الطلب على المعادن التي تحتاجها الثورة التقنية الخضراء (إحلال الوقود الأحفوري بالموارد المتجددة) يثير المخاوف من تدافع مسعور لاستخراج الموارد من أعماق البحار والتعجيل بالتدهور البيئي.
اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار والتي أجيزت في عام 1982 وضعت قيودا على التعدين في أعماق البحار خارج «المناطق الاقتصادية الخالصة» للبلدان الساحلية.
في يونيو 2021 تقدمت دولة ناورو وشركة ميتالز بطلب للتعدين. وفي غياب إجراءات الموافقة على الطلب يصبح في إمكانهما مباشرة التعدين في يوليو 2023.
طالبت بعض البلدان المنزعجة من هذا الوضع بقيادة إسبانيا وألمانيا وفرنسا وإيرلندا والسويد بتجميد احترازي للتعدين البحري أو حظره، كما دعت إلى ذلك فرنسا، مشيرة إلى احتمال أن يُفضي إلى دمار بيئي.
لكن جماعة ضغط (لوبي) قوية تناصر التعدين تجادل بأن استخراج الموارد من أعماق البحار ضروري «للتحول الأخضر». وتقول هذه الجماعة نظرا لعدم وجود معادن كافية في اليابسة يصبح التعدين في قاع البحر حتميا.
أحد المخاوف أن عمليات التعدين في أعماق البحار في حال انطلاقها ستقلل من قدرة البحر على امتصاص الكربون. ودور البحر «كبالوعة كربون» بالغ الأهمية في مكافحة احترار الكوكب.
إلى ذلك أوضحت أبحاث حديثة أن العُقَيدات المتعددة المعادن والموجودة في قاع البحر على بعد آلاف الأمتار من السطح شديدة النشاط الإشعاعي. وإخراج ملايين الأطنان من هذه العُقَيدات (رواسب معدنية بحجم البطاطس) إلى اليابسة يمكن أن يضر بصحة الإنسان.
لقد تم إيلاء قدر كبير من الاهتمام في وسائط الإعلام مؤخرا للقضايا البيئية التي أثارها التعدين في أعماق البحار. لكن هنالك جانبا واحدا جرى تجاهله إلى حد ما وهو الجغرافيا السياسية.
كانت المخاوف الجيوسياسية في البداية وراء مساعي التوصل إلى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار. ودواعي الاتفاقية هي أولا، الحاجة إلى منع صراع القوى العظمى حول موارد المحيطات. وثانيا، ضمان التعامل مع كل شيء موجود في المحيطات باعتباره « تراثا مشتركا للبشرية».
الاتفاقية النهائية التي أجيزت في عام 1982 قدمت مكاسب لمجموعات البلدان المختلفة مقابل تنازلات من جانبها. وما يقوله الآن أنصار التعدين في قاع البحار إن على البلدان الغنية عدم الوفاء بالتنازل الوحيد والكبير الذي قدمته في مقابل تنازلات كبرى من جانب البلدان النامية. وهذا من شأنه أن يكون ظلما فادحا وانتكاسة.
بموجب بنود الاتفاقية حازت كل البلدان الساحلية على ملكية وطنية لما يصل إلى 200 ميل بحري من سواحلها كمناطق اقتصادية خالصة بمساحة كلية ضخمة تبلغ 138 مليون كيلومتر مربع. في مقابل ذلك اعتبرت الاتفاقية قيعان البحار التي تغطي 54 % من محيطات العالم «تراثا مشتركا للبشرية».
وافقت البلدان النامية، بما في ذلك 36 بلدا بلا منفذ إلى البحر ومن بين الأفقر في العالم، على الاتفاقية بناء على تأكيدات بأنه في حال القيام بأي استخراج للموارد من أعماق البحار سيتم اقتسام المنافع بطريقة منصفة. لقد ظلت البلدان الغنية تجني مكاسب على مدى 40 عاما من تنازلات البلدان النامية. وهي الآن تخطط للتنصل عن الوفاء بما توجبه عليها هذه الاتفاقية المعقدة. وهذا تصرف غير أخلاقي.
أنشئت الهيئة الدولية لقاع البحار لصياغة قانون تعدين عادل يحترم المبدأ الاحترازي والمتمثل في إحداث أدنى ضرر بالبيئة ولكن أيضا لإعداد صيغة للاقتسام العادل للمنافع. لم يتم إعداد هذه الصيغة ولا يوجد احتمال يذكر بتطوير أية صيغة تحترم روح أو نص القانون الدولي.
نتيجة لذلك توجد مخاطر واضحة وماثلة. فقد نشهد ما قد يرقى إلى أن يكون أكبر عملية استيلاء على الموارد في التاريخ. هذا إلى جانب اندلاع صراع جديد على النفوذ الجيوسياسي سيكون هذه المرة بين الصين وبلدان قليلة أخرى لديها طموحات تعدين. وحتى الآن تم إصدار31 رخصة استكشاف بواسطة الهيئة الدولية لقاع البحار حصلت الصين على معظمها.
