لجريدة عمان:
2025-01-17@23:04:24 GMT

التعدين في أعماق البحار

تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT

الطلب على المعادن التي تحتاجها الثورة التقنية الخضراء (إحلال الوقود الأحفوري بالموارد المتجددة) يثير المخاوف من تدافع مسعور لاستخراج الموارد من أعماق البحار والتعجيل بالتدهور البيئي.

اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار والتي أجيزت في عام 1982 وضعت قيودا على التعدين في أعماق البحار خارج «المناطق الاقتصادية الخالصة» للبلدان الساحلية.

لكن هنالك مشكلة في الاتفاقية. فطبقا لأحد بنودها إذا تقدمت دولة طرف في الاتفاقية تتعاون مع شركة تعدين بطلب للتعدين في قاع البحر سيكون لدى الهيئة الدولية لقاع البحار التي أنشئت في عام 1994 مهلة عامين لإنهاء الإجراءات اللازمة للبت في الطلب. وإذا لم تفعل ذلك خلال المدة المقررة يمكن للدولة والشركة المعنيَّتين الشروع في التعدين.

في يونيو 2021 تقدمت دولة ناورو وشركة ميتالز بطلب للتعدين. وفي غياب إجراءات الموافقة على الطلب يصبح في إمكانهما مباشرة التعدين في يوليو 2023.

طالبت بعض البلدان المنزعجة من هذا الوضع بقيادة إسبانيا وألمانيا وفرنسا وإيرلندا والسويد بتجميد احترازي للتعدين البحري أو حظره، كما دعت إلى ذلك فرنسا، مشيرة إلى احتمال أن يُفضي إلى دمار بيئي.

لكن جماعة ضغط (لوبي) قوية تناصر التعدين تجادل بأن استخراج الموارد من أعماق البحار ضروري «للتحول الأخضر». وتقول هذه الجماعة نظرا لعدم وجود معادن كافية في اليابسة يصبح التعدين في قاع البحر حتميا.

أحد المخاوف أن عمليات التعدين في أعماق البحار في حال انطلاقها ستقلل من قدرة البحر على امتصاص الكربون. ودور البحر «كبالوعة كربون» بالغ الأهمية في مكافحة احترار الكوكب.

إلى ذلك أوضحت أبحاث حديثة أن العُقَيدات المتعددة المعادن والموجودة في قاع البحر على بعد آلاف الأمتار من السطح شديدة النشاط الإشعاعي. وإخراج ملايين الأطنان من هذه العُقَيدات (رواسب معدنية بحجم البطاطس) إلى اليابسة يمكن أن يضر بصحة الإنسان.

لقد تم إيلاء قدر كبير من الاهتمام في وسائط الإعلام مؤخرا للقضايا البيئية التي أثارها التعدين في أعماق البحار. لكن هنالك جانبا واحدا جرى تجاهله إلى حد ما وهو الجغرافيا السياسية.

كانت المخاوف الجيوسياسية في البداية وراء مساعي التوصل إلى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار. ودواعي الاتفاقية هي أولا، الحاجة إلى منع صراع القوى العظمى حول موارد المحيطات. وثانيا، ضمان التعامل مع كل شيء موجود في المحيطات باعتباره « تراثا مشتركا للبشرية».

الاتفاقية النهائية التي أجيزت في عام 1982 قدمت مكاسب لمجموعات البلدان المختلفة مقابل تنازلات من جانبها. وما يقوله الآن أنصار التعدين في قاع البحار إن على البلدان الغنية عدم الوفاء بالتنازل الوحيد والكبير الذي قدمته في مقابل تنازلات كبرى من جانب البلدان النامية. وهذا من شأنه أن يكون ظلما فادحا وانتكاسة.

بموجب بنود الاتفاقية حازت كل البلدان الساحلية على ملكية وطنية لما يصل إلى 200 ميل بحري من سواحلها كمناطق اقتصادية خالصة بمساحة كلية ضخمة تبلغ 138 مليون كيلومتر مربع. في مقابل ذلك اعتبرت الاتفاقية قيعان البحار التي تغطي 54 % من محيطات العالم «تراثا مشتركا للبشرية».

