز حكمها في غزة، كما أنها لم تبادر بأي أنشطة مسلحة ضد إسرائيل قبل هجمات السابع من أكتوبر، مما دفع المسؤولين الإسرائيليين إلى افتراض أن حماس قد تم ردعها.
وأشارت تقارير إلى أن المخابرات الإسرائيلية انحرفت عن مهمتها الرئيسية، المتمثلة في توفير الإنذار المبكر لأي هجوم محتمل، وأصبحت مهتمة بشكل كبير بتوفير المعلومات الاستخبارية التكتيكية للعمليات العسكرية الأوسع لإسرائيل. وكان الاستنتاج الرئيسي من التحقيق هو أن إسرائيل لا يمكنها السماح للتهديدات بالنمو على حدودها، كما فعلت مع حماس وحزب الله.
وأوصت لجنة التحقيق بإنشاء وحدة استخبارات لتقييم إشارات التحذير، وزيادة حجم الجيش بشكل كبير، وتعزيز دفاعات الحدود.ويرى مراقبون أن هذا ما تقوم به إسرائيل حاليًا بالفعل، سواء على حدودها في لبنان وسوريا أو من خلال محاولتها السيطرة على محور فيلادلفيا.
ويبقى السؤال: هل ما يقوم به الكيان كافٍ لردع أي مقاومة لدولة الاحتلال؟ ويجيب التاريخ بأن ما قامت به الدول المحتلة على مدى العصور السابقة، من إنشاء تحصينات لقواتها وقيامها بعمليات تطهير عرقي لأصحاب الأرض، لم يردع أي مقاومة للاحتلال.