(1)
يتحدَّثون بلسان الحكمة عمَّا يخلِّفه المرء بعد وفاته، وأنا أتفكَّر في كل ما حدث له بعد ولادته.
(2)
أضيف كلمة أخرى إلى النَّص كمن يزيح رقعة أخرى من السُّحُب.
(3)
لا يستطيع المرء أن يكون خَلوقا في هذا العالم، وذلك لأن مهمَّته هي أن يكون أخلاقيَّا في ذلك الوجود.
(4)
ما معنى «التوازن في الحياة» سوى التَّطفيف بإحدى الكفَّتين (وهي تحديدا الكيل الأقرب إلى روحك والأنأى عن موازينهم)؟
(5)
الإجابة الوحيدة، الواثقة، الجامعة، المانعة التي لا يأتيها الجهل من بين يديها ولا من أمامها، والتي عليك التَّمسك بها في جلسات «المثقَّفين»: لا أعرف.
(6)
يتكاثر العيد في الأطفال والأموات.
(7)
في ما تبقى العمر كانت السَّكرات قد جاءت.
(8)
في كل قرويٍّ مأساة صامتة ومُتَرَفِّعة.
(9)
أنت امرأة أخرى خرجت من المعجم، ثم عادت إليه.
(10)
أندم لأنَّكِ الخرير (أندم أكثر لأنَّكِ الفَلَج).
(11)
قام كل شيء على الكبت، والحرقة، والمرارة، والحنق، والكثير من الأعمال الشِّريرة في عدم رغبة أي أحد تقديم تبرير لأي أحد، وتمنيِّات الخير للأرض، والشعور الداخلي العميق بالخزي والانكسار.
الكارثة هي أنه لم يتعمَّد ذلك أبدا، بل وجد نفسه في الخضِّم.
وهناك كارثة أكبر.
(12)
أنتِ مثل الطَّحالب، والأرخبيلات، والأقمار التي تسقط في البحر، والقواقع، والسِّيرة التي لا تحتاج إلى أية إضافة.
أنا أقل من ذلك بكثير: أنا المجد.
(13)
يمكن أن يأتي الحب في كل الأوقات (ويمكن أن يتكرر)، لكن لِنَدَمِه وقت واحد فقط (ومن الأفضل ألا يتكرَّر). (14)
أهرب من التَّاريخ إلى الشِّعر (وليس العكس).
(15)
أولئك هم أعرق الأقوام (وإلا لماذا تحنَّطوا في القِلاع وذهبوا إلى المتحف)؟
(16)
وا أسفاه، لقد زاد عدد الأصدقاء عن أصابع اليد الواحدة (سيبترون أصابع الثانية في الأوان الدَّقيق والمناسب تماما).
(17)
حدث الانتصار للفكرة فقط (وهذا لم يعد يكفي).
(18)
ثمَّة مُفْتَرَقات على كل طريق (وثمَّة أيضا ذاكرة لكل مفترق، إلا واحدا فقط).
(19)
ما كان مطلوبا من الأمّهات أن ينجبْنَنَا. كان لزاما عليهن أن يُقِمْنَ في أشجار وارفات باسقات لا تُثمر غير الحصرم.
(20)
كل هذا الطِّين، والحديد، والأسمنت تمرين للزَّوال. «في نهاية المطاف لا تبقى إلا الصَّحراء. الصحراء هي الشيء الوحيد الذي يعيش حقا» (هاروكي موراكامي).
(21)
يقولون إن الكاتب «يُضخِّم» الأشياء كثيرا حين ينقل الأمر من التَّجربة العابرة أو المقيمة إلى البوح بها إبداعيَّا. لكن تلك هي مهمَّته في مسعى الإبقاء على الخيال في صناعة تاريخ الأرض والبشر: إضفاء اللغة على الذي لا يوصف.
لذلك فإنه ينبغي إعادة النظر (دوما ومن جديد) في الأشياء «الملقاة على الطريق».
غير أنه على الكاتب الكفُّ عن الاعتقاد أنه وحده من يلتقطها (قد يكون الأمر أن الآخرين قد التقطوا الجواهر، وأنت شأنك الحصى. ولذلك فمن الممكن أن الكتابة حصاة صغيرة في الطريق ولا داعي للاعتداد بها أكثر مما ينبغي).
