لجريدة عمان:
2025-02-19@23:17:14 GMT

التعدين في أعماق البحار

تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT

الطلب على المعادن التي تحتاجها الثورة التقنية الخضراء (إحلال الوقود الأحفوري بالموارد المتجددة) يثير المخاوف من تدافع مسعور لاستخراج الموارد من أعماق البحار والتعجيل بالتدهور البيئي.

اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار والتي أجيزت في عام 1982 وضعت قيودا على التعدين في أعماق البحار خارج «المناطق الاقتصادية الخالصة» للبلدان الساحلية.

لكن هنالك مشكلة في الاتفاقية. فطبقا لأحد بنودها إذا تقدمت دولة طرف في الاتفاقية تتعاون مع شركة تعدين بطلب للتعدين في قاع البحر سيكون لدى الهيئة الدولية لقاع البحار التي أنشئت في عام 1994 مهلة عامين لإنهاء الإجراءات اللازمة للبت في الطلب. وإذا لم تفعل ذلك خلال المدة المقررة يمكن للدولة والشركة المعنيَّتين الشروع في التعدين.

في يونيو 2021 تقدمت دولة ناورو وشركة ميتالز بطلب للتعدين. وفي غياب إجراءات الموافقة على الطلب يصبح في إمكانهما مباشرة التعدين في يوليو 2023.

طالبت بعض البلدان المنزعجة من هذا الوضع بقيادة إسبانيا وألمانيا وفرنسا وإيرلندا والسويد بتجميد احترازي للتعدين البحري أو حظره، كما دعت إلى ذلك فرنسا، مشيرة إلى احتمال أن يُفضي إلى دمار بيئي.

لكن جماعة ضغط (لوبي) قوية تناصر التعدين تجادل بأن استخراج الموارد من أعماق البحار ضروري «للتحول الأخضر». وتقول هذه الجماعة نظرا لعدم وجود معادن كافية في اليابسة يصبح التعدين في قاع البحر حتميا.

أحد المخاوف أن عمليات التعدين في أعماق البحار في حال انطلاقها ستقلل من قدرة البحر على امتصاص الكربون. ودور البحر «كبالوعة كربون» بالغ الأهمية في مكافحة احترار الكوكب.

إلى ذلك أوضحت أبحاث حديثة أن العُقَيدات المتعددة المعادن والموجودة في قاع البحر على بعد آلاف الأمتار من السطح شديدة النشاط الإشعاعي. وإخراج ملايين الأطنان من هذه العُقَيدات (رواسب معدنية بحجم البطاطس) إلى اليابسة يمكن أن يضر بصحة الإنسان.

لقد تم إيلاء قدر كبير من الاهتمام في وسائط الإعلام مؤخرا للقضايا البيئية التي أثارها التعدين في أعماق البحار. لكن هنالك جانبا واحدا جرى تجاهله إلى حد ما وهو الجغرافيا السياسية.

كانت المخاوف الجيوسياسية في البداية وراء مساعي التوصل إلى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار. ودواعي الاتفاقية هي أولا، الحاجة إلى منع صراع القوى العظمى حول موارد المحيطات. وثانيا، ضمان التعامل مع كل شيء موجود في المحيطات باعتباره « تراثا مشتركا للبشرية».

الاتفاقية النهائية التي أجيزت في عام 1982 قدمت مكاسب لمجموعات البلدان المختلفة مقابل تنازلات من جانبها. وما يقوله الآن أنصار التعدين في قاع البحار إن على البلدان الغنية عدم الوفاء بالتنازل الوحيد والكبير الذي قدمته في مقابل تنازلات كبرى من جانب البلدان النامية. وهذا من شأنه أن يكون ظلما فادحا وانتكاسة.

بموجب بنود الاتفاقية حازت كل البلدان الساحلية على ملكية وطنية لما يصل إلى 200 ميل بحري من سواحلها كمناطق اقتصادية خالصة بمساحة كلية ضخمة تبلغ 138 مليون كيلومتر مربع. في مقابل ذلك اعتبرت الاتفاقية قيعان البحار التي تغطي 54 % من محيطات العالم «تراثا مشتركا للبشرية».

وافقت البلدان النامية، بما في ذلك 36 بلدا بلا منفذ إلى البحر ومن بين الأفقر في العالم، على الاتفاقية بناء على تأكيدات بأنه في حال القيام بأي استخراج للموارد من أعماق البحار سيتم اقتسام المنافع بطريقة منصفة. لقد ظلت البلدان الغنية تجني مكاسب على مدى 40 عاما من تنازلات البلدان النامية. وهي الآن تخطط للتنصل عن الوفاء بما توجبه عليها هذه الاتفاقية المعقدة. وهذا تصرف غير أخلاقي.

