د. هبة بت عريض **

 

يبدو أنَّ السؤال عن أثر حرب 15 أبريل 2023 على الشعب السوداني في هذه الأيام مُثير للشفقة وغير ذي صلة بموروثات وثقافة الشعب السوداني الأصيل؛ اذ إنَّ المآلات الدموية والوحشية للحروب والانتكاسات المتتالية للسلوكيات في كل من مدن العاصمة الثلاثة، والأحداث التي صاحبتها في كل من الجنينة، ونيالا، وزالنجي، والفولة، والأبيض، على التوالي، لا تدع مجالًا للشك بأن الأحلام الكبيرة التي رفعها ملايين المتظاهرين في الخرطوم في ديسمبر 2019 عبر شعار "حرية.

. سلام.. عدالة"، تحوّلت الآن إلى كوابيس مرعبة تطال كل أفراد الشعب السوداني، وإن الثوّار يعيشون صدمة وتشهد مواقفهم نكوصًا نحو قضايا بدايات الثورة التي ظنوا أنهم قد تجاوزوها.

لا يقتصر الأثر السلبي على القتل والسرقة والنهب والتهجير؛ بل امتد لاغتصاب النساء واختطافهن والمتاجرة بهن في الأسواق، في انتكاسة غير مسبوقة في حالات الحروب المشابهة التي أعقبت ثورات الربيع العربي في كل من العراق وسوريا واليمن حتى الجارة ليبيا؛ فجرائم الدعم السريع تجاه المُواطنين العزّل لم تفرق بين المستهدفين على أساس الجنس أو العمر أو الانتماء؛ فالجميع أمامهم (كيزان وفلول) أو (عسكر أو أساتذة جامعات)، وهؤلاء الأخيرين نصيبهم الاعتقال والتعذيب وربما التصفية الجسدية.

كذلك الحال بالنسبة للتدهور الاقتصادي الذي صاحب الحرب كنتيجة حتمية؛ فالجميع موظفو دولة، والدولة في حالة دفاع عن الشعب وسيادتها، وبطبيعة الحال فإنَّ المجتمع الدولي يساوي بين قوات الشعب المسلحة وقوات الدعم السريع باعتبار أنهما "طرفي نزاع"، متجاهلًا سبب الأزمة وفارق الممارسة بين الجيش السوداني والدعم السريع الذي كان ينتمي له قبل أحداث الحرب، وأن عمر الأخير لا يتعدى العشرة أعوام من بين 100 عام خاض فيها الجيش السوداني حروبًا خارجية وداخلية آخرها حرب الجنوب.

وبالعودة لجرائم قوات الدعم السريع والقصف العشوائي الذي تمارسه على الأحياء التي ما زال يسكنها المواطنون العزّل، لإرهابهم وإخراجهم منها بالقوة، ليسهل لهم نهب مقتنيات المواطنين من سيارات وغيرها والتي تجري بقصد مُمنهج، تظلل تلك المُمارسات حياة الجميع في المناطق المشتعلة ولم تسلم منها منطقة؛ إذ إنه ما زالت قوات الدعم السريع تُرهب وتروِّع الآمنين في حدود الولايات المتاخمة للخرطوم وتمارس هوايتها المفضلة في السرقة والنهب والاغتصاب، دون تمييز، على أساس طبقة أو جنس، ويبدو أن المساواة الوحيدة التي تحققت اليوم في السودان باستثناء الولايات الآمنة هي مساواة الجميع أمام فوهة البندقية!

تحوّل حلم الثورة السودانية من حلم "الحرية والسلام والعدالة" إلى كابوس القتل والسلب والنهب والاغتصاب، يذهب يدًا بيد مع تدهور وضع النساء فعليًا ورمزيًا، ويتوازى مع نكوص في الخطاب السياسي العام تجاه قضايا النساء وحقوقهن، بعد أن صدح عاليًا إبان عهد الثورة أجسام تناهض الحريات وتدعو لحرية المرأة وإعطائها حق القوامة؛ ومنها تنظيم "لا لقهر النساء" الذي لم نسمع له صدى عندما اغتُصِبت النساء وتم سبيهن، خاصة وأن قوات الدعم السريع تدّعي أن هدفها من الحرب "جلب الديمقراطية".

وقبل أن يفيق الشعب من صدمة الحرب ونزوحه خارج الخرطوم، ضاربًا في الأرض باحثًا عن الأمان، تاركًا ماله وأرضه؛ ليواجه صدمة أخرى، وهي غلاء الإيجارات السكنية في الأقاليم وغلق بعض المعابر؛ لتزداد معاناته بالأيام والشهور، طلبًا لتأشيرات دخول دول الجوار خاصة مصر. وتفاقمت الأزمة وبلغت حدتها عند المصابين بالأمراض المزمنة؛ حيث انعدمت الأدوية المنقذة للحياة لدى مرضى السرطان والفشل الكلوي، وأمراض السكري والضغط؛ إذ توقفت المستشفيات بسبب اتخاذ قوات الدعم السريع لها للسكن.

وما زالت الحرب مستمرة والشعب السوداني يُساند قواته المسلحة ويستجيب لنداء القائد العام، والجيش يتقدم على أرض الواقع بفضل جنوده البواسل وبفضل دعوات الشعب المكلوم، ثقةً في الله وإيمانًا بقدرات قوات الشعب المسلحة، وكل الأكف ترفع "اللهم انصر القوات المسلحة، اللهم سدد رميهم، الله نصرك الذي وعدت". إننا الشعب السوداني الذي ظُلم، وإن الله على نصرنا لقدير.