وافقت البلدان النامية، بما في ذلك 36 بلدا بلا منفذ إلى البحر ومن بين الأفقر في العالم، على الاتفاقية بناء على تأكيدات بأنه في حال القيام بأي استخراج للموارد من أعماق البحار سيتم اقتسام المنافع بطريقة منصفة. لقد ظلت البلدان الغنية تجني مكاسب على مدى 40 عاما من تنازلات البلدان النامية. وهي الآن تخطط للتنصل عن الوفاء بما توجبه عليها هذه الاتفاقية المعقدة. وهذا تصرف غير أخلاقي.

أنشئت الهيئة الدولية لقاع البحار لصياغة قانون تعدين عادل يحترم المبدأ الاحترازي والمتمثل في إحداث أدنى ضرر بالبيئة ولكن أيضا لإعداد صيغة للاقتسام العادل للمنافع. لم يتم إعداد هذه الصيغة ولا يوجد احتمال يذكر بتطوير أية صيغة تحترم روح أو نص القانون الدولي.

نتيجة لذلك توجد مخاطر واضحة وماثلة. فقد نشهد ما قد يرقى إلى أن يكون أكبر عملية استيلاء على الموارد في التاريخ. هذا إلى جانب اندلاع صراع جديد على النفوذ الجيوسياسي سيكون هذه المرة بين الصين وبلدان قليلة أخرى لديها طموحات تعدين. وحتى الآن تم إصدار31 رخصة استكشاف بواسطة الهيئة الدولية لقاع البحار حصلت الصين على معظمها.

ثمة مفارقة هنا. ففي عام 1982 قادت الصين البلدان النامية في مجموعة الـ 77 في المطالبة باقتسام منافع التعدين بين كل الدول. واليوم حين ضغطت مجموعة كبيرة من البلدان الإفريقية لفرض ضريبة بنسبة 45% على كل الأرباح المتحققة من استخراج المعادن من الموارد البحرية المشتركة قادت الصين المعارضة لهذا المطلب.

نبَّهت الولايات المتحدة إلى احتمال أن تبسط الصين سيطرتها على التعدين العالمي وهو احتمال وارد حقا. هذه المخاوف مبررة لكن أمريكا أيضا مسؤولة عن ذلك جزئيا لرفضها القاطع التصديق على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.

وحتى البلدان الأوروبية القليلة التي دعت إلى وقف مؤقت للتعدين في أعماق البحار أكدت أساسا على المخاوف البيئية. وما كان عليها تجاهل أهمية مبدأ اشتراك البلدان في ملكية الموارد البحرية ومقتضيات توزيع منافعها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: البلدان النامیة فی عام فی قاع

إقرأ أيضاً:

وزيرا البترول المصري والصناعة السعودي يبحثان تعزيز التعاون في قطاع التعدين

عقد المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، جلسة مباحثات مع بندر بن إبراهيم الخريف، وزير الصناعة والثروة المعدنية بالمملكة العربية السعودية، لبحث سبل تنمية التعاون وتبادل الخبرات والممارسات في قطاع التعدين بين البلدين. وأشاد بدوي بأهمية منتدى التعدين الدولي كمنصة عالمية تجمع جميع الشركاء الاستراتيجيين تحت مظلة واحدة لمناقشة أحدث تطورات صناعة التعدين، وذلك على هامش مشاركته في ختام فعاليات مؤتمر التعدين الدولي بالسعودية.

وأوضح أن البلدين يتسمان بخصائص مشتركة في قطاع التعدين، حيث أشار إلى النجاحات التي حققها مشروع تطوير وتحديث القطاع على صعيد تطوير المناخ الاستثماري التعديني من خلال إجراءات إصلاحية مهمة على المستويين التشريعي والمالي، مشيرًا إلى أبرز المشروعات والمزايدات التي تم طرحها للاستثمار في البحث عن الذهب والمعادن في مصر.

