عربي21:
2025-04-07@00:24:08 GMT

الصفقة اليوسفية بعد أن حصحص الحق

تاريخ النشر: 21st, January 2025 GMT

نجّى الله سبحانه يوسف من الأسر مرّتين بصفقتين، الأولى عندما كان تحريره من الجبّ مع تحويله في سوق النخاسة من حرّ ابن نبيّ إلى عبد لعزيز مصر، أمّا الصفقة الثانية فقد اختلفت تماما عن الأولى إذ كانت ذات بعد معرفي وكان مقابل حريّته تأويله لرؤيا فرعون مصر ذاك الزمان. رفض الأسير هذه المرّة حريّته مقابل ما قدّم من معرفة وعلم، وطلب أن تشمل الصفقة إثبات براءته، وكان له ما طلب، وكان من نتائج هذه الصفقة أن يتبوأ خزائن البلد وزيرا ولينقذها بعد ذلك من الجدب والمجاعة، وليقيم فيها العدل والرفاه على أساس دين يحرّر الناس من عبادة العباد إلى عبادة ربّ العباد ومن ظلم وفساد الحكم إلى صلاحه وعدله.



صفقة اليوم بين طرفين، طرف معتد آثم برع في حرب إبادة بشريّة غير مسبوقة على مدار 471 يوما، وفي ذات الوقت فتح عدوانا غير مسبوق في السجون على أسرى طال عليم أمد السجون، أسرى أكل الحديد من أجسادهم وزرعت جدران السجن الأمراض في روحهم، أراد هذا العدوّ اللئيم أن يتجاوز أسرانا ويتركهم غارقين في مؤبداتهم إلى أن يحوّلهم موتى في ثلاجاته أسوة بمن حوّلهم من قبل، وأراد لهم الموت البطيء وتركهم وسيلة ردع لشعبهم ولكلّ من يفكّر بمقاومته ورفض ظلمه.. أراد العدو أن يحرّر أسراه بما توهّمه وصرّح به: بالضغط العسكري، والذي ترجمه على أرض الواقع مجازر وقتل للأطفال والنساء وتدمير لكل مقوّمات الحياة، وقد تجرأ كثيرا على كلّ ما ترفضه حضارة البشر؛ فقصف المستشفيات والمساجد والكنائس والمدارس والجامعات وخيام النازحين، دمّر وقتل وحرق، ولم يتمكّن في نهاية المطاف من تحرير أسراه إلا بصفقة.

أما الطرف الآخر فهو يوسف.. يوسف اليوم يعقد الصفقة، عليكم أن تعترفوا بحريّته وسيادته وشرعيّة نضاله، وأنه معتقل من أجل قضية عادلة ومن أجل تحرير شعبه من احتلال طال ليله وعظم توحّشه.

يوسف اليوم رفضته ثلاثون سنة من المفاوضات ورفض أن يمنّ عليه الاحتلال بحرية ذليلة وأن يكون الإفراج عنه على حساب قضيّته، اليوم يفرج عنه عزيزا كريما سيدا مرفوع الرأس، ممتشق القامة بروح عالية وأنَفة وكبرياء وتحت شروط مقاومة عزيزة سطّرت أعظم بطولاتها من أجل تحرير أسراها.

يوسف اليوم يخرج من غياهب الجبّ؛ لا ليكون عبدا يباع في سوق النخاسة وإنما ليكون رائد حرية شعبه وليسهم في نهضة أمّته وليكون عزيز بلده، يرفع من شان عزّته ويعلي من راية قوّته ووحدته وليكون قائدا يأخذ دوره ويتابع المسير للتحرير الكامل والشامل.

يوسف اليوم يقف أمام العالم الحر شامخا بعد أن هتف له كلّ أحرار العالم: "الآن حصحص حق القضيّة الفلسطينية، الآن حُقّ لك أن يطلق سراحك من سجونهم وحقّ لك أن تسود حريّتك العزيزة بإطلاق سراحها للانعتاق الأعظم لشعبك وشعوب أمّة عربيّة طال عليها ليل الظالمين، ولتصل هذه الحريّة بمذاقها العظيم لكلّ أرجاء المعمورة. لقد شهد العالم اليوم الحريّة على أصولها: عظيمة زاهية جميلة بهيّة لا تشوبها شائبة من شوائب عالم طالما زيّفها وتغنّى بها ظلما وزورا.

يوسف اليوم بعد أن حصحص الحق حُقّ له أن يكون على خزائن الأرض حفيظا عليما أمينا مكينا قويّا، وأهم خزائن الأرض اليوم ما فيها من قيم ترفع من شأن الإنسان وتجعله عزيزا كريما، يحق للأسرى المحرّرين اليوم أن يكونوا الأمناء على خزائن شعبهم فيحفظوا له قيمه من موازين الظلم والفساد والفرقة والشتات. يوسف اليوم تنتظره مهمات جليلة عظيمة يكون فيها صمّام أمان وحافظ وحدة وحامي مسيرة لشعب يجمعه برنامج مقاومة وتحرير من شرّ هذا الاحتلال المستطير.

