غزة.. معجزةُ الانتصار مصداقاً للوعد الإلهي
تاريخ النشر: 21st, January 2025 GMT
حسن محمد طه
نهضت العزة والكرامة بشموخٍ مذهل لرجال ونساء وأطفال وشيوخ غزة العزة، وبُعثوا من بين ركام الدمار الكبير، بصمودهم الذي فاق صمود الحديد والمنشآت والمباني، رسائل أثبتوا فيها للعالم أنهم وبإيمانهم وإرادتهم وعزيمتهم أقوى من طائرات العدوّ الصهيوني والأمريكي التي لم تتوقف عن الإقلاع والهبوط والتحليق، في تناوبٍ على الهجوم بمئات الآلاف من الصواريخ والقنابل المحرمة على مدى 471 يوماً.
حممٌ من البراكين والسحائب السوداء، وأطنانٌ من المتفجرات، محملة بسموم الأسلحة الفتاكة التي ذاقها أهل غزة في كُـلّ يوم، ما ذاقه سكان “هيروشيما وناجازاكي” في اليابان نهاية العام 1945م، بالقنابل النووية الأمريكية، وكان من المعيب أن العالم أمام بشاعة الجريمة ظل يشاهد بصمت موجات من الغارات والقصف والقتل اليومي والدمار الكبير الذي غير خارطة مدن قطاع غزة الذي لم يتجاوز عشرات الكيلومترات.
جرائم تعرض الأهالي فيها لصدماتٍ نفسية عنيفة من هول المشاهد اليومية لتلك الأشلاء المتناثرة والأعضاء الممزقة للأرواح البريئة من الأطفال والنساء والكهول، وهم يقفون عاجزون عن إخراج آلاف الجثث ومئات الجرحى العالقين تحت ركام وأنقاض المباني والمدارس والمستشفيات، كما انفرد العدوّ الإسرائيلي والأمريكي في العصر الحديث بجريمةٍ لا مثيل لها، هي تلك المناظر للكلاب الضالة وهي تنهش جثث الشهداء في شوارع القطاع المنكوب.
وفي مشهدٍ لم يتوقف للحظة؛ عكفت وسائل وقنوات الإعلام العالمية على توثيقه ونقله مباشر، وضع أنظمة وشعوب العالم أمام الصورة الكاملة لتك الجرائم التي تعمدت آلة الحرب الصهيونية على ممارستها أمام مسمع ومرأى الجميع، وعلى الرغم من هول وعظم وحجم ذلك الإمعان إلا أن الكيان الغاصب لم يستطع كسر صمود أهل غزة، ولم يتمكّن من هزيمة المقاومة الباسلة التي ضحت بخيرة قادتها ورجالها المجاهدين.
وكان لصمود وثبات المقاومة التي استنزفت قدرات وإمْكَانيات العدوّ الصهيوني وكسرت غطرسته وأرغمته على التفاوض معها، هذه المقاومة هي نفسها التي راهن وتعهد المجرم “نتنياهو” للمستوطنين وعائلات أسرى 7 أُكتوبر، ولحكومته على القضاء عليها، واستنفر لاقتحام قطاع غزة معظم الفرق العسكرية ومئات الألوية بمختلف التشكيلات المدربة على أحدث طرق القتال والأعمال الاستخباراتية، ومجهزة بأحدث التقنيات والعتاد الحربي الغربي والأمريكي، بما فيها قطاعات التكنولوجيا من ذكاء صناعي وأقمار اصطناعية، ناهيك سلاح وعتاد حلفائه، الذي شكل قوة ردع لمواجهة أية دولة تتخذ موقفًا داعمًا ومساندًا للمقاومة الفلسطينية.
لكن ومن مصاديق الوعود الإلهية؛ أن تلك الجحافل والترسانات العسكرية التي ضربت بكل أنواع الأسلحة الفتاكة، رغم بشاعتها وحقدها ورغبتها الشيطانية في القتل والتدمير، إلا أنها لم تنل من إيمان وإصرار وثبات أصحاب الأرض شعباً ومقاومة، وفاجأوا العالم بخروجهم للشوارع محتفلين بالنصر، وملامح الفرح بالانتصار ظاهرة على وجوههم رغم حجم المصاب والدمار والألم.
هذه المظاهر الفرائحية والتماسك الذي برز في قوى الأمن وكتائب المجاهدين تسببت بصدمةٍ ورعب ومذلة وانكسار للعدو الصهيوني، ونزلت عليهم تلك المشاهد كصاعقة مزلزلة، أصابت قادة وضباط وأفراد جيش الكيان بالإحباط والصدمة النفسية، كيف لا وقد خطط وحشد وقاتل بكل ما لديه من قدرات وقوة وإسناد كبير؛ مِن أجلِ أن يجعل قطاعَ غزة خاليًا من مجاهدي حماس.