على الكاتب أن يتعلَّم الإحباط، وأن يكفَّ عن الكتابة (مرتين في كل مرة على الأقل)، وأن يفسح الطريق و«المعاني» لغيره (أيضا).
(22)
كل ما أتيت به باعتباره الواجب كان مجرد احتياط جدير بالثقة به في أجندات الآخرين.
(23)
الثورة اختلاف. الثوريُّ هامشي. على الهامشي أن يقاطع كل أعياد الانتصار.
(24)
الليل جرح، أسوأ الجراح، أكثر اللغة، أبهظ التكاليف، الكَمَدُ الذي لم يخرج من الغابة.
(25)
انكسرتُ في هذه المرة أيضا (ريحان كثير عند ركبتيكِ).
(26)
يتحقَّقون كما تفعل السَّلاحف.
(27)
في حثِّه على الصَّفح كان المسيح يحاول تعميم عزلته (والأرجح أنه قد فشل في ذلك حتى في السِّينما).
(28)
يقول الطريق للمسافر: أنا أيضا قد سافرت قبلك، ولم أصل.
(29)
تبزغ النجمة في السماء، لكنها تترعرع في كوب قهوتك الذي لم تكمليه.
(30)
قبل مواجهة الأعداء، عليك فعل شيء ما نحو الأصدقاء.
(31)
لديَّ أخْتٌ عظيمة: السَّماء.
(32)
كي لا يعرف الغرق إلا الغريق، لا تعطوه سفينة، ولا تمنحوه جبلا، ولا تهبوه قشَّة، ولا تُورِّثوه موجة، ولا أبا يَتَنَوَّح في إحدى رسائله بالحرف الواحد: «لقد دعوتك أن تركب معنا في السفينة، لكنك آثرت أن تأوي إلى الجبل».
كي لا يعرف الغرق إلا الغريق، قولوا له: «أنوح كنِّي في بحرِ نوح/ وانته بْسِفينَة نوح ناجي/ أنا بس أبا ماء وانته لِسْيوح/ شتَّان مستانس وشاجي» (راشد الخضر).
(33)
البلاغة عجز ضروري، ولا مفرَّ منه.(34)
علينا أن نكون دقيقين، وحذرين، ووسواسيِّين: كلمة «كُتَّاب» جمع لمفردة «كاتب». أما «الكاتب» فلا يُجْمَع.
(35)
لا يحتاج الكذب إلى الكذَّاب، بل يريد من يصدِّقون الكذبة (وهؤلاء أكثر من كل الأكاذيب).
(36)
أتذرَّعُ حتى أصير أُمَّا.
(37)
يغنّوُن، ويصفِّقون، ويرقصون (مثل الفزَّاعات).
(38)
أموت سهوا عن موت آخر.
(39)
كل ذلك كان خطأ في الثَّورة، ولم تكن الثّورة خطأ.
(40)
يتطاولون في القصور القصيرة.
(41)
لدى التفكر مليَّا في شأن «الشِّيبة العود» (كارل ماركس) يكتشف المرء، من جديد، أن البشريَّة لا تستطيع أن تندم أكثر من ذلك.
«كل ما أعرفه هو إنني لست ماركسيَّا» (ماركس).
(42)
لم تعد الحقيقة جوهرة مصونة في ضمير الأرض أو النَّاصع والأصيل في أفئدة النِّساء والرجال، بل من الموضوعات النَّظريَّة والأكاديميَّة القابلة للأخذ، والرد، وتعدُّد وجهات النظر، ولذلك فإنه يستطيع أن يكذب على كل الناس كل الوقت (بمباركة السَّماء، تقريبا).
(43)
تأسَّس التَّاريخ على سرد قناعات. تلك القناعات مبنيَّة على استنتاجات أو ناتجة عنها. تلك الاستنتاجات توصل إليها أشخاص. أولئك الأشخاص ليسوا أنت.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
خامنئي: لا تفاوض مع ترامب الذي مزق الاتفاق النووي
بغداد اليوم - متابعة
أكد المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، يوم الجمعة (7 شباط 2025)، عن عدم الحاجة للتفاوض مع الولايات المتحدة، مؤكدًا على ضرورة الحذر والوعي في التعامل مع الأطراف الأخرى، مشيراً إلى أن التفاوض مع الولايات المتحدة لن يحل مشاكل إيران.
