هل هو رجل إسرائيل في رام الله..؟
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
شغل موضوع «انهيار السلطة الفلسطينية»، وسائل الإعلام العربية والإسرائيلية والعالمية؛ إذ توقّع البعض أن يكون الانهيار قريبا، فيما رأى آخرون أنّ إسرائيل وأمريكا لن تسمحا بحدوث ذلك، خاصة بعد تصريح بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، «بعدم السماح بانهيار السلطة الفلسطينية»، التي تأسست قبل ثلاثين عاما، بموجب اتفاقات سلام مع إسرائيل.
ويبدو من التحركات الأخيرة للرئيس محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية، أنه استجاب لدعوات عربية ودولية لترتيب الأوضاع فيما تبقى من هيكل السلطة الفلسطينية مستقبلا، ومن ذلك «مسألة الخلافة» التي تثير أسئلة عديدة حول ذلك المنصب الهام، ومنها: هل يُعقل أن يتولى السلطة الفلسطينية شخص لا تريده إسرائيل؟
الواضح أنّ هناك تحركات كثيرة سرية ومعلنة متشابكة ومتداخلة حول خلافة الرئيس محمود عباس، البالغ من العمر ثمانية وثمانين عاما، وهناك أكثر من متنافس، وظهرت على السطح بعضُ الأسماء يبدو أنها لا تجد القبول من الشعب الفلسطيني نفسه. ومن هذه الأسماء، حسين الشيخ الذي قال عنه الكاتبان الأمريكيان آدم راسغون وآرون بوكسرمان، في مقال مشترك بصحيفة «فورين بوليسي»: «إنّ مسيرة صعوده من فتى دخل سجون الاحتلال في فترة الانتفاضة الأولى في الثمانينيات، إلى رجل يصفه ضابط مخابرات إسرائيلي كبير بأنّه «رجلنا في رام الله»، تثير الكثير من التساؤلات حول قدرته على قيادة شعب لا يثق بقياداته»، وأشار الكاتبان إلى «أنّ الشيخ لديه حظوظ أوفر ليصبح الزعيم المقبل للسلطة، على الرغم من عدم اكتسابه شعبية واسعة لدى الفلسطينيين، وذلك بسبب العلاقات الوثيقة التي تربطه مع إسرائيل والولايات المتحدة». وحسب المعلومات التي نشرها الكاتبان، فإنّ الشيخ يعمل كوسيط رئيسيٍّ للسلطة الفلسطينية مع إسرائيل في الضفة الغربية المحتلة؛ ويتحدث اللغة العبرية بطلاقة، «ويحث على التعاون مع إسرائيل، وليس التصادم معها؛ ناهيك عن أنّه يعمل الآن خلف الأبواب المغلقة لمنع انهيار السلطة الفلسطينية، تحت قيادة عباس»؛ فلا عجب إذن أن يميل أصحاب النفوذ الإسرائيليون إليه خليفة لأبي مازن «باعتباره شريكًا براغماتيًّا يتمتع بقدرة خارقة على إيجاد أرضية مشتركة، حيث قال مسؤول أمني إسرائيلي كبير متقاعد - طلب عدم ذكر اسمه، بسبب دوره المستمر في المخابرات الإسرائيلية كجندي احتياطي -: «إنّه رجلنا في رام الله».. تلك العبارة التي أعادت الجدل حول مسألة الخلافة إلى المربع الأول، وأثارت نقاشات حول نهاية مرحلة الرئيس محمود عباس.
بالتأكيد لم تكن العبارة مريحة لحسين الشيخ، لذا فقد اتهم قيادات وأقطابًا في حركة فتح «بشن سلسلة من الهجومات عليه عبر تنبؤات وتكهنات إعلامية تطاله، بهدف حرق أوراقه وفرصته في الخلافة»، ودخل في الخط مقربون منه، إذ اتهموا منافسين له باستهدافه، بنسج حكايات وتوقعات من شأنها أن تؤدي إلى تأزيم العلاقة بينه والرئيس محمود عباس والتأثير في تلك العلاقة. ويرى الشيخ أنّ تسليط الإعلام الدولي أحيانًا الأضواء عليه هو أقرب إلى التحدث عن مؤامرة، «والأوساط القريبة جدًا منه في حركه فتح تشير إلى أنّ هذه المؤامرة تبدو متقنة وتُستثمر في الأوقات التي يبدو فيها الرئيس عباس منزعجًا، لأنّ قيادات دول عربية شقيقة وصديقة بدأت تطالبه بترتيب ملف خلافته أو المرحلة التي تلحق به في حال غيابه عن السلطة قبل رحيله».
ولكن حسب تقرير صحيفة «رأي اليوم» من واشنطن، فإنّ حسين الشيخ لا ينفي سعيه نحو الزعامة أو رغبته في ملء الفراغ؛ فهو من المقربين جدًا للدوائر الأمريكية والإسرائيلية، ولكن هل تكفي تلك الصفات لكي يعتلي الشيخ المنصة؟! حسب مختصين بارزين في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وبعض مصادر مركزية حركة فتح أنّ تلك «ميزات» لا تكفي لكي يعتلي الشيخ المنصة، ولكني أختلفُ مع رأيهم هذا؛ فلا يمكن أن يصل إلى ذلك المنصب إلا من تختاره وترضى عنه إسرائيل في المقام الأول ثم حليفتها أمريكا، وهو أمرٌ مؤسف. وللدلالة على ذلك فإنّ إسرائيل تدّعي رسميًا أنها لا تتدخل في معركة الخلافة في السلطة الفلسطينية، وأنّ هذا شأن داخلي للفلسطينيين، لكن -كما كتب الكاتب الإسرائيلي يوني بن مناحيم في موقع «نيوز1» العبري- «فإنّ كلّ طفل فلسطيني يعرف أنه لا يمكن لأيّ شخصية فلسطينية أن تصبح رئيسًا للسلطة الفلسطينية دون موافقة واضحة من إسرائيل». وبالتأكيد هذا الكلام ينطبق على الشيخ والبرغوثي ودحلان وغيرهم.
