جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-29@16:36:47 GMT

"اتفاق غزة".. نصر وعزة (2- 2)

تاريخ النشر: 21st, January 2025 GMT

'اتفاق غزة'.. نصر وعزة (2- 2)

 

 

جمال بن ماجد الكندي

بعد ما استعرضنا في الجزء الأول من هذا المقال بنود الاتفاق والملاحظات عليها، نطرح السؤالين اللذين قلنا عنهما إن الإجابة عنهما نصر غزة؛ ففي السؤال الأول نسأل: هل اتفاق غزة هو نصر وعزة لأهل غزة؟ الإجابة نجدها في تصريحات القادة السياسيين والعسكريين والصحفيين داخل الكيان الصهيوني نفسه.

  

إيتمار بن غفير (وزير الأمن القومي): أعلن أنَّه سيستقيل من الحكومة إذا تمَّ إقرار اتفاق وقف إطلاق النَّار مع حماس، واصفًا الاتفاق بأنَّه "غير مسؤول". بتسلئيل سموتريتش (وزير المالية): دعا إلى استمرار العمليات العسكرية ضد حماس، مشددًا على ضرورة تحقيق أهداف إسرائيل الأمنية. معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي: "اتفاق وقف إطلاق النار يعني أن إسرائيل لم تدمر حماس لأنها لم تكن قادرة على ذلك." جريدة يديعوت أحرونوت: "نتنياهو فشل سياسيًا، والجيش ورئيس أركانه فشلا عسكريًا بعد 15 شهرًا من الحرب." الكاتب والمحلل السياسي الإسرائيلي ألون مزراحي: "حماس أسطورة لأجيال قادمة، ولقد انتصرت علينا؛ بل على كل الغرب وصمدت في المواجهة." صاحب "خطة الجنرالات"، غيورا آيلاند: "الحرب على غزة فشل كبير لأنها لم تحقق أهدافها، وكان من الممكن التوصل لنفس الصفقة في مايو قبل أن يُقتل 120 جنديًا إسرائيليًا." صحيفة أرئيل كاهانا: "في الواقع يمكن للمرء أن ينتقد الجيش الإسرائيلي بسبب حقيقة مفادها أن حماس لا تزال قوية بعد 15 شهرًا من السابع من أكتوبر."

هناك عبارة متداولة في الكيان الصهيوني تذكر كلام نتنياهو في عام 2023؛ حيث قال: "لن يكون وجود لحماس في غزة"، وفي عام 2025 يقول: "نحن ننتظر رد حماس على مقترح وقف إطلاق النار".

عوديد عليم، مسؤول شعبة العمليات الأسبق في الموساد الإسرائيلي: "يجب أن نعترف بصدق أننا لم نحقق الهدف المركزي من الحرب وهو القضاء على القدرات العسكرية لحماس."
ميخا كوبي المسؤول السابق في جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك": عبّر عن موقفه المتشدد تجاه اتفاق وقف إطلاق النار، حيث وصف الصفقة بأنها "ليست المثالية بالنسبة لإسرائيل"، بل اعتبرها "من بين أسوأ الصفقات التي عقدتها في تاريخها على الإطلاق."

الباحث الإسرائيلي مايكل ميلشتاين عبر إذاعة "103 إف إم" العبرية يقول: "لا جدوى من إثارة مسألة اليوم التالي هل هناك حماس، حماس هي التي تسيطر وهنا تبدأ المعضلات الكبرى". وأضاف: "سنرى في غزة الكثير من الفرح. ونقول اليوم الأول من الحرب هو يوم حماس بمعركة طوفان الأقصى واليوم الأول بعد الحرب هو يوم فرحة حماس وأهل غزة بالنصر الكبير وهي حقيقة نشاهدها في عيون الغزاويين". 

هذه بعض آراء السياسيين والعسكريين السابقين والحاليين في الكيان الصهيوني عن اتفاق غزة.

السؤال الثاني: هل حقق رئيس الوزراء الإسرائيلي أهدافه التي أعلن عنها قبل معركة غزة؟ فقد أعلن ثلاثة أهداف رئيسية:

إعادة الرهائن المحتجزين في غزة. القضاء على حركة حماس وتفكيك قدراتها العسكرية. ضمان عدم تشكيل قطاع غزة تهديدًا أمنيًا لإسرائيل في المستقبل.

وحتى تاريخ 19 يناير 2025، تشير التقارير إلى أن هذه الأهداف لم تتحقق بالكامل:

إعادة الرهائن: على الرغم من الجهود المستمرة، لم تتم إعادة جميع الرهائن المحتجزين في غزة. المفاوضات لا تزال جارية، ولكن لم يتم التوصل إلى اتفاق شامل يضمن عودتهم.