أخيرا أرغمت المقاومة هذا الوحش المفترس بالرضوخ والتحدّث بلغة البشر، المقاومة الفلسطينية الآن تحرّر أسراها عنوة وبالضغط العسكري والأمني والاستخباراتي بعد أن فشل عدوّها بضغطه العسكري، إضافة للضغط القيمي والأخلاقي والإنساني الذي يشهده العالم اليوم.

سيرى العالم اليوم كم هو وزن الإنسان الفلسطيني الذي يستحق من شعبه ومقاومته كلّ هذا العمل العظيم والثمن الباهظ وخوض غمار المستحيل لتحويله إلى ممكن بغية تحرير هذا الإنسان.

سيرى العالم كم يزن الأسير الفلسطيني عند شعبه الحرّ وكم تعادل حريّته وكم هي عظيمة ومقدّسة؛ أكثر بكثير ممّا يتشدّق به دعاة الحرية في هذا العالم المزيّف الذي انكشفت قيمه الإنسانية وظهرت على حقيقتها وانزوت بعيدا عن الحق الفلسطيني والإنسان الفلسطيني الذي لا يزن عند هذا العالم جناح بعوضة، وإذا به يخرج منه ما ينصف هذا الإنسان، لم يعد الأسير الفلسطيني بعد اليوم إنسانا إرهابيا أو مخربا أو لا قيمة له ولا وزن، لقد ظهر للعيان أنه إنسان عظيم وقد جاءه من ينتصر له ويعطيه وزنه الذي يليق به.

سيرى العالم اليوم كيف ينتزع الفلسطيني حريّته، لم يعد مستجديا ومستغيثا بمؤسسات حقوق الإنسان الغربيّة ولم يعد راكعا على عتبات الأمم المتحدة، ولم يعد حزينا باكيا مستعطفا علّه ينال حريّته من كلّ هذا العالم الوقح الذي يظهر دموع التماسيح بينما هو وغد أفّاك أشر، لقد علّم العالم اليوم كيف يصل إلى حقّه وحريّته من فوّهة بندقيّته.

سنشهد ويشهد معنا كلّ أحرار العالم تحريرا عظيما للأسرى الفلسطينيين من خلف ستائر العتمة وولادة جديدة لهم من بطن الحوت، بعد أن طال عليهم أمد هذا السجن الأسود وكاد أن يكون مقبرة حقيقّة لهم وليس مجازا، وقد رحل من بين هذه المؤبدات إلى الرفيق الأعلى قبل أن يصل إلى لحظة التحرير المنشودة العديد منهم، مما جعل الباقي ينتظر هذا الرحيل المرّ ما لم تسعفهم صفقة تنجّيهم من هذا العذاب الأليم وهذا المصير اللئيم.

هذه صفقة يوسفية بامتياز ولها تداعيات عظيمة، هؤلاء الأحرار ليسوا مجرّد أرقام، سنجد من يحمل الإرادة الحرّة والعزائم النبيلة والثقافة الواسعة والرؤية الاستراتيجية الثاقبة، سيشكّلون رافعة هامة وعظيمة للقضيّة الفلسطينية وسيكون لهم دور عظيم، فكما رأينا ما فعل المحررون سابقا سنرى فعل المحرّرين في هذه الصفقة وانعكاسات ذلك على القضيّة الفلسطينية ومستقبلها المشرق بهم بإذن الله.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية اسرى فلسطين غزة مدونات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ة الفلسطینیة العالم الیوم یوسف الیوم أن یکون بعد أن

إقرأ أيضاً:

تقرير إسرائيلي: تهجير الفلسطينيين من الضفة جريمة حرب ترعاها الدولة

فلسطين – أكدت منظمتان إسرائيليتان، امس الجمعة، أن تل أبيب ترعى رسميا عنف وإرهاب المستوطنين بالضفة الغربية الذي أدى إلى تهجير مئات العائلات الفلسطينية من منازلها في 7 تجمعات رعويّة خلال أقل من عامين.

جاء ذلك في تقرير مشترك أعدته منظمتا “ييش دين” و”أطباء من أجل حقوق الإنسان”، والذي خلص إلى أن إسرائيل ترتكب “جريمة حرب في الضفة عبر التهجير القسري والتطهير العرقي” للفلسطينيين.

وقال التقرير، الذي حمل عنوان: “مُجتمعات مُهجرّة، أناسُ منسيون”، إن تهجير هذه العائلات من منازلها جاء كنتيجة لـ”سياسة تنتهجها إسرائيل وعنف المستوطنين”.

التقرير، الذي تلقت الأناضول نسخة منه، أوضح أنه “لم يكن هذا رحيلا طوعيا بل تهجير قسري، جراء عدة عوامل متداخلة منها، القمع المؤسسي طويل الأمد، والعنف الجسدي اليومي، والإرهاب النفسي، والأضرار الاقتصادية الجسيمة”.

وأضاف: “كل هذه العوامل أدّت إلى فقدان الشعور بالأمان الشخصي، وتفكيك نسيج الحياة اليومية في 7 تجمّعات رعوية فلسطينية، اضطُرّت إلى الرحيل عن أراضٍ اعتبرتها وطنا وبيتا لها”.

