أهمية التعليم الفني والمهني وكيفية تغيير النظرة المجتمعية
تاريخ النشر: 21st, January 2025 GMT
◄ تغيير النظرة المجتمعية تجاه هذا النوع من التعليم تتطلب جهودًا متواصلة لتحسين الجودة
مرتضى بن حسن بن علي
في زمن تتسارع فيه الابتكارات التقنية، وتتغير فيه أسواق العمل بشكل متسارع ومُستمر، يتضح أكثر من أي وقت مضى، أهمية التعليم الفني والمهني الذي يُعتبر حجر الزاوية لتزويد الطلبة بالمهارات العملية التي يحتاجونها للنجاح في سوق عمل اليوم والغد.
التعليم الفني والمهني يُعزز فرص العمل المباشرة بعد التخرج، حيث يتم تزويد الطلبة بالمهارات الضرورية في مجالات متعددة، وتُساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
عدد كبير من الدول النامية أعطى أولوية لهذا النوع من التعليم كوسيلة لتحقيق نهضتها. فكوريا الجنوبية على سبيل المثال أنشأت شبكة واسعة من المدارس الثانوية والجامعات التقنية، مما ساهم في بناء اقتصاد قوي ومزدهر. كما نجحت كوريا الجنوبية في تحقيق شراكات بين المؤسسات التعليمية والصناعية، وتقديم تدريب عملي مرتبط بسوق العمل المتغير. لكن في عُمان ومعظم الدول العربية لا يزال التعليم الفني والمهني يُعاني من نظرة مجتمعية متدنية؛ حيث يُنظر إليه كخيار أقل قيمة مقارنة بالتعليم الأكاديمي. هذه النظرة تشكل عائقًا أمام توفير فرص عمل متنوعة وبرواتب جيدة إضافة لتحقيق التنمية المستدامة. إضافة إلى ذلك فإنه من المهم إقامة الصناعات المختلفة لاستيعاب مختلف التخصصات وتوفير فرص عمل كبيرة.
تحقيق تغيير جذري في النظرة المجتمعية يتطلب جهودًا متكاملة تشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية والتعليمية. وقد تكون بعض الاقتراحات التالية مفيدة لتغيير النظرة الاجتماعية، ومن أهمها:
تحويل مسميات المدارس الفنية الثانوية إلى مسمى “كليات” أو “معاهد” متعددة التخصصات. “Polytechnic Colleges”) كما عملتها بريطانيا وكوريا الجنوبية ودول أخرى. والكليات والمعاهد المتعددة التخصصات معروفة بجودتها العالية وارتباطها المباشر بسوق العمل المتغير، لتعزيز مكانة التعليم الفني والنظرة المجتمعية، والربط بين تغيير التسمية وتحسين جودة التعليم وتطوير المناهج بما يواكب احتياجات سوق العمل المتغيرة.وتغيير التسمية سوف يعزز من المكانة المجتمعية بسبب:
أ- مصطلح "كلية" أو "معهد" يحمل طابعا أكثر احترافية ومكانة، مما قد يقلل من إحساس الطلبة وأسرهم بالوصمة الحالية المرتبطة بالتعليم الفني والمهني.
ب- تغيير التسمية قد يجعل هذه المؤسسات أكثر جاذبية للطلبة الذي يفضلون الابتعاد عن الصورة النمطية للتعليم الفني والمهني في الوقت الحاضر.
ج- استقطاب الدعم الحكومي والمجتمعي كما تُسهل على المؤسسات المعنية الحصول على دعم من الشركات والجهات المانحة، لأنها سوف تعتبر أكثر جدية ومهنية.
