الذوَّاقون والذوَّاقات
تاريخ النشر: 21st, January 2025 GMT
جابر حسين العُماني
jaber.alomani14@gmail.com
تواصل أحدهم طلبًا للاستشارة، وبعد استعراض حالته، تبين أنه متزوج من امرأتين ويرغب في التخلص من إحداهما حتى يتزوج من أخرى، وهو في حيرة شديدة من أمره بشأن اختيار من يبقي ومن يُطلق. وبعد سؤاله عن أسباب تفكيره بتطليق إحداهما، اتضح أنها أسباب تافهة لا تستدعي الطلاق والانفصال، ومع ذلك أصر على الطلاق بقصد تغيير إحدى شريكتيه ليتزوج من أخرى لتحل محل من يريد طلاقها.
هكذا يتصرف بعض الرجال الذين يتزوجون ويطلقون غير مكترثين بمشاعر النساء، وكأن المرأة في نظرهم مجرد حقل جميل لتجاربهِم. وهنا لا نقلل من أهمية الزواج، فقد شرع الله للرجل أن يجمع بين أربع من النساء، كما قال تعالى في كتابه الكريم: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا}. صدق الله العلي العظيم.
ولكن ليست المشكلة في أصل الزواج عند البعض وإنما في عدم الاهتمام بالزواج المقدس الذي أراده الله تعالى وشجع على استدامته، فهم يريدون إنهاءه بشكل عاجل وسريع متى ما حدث الشبع، كما يحبون التغيير من دون أسباب مقنعة للانفصال، مما يوقع المرأة في فخ مشاكل الطلاق النفسية والأسرية والاجتماعية.
هناك من يستخفون بالطلاق، ويطلقون لأسباب تافهة وغير مقنعة، مع إمكانية معالجة تلك التوافه واحتوائها، ومع ذلك لا يرغبون في اتخاذ الحلول المتاحة ويستعجلون الطلاق، وهذا في حد ذاته استخفاف واضح وصريح للقيم الدينية والاجتماعية والأسرية في المجتمع، قال تعالى: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إِنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبْغِضُ أَوْ يَلْعَنُ كُلَّ ذَوَّاقٍ مِنَ اَلرِّجَالِ وَكُلَّ ذَوَّاقَةٍ مِنَ اَلنِّسَاءِ).
وورد عن حفيد الرسالة المحمدية الإمام جعفر بن محمد الصادق، أنه قال: (تَزَوَّجُوا وَلاَ تُطَلِّقُوا فَإِنَّ َللَّهَ لاَ يُحِبُّ اَلذَّوَّاقِينَ وَاَلذَّوَّاقَاتِ).
ويتضح لنا من بعض تلك النصوص الشريفة الواردة أن من يتزوجون ويطلقون دون مبرر واضح ومقنع؛ بل ومن غير عذر شرعي هم أشخاص تسيطر عليهم الملذات الشخصية، متجاهلين تمامًا مسؤولياتهم تجاه شريكة الحياة، ممارسين بذلك الأنانية المقيتة دون أي تقدير لمشاعر المرأة وحقوقها وواجباتها.
لذا ينبغي عليهم إدراك مكانة المرأة العالية والسامية في الإسلام؛ فهي ليست مجرد أداة لإشباع الرغبات؛ بل يجب أن تكون شريكة حياة لها ثقلها وحقوقها وواجباتها المفروضة في المجتمع والأسرة، وسلوكهم هذا يعرض استقرار المرأة والأسرة بشكل عام للكثير من المخاطر والويلات الاجتماعية والأسرية، بل ويلحق الضرر البليغ بالمجتمع والحياة الزوجية وتفاصيلها، وبالتالي يصبح أولئك هم الذواقون الملعونون الذين قد يخرجهم الله من رحمته.
وكما إن بعض الرجال الذين يمارسون الطلاق من دون عذر شرعي يبغضهم الله أو يلعنهم كما جاء في الحديث، وذلك لاستعجالهم الطلاق لأسباب تافهة، بهدف لذة المعاشرة والتغيير لا أكثر، فكذلك هو حال النساء الآتي يطالبن بالطلاق من غير بأس ولا أسباب مقنعة تستدعي الانفصال، وإنما فقط لتتزوج من آخر، فقد قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في ذلك: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ).