القضاء على حركة حماس: لم يتم القضاء الكامل على حركة حماس أو تفكيك بنيتها التحتية؛ إذ لا تزال الحركة تحتفظ بقدراتها العسكرية وتواصل نشاطها في القطاع.

ضمان أمن إسرائيل: لم يتم تحقيق ضمانات دائمة تمنع قطاع غزة من تشكيل تهديد أمني لإسرائيل. التوترات والمواجهات المتقطعة لا تزال مستمرة، مما يشير إلى أن التهديد الأمني لم يُزل بالكامل.

وبناءً على ذلك، يمكن القول إن الأهداف التي أعلن عنها نتنياهو قبل معركة غزة لم تتحقق بشكل كامل حتى الآن. لذلك، أُجبر نتنياهو، بضغط داخلي وخارجي، على قبول وقف إطلاق النار، خاصة بعد خيبة أمله في صديقه العزيز دونالد ترامب.

من خلال السؤالين المطروحين في المقال، وبالأخص السؤال الأول، الذي استندنا في الإجابة عليه إلى تصريحات القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين؛ سواء الحاليين أو السابقين، نستخلص حقيقة واضحة ودقيقة مفادها أن ما تعرضت له غزة من دمار وقتل وتنكيل لشعبها الصامد، قابله صبر أهلها وبسالة مقاومتها. وفي النهاية، تجلى النصر في هذا الاتفاق الذي جاء مطابقًا للشروط الفلسطينية، وهو اعتراف ضمني من الصهاينة أنفسهم بأن غزة انتصرت.

نلاحظ من خلال ما سردناه في السؤال الأول والأجوبة التي قدمها السياسيون والعسكريون أن اتفاق غزة جاء وفق الشروط الفلسطينية؛ بل في بعض فقراته كان الجانب الإسرائيلي ينتظر رد حماس للموافقة، وكانت الحركة تدقق على كل فقرة من فقراته، وتبدي رأيها ولا توافق بمجرد الطرح. وهذا يدل على تمسكها بقواعدها الثابتة في مسألة وقف إطلاق النار. كما أن تفاصيل الاتفاق تدل على قبول الشروط الفلسطينية، ومن أهمها الانسحاب الكامل من غزة.

كانت هناك أوراق ضغط على الكيان الصهيوني جعلت الاتفاق يظهر بهذا الشكل المتوافق مع الإرادة الفلسطينية في غزة، منها ما هو في يد حماس ومؤثر في الداخل الإسرائيلي، وهي ورقة الأسرى، الذين لم يستطع الجيش الإسرائيلي ولا حلفاؤه الوصول إليهم وتحريرهم. وهو ما أذهل العالم، فبعد 15 شهرًا من القتال داخل غزة، ذات الجغرافيا المنبسطة والصغيرة، لم يستطع الجيش الإسرائيلي تحرير جميع الأسرى. ولم يتمكن، بكل تقنياته التجسسية وبمساعدة حلفائه الأمريكيين والبريطانيين وغيرهم، من معرفة مكان الأسرى، وهذه كانت أكبر انتكاسة لهذا العدو، وهي من أهم الأوراق الضاغطة عليه لقبول الاتفاق. ويُحسب لحماس والقوى الفلسطينية الأخرى ذكاء إدارتهم لهذا الملف واستغلاله إعلاميًا.

الورقة الأخرى التي كانت ضاغطة على العدو الصهيوني هي جبهة اليمن، التي لم تتوقف عن استهداف العمق الإسرائيلي. فبعد توقف جبهة لبنان، والتي لها أسبابها المُقدَّرة في قبول وقف إطلاق النار مع الكيان الصهيوني، زادت جبهة اليمن من استهدافها لإسرائيل، وكأنها كانت عملية تسلُّم المهام من جبهة لبنان بزيادة عدد الصواريخ والطائرات المسيرة ضد الكيان الصهيوني. وهذه كانت المفاجأة التي لم يتوقعها الجيش الإسرائيلي.

لا ننسى كذلك تدخل ترامب لإرغام نتنياهو على قبول الصفقة ذاتها التي اقترحها الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن. وهذا يعني توافق الحزبين الجمهوري والديمقراطي في مسألة وقف إطلاق النار بأي وسيلة، حتى لو كانت بشروط لا تعجب الإسرائيليين. وكما ذكرنا في جواب السؤال الأول، هي صفعة وجهها ترامب لصديقه نتنياهو. والأيام ستُظهر أسباب ذلك، والذي ندركه جيدًا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يريد حروبًا في المنطقة. وقد ذكر سابقًا أنه يريد حلًا لمسألة غزة قبل استلامه الحكم في أمريكا، وهذا ما حصل.

في جواب السؤال الثاني، ندرك بالملاحظة أن أهداف نتنياهو لم تتحقق في غزة. وحتى اليوم التالي لوقف إطلاق النار، الذي أراده نتنياهو أن يكون نهايةً لحماس، أصبح من الماضي، وحماس باقية ما بقيت غزة العزة.