وقال خامنئي في خطاب أمام حشد من قوات الدفاع الجوي وتابعته "بغداد اليوم": "علينا أن نكون حذرين في تعاملاتنا ومفاوضاتنا مع الآخرين، وأن نبرم الاتفاقيات بناءً على ذلك"، مبيناً أن التفاوض مع الولايات المتحدة لن يؤدي إلى حل مشاكل البلاد، مستشهداً بتجارب سابقة لم تسفر عن نتائج إيجابية.
وأشار إلى أن إيران التزمت بتعهداتها في الاتفاق النووي لعام 2015، بينما لم تفِ الولايات المتحدة بالتزاماتها، بل انسحبت من الاتفاق وأعادت فرض العقوبات.
وأضاف خامنئي أن أي مفاوضات مع الولايات المتحدة يجب أن تكون مبنية على القوة والعزة الوطنية، مشدداً على أن إيران لن تقبل بأي ضغوط أو تهديدات تمس سيادتها واستقلالها
وقال خامنئي في إشارة إلى دعوة الرئيس دونالد ترامب للتفاوض مع إيران "نفس الشخص الذي هو في السلطة حاليًا هو الذي مزق الاتفاق النووي، وقال أنه سوف يمزقها وقد فعل؛ ولم يتحركوا".
وأضاف "قبل مجيئه (ترامب)، لم يقم أولئك الذين عقدوا معهم هذا العهد بتنفيذه (الاتفاق النووي)"، في إشارة إلى الأطراف الاوروبية.
وتابع خامنئي "كان الهدف من المعاهدة رفع العقوبات الأميركية، لكن العقوبات الأميركية لم تُرفع. العقوبات، وأما الأمم المتحدة فقد تركت ندبة على الجرح، وكأنها تهديد دائم يخيم على إيران. كانت هذه المعاهدة نتاجًا لمفاوضات استغرقت عامين - أو أكثر أو أقل".
وقال خامنئي "لا ينبغي أن تكون هناك مفاوضات مع مثل هذه الحكومة (حكومة ترامب)، فالمفاوضات ليست حكيمة ولا ذكية ولا شريفة"، مضيفاً "إذا اعتدى الأمريكيون على أمن الشعب الإيراني فسنهاجم أمنهم دون تردد".
وأوضح خامنئي "إذا هددنا الأميركيون فسوف نهددهم، وإذا نفذوا تهديدهم ضدنا فسوف ننفذ تهديدنا، وإذا هاجم الأميركيون أمن الأمة الإيرانية فإننا بلا شك سنهاجم أمنهم".
وختم خامنئي القول "حسنًا، هذه تجربة أخرى؛ دعونا نستخدم هذه التجربة، لقد قدمنا تنازلات، وتفاوضنا، وقدمنا تنازلات، وتوصلنا إلى حلول وسط، ولكننا لم نحقق النتيجة التي كنا نهدف إليها، لقد دمر الطرف الآخر، وانتهك، ومزق هذه المعاهدة نفسها، مع كل عيوبها، ولا ينبغي أن تكون هناك مفاوضات مع مثل هذه الحكومة، فالمفاوضات ليست حكيمة ولا ذكية ولا شريفة".
وتأتي هذه التصريحات في وقت أعرب فيه مسؤولون إيرانيون عن استعدادهم لمفاوضات "عادلة" مع الولايات المتحدة.
وأشار عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، إلى أن إيران مستعدة للاستماع إلى مقترحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لكنه أكد أن الظروف الحالية أصعب بكثير من السابق لإقناع طهران ببدء مفاوضات جديدة.
من جانبه، دعا حميد رضا حاجي بابائي، نائب رئيس البرلمان الإيراني، إلى ضرورة أن تكون المفاوضات عادلة، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة تطالب بأن لا تكون لإيران حضور دولي أو قدرات نووية، وهذا النوع من المفاوضات غير عادل.
تجدر الإشارة إلى أن هذه التطورات تأتي في ظل توترات مستمرة بين إيران والولايات المتحدة، مع استمرار العقوبات الأمريكية على طهران وتصاعد الضغوط الدولية بشأن برنامجها النووي.