والقصد من الزواج هو: النسل ودوام العشرة والألفة والمودة والمحبة، وليس مجرد لذة المعاشرة وتغييرها متى ما شاء الرجل أو المرأة.
إنَّ مجتمعاتنا العربية والاسلامية بحاجة ماسة إلى تعزيز مفاهيم الإيثار، وذلك من خلال تشجيع الأزواج على الاهتمام باحتياجات الطرف الآخر وعدم التركيز فقط على الرغبات الشخصية، ويتم ذلك بالتشجيع والترغيب المستمر على أهمية التأني في اتخاذ قرار الطلاق والانفصال، ومراعاة تعزيز قيم وأهمية القناعة في الحياة الزوجية، والرضا بما أراده الله تبارك وتعالى لعباده. وترغيب الأزواج وتشجيعهم الدائم على أهمية استشارة المتخصصين الأسريين قبل اتخاذ قرار الطلاق، ومعرفة ان الطلاق في حد ذاته قرار بالغ الخطورة.
لذا يجب أن يكون الزواج مبنيًا على أسباب وأسس منطقية وشرعية، وليس كما تشتهي الأهواء النفسية والشخصية الخاصة، وذلك من خلال تثقيف وتوعية المجتمع بأهمية احترام القيم الأسرية والاجتماعية، والتي من أهمها احترام شريك الحياة وعدم التقصير في إبداء واجباته وحقوقه لضمان استقرار الحياة الزوجية وجعلها آمنة مُستقرة مطمئنة بعيدًا عن المنغصات ومعكرات الحياة الزوجية.
** عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مي سليم ردا على النقاد: روج أسود لا يحرض على الطلاق.. خاص
ردت الفنانة مي سليم على العديد من الأقاويل التى تتردد حول مسلسلها الجديد “روج أسود” حيث تم اتهام صناع المسلسل بأنهم يحرضون على الطلاق.
وقالت مي سليم، فى تصريح خاص لصدى البلد : مسلسل “روج أسود” لا يحرض على الطلاق، ولكنه يلقي الضوء على قضايا بعينها من محاكم الأسرة، وهى قصص حقيقية.
وأضافت مي سليم : ليس هناك عمل درامي يحرض على فعل مخالف لعادات وتقاليد المجتمع، بينما يلقي الضوء عليها ليدق ناقوس الخطر، خاص إلى أن هناك كثير من القضايا فى محاكم الأسرة.
كانت الفنانة مي سليم، كشفت عن حقيقة لجوئها إلى طبيب نفسى بسبب شخصيتها فى مسلسل “روج أسود” التى تسببت فى دخولها بحالة اكتئاب، خاصة أن الشخصية مليئة بالأبعاد النفسية حيث تمر بعدد من المواقف الصعبة فى حياتها بعد طلاق.
وقالت مي سليم : رغم دخولى فى حالة اكتئاب بسبب دورى فى مسلسل “روج أسود” إلا أننى لم ألجأ الى طبيب نفسى، وقد تسبب هذا الأمر فى تأثير كبير حتى استطعت الخروج من الشخصية وحالتها النفسية السيئة، وكان للمقربين منى دور بارز فى ذلك خاصة أنهم عاشوا معى هذه اللحظات الصعبة.
ويتناول مسلسل روج أسود أحداث حقيقية من داخل محكمة الأسرة المصرية، ويعرض في 45 حلقة، وهو من إخراج مصطفى فكري، وإنتاج ممدوح شاهين.
كانت مي سليم شاركت صورة تجمعها بـ محمد هنيدي أثناء عرض مسرحية “المجانين”، ضمن فعاليات "موسم الرياض".
مسرحية المجانينونشرت مي سليم الصورة التي تجمعها بالفنان محمد هنيدي من كواليس المسرحية، عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي للصور والفيديوهات “إنستجرام” وكتبت: "مسرحية المجانين".
تدور أحداث مسرحية “المجانين” في إطار كوميدي، حول الطبيب النفسي شريف أبو عقب، الذي يتم تعيينه في مستشفى الأمراض النفسية “بالشفا” لكن سرعان ما تتلاشى هذه السعادة.
مسرحية “المجانين” بطولة كل من محمد هنيدي، ومي سليم، وعلاء مرسي، زحسام المراغي، وتوني ماهر، وغيرهم.