تقود مليشيات الدعم السريع و الدول الراعية لها حرباً ليست بالجديدة في تاريخ صناعتها على مستوى الدول الأفريقية و العربية أيضاً، ولا يخفى على أحد طبيعة تشكل هذه المليشيات و ديناميكية تحولها جراء محاولة السيطرة على السلطة.

مما استدعى كتابة هذه الأسطر هو أيضا ليس بالشيء الجديد فقد شهدت المدن و القرى السودانية اكبر عمليات استهداف تاريخي للأرض و البنى التحتية و المؤسسات الخدمية.


إن نظرنا إلى هذه الحرب بعيدا عن أثرها على المؤسسة العسكرية السودانية و المنظومات العسكرية المدنرجة تحت قانونها أو التي ألحقت بعد اتفاق جوبا (2020) و بموجب استحقاقات هذه الوثيقة.

قضيت خلال العام 2024م جله في مناطق ريفية منخرط كجزء من واقع اجتماعي و اقتصادي جديد له تاريخ تطوره وعلاقاته الشائكة مع الدولة، سواء من ناحية طبيعة الأنشطة به أو مدى تطوره، و لا حظت ما معنى أن تكون هناك دولة مسؤولة عن بنى تحتية و خدمات حتى وإن كان بعضها لا يتجاوز الإمداد الدوائي أو توفير أوراق حصيلة الزكاة، و لاحظت مدى تأثر هذه المناطق باستقرار الدولة، حيث ينعكس عليها بصورة كبيرة جدا فإن كانت أزمة الخبز في مدينة مروي صعبة و قاسية فإنها مضاعفة في أريافها.

وبالرغم من محاولة البعض إيجاد بدائل أخرى في طعامهم اليومي فإن تكلفته عالية على الأسر، وهذه التكلفة تؤثر على دخل الأسرة الشهري حيث يمكن أن يعمل توفير الخبز على خلق إمكانية عمل ثلاث إلى أربع نساء في أنشطة من خلالها يزدن دخل الأسرة ثلاثة أضعاف سواء أكان بتربية الماشية أو العمل في مصانع الحلويات أو التجارة الصغيرة و صناعة المخبوزات فكل ( ألف جنيه ) سوداني يؤثر على الأسرة و رفعها من مستوى الفقر إلى مستويات أفضل.
وايضا يوفر استقرار الدولة انعكاس على الخدمات الأساسية مثل المياه فقد يستهلك البعض نصف يومهم في تغطية الحوجة الاستهلاكية اليومية مما يعني خروج أيدي عاملة في الأسر و بالتالي خسارة دخل اضافي كان يمكن أن يدخله هؤلاء الأفراد.

ينعكس هذا على مستوى الصحة العامة فمع كل انقطاع للكهرباء تزيد فرص إصابة الأفراد بالملاريا و ايضا بضعف الغذاء و احتمالية الإصابة بالأمراض الناتجة عن تلوث المياه بسبب افتقارها إلى وسائل نقل نظيفة.

نتابع منذ بداية يناير سياسات مليشيات الدعم السريع العدوانية التي تعمل على ضرب محطات الطاقة الكهربائية في مناطق نهر النيل و الشمالية بالتحديد حيث سقطت أكثر من 50 مسيرة أصابت أكثر من عشرة منها محطات إما توزيع أو نقل الكهرباء مما أحدث شلل كلي او جزئي في أكثر من سبع ولايات.

ومن المعلوم أن الولايات المستهدفة بيها أكثر من 450 ألف فدان عبارة عن مشاريع زراعية تستخدم الطاقة الكهربائية في عمليات الري بجانب المصانع الغذائية و مواد البناء وغيرها من فرص العمل التي تؤثر الكهرباء في استقرار عامليها بجانب تعطل بعض الخدمات الصحية في المشافي الكبرى خصوصا التي تعمل على تقديم الخدمة لمرضى السرطان و الامراض المزمنة فقد خرجت وحدات العناية الفائقة المركزية في مشافي مدينة مروي الطبية و كريمة و تضررت بشكل جزئي في دنقلا و عطبرة و الدبة.

