الحروب المستقبلية بين الدول ستكون حروبًا إلكترونية قائمة على امتلاك التقنيات والتطبيقات الذكية، ففـي هذا العصر الذي أصبح فـيه كل شيء متصلًا رقميًا، فإن الصراع اليوم لا يتعلق فقط بالقوة العسكرية أو السيطرة على الموارد الطبيعية، بل أصبح صراعًا حقيقيًا حول البيانات والمعلومات، فالدول التي تمتلك أقوى التطبيقات الذكية تكون هي المنتصرة؛ لأن هذه التطبيقات باتت تشكل مفتاح القوة والنفوذ فـي العالم.
هذا الصراع يتجلى بوضوح بين الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة والصين اللتين تخوضان حربًا علنية للسيطرة على التطبيقات الرقمية. على سبيل المثال، تهدد الولايات المتحدة بحظر تطبيق «تيك توك» الصيني وتطبيق «وي تشات»، بينما تقوم الصين من جانبها بحظر تطبيقات أمريكية شهيرة مثل «واتساب» و»فـيسبوك» و«إنستجرام». لكن القضية ليست مجرد خلافات تجارية أو أيديولوجية، بل هي حرب استراتيجية على الهيمنة الرقمية.
الهيمنة المستقبلية على العالم ستتم عن طريق الهيمنة الإلكترونية، ووسيلتها الأساسية هي السيطرة على التطبيقات الذكية بكل أنواعها، سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، أو حتى تلك التي تتعلق بالتواصل والدردشة، أو التسوق والسفر، أو الألعاب؛ فامتلاك أقوى التطبيقات والتقنيات يعد عاملًا حاسمًا فـي تحديد قوة الدول وقدرتها على التأثير الجيوسياسي. فـي عالمنا اليوم، أصبحت الصراعات التقليدية بين الدول تتجاوز السيطرة على الثروات الطبيعية، لتركز أكثر على السيطرة على المعلومات والبيانات التي باتت تمثل المصدر الرئيسي للقوة الاقتصادية، والسياسية، والأمنية.
من هنا، تتفق القوى العظمى فـي العالم على أن البيانات الرقمية هي سلاح فتاك يمكن أن يغير مجريات الأمور السياسية والاقتصادية. إن تطبيقات الهواتف الذكية اليوم لا تعد مجرد أدوات للتسلية أو التواصل الاجتماعي، بل أصبحت بمثابة مراقب ذاتي لكل فرد، حيث تجمع المعلومات من جميع الأنشطة اليومية، وتعالجها بسرعة وكفاءة. وفـي هذا السياق، فإن السيطرة على هذه التطبيقات يعني التحكم فـي تدفق المعلومات وتحليلها، مما يتيح للدول والشركات الكبرى القدرة على التأثير فـي سياسات الدول الأخرى.
وهنا يأتي دور الشركات التقنية العملاقة التي تمتلك هذه التطبيقات، هذه الشركات ليست مجرد كيانات تكنولوجية، بل هي قوى اقتصادية تحدد توجهات السياسة العالمية، وتهندس التفاعلات الدولية فهي تسيطر على المعلومات وتدفقها، مما يمنحها قوة هائلة فـي العصر الرقمي. على سبيل المثال، تتربع أكبر أربع شركات تكنولوجية فـي العالم على قمة الشركات الأكثر قيمة سوقية، على رأس القائمة تأتي شركة «أبل»، التي تبلغ قيمتها السوقية أكثر من 2.7 تريليون دولار أمريكي، تليها «مايكروسوفت» بقيمة سوقية تقدر بحوالي 2.5 تريليون دولار، ثم «جوجل» التي تبلغ قيمتها السوقية 1.7 تريليون دولار أمريكي، وأخيرًا «أمازون» التي تقدر قيمتها بحوالي 1.4 تريليون دولار. هذه الشركات تمثل العمود الفقري للاقتصاد الرقمي، وتستحوذ على معظم أسواق التكنولوجيا فـي العالم.
من المهم أيضًا الإشارة إلى أن هناك شركات تقنية غير أمريكية تبرز فـي الساحة العالمية، مثل شركة «بايت دانس» الصينية المالكة لتطبيق «تيك توك»، التي تبلغ قيمتها السوقية حوالي 300 مليار دولار أمريكي.
بات من الواضح أن الحرب المقبلة لن تكون على الأرض أو البحر، بل ستكون حربًا إلكترونية تتسارع فـيها الدول للسيطرة على المعلومات. الشركات التكنولوجية الكبرى باتت تتحكم فـي مفاتيح هذه الحرب، ومن يمتلك السيطرة على البيانات فسيكون هو الفائز فـي معركة الهيمنة الرقمية، التي أصبحت المحرك الرئيسي للقوة فـي هذا العصر.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: تریلیون دولار السیطرة على فـی العالم
إقرأ أيضاً:
الرئيس البرازيلي: ترامب انتُخب ليحكم أميركا لا العالم
سرايا - وجه الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا انتقادات حادة إلى نظيره الأميركي دونالد ترامب، متهمًا إياه بمحاولة التصرف كـ إمبراطور للعالم ، وداعيًا إلى الالتزام بمبدأ احترام سيادة الدول.
وفي تصريحات إذاعية محلية، أشار دا سيلفا إلى أن الديمقراطية بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت معيارًا لأفضل أنظمة الحكم خلال السبعين عامًا الماضية، إلا أن ترامب، من خلال سلوكياته، يسعى إلى فرض نفسه كقائد عالمي. وأضاف: "ترامب انتُخب لقيادة الولايات المتحدة، لا لحكم العالم .
تأتي هذه التصريحات في ظل تصاعد التوتر بين ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، على خلفية الحوار الأميركي الروسي. ورغم عدم تطرقه صراحة إلى النزاع الأوكراني، أكد دا سيلفا أن احترام سيادة الدول يمثل خطوة أساسية لتعزيز الديمقراطية.
كما اتهم دا سيلفا الرئيس الأميركي بالتدخل المستمر في شؤون الدول الأخرى، قائلاً إن ترامب "يبدي رأيه في سياسات كافة الدول . وانتقد قرار ترامب بزيادة الرسوم الجمركية على الصلب، مؤكدًا أن البرازيل ستتبع مبدأ "المعاملة بالمثل إذا فُرضت رسوم على صادراتها.
تجدر الإشارة إلى أن البرازيل تعد ثاني أكبر مصدر للصلب إلى الولايات المتحدة بعد كندا.
وكان ترامب قد وقّع الأسبوع الماضي أمرين تنفيذيين بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب والألمنيوم.
وفي ختام تصريحاته، أعرب دا سيلفا عن قلقه من السياسات الأميركية الأخيرة، قائلاً: "الولايات المتحدة أصبحت تسعى لفرض ضرائب على كل شيء، وتحاول شراء غرينلاند، وضم كندا، والسيطرة على قناة بنما ، واصفًا هذه السياسات بأنها تتعارض مع دورها التاريخي كحامية للديمقراطية العالمية.
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
طباعة المشاهدات: 965
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 21-02-2025 12:01 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...