ثمة مفارقة هنا. ففي عام 1982 قادت الصين البلدان النامية في مجموعة الـ 77 في المطالبة باقتسام منافع التعدين بين كل الدول. واليوم حين ضغطت مجموعة كبيرة من البلدان الإفريقية لفرض ضريبة بنسبة 45% على كل الأرباح المتحققة من استخراج المعادن من الموارد البحرية المشتركة قادت الصين المعارضة لهذا المطلب.
نبَّهت الولايات المتحدة إلى احتمال أن تبسط الصين سيطرتها على التعدين العالمي وهو احتمال وارد حقا. هذه المخاوف مبررة لكن أمريكا أيضا مسؤولة عن ذلك جزئيا لرفضها القاطع التصديق على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
وحتى البلدان الأوروبية القليلة التي دعت إلى وقف مؤقت للتعدين في أعماق البحار أكدت أساسا على المخاوف البيئية. وما كان عليها تجاهل أهمية مبدأ اشتراك البلدان في ملكية الموارد البحرية ومقتضيات توزيع منافعها.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: البلدان النامیة فی عام فی قاع
إقرأ أيضاً:
نوة المكنسة.. تعرف على أصعب النوات التي تضرب الإسكندرية
تعتبر الإسكندرية الأكثر تعرضًا للنوات وهبات الرياح لموقعها المتميز علي البحر الأبيض المتوسط، وتعد النوات عبارة عن رياح قادمة من البحر إلى الأرض في الغالب وتأتى في بعض الأحيان بالأمطار الشديدة وأخرى تأتي برياح ساخنة في الصيف تؤثر على الحياة اليومية ويعرف مواعيدها الكثير من الخبراء المعنيين بحالة الطقس والبحر وكذلك الصيادين.
وتستعد الإسكندرية والسواحل الشمالية لاستقبال نوة المكنسة وهي من أخطر وأشد النوات على الإسكندرية، والتي تستمر لمدة 4 أيام متصلة.
انتهاء حياة ثلاثيني أسفل قطار "الإسكندرية/ الأقصر" في سوهاجونوة المكنسة هي أول نوات الشتاء الحقيقية التي يصاحبها أمطار، وتهب في النصف الأخير من نوفمبر من كل عام مع اختلافها من عام إلى آخر بحسب التغيرات المناخية، وتستمر لمدة 4 أيام متواصلة ويصاحبها أمطار غزيرة ورياح شمالية غربية.
اشتهرت النوات التي تتعرض لها مدينة الإسكندرية بأسماء عديدة وغريبة، أطلقها الصيادين في الماضي على الموجات الشديدة التي تهب على المحافظة، ومن تلك الأسماء «المكنسة» والتي أطلقت على أول نوات الشتاء شدة وذلك لأنها «تكنس البحر» كما يُقال عنها.
استعدادات شركة الصرف الصحي
وأجرى اللواء "محمود نافع" رئيس شركة الصرف الصحي بالإسكندرية جولة تفقدية لمتابعة سير العمل خلال النوة متفقدًا محطة خورشيد؛ للتأكد من جاهزيتها.
وتفقد "نافع" محطة خورشيد؛ وذلك للتأكد من الحالة الفنية للمحطة ومدى جاهزيتها الفنية ومتابعة انتظام العمل بها؛ مؤكدًا على أهمية متابعة الحالة الفنية للمعدات، والاهتمام بنظافة المحطة والتشغيل الأمثل لها، وضرورة إجراء الصيانة الدورية المنتظمة وفقًا للخطة الزمنية، والحفاظ على تخفيض منسوب بيارات المحطات؛ وذلك من أجل استيعاب أكبر كمية من مياة الأمطار .
وأكد على أهمية اتباع إجراءات السلامة والصحة المهنية، حفاظًا على سلامة المواطنين والعاملين، موضحًا أن أهم مسئولياتنا هي الحفاظ على العاملين وتدريبهم ورفع كفاءاتهم وتوفير بيئات آمنة للعمل وإتاحة كافة الاحتياطات ووسائل السلامة للعاملين بشركة الصرف الصحي بالإسكندرية.
وأكد "نافع" على جاهزية الشركة بسياراتها ومعداتها للتعامل مع أى تجمعات لمياه الأمطار في حال حدوثها .
ونبه على جميع العاملين بضرورة الالتزام بإجراءات السلامة والصحة المهنية حفاظًا على سلامة العاملين والمواطنين والتعامل الفوري مع أي تجمعات مياه فور حدوثها، وتطهير الشنايش والمطابق لرفع أي مخلفات؛ لتسهيل سريان مياه الأمطار.
وشدد "نافع" على استمرار عمل غرفة الطوارئ، والخط الساخن 175 على مدار الساعة؛ لتلقي الشكاوي، والعمل على حلها فورًا .
وأكد "نافع" على تواجد رؤساء القطاعات ومديري العموم؛ لمتابعة سير العمل، والتأكد من عدم وجود أى مشاكل في الشبكات، واتخاذ الإجراءات اللازمة فورًا في حال وجود أي شكوى.
وأشار "نافع" إلى ضرورة التنسيق الكامل مع غرفة عمليات محافظة الإسكندرية، والأحياء، وجميع الأجهزة التنفيذية بالمحافظة، وغرفة عمليات الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي؛ لضمان عدم تضرر أي مواطن سكندري.