هذه السياسات العدوانية تعريفها بالعمليات العسكرية أمر خاطيء و إنما هو ” عدوان خارجي ” مشغلي المسيرات و المسيرات و الاطقم العسكرية التي توفر الإمداد العسكري جميعها خارجية و بتمويل خارجي.

بالإضافة إلى ذلك فمع تفكك مليشيا الدعم السريع إلى جيوب أصبحت جميع الأعمال العسكرية التي تقوم بها تعرف على أنها عمليات إرهابية ضد مؤسسات مدنية خدمية ولا تحتوي على اي طابع عسكري أو يتدخل الجيش في إداراتها.

ما يبنى على ذلك تعريف جديد للحرب في السودان فالدعم السريع الذي لاحظناه في 15 أبريل قد تفكك ولا يمكنه استعادة تركيبته العسكرية ليس لعدم القدرة العسكرية وحسب بل حتى المصالح الإجتماعية قد تقطعت جراء الخسرات العسكرية التي منيت بها هذه القوات.
إن تسمية الحرب الحالية ” حرب عصابات إرهابية ضد المواطن ” يعطي مساحة للتفكير في الحل بشكل كلي حيث اضمحلت مقولة الحرب الأهلية و ايضا مقولة ” قوات الدعم السريع ” وفق حيثيات ميدانية عسكرية، و ايضا حيثيات الدولة نفسها و أجهزتها التنفيذية حيث يسمح تحويل الحرب بإعطاء فاعلية أكثر لولاة الولايات وايضا الأجهزة التنفيذية الأخرى بدلا من مركزية الجيش وتحميله تكاليف إدارة الدولة و المؤسسات الخدمية أيضا و يحول أمانة حكومة الولايات إلى مساحة خلفية للمسؤولين في الفرق العسكرية المعنية بأمر العمليات العسكرية.
أيضا يمكننا النظر إلى طبيعة الرؤية السياسية التي طرحتها بعض القوى إتجاه مسألة الحرب حيث لم تعدل هذه القوى طرحها حتى هذه اللحظة وظلت ممسكة بخطاب سياسي يفتقر إلى التحولات التي طرأت على المشهد العسكري الذي بنيت عليه وقائع خطابها.

اخيرا هناك بعض الذين يتشدقون بخطابات الانفصال وغيرها من الرؤى التي تشابه فكرة الكمايتة في الجارة الشقيقة مصر، أو بعض مدعي الحالة الفينيقية في لبنان، هؤلاء لا رد عليهم فهم مهزومون من داخل مشروعهم بل إن الحديث عنهم محض عبط وبلاهة سياسية و ادعوهم إلى شرب حجر الشيشة مع كأس سحلب و الاستمتاع بأموال الإمارات فلا رفق بين مشروع حميدتي و مشروعهم سوى أن حميدتي أكثر منهم شجاعة وهم جبناء حتى الدفاع عن منازلهم لم يقوموا به فلماذا يريدون فصل أقاليم كاملة، هذه الأمور تحتاج إلى رجال أشداء و عازمون على المضي في دروبهم وهم مجرد ” رمتالة”

حسان الناصر

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الدعم السریع أکثر من

إقرأ أيضاً:

برلماني: القطار الكهربائي السريع خطوة نحو مستقبل أكثر إشراقا لمصر

أشاد النائب علي الدسوقي، عضو مجلس النواب، بقرار مجلس الوزراء بالتعاقد مع شركة "دي – بي- السويدي" لإدارة وتشغيل شبكة القطار الكهربائي السريع، معتبرًا أن هذه الخطوة تمثل نقلة نوعية في قطاع النقل والمواصلات في مصر.​

وأكد الدسوقي في تصريح خاص لـ"صدى البلد"، أن المشروع سيسهم في تحقيق التنمية المستدامة، من خلال ربط المدن والمحافظات بشبكة نقل حديثة وآمنة، ما يسهل حركة المواطنين والبضائع، ويعزز من فرص الاستثمار في المناطق المختلفة.​