** كاتبة سودانية

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

“القوة المشتركة” تزعم هزيمة الدعم السريع في شمال دارفور والأخيرة ترد بنفي الخسائر

قالت القوة المشتركة إنها سيطرت على مناطق شمال مليط بعد معركة استمرت 12 ساعة، وكبدت قوات الدعم السريع خسائر كبيرة في العتاد والأرواح. بالمقابل، نفت قوات الدعم السريع تلك المزاعم، مؤكدة أنها هي من ألحقت الخسائر بالطرف الآخر..

التغيير: الخرطوم

أعلنت “القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح” تحقيق انتصار كبير على قوات الدعم السريع في معركة بشمال دارفور، متهمة إياها بقطع الطرق ونهب الممتلكات ومنع الإغاثة الإنسانية. في المقابل، نفت قوات الدعم السريع تكبدها خسائر، مؤكدة أنها هي من ألحق الأضرار بالطرف الآخر في المعارك التي استمرت لساعات طويلة شمال مليط.

قالت “القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح”، أنها تمكنت “بالتنسيق مع الجيش السوداني”، من تحقيق “انتصار ساحق” على قوات الدعم السريع، وذلك في واحدة من أكبر المعارك التي تدور في ولاية شمال دارفور.

واتهم الناطق باسم الـ”القوة المشتركة”، أحمد حسين، في بيان أصدره الأربعاء، قوات الدعم السريع بأنها “ظلت تمارس الإرهاب وقطع الطريق القاري بين الدبة ومليط”، وأنها “تنهب ممتلكات المواطنين، وتمنع دخول الإغاثة الإنسانية” إلى المدن المتضررة في دارفور.

وقال حسين إن القوة المشتركة “انتزعت السيطرة من الدعم السريع في معركة اندلعت، الثلاثاء، منذ السادسة صباحًا وحتى السادسة مساءً بالتوقيت المحلي، وألحقت بهم هزيمة في مناطق شمال مليط، وكبدتهم خسائر كبيرة في العتاد والأرواح”.

في المقابل، نفت قوات الدعم السريع ما قيل عن تكبدها خسائر فادحة، مؤكدة أنها هي من ألحقت تلك الأضرار بالطرف الآخر.

يذكر أن المعارك بين “القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح” وقوات الدعم السريع، بدأت في منطقة مدو ثم وادي سندي وصولا إلى منطقة الصياح، التي تبعد نحو ٣٠ كيلومترا من مدينة مليط الإستراتيجية بولاية شمال دارفور.

ويشهد السودان منذ 15 أبريل من العام الماضي، معارك ضارية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أدت إلى مقتل آلاف الأشخاص وتشريد الملايين داخل وخارج البلاد.

إعادة الحرب

من جهته، قال رئيس العدل والمساواة، سليمان صندل، إن الشعب السوداني المتطلع للسلام وإيقاف الحرب الكارثية، كان يركز على المعارك الدائرة في العاصمة المثلثة، إلا أن “العقلية المركزية القديمة والمتجددة، ممثلة في الفلول ومجموعة بورتسودان المجرمة، خططت لإعادة الحرب إلى دارفور مرة أخرى، مما يعيدنا إلى عام 2003 عبر حركات الارتزاق والمليشيات الجديدة وبعض الانتهازيين والشباب المغرر بهم. حسب قوله”

وأضاف صندل أن قادة تلك الحركات استغلوا الفرصة لتجييش الشباب بادعاءات باطلة وشعارات كاذبة، وكان هدفهم جمع الأموال والبقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة دون الاكتراث لدماء الشباب ومستقبلهم.

وأكد أن “قادة الحركات الاتفاقية سقطوا في امتحان المبادئ وقيم الثورة التي قاتلوا من أجلها لأكثر من ربع قرن.”

وأشار إلى أن المعارك التي اندلعت اليوم في شمال دارفور تؤكد أن الرابح الوحيد هم الفلول ونظام المؤتمر الوطني المقبور، وأن تلك المعارك تكشف حجم الخسائر البشرية غير المبررة.

ولفت صندل بقوله “إقليم دارفور، الذي شهد إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، في موعد مع التاريخ، وسوف تعم رايات السلام قريبًا، رغم أنف الفلول والمليشيات المتحالفة معهم.”

الوسومالطريق القاري القوة المشتركة حرب الجيش والدعم السريع مليط

مقالات مشابهة

  • شاهد بالصور.. لماذا تحولت جسور الخرطوم إلى مفتاح للحسم العسكري بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع؟
  • الحزب الشيوعي السوداني يكشف عن إصابة عضواً في لجنته المركزية برصاص الدعم السريع
  • الجاكومي : الشعب سينتصر على مليشيا الدعم السريع المتمردة
  • بالفيديو: الجيش السوداني يسيطر على شوارع بحري بعد معارك ضارية مع قوات الدعم السريع
  • إنهيار مليشيا الدعم السريع في الخرطوم ودارفور
  • القوات المشتركة تؤكد سيطرتها على قاعدة بئر مزّة التي تُعد من أهم مواقع التحصين لقوات الدعم السريع بدارفور
  • حركات الكفاح:الجيش السوداني يحقق انتصارا ساحقا على قوات الدعم السريع في واحدة من أكبر المعارك
  • “القوة المشتركة” تزعم هزيمة الدعم السريع في شمال دارفور والأخيرة ترد بنفي الخسائر
  • لوبوان: الجيش السوداني بدأ هجوما كبيرا لاستعادة الخرطوم
  • حلفاء للجيش السوداني يعلنون تحقيق انتصار ساحق على قوات الدعم السريع