تحسين كفاءة المعلمين وتجويد التعليم الفني والمهني وتطوير المناهج الدراسية لتكون أكثر توافقًا مع متطلبات سوق العمل المتغير وإدخال تقنيات حديثة مثل برامج الذكاء الاصطناعي، والتصنيع الذكي، إضافة إلى تعزيز التعاون مع القطاع الخاص لتوفير فرص تدريب عملي ووظائف للخريجين. إطلاق حملات توعوية وإعلامية من خلال عرض قصص نجاح لخريجي التعليم الفني في وسائل الإعلام لتغيير الصورة النمطية، وعلى سبيل فإن حملة “صُنّاع المستقبل” في مصر ومبادرة “تمكين الشباب” في الأردن، حققت بعض النجاحات. كما إن الإمارات نجحت في تطوير برامج تدريبية في مجالات التكنولوجيا والطاقة. أما السعودية فقد قدمت برامج تدريبية متوافقة مع رؤية "المملكة 2030" لتمكين الشباب وتوفير فرص العمل وتحقيق التنمية المستدامة. تحفيز الطلبة ودعمهم عن طريق تقديم منح دراسية وقروض ميسّرة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة. إضافة إلى تقديم جوائز سنوية لتكريم المتميزين في المجالات الفنية والمهنية، كما هو الحال في الإمارات مع جائزة “أفضل مهنة”. اضافة إلى إشراك المجتمع والأهالي عن طريق تنظيم ورش عمل وندوات توعوية للأهالي لتغيير قناعاتهم حول التعليم الفني، وإلى الاستفادة من تجربة المغرب التي نجحت في تنظيم برامج التوعية. إدماج التكنولوجيا الحديثة في التعليم الفني عن طريق تأسيس مراكز تدريب فني ومهني تستخدم أحدث التقنيات لتطوير كفاءات الطلبة. ومع التطورات التكنولوجية السريعة، أصبح من الضروري تحديث التعليم الفني والمهني باستمرار ليعكس أحدث الاتجاهات العالمية والتركيز على البرامج المرتبطة في مجالات مثل الطاقة المتجددة، والذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا المعلومات، لإعداد جيل قادر على مواجهة تحديات المستقبل.من المؤكد أن التعليم الفني والمهني ليس بديلًا عن التعليم الأكاديمي؛ بل هو مُكوِّن أساسي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وتغيير النظرة المجتمعية تجاه هذا النوع من التعليم يتطلب جهودًا متواصلة لتحسين الجودة، من خلال رفع الوعي المجتمعي، وتعزيز الشراكة بين التعليم وسوق العمل.
إنَّ التحدي يكمُن في تحقيق التوازن بين التعليم الأكاديمي والمهني، مع الاحتفاء بالإبداع والابتكار الذي يُسهم في بناء مستقبل أكثر ازدهارًا للأجيال القادمة.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
“الصحفيين” تنظّم ورشة عمل لتعزيز السلامة النفسية للصحفيات وكيفية التغلب على تحديات وضغوط العمل
تنظم لجنة المرأة ورشة عمل لتعزيز السلامة النفسية للصحفيات، وكيفية التغلب على تحديات وضغوط العمل، والتعامل مع الصدمات النفسية، وتأثير الضغوط الناتجة عن التغطية المستمرة للأحداث العاجلة، وأخبار مناطق الصراعات المسلحة على الصحة النفسية، وذلك بعد غدٍ الإثنين الموافق 3 فبراير في تمام 12 ظهرًا بالمائدة المستديرة في الدور الثالث بمقر النقابة.
الورشة مخصصة للصحفيات الميدانيات، وصحفيات الحوادث والقضايا والأخبار، والملف الخارجي، حيث ستوفر مساحة آمنة للنقاش وتقديم إستراتيجيات فعالة للتعامل مع الضغوط النفسية والصدمات الناجمة عن طبيعة العمل الصحفي.
ستتضمن الورشة أنشطة تفاعلية، تمارين عملية، وإستراتيجيات علمية لمساعدة الصحفيات على التفريغ النفسي، تعزيز التوازن الداخلي، والتكيف مع تحديات العمل الميداني، والتعامل مع الصدمات النفسية الناتجة عن التغطية الصحفية للملف الخارجي، وكثرة التعرض للأخبار المرتبطة بالحروب، النزاعات، الحوادث، والجرائم.
يقدم التدريب الزميلة شيرين عبد العظيم نائب رئيس تحرير "الأهرام أبدو"، ومدربة السلامة المهنية للصحفيين بالاتحاد الدولي للصحفيين (Ifj)، والزميلة نهى لملوم مدربة بالاتحاد الدولي للصحفيين (ifj)، والمحاضرة بماجستير الإعلام الرقمي وأمن المعلومات بكلية الإعلام جامعة القاهرة.