تصوير جوي.. شاهد معدلات تنفيذ مشروع شبكة القطار الكهربائي السريعالوزير: وصول أول قطار كهربائي سريع "فيلارو" إلى مصر أغسطس القادمتوقف الخدمة ببعض محطات الخط الثالث والقطار الكهربائي الخفيف | تفاصيلقرار جمهوري لإنشاء الخط الأول من شبكة القطار الكهربائي السريعتقليل الفجوة التنموية بين المحافظات

وأشار إلى أن الخطوط الثلاثة للقطار الكهربائي السريع، التي تمتد من العين السخنة إلى مرسى مطروح، ومن الفيوم إلى أبو سمبل، ومن قنا إلى سفاجا، ستعمل على تقليل الفجوة التنموية بين المحافظات، وتوفير فرص عمل جديدة، وتحسين جودة الحياة للمواطنين.​

وأضاف الدسوقي أن التعاقد مع شركة ذات خبرة عالمية في مجال النقل السككي يعكس حرص الدولة على تقديم خدمات ذات جودة عالية، ويؤكد التزامها بتطوير البنية التحتية بما يتماشى مع رؤية مصر 2030.​

وافق مجلس الوزراء على قيام الهيئة القومية للانفاق بالتعاقد مع شركة "دي – بي- السويدي لتشغيل النقل السككي الكهربائي – مصر"، وذلك لإدارة وتشغيل شبكة القطار الكهربائي السريع بخطوطها الثلاثة: الخط الأول الذي يبدأ من العين السخنة وحتى العلمين الجديدة ثم إلى مرسى مطروح بطول 660 كم، والخط الثاني الذي يبدأ من الفيوم وحتى بني سويف ثم إلى أبو سمبل بطول 1100كم، والخط الثالث الذي يبدأ من قنا حتى الغردقة ثم إلى سفاجا بطول 225 كم.

ووافق مجلس الوزراء على الطلبات المقدمة من بعض الجهات للتعاقد وفقاً لأحكام المادة 78 من قانون تنظيم التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة الصادر بالقانون رقم 182 لسنة 2018.

وتضمن ذلك الموافقة على تعاقد وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لاستكمال التنفيذ والاشراف على بعض المشروعات الخاصة بالتحول الرقمي، وكذا تعاقد وزارة الثقافة لنقل وفك وتركيب أصول المسرح العائم (الكبير والصغير)، هذا فضلا عن الموافقة على تعاقد وكالة الفضاء المصري لاستكمال مشروع إنشاء مبنى مقر وكالة الفضاء الأفريقية والمقر الدائم لرئيس الوكالة.

كما وافق مجلس الوزراء على التوقيع على مذكرة تفاهم مع الجانب الإيطالي بشأن التعاون في مجالات الكهرباء والطاقة المتجددة، ومنها تطوير مشروعات ربط الطاقة المتجددة المستقبلية بين البلدين، وكذا تهيئة بيئة مواتية لتسهيل تصدير الطاقات والمنتجات المتجددة، وخاصة الكهرباء المتجددة والوقود الحيوي المستدام بين مصر وإيطاليا.

مقالات مشابهة

  • وزارة العدل تعلن كسب 36 دعوى قضائية دولية لصالح العراق دون تسجيل أي خسارة في ظل الحكومة الحالية
  • برلماني: القطار الكهربائي السريع خطوة نحو مستقبل أكثر إشراقا لمصر
  • التشكيك: سلاح خفي في الحرب النفسية التي تشنها المليشيات
  • أكثر من 30 قتيلا جراء قصف قوات الدعم السريع مدينة الفاشر في دارفور  
  • “الاستهلاكية المدنية” تعلن عن تخفيضات على أكثر من 299 سلعة
  • أسعار البيض تحلّق في أوروبا... من هي الدولة التي تدفع أكثر من غيرها؟
  • دارفور.. مقتل أكثر من 30 في هجوم جديد للدعم السريع على الفاشر
  • زيلينسكي: وقف الضربات الصاروخية وهجمات المسيرات يضمن حماية البنى التحتية المدنية
  • سلاح الجو الإسرائيلي يتدرب على ضرب المنشآت النووية الإيرانية
  • مقتل أكثر من 30 شخصًا في قصف لقوات الدعم السريع بدارفور