وإذا بالعدوّ يعيش الكوابيس المرعبة حينما رأى أمام عينيه مظاهر الالتئام المتجدد والتلاحم لآلاف المجاميع من أبناء المقاومة ومنتسبي كتائب القسام وهم يتوافدون إلى كُـلّ شارع، وهم ما يزالون بكامل عدتهم وعتادهم وكأنهم بُعثوا من بعد موتتهم الأولى، حتى أن الخبراء العسكريين والسياسيين لم يستوعبوا خطط المقاومة التي مكّنتها من الاحتفاظ بقوتها البشرية والعسكرية أمام الآلة العسكرية والاستخباراتية الصهيونية المتطورة طوال هذه الفترة.
عُمُـومًا، ستظل هذه الجرائم والمجازر الصهيونية بحق غزة وأبنائها وسمة عارٍ على جبين المجتمع الدولي بشكلٍ عام، ولعنة تلاحق مرتكبيها والداعمين للعدو، والصامتين عنها من العرب والمسلمين وادعياء الإنسانية، وسيظل الانتصار الكبير وسام شرف على صدر وجبين كُـلّ المجاهدين وكل أبناء غزة، وكل من ساندهم في محور الجهاد والمقاومة وكل من ناصرهم في مختلف الجوانب، وبيض الله وجه سيد القول والفعل السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، الذي شرف أبناء شعبنا، وبيض وجيهنا بقيادته للموقف اليمني الشجاع.
* عضو مجلس الشورى
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
حزب الله يبارك انتصار المقاومة في غزة.. تتويج للصمود الأسطوري
بارك حزب الله اللبناني، اليوم الاثنين، ما وصفه "الانتصار السياسي والعسكري للمقاومة في قطاع غزة"، مؤكدا أنه جاء تتويجا للصمود الأسطوري والتاريخي على مدار أكثر من 15 شهرا من بدء "ملحمة طوفان الأقصى".
وقال حزب الله في بيان، إن "اتفاق غزة يدل على أن الاحتلال لم يستطع تحقيق أيّ من أهدافه بالقوة أو كسر إرادة وصمود الشعب الفلسطيني"، مضيفا أننا "نبارك للشعب الفلسطيني العظيم ومقاومته الباسلة ولكل قوى المقاومة التي ساندت غزة وللأمة العربية والإسلامية ولأحرار العالم هذا الانتصار الكبير".
وتابع الحزب قائلا: ""هذا الانتصار جاء تتويجًا للصمود الأسطوري والتاريخي على مدار أكثر من 15 شهرًا من بدء ملحمة طوفان الأقصى الذي شكّل مثالًا يُحتذى به في مواجهة العدوان الإسرائيلي الأمريكي على أمتنا ومنطقتنا".
ورأى أن "هذا الانتصار التاريخي يؤكّد من جديد أنّ خيار المقاومة هو الخيار الوحيد القادر على ردع الاحتلال ودحر مخططاته العدوانية، ويمثّل هزيمةً استراتيجيةً جديدةً للعدو الإسرائيلي وداعميه".
وأكد أنّ "زمن فرض الإملاءات قد ولّى، وإرادة الشعوب الحرّة عصيّة على الانكسار وأقوى من كل آلات الحرب والإرهاب الإسرائيلي والأميركي"، وفق تعبير البيان.
ورأى الحزب أن "المقاومة الفلسطينية أثبتت خلال هذه المعركة أنها قوية وقادرة على كسر عنجهية وجبروت العدو الصهيوني، رغم كل جرائمه وعدوانه الوحشي"، مشيرا إلى أن المقاومة أكدت أن "هذا الكيان المؤقت كيان هش لا قدرة له على البقاء والاستمرار، ولن ينعم بأمن أو استقرار طالما استمر في عدوانه على شعبنا وأرضنا ومقدساتها".
وشدد الحزب على أنّ "الولايات المتحدة الأمريكية هي شريكة كاملة في الجرائم والإبادة الجماعية التي ارتكبها العدو بحق الشعب الفلسطيني"، منوها إلى أنه يبارك جهود قوى جبهات الإسناد، وأبرزها الحزب جنوب لبنان وجماعة الحوثي في اليمن.
ووجه حزب الله التحية إلى إيران، مؤكدا أنها "شكّلت عمودًا أساسيًا في صمود المقاومة وتحمّلت كل الضغوطات والمخاطر لأجل فلسطين"، معربا عن "فخره واعتزازه بهذا الانتصار المبارك للشعب الفلسطيني ومقاومته والذي كان شريكا في تحقيقه من خلال صمود وثبات وتضحيات المقاومة وشعبها في لبنان".
ولفت إلى أن المقاومة في لبنان المتمثلة في "حزب الله" قدّمت في سبيل الانتصار "أغلى ما تملك"، أمينها العام الراحل حسن نصرالله، وهاشم صفي الدين (كان يتوقع أن يخلف نصر الله)، وعدد كبير من القادة والمقاتلين.