كما استعرض المحاور الأساسية لاستراتيجية عمل الوزارة في الوقت الحالي، والتي تشمل محورًا خاصًا بإحداث نقلة نوعية في قطاع الثروة المعدنية لزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي من 1٪ في الوقت الحالي إلى ما يتراوح بين 5-6٪.

ومن جانبه، أكد بندر بن الخريف حرص المملكة على تنمية التعاون المشترك مع مصر في قطاع التعدين والعمل معًا لتطوير صناعة التعدين في المنطقة، وتسليط الضوء على ما تشهده من تطور واستدامة في الممارسات لجذب أنظار المستثمرين إليها.

حضر اللقاء الجيولوجية يسرا عثمان من وحدة التعدين، وسلمى معروف من وحدة التواصل والمؤتمرات بالمكتب الفني.

وزير البترول يبحث زيادة الاستثمارات الانجليزية في مصر

كما التقى المهندس كريم بدوي وزير البترول والثروة المعدنية، سارة جونز وزيرة الصناعة البريطانية، حيث جدد الطرفان التزام بلديهما بتعزيز التعاون المشترك في قطاعي البترول والتعدين، وذلك على هامش فعاليات المؤتمر الدولي الرابع للتعدين بالرياض.

وأكد  بدوي  الدور المحوري الذي تلعبه الشركات البريطانية الرائدة مثل "بي بي"، "شل"، "هاربور إنرجي" في دعم وتطوير قطاع الطاقة المصري. كما أبدى حرصه على توسيع هذا التعاون الناجح ليشمل قطاع التعدين، مشيرًا إلى النجاحات التي تحققت خلال مشاركة مصر في فعاليات اتحاد الأعمال البريطاني المصري (BEBA) في المملكة المتحدة، والتي ترأسها في ديسمبر 2024. وأسفرت عن توقيع ثلاث مذكرات تفاهم تهدف إلى تعزيز الاستثمار والابتكار في قطاعي الطاقة والتعدين بمصر.

وأشار الوزير الي أهمية الشراكة الراسخة التي تجمع البلدين والتي أثبتت متانتها في مواجهة التحديات والظروف المتغيرة.

بمشاركة كريم بدوي.. مؤتمر التعدين الدولي يناقش حلول استدامة الصناعة وتعزيز النمو العالمي بدوي والزملوط يبحثان استغلال الثروات التعدينية بالوادي الجديد بدوي: الصحراء الغربية كنز لم يتم اكتشافه بالكامل وفرص هائلة للاستثمار البترولي بدوي يبحث مع مسؤول تنزاني تعزيز التعاون في مجال التعدين

مقالات مشابهة

  • صنع في تركيا: “أوكهان” المركبة البحرية التي تستعد لغزو الأسواق العالمية
  • بوتين: الاتفاقية الجديدة بين روسيا وإيران ستعطي دفعة إضافية لمجالات التعاون
  • «بوتين»: الاتفاقية الجديدة بين روسيا وإيران ستعطي دفعة إضافية لمجالات التعاون
  • وزيرا البترول المصري والصناعة السعودي يبحثان تعزيز التعاون في قطاع التعدين
  • شاهد | ضباط بحريون يؤكدون على الدروس التي تعلمتها البحرية الامريكية في البحر الأحمر
  • 4 إعلانات استراتيجية في مؤتمر التعدين تعزّز مكانة المملكة عالمياً
  • تقرير: الاتفاقية الإيرانية - الروسية رد استراتيجي على الضغوط الغربية
  • 164 خارطة جيولوجية جديدة لدعم التعدين والاستثمار في السعودية
  • وزير المالية: التوازن أمر مهم في قطاع التعدين .. فيديو
  • على أعماق قريبة.. “معادن”: اكتشافات واعدة من الذهب والنحاس في وادي الجو وجبل شيبان