من استمع إلى كلمة رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد في يوم الاستشارات النيابية الملزمة في قصر بعبدا، حين تحدّث عن تقسيم وشرذمة، وإقصاء وإلغاء، ومن استمع بعد ذلك إلى المحسوبين على "حزب الله" ممّن استفاضوا بالحديث عن انقلاب وخديعة، وما إلى هنالك من مفردات تصبّ في الحقل المعجمي نفسه، شعر أنّ الحزب حسم أمره في "مقاطعة" الرئيس المكلف نواف سلام، لحظة حصوله على الأغلبية النيابية.


 
تعزّز هذا الشعور بعد ذلك، في الاستشارات النيابية غير الملزمة التي أجراها سلام في مجلس النواب، والتي قرّر "حزب الله" مقاطعتها، بالتكافل والتضامن مع "حركة أمل"، لتغيب كتلتا "التنمية والتحرير" و"الوفاء للمقاومة" عن أجندتها، فيما كان المحسوبون عليهما يواصلون التصويب على الرجل، وعلى القوى السياسية التي سمّته، والتي لم تحترم ما قيل إنّه اتفاقٌ حصل على هامش جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وأدّى إلى تصاعد الدخان الأبيض منها.
 
لكن، ما أن انتهت الاستشارات الرسمية، بدأت الأمور تتغيّر تدريجًا، ليجتمع رئيس مجلس النواب نبيه بري مع الرئيس المكلّف، ومن ثمّ يعقد أكثر من اجتماع بين الأخير وممثلي "الثنائي"، في استعادة لمشهدية "الخليلين" الشهيرة، في إشارة إلى كل من النائب علي حسن خليل عن الحركة، والحاج حسين الخليل عن الحزب، وتتوالى التسريبات عن تفاهمات حصلت، وعن ثقة بنيت بين الجانبين، فهل يمكن القول إنّ "الثنائي" حسم أمر مشاركته في الحكومة؟
 
"تسجيل موقف"
 
قبل الإجابة على هذا السؤال الذي قد يكون "مركزيًا"، يحرص المحسوبون على "الثنائي" والمدافعون عن وجهة نظره، على "توجيه" المسار، عبر الإشارة إلى أنّ التصعيد الذي تزامن مع استشارات بعبدا، لم يكن يُراد منها "التصويب" على شخص الرئيس المكلّف، بقدر ما كان الهدف منه "تسجيل موقف" من سلوك القوى السياسية، التي تعاملت مع استحقاق رئاسة الحكومة، وفق منطق "الغالب والمغلوب"، وأرادت الإيحاء بأنّ "الثنائي" بات الحلقة الأضعف بالمُطلَق.
 
لا ينكر هؤلاء أنّ "الثنائي" كانت لديه هواجس حقيقية، وقد أثارت مقاربة الأفرقاء الآخرين للاستحقاق "نقزة" لديه، ولا سيما أنّها تركت انطباعًا بأنّ هناك في الداخل كما في الخارج من يرغب بـ"كسره"، خصوصًا أنّ ذلك ترافق مع دعوات صريحة صدرت عن العديد من النواب إلى "تجاوز" موقف "الثنائي"، بل إلى دفعه إلى المعارضة، وتوزير شخصيات معارضة له، رغم عدم امتلاكها أيّ حيثية حقيقية، بناءً على تركيبة المجلس النيابي.
 
إلا أنّ هؤلاء يشيرون إلى أنّ الرئيس المكلّف نجح بعد ذلك في الأداء، بكسر الكثير من الحواجز مع "الثنائي"، بل الحصول على "ثقته" في مكانٍ ما، سواء في تصريحاته العلنية الإيجابية، التي أكد فيها رفضه للإقصاء والإلغاء، أو في اللقاءات المغلقة التي جمعته مع رئيس مجلس النواب ومع ممثلي "الثنائي"، والتي تقاطع جميع المعنيّين بها على وصفها بـ"الإيجابية"، ولو أنّ الاختبار الحقيقي يبقى بترجمة أجوائها على الأرض، وتحديدًا في التشكيلة الحكومية.
 
هل قضي الأمر؟
 
صحيح أنّ هناك من فهم مقاطعة "الثنائي الشيعي" للاستشارات النيابية غير الملزمة التي أجراها الرئيس المكلف في مجلس النواب، معطوفة على كلمة النائب محمد رعد من بعبدا، حين تحدّث عن "حق الآخرين" في صنع تجربتهم، قبل أن يطالب باحترام معيار "الميثاقية" في تشكيل الحكومة، بما يتلاءم مع صيغة العيش المشترك، وكأنّها رسالة "ضمنية" يمهّد من خلالها "الثنائي" إلى مقاطعة الحكومة بالكامل، للمرة الأولى ربما منذ انخراطه في السلطة.
 