أنشئت الهيئة الدولية لقاع البحار لصياغة قانون تعدين عادل يحترم المبدأ الاحترازي والمتمثل في إحداث أدنى ضرر بالبيئة ولكن أيضا لإعداد صيغة للاقتسام العادل للمنافع. لم يتم إعداد هذه الصيغة ولا يوجد احتمال يذكر بتطوير أية صيغة تحترم روح أو نص القانون الدولي.

نتيجة لذلك توجد مخاطر واضحة وماثلة. فقد نشهد ما قد يرقى إلى أن يكون أكبر عملية استيلاء على الموارد في التاريخ. هذا إلى جانب اندلاع صراع جديد على النفوذ الجيوسياسي سيكون هذه المرة بين الصين وبلدان قليلة أخرى لديها طموحات تعدين. وحتى الآن تم إصدار31 رخصة استكشاف بواسطة الهيئة الدولية لقاع البحار حصلت الصين على معظمها.

ثمة مفارقة هنا. ففي عام 1982 قادت الصين البلدان النامية في مجموعة الـ 77 في المطالبة باقتسام منافع التعدين بين كل الدول. واليوم حين ضغطت مجموعة كبيرة من البلدان الإفريقية لفرض ضريبة بنسبة 45% على كل الأرباح المتحققة من استخراج المعادن من الموارد البحرية المشتركة قادت الصين المعارضة لهذا المطلب.

نبَّهت الولايات المتحدة إلى احتمال أن تبسط الصين سيطرتها على التعدين العالمي وهو احتمال وارد حقا. هذه المخاوف مبررة لكن أمريكا أيضا مسؤولة عن ذلك جزئيا لرفضها القاطع التصديق على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.

وحتى البلدان الأوروبية القليلة التي دعت إلى وقف مؤقت للتعدين في أعماق البحار أكدت أساسا على المخاوف البيئية. وما كان عليها تجاهل أهمية مبدأ اشتراك البلدان في ملكية الموارد البحرية ومقتضيات توزيع منافعها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: البلدان النامیة فی عام فی قاع

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة تطلق نداءين إنسانيين بـ 6 مليارات دولار لمساعدة ملايين الأشخاص داخل وخارج السودان

الأمم المتحدة/ أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها اليوم الاثنين نداءين إنسانيين للاستجابة للأزمة الإنسانية في السودان. وتناشد الخطتان الحصول على 6 مليارات دولار لمساعدة ما يقرب من 26 مليون شخص داخل البلاد وفي البلدان المجاورة، وقد تسبب نحو عامين من الصراع في تأجيج أزمة حماية كارثية ونزوح 12 مليون شخص داخل السودان وعبر الحدود. ويستمر القتال في قتل وإصابة المدنيين وتدمير المستشفيات والأسواق والبنية الأساسية الأخرى. ويحتاج ما يقرب من ثلثي السكان إلى مساعدات طارئة، وتواجه البلاد ظروف المجاعة. ويصل اللاجئون المحتاجون بشدة إلى البلدان المجاورة التي تعاني أصلا من ضغط على الموارد المحلية.

وفي بيان مشترك، قال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة توم فليتشر: "يواجه السودان حالة طوارئ إنسانية ذات أبعاد مروعة. المجاعة تستفحل. وباء العنف الجنسي يستشري. الأطفال يُقتلون ويُصابون. المعاناة مروعة. لكن خطتنا بمثابة شريان حياة لملايين الناس. نحن بحاجة إلى وقف القتال، وتأمين التمويل لتقديم المساعدة للشعب السوداني، وتحسين الوصول برا وبحرا وجوا إلى أولئك الذين يحتاجون إلى المساعدة".

وبدوره، قال فيليبو غراندي، مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين: "أصبح ثلث سكان السودان نازحين. وامتدت عواقب هذا الصراع المروع والعبثي إلى ما هو أبعد من حدود السودان. لقد أظهرت الدول المجاورة تضامنا كبيرا من خلال الترحيب باللاجئين. لكن موارد هذه الدول محدودة - فالأساسيات مثل المياه والمأوى والخدمات الصحية نادرة - والسودان يحتاج إلى دعم عاجل. يجب على المجتمع الدولي أن يتدخل ويساعد، ليس فقط لضمان استمرار المساعدات الطارئة والحماية المنقذة للحياة دون انقطاع، ولكن أيضا لإنهاء العنف واستعادة السلام في السودان".