وأشار التقرير إلى أن السلطات الإسرائيلية صنّفت هذه التجمعات (الفلسطينية) على أنها “غير معترف بها”، و”مارست بحق سكانها سياسات تنكيل استمرت لسنوات”.

إلا أن نقطة التحوّل جاءت حين أقام المستوطنون بؤرا استيطانية زراعية قرب هذه التجمعات الرعوية الفلسطينية.

وفي هذا الصدد، أوضح التقرير أن “تصاعد العنف المنطلق من هذه البؤر (الاستيطانية) خلال العامين الأخيرين خلق بيئة لا تُحتمل، لا تتيح سُبل العيش أو البقاء للتجمعات الرعوية الفلسطينية، وعمليا أجبرها على النزوح والتهجير من منازلها”.

وتابع: “رغم أن إسرائيل تتنصل رسميا من أفعال المستوطنين بحجة أن البؤر غير قانونية، فإنها عمليا تدعمها وتستفيد من نتائج العنف ضد الفلسطينيين، ما يُسهم في تحقيق أهداف الدولة نفسها”.

وأوضح التقرير، أن إسرائيل “تمس بشكل منهجي ومتواصل بحقوق المجتمعات الرعوية الفلسطينية في الضفة الغربية، بما يشمل: الحق في الحياة والأمان، الحق في الصحة، حرية الحركة والتنقل، الحق في الملكية الخاصة، الحق في العمل وكسب الرزق، والحق في الكرامة الإنسانية”.

وخلص إلى أن إسرائيل “تتحمّل المسؤولية عن ارتكاب جريمة حرب متمثّلة في النقل القسري للفلسطينيين في الضفة الغربية، وهي جريمة تُرتكب بدعم مباشر من الدولة، سواء عبر مؤسساتها أو من خلال مواطنيها”.

وأضاف أن “التدخل العميق للدولة، وطبيعة هذه الممارسات ومنهجيتها وتكرارها في مواقع مختلفة، تقود إلى استنتاج لا مفرّ منه، وهو أن إسرائيل تنفّذ في بعض مناطق الضفة الغربية ممارسات تطهير عرقي بحق الفلسطينيين”.

وتابع التقرير: “تنتهج إسرائيل السياسة ذاتها، وبالأساليب نفسها التي يستخدمها المستوطنون، في مناطق أخرى من الضفة، ما يثير مخاوف من أن تتحول هذه الأنماط إلى استراتيجية سلطوية طويلة الأمد، تهدف إلى تطهير عرقي واسع النطاق، لا سيما في المنطقة (ج) التي تشكل نحو 60 بالمائة من مساحة الضفة الغربية”.

وحتى الساعة 16:45، لم يصدر عن الحكومة الإسرائيلية تعليق رسمي على مضمون هذا التقرير.

ووفق تقارير فلسطينية، فإن “عدد المستوطنين في الضفة بلغ نهاية 2024 نحو 770 ألفا، موزعين على 180 مستوطنة و256 بؤرة استيطانية، منها 138 بؤرة تصنف على أنها رعوية وزراعية”.

وفي 20 يوليو/ تموز 2024، قالت محكمة العدل الدولية إن “استمرار وجود دولة إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة غير قانوني”، مشددة على أن للفلسطينيين “الحق في تقرير المصير”، وأنه “يجب إخلاء المستوطنات الإسرائيلية القائمة على الأراضي المحتلة”.

وتعتبر الأمم المتحدة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني، وتحذر من أنه يقوض فرص معالجة الصراع وفق مبدأ حل الدولتين، وتدعو منذ سنوات إلى وقفه دون جدوى.

ومنذ بدئه حرب الإبادة على قطاع غزة، صعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى مقتل أكثر من 944 فلسطينيا، وإصابة قرابة 7 آلاف، واعتقال 15 ألفا و700، وفق معطيات فلسطينية رسمية.

وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 165 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

 

الأناضول

مقالات مشابهة

  • استنكرت وأدانت استهداف الاحتلال للمدنيين العزل.. السعودية تطالب العالم بوضع حدٍ لمأساة الشعب الفلسطيني
  • حفيد مانديلا لـ”الثورة ” :التزام جنوب أفريقيا بدعم النضال الفلسطيني مبدئي وثابت
  • رئيس الوزراء: امريكا ستخسر امام شعبنا الذي اذهل العالم
  • اليوم العالمي للطفل الفلسطيني صرخة أمل في وجه التحديات.. أوضاع إنسانية قاسية وحرمان من أبسط حقوقهم.. ومطالبات بمحاسبة الاحتلال الإسرائيلي
  • بيوم الطفل الفلسطيني..استنكار يمني من إبادة أطفال غزة
  • بيوم الطفل الفلسطيني..استكار يمني من إبادة أطفال غزة
  • تقرير إسرائيلي: تهجير الفلسطينيين من الضفة جريمة حرب ترعاها الدولة
  • عوامل النصر.. وصناعة الفتن.
  • في يوم الطفل الفلسطيني.. أين إنسانية العالم؟
  • بن صالح: الغرياني صوت الحق الوحيد الذي ما زال مرتفعاً مجلجلاً