لكنّ الصحيح أيضًا أنّ هذا الانطباع تبدّد كليًا في الأيام الأخيرة، في ضوء الاجتماعات التي عقدت بين الرئيس المكلف وممثلي "الثنائي"، ولا سيما أنّ كل التسريبات التي خرجت منها، أكّدت وجود أخذ وردّ بين "الثنائي" والرئيس المكلف، وفق قاعدة أنّ الحقائب الشيعية في الحكومة ستكون من حصّته، أو بالحدّ الأدنى لشخصيات لا تثير أيّ حساسيّة لديه، ولا تستفزّه بأيّ شكل من الأشكال، مع ضمان أن تبقى حقيبة المال في يد الشيعة، بعيدًا عن مبدأ المداورة.
 
إلا أنّ العارفين يشدّدون على أنّ الحكم النهائي يبقى مرهونًا بانتهاء المشاورات، ليس فقط لأنّ "الشيطان يكمن في التفاصيل" كما درجت العادة، وأنّ ما يقوله الرئيس المكلف في الجلسات معه قد يصطدم بمطالب كتلة من هنا أو فريق سياسي من هناك، ولكن أيضًا لأنّ البحث الفعليّ بالأسماء والحقائب لم يكتمل بعد، علمًا أنّ المعطيات والمعلومات تتحدّث عن اجتماع ثالث مرتقب بين الجانبين في الساعات المقبلة، قد يكون "حاسمًا" على هذا الصعيد.
 
ثمّة من يرى أنّ "الثنائي" تسرّع بالموقف الذي اتخذه، بعيد الاستشارات النيابية الملزمة في قصر بعبدا، والذي سارع جمهوره من بعده إلى "التصويب" على الرئيس المكلّف، وصولاً لحدّ "تخوينه". لكنّ المحسوبين على "الثنائي" يشدّدون على أنّ "تسجيل الموقف" كان واجبًا، رفضًا لأيّ محاولات "استقواء" في غير محلّها، خصوصًا أنّ المرحلة الحالية تتطلّب شراكة حقيقية وفعليّة، من دون قفّازات، إذا صفت النوايا!
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الرئیس المکل ف الرئیس المکلف مجلس النواب

إقرأ أيضاً:

جبالي: قانون العمل من الإنجازات التشريعية التي تمس قطاعا عريضا من المواطنين

قال المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب عقب الموافقة على مشروع قانون العمل الجديد: الآن، وبعد أن انتهينا من أخذ الرأي النهائي على هذا المشروع بقانون، والذى يعد من مشروعات القوانين الهامة التي تمس قطاعا عريضا من المواطنين.

وأضاف جبالي: عليكم جميعاً أن تفخروا بما أنجزه هذا المجلس الموقر من مشروعات قوانين على مدار أدوار انعقاد هذا الفصل التشريعي، خاصة دور الانعقاد الحالي الذى شهد إنجازات عديدة في مجال التشريع، وآخرها هذا المشروع بقانون وقبله بوقت قليل مشروع قانون تنظيم المسئولية الطبية وحماية المريض، والذى أظهر بجلاء قدرة أعضاء المجلس على التوفيق بين جميع الأطراف المتداخلة والمعنية به سواء الحكومة، أو وزارة الصحة، أو نقابة الأطباء أثناء المناقشات.

واختتم قائلا: وما زال مجلسكم الموقر ــ في الأيام القادمة ــعاقداً العزم على العمل على قدم وساق، من أجل أداء دوره التشريعي، بجانب الدور الرقابي، بما يحقق صالح الوطن والمواطن.

اقرأ أيضاًرئيس مجلس النواب يهنئ الشعب المصرى بمناسبة الأعياد والمناسبات الرسمية

موعد ومكان جنازة عضو مجلس النواب سعداوي راغب ضيف الله

رئيس مجلس النواب يُطالب الحكومة بتفنيد ملاحظات الأعضاء على الحساب الختامي

مقالات مشابهة

  • عاجل - اتصال هاتفي بين الرئيس السيسي ونظيره الرواندي.. تعزيز التعاون الثنائي ومناقشة قضايا حوض النيل وأوضاع وسط إفريقيا
  • الرئيس السيسي ورئيس رواندا يبحثان سبل تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين
  • عاجل:- الرئيس السيسي يبحث مع رئيسة البرلمان السلوفيني سبل تعزيز التعاون الثنائي وتطورات الأوضاع في غزة
  • الصحة النيابية:تعديل لقانون مكافحة المخدرات لحظر المواد التي تدخل في صناعة المخدرات
  • الخارجية النيابية العراقية ترد على الرئيس اللبناني: قليل الخبرة
  • الأمن النيابية: السوداني يبرم إتفاقيات اقتصادية وأمنية مع تركيا وهي محتلة العراق
  • رفع جلسة اللجان النيابية المشتركة إلى الرابعة بعد الظهر
  • العصائب:الإتفاقيات التي أبرمها السوداني مع تركيا باطلة وضد سيادة العراق
  • جبالي: قانون العمل من الإنجازات التشريعية التي تمس قطاعا عريضا من المواطنين
  • لجنة المالية النيابية تلتقي محافظ المركزي لبحث إصلاحات اقتصادية