اتفاق غزة يمثل نصرًا عظيمًا وعزةً راسخة لأهلها؛ إذ أثبت صمودهم أن إرادتهم قادرة على كسر الحصار وإجبار المحتل على التراجع. وهذا الاتفاق يعكس قوة المقاومة وصوت الشعب الذي لا ينكسر، ويؤكد أن الحقوق تُنتزع بالصمود والتضحيات، لتظل غزة رمزًا للكرامة والنضال.

مبارك لكِ يا غزة هذا النصر المؤزر الذي كان ثمنه غاليًا من دماء أهلك الشرفاء؛ فهم شهداء عند ربهم، وما تم تدميره سوف يُبنى بسواعد أهل غزة وشرفاء هذه الأمة.

 

 

 

 

 

 

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يفرج عن خمسة عمال فلسطينيين اعتقلهم سابقًا في غزة

أفرج الاحتلال الإسرائيلي مساء الخميس، عن 5 فلسطينيين من عمال معبر كرم أبو سالم جنوب شرق قطاع غزة، وهو الذي كان اعتقلتهم خلال وقت سابق خلال حرب الإبادة الجماعية المستمرة.

وجرى الإفراج عن العمال وجرى وصولهم إلى مستشفى غزة الأوروبي شرق مدينة خانيونس جنوب القطاع، بحسب ما نقلت وكالة "الأناضول" عن شهود عيان.


وأكد الشهود أن العمال الخمسة هم أيمن عفانة من مدينة دير البلح وسط قطاع غزة ونسيم الشناوي أحمد الجبالي وأحمد جابر من شمال مدينة غزة، وهاني البريم من مدينة خانيونس جنوب القطاع.

الاحتلال يفرج عن 5 أسرى من معبر كرم أبو سالم؛ وهم:

1- أيمن جهاد عوده عفانه
2-نسيم نعيم يوسف الشناوي
3- أحمد إبراهيم سلامه الجبالي
4- أحمد محمود أحمد جابر
5- هاني يونس محمود البريم pic.twitter.com/PPSTm2zcqC — ق.ض ???? (@qadeyah_) March 27, 2025
وأشار الشهود، إلى أن المفرج عنهم وصلوا إلى مستشفى غزة الأوروبي لإجراء الفحوصات اللازمة.
وسبق أن أفرجت "إسرائيل" عن مئات الأسرى الذين اعتقلتهم من قطاع غزة ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى الذي دخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/ يناير الماضي.

وفي 18 آذار/ مارس الجاري تنصلت "إسرائيل" من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الذي استمر 58 يوما واستأنفت حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة التي بدأت في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وأسفرت عن أكثر من 164 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

ويذكر أن وفدا أمنيا مصريا توجه إلى العاصمة القطرية الدوحة لمواصلة المباحثات الرامية للإفراج عن الأسرى الإسرائيليين وإدخال المساعدات إلى قطاع غزة والتحرك نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.


وجاء ذلك بحسب ما أفادت "قناة القاهرة الإخبارية" التابعة للنظام المصري مساء الخميس.

ونقلت وكالة "رويترز" عن مصادر أمنية أن مصر، إحدى الوسطاء في مفاوضات غزة، تقدمت باقتراح جديد الاثنين الماضي بهدف العودة لاتفاق وقف إطلاق النار في القطاع.

وتقدمت مصر بالاقتراح بعد استئناف حرب الإبادة وعمليات القصف الجوي والتوغل البري في 18 آذار/ مارس لتنتهي بذلك فترة هدوء نسبي دامت شهرين.

مقالات مشابهة

  • حماس تبحث مع الوسطاء هدنة بغزة وويتكوف يعمل على اتفاق جديد
  • نتنياهو: المعادلة تغيرت وما حدث في السابع من أكتوبر لن يتكرر
  • الاحتلال يفرج عن خمسة عمال فلسطينيين اعتقلهم سابقًا في غزة
  • نتنياهو يجري مشاورات أمنية وحماس تتهمه بالانقلاب على الاتفاق
  • صحيفة: مفاوضات غزة قد تشهد إنفراجة خلال الساعات المقبلة
  • نتنياهو يجري مشاورات بشأن إبادة غزة ومفاوضات تبادل الأسرى
  • بدء تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا
  • محاكمة نتنياهو ولجنة القضاة.. تعرّف على الأزمات التي تهدد بانهيار النظام القضائي الإسرائيلي
  • وسط مراوغات الاحتلال.. القاهرة تسارع الزمن لإنقاذ غزة.. خطة مصرية جديدة لإنقاذ اتفاق وقف إطلاق النار.. حماس توافق على الإفراج عن 5 رهائن أسبوعيًا
  • الجيش الإسرائيلي يعلن عدد الأهداف التي قصفها في غزة وسوريا ولبنان