الاستجابة داخل السودان
تم الإبلاغ عن ظروف المجاعة في خمسة مواقع على الأقل في السودان تشمل مخيمات النازحين في دارفور وفي جبال النوبة. ومن المتوقع أن تتفاقم المجاعة الكارثية بحلول شهر أيار/مايو مع بدء موسم العجاف. ومن المتوقع أن تتفاقم الأزمة مع استمرار القتال وانهيار الخدمات الأساسية في معظم أنحاء البلاد.

وتهدف خطة الاستجابة الإنسانية للسودان إلى الوصول إلى ما يقرب من 21 مليون شخص معرضين للخطر من خلال المساعدات المنقذة للحياة والحماية. وهذا هو أعلى عدد من الأشخاص يتم تضمينهم في أي خطة منسقة للأمم المتحدة هذا العام وتتطلب دعما قدره 4.2 مليار دولار.

الاستجابة في البلدان المجاورة
يستمر الآلاف في الفرار يوميا مع استمرار الصراع، وتصل غالبية الناس في حالة من الضعف الشديد، مع مستويات عالية من سوء التغذية وتتطلب مساعدات طارئة. وحتى الآن، سعى ما يقرب من 3.5 مليون شخص إلى الأمان في البلدان المجاورة مما زاد من استنزاف الخدمات والموارد الشحيحة أصلا.

وذكرت الأمم المتحدة أن خطة الاستجابة الإقليمية للاجئين ستعطي الأولوية لتقديم المساعدة المنقذة للحياة والحماية، بما في ذلك الملاجئ الطارئة، والانتقال من المناطق الحدودية إلى أماكن أكثر أمانا، والدعم النفسي والاجتماعي، والمياه النظيفة، والرعاية الصحية والتعليم.

سيحتاج الشركاء الإنسانيون إلى 1.8 مليار دولار لدعم 4.8 مليون شخص في جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد ومصر وإثيوبيا وليبيا وجنوب السودان وأوغندا. وتهدف الخطة أيضا إلى مساعدة البلدان المضيفة على تعزيز الخدمات الوطنية وتنفيذ البرامج التي من شأنها أن تساعد في تحقيق الاستقرار.

وحذرت الأمم المتحدة أنه بدون تمويل فوري، سيتم حرمان ثلثي الأطفال اللاجئين من الوصول إلى التعليم الابتدائي، مما يهدد جيلا بأكمله. وسيستمر نحو 4.8 مليون لاجئ وعضو في المجتمع المضيف في مواجهة انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع حرمان ما لا يقل عن 1.8 مليون شخص من المساعدات الغذائية. وقد تنهار أنظمة الصحة المجهدة بالفعل.

إنجازات العام الماضي
خلال العام الماضي وصلت المنظمات الإنسانية إلى أكثر من 15.6 مليون شخص في جميع أنحاء السودان بدعم قدره 1.8 مليار دولار. وشملت المساعدات المقدمة دعم الغذاء وسبل العيش لأكثر من 13 مليون شخص بالإضافة إلى دعم المياه والصرف الصحي والنظافة والصحة والتغذية ومساعدة المأوى.

وقدمت المنظمات الإنسانية العاملة في البلدان المجاورة مساعدات منقذة للحياة من خلال توصيل الغذاء لأكثر من مليون شخص والدعم الطبي لنصف مليون شخص وخدمات الحماية لأكثر من 800 ألف شخص.

   

مقالات مشابهة

  • البلدان الصغيرة تتعلَّم التحوُّط في عصر ترامب
  • وزير النفط يبحث تعزيز التعاون مع مصر ويعرض فرص الاستثمار في التعدين
  • الأمم المتحدة: تداعيات حرب السودان تتمدد لخارج الحدود
  • مؤشر مدركات الفساد. . تفاقم الفساد عالميًا
  • الأمم المتحدة: تداعيات حرب السودان تتمدد لخارج الحدود وتهدد الاستقرار
  • ولي العهد السعودي لوزير خارجية أمريكا: نتطلع للعمل مع ترامب بما يخدم جميع البلدان
  • الأمم المتحدة تطلق نداءين بـ6 مليارات دولار لمساعدة السودان
  • الأمم المتحدة تطلق نداءين إنسانيين بـ 6 مليارات دولار لمساعدة ملايين الأشخاص داخل وخارج السودان
  • أمريكا وانتهاك سيادة البلدان
  • معلومات عن سمكة المنهادن الأهم في عالم البحار.. ما سرها؟