كم هو شاسع هذا الفضاء الممتد بين الروح والجسد، وبقدر بعدها - الروح عن الجسد - بقدر قربها حتى لقد سقطت كل مبررات القول الفصل، أو ما يمكن أن نفسر من خلاله سمو الروح، وكيف يمكن تجميع شظايا هذه الروح فى سله الجسد - شىء غامض بينهما وكلما ازدهرت شمس هذه العلاقه، تزداد غموضاً وتختفى مفردات أسرارها.
[email protected]
.المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كاريزما نادر ناشد
إقرأ أيضاً:
أحمد الزيات عن شهر رمضان: استراحة الروح بعد عامٍ من صخب الحياة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
كتب الأديب الكبير أحمد حسن الزيات في مجلة "الرسالة" عام 1933 مقالًا رائعًا عن شهر رمضان، حيث وصفه بأنه استراحة الروح بعد عامٍ من صخب الحياة.
فبعد أحد عشر شهرًا من اللهاث وراء الرزق، والانشغال بشهوات الدنيا، يأتي رمضان ليوقظ في الإنسان الخير الكامن داخله، ويعيده إلى صفائه ونقائه، فيتخفف من أعباء المادة، ويتزود بطاقة روحية تبقيه صامدًا أمام فتنة الدنيا ومحنتها.
رمضان ليس مجرد صيام عن الطعام، بل هو تدريب للنفس، وتهذيب للروح، وجسر يربط القلب بالإيمان.
إنه يعيد الدفء إلى العلاقات، ويقرب المسافات بين الغني والفقير، وبين الأهل والأقارب، وبين الأصدقاء والجيران. هو شهر تفيض فيه القلوب بالرأفة، وتنساب فيه الرحمة، وكأن السماء تُرسل نفحاتها الطاهرة لتملأ الأرض بنور الإيمان وأنفاس الملائكة.
رمضان عيد مستمر طوال الشهر، تملؤه البهجة والسعادة، فأنواره تضيء الليالي، وأمسياته تفيض بالدفء، فالرجال يجتمعون في حلقات الذكر والقرآن، والنساء ينثرن الحب والفرح في البيوت، والأطفال يجوبون الشوارع بفوانيسهم المضيئة وأغانيهم العذبة.
المساجد التي كانت هادئة طوال العام، تمتلئ بالمصلين والدعاء، والمآذن تعلو بصوت التسابيح، وكأنها ترسل إلى السماء أجمل الألحان الإيمانية.
أما القاهرة، فخلال رمضان تستعيد بريقها الشرقي الأصيل، فتتلاشى الصبغة الأوروبية التي غلبت عليها، ويعلو فيها صوت الأذان، وتهتز شوارعها بهدوء الإفطار وصخب السحور وفرحة مدفع رمضان. إنه مشهد روحاني بديع، يجعل القاهرة تعود إلى ماضيها المجيد.
لكن رمضان ليس مجرد طقوس ومظاهر، بل هو رباط قوي يشد أواصر المجتمع، فيجمع أفراد الأسرة حول موائد الإفطار، ويجعل الأمة أكثر تلاحمًا وتواصلًا، ويؤكد أن المسلمين في كل بقاع الأرض يمشون في طريق واحد، بروح واحدة، وعقيدة واحدة، وفكر واحد، وكأنهم قافلة عظيمة تسير نحو غاية سامية واحدة.