ولحسين الشيخ (ميزات) أخرى قد تؤهله للخلافة، منها علاقاته الوثيقة مع تساحي هنغبي مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، ورونان بار رئيس الشاباك، وكذلك علاقات وثيقة مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية؛ وهو مقرب من الرئيس محمود عباس.
وسواء كان حسين الشيخ هو المرشح الرسمي للخلافة أو غير ذلك، فإنّ عبارة «رجلنا في رام الله» تلحق به ضررا بالغا، حتى وإن كان الهدف منها حرق أوراقه -كما ذهب البعض-. وما بين دخوله السجون الإسرائيلية ومكوثه فيها إحدى عشرة سنة وتسميته بـ«رجلنا في رام الله» مسافة طويلة ومتغيرات كثيرة، ولا أعلم لماذا الاهتمام برأي إسرائيل والدول العربية في اختيار من يقود الفلسطينيين، بدلا من ترك الأمر بيد الشعب الفلسطيني وحده؟، ثم ألم يحن الوقت بأن تترأس السلطة الفلسطينية شخصياتٌ من جبهات أخرى ومن حركات المقاومة -مثلا- وهي التي لها حضور قوي الآن في ساحة النضال الفلسطيني؟!
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: السلطة الفلسطینیة الرئیس محمود عباس مع إسرائیل رئیس ا
إقرأ أيضاً:
يزيد جعايصة.. قيادي في كتيبة جنين قتلته السلطة الفلسطينية
يزيد جعايصة مناضل فلسطيني ولد في مخيم جنين شمال الضفة الغربية، كرّس حياته للدفاع عن وطنه والوقوف في وجه الاحتلال الإسرائيلي، سواء بالعمل المقاوم أو مواجهة الاعتقالات والملاحقات الأمنية، انخرط منذ سنوات شبابه في صفوف المقاومة الفلسطينية، وانتمى إلى كتيبة جنين.
قُتل برصاص أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في 14 ديسمبر/كانون الأول 2024، أثناء اشتباكات مسلحة اندلعت في محيط مخيم جنين.
المولد والنشأةولد يزيد محمد نايف جعايصة عام 1996 في مخيم جنين شمال الضفة الغربية، ونشأ في ظل الاقتحامات المتكررة لقوات الاحتلال الإسرائيلي وأجهزة أمن السلطة الفلسطينية للمخيم.
عمل في مجال التمديدات الكهربائية، وكان يُعرف بهدوئه وتوازنه في التعامل مع الآخرين، إضافة إلى قلة كلامه التي عكست شخصيته المتزنة والمتحفظة.
الفكر والتوجه الأيديولوجيتبنى جعايصة توجها قوميا فلسطينيا، فقد تأثر بالتيارات النضالية، وآمن بالكفاح المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي، واعتبر المقاومة المسلحة والرد المباشر على الاحتلال ومجازره وسيلة لتحقيق حرية واستقلال الشعب الفلسطيني.
التجربة النضاليةانخرط جعايصة منذ سنوات شبابه في صفوف المقاومة الفلسطينية، وانتمى إلى كتيبة جنين متعهدا بالدفاع عن حقوق شعبه، فقد شكلت البيئة المحيطة به وحياته اليومية في المخيم ملامح شخصيته النضالية.
وأُصيب عام 2019 إصابة خطيرة في بطنه أثناء اجتياح قوات الاحتلال مخيم جنين. وتعرض للاعتقال مرات عدة على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، وأمضى ما مجموعه 4 سنوات في السجون.
واعتقل للمرة الأولى في سجن مجدو حيث قضى عامين ونصف، وواجه صنوفا من التعذيب فيه، وفي 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، دهمت قوات الاحتلال منزله في جنين وأعادت اعتقاله، وحققت معه في مركز توقيف الجلمة لأسبوعين، ثم أصدرت محكمة سالم حكما بسجنه مدة 13 شهرا مع فرض غرامة مالية بألفي شيكل.
إعلانوأثناء فترة اعتقاله، تأجلت محاكمته 7 مرات في محاولة لإضعاف عزيمته، لكنه ظلّ ثابتا على موقفه حتى أُفرج عنه في 15 ديسمبر/كانون الأول 2020.
وبعد الإفراج عنه استهدفته قوات الاحتلال مرات عديدة، واعتبرته مطلوبا أمنيا ووصفته بأنه "خارج عن القانون".
يزيد جعايصة انخرط منذ سنوات شبابه في صفوف المقاومة الفلسطينية، وانتمى إلى كتيبة جنين (مواقع التواصل) الاستشهادقُتل يزيد جعايصة برصاص أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في 14 ديسمبر/كانون الأول 2024، أثناء اشتباكات مسلحة اندلعت في محيط مخيم جنين، وسط حصار واسع فرضته الأجهزة الأمنية على المخيم قبل 5 أيام من مقتله.
ويوم استشهاده حاصرت أجهزة السلطة مستشفى جنين الحكومي، وفتشت سيارات الإسعاف، واقتحمت مستشفى ابن سينا ومنعت الأهالي من وداع جعايصة.
وردَّ المتحدث باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية العميد أنور رجب على الانتقادات الموجهة ضد الأجهزة الأمنية في جنين، بأنها "حققت نجاحات كبيرة" في حفظ نظام المدينة والمخيم ضد من وصفهم بـ"الخارجين على القانون" في إشارة إلى مقاومي الاحتلال.