بغداد اليوم- متابعة

كشف تقرير حديث، عن وجود 25 دولة بينها العراق تعاني من معضلة "الإجهاد المائي الشديد" وتحديدا في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، كاشفا أن بلدان المنطقة أكثر عرضة لمخاطر ندرة المياه خلال السنوات المقبلة.

وكشفت بيانات "المعهد العالمي للموارد"، أن نسبة 83 بالمئة من سكان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يتعرضون لضغط مائي كبير فيما توجد خمس دول عربية على رأس قائمة الدول الأكثر معاناة من "إجهاد مائي شديد".

وأفاد التقرير، الصادر وسط الأسبوع، أن ربع سكان العالم يواجهون سنويا "إجهادا مائيا مرتفعا"، ويتوقع أن يتأثر منه مليار شخص إضافي بحلول عام 2050، إذا لم يتم التدخل لحلحلة المشاكل المرتبطة بتدبير الماء واستباق الوصول إلى مرحلة الأزمة.

أسباب الإجهاد المائي

ويقيس المعهد العالمي "معدل الإجهاد المائي" بحساب نسبة الطلب على المياه في مقابل العرض المتجدد منها (المياه)، إلى جانب نسبة التنافس على الموارد المحلية للماء؛ وكلما كانت الفجوة بين العرض والطلب أصغر، كلما كان البلد أو المنطقة أكثر عرضة لنقص المياه. 

ويقول التقرير إن البلدان التي تواجه "إجهادا مائيا شديدا" هي التي تستخدم ما لا يقل عن 80 بالمئة من إمداداتها المتاحة، ويعني "الإجهاد المائي المرتفع" أنها (البلدان) تستخدم 40 و80 بالمئة من الإمكانيات المائية المتاحة.

وأوضحت الدراسة أن الطلب على المياه في جميع أنحاء العالم يتجاوز العرض المتاح، لافتة إلى تضاعف الطلب عليه سنة بعد أخرى منذ عام 1960.

ويربط المصدر ذاته الضغط المتزايد على الموارد المائية، بتزايد سكان كوكب الأرض وارتفاع أنشطة الزراعة والفلاحة وارتفاع إنتاج الطاقة والتصنيع، في مقابل نقص الاستثمار في البنيات التحتية الخاصة بالحفاظ على المياه، إضافة إلى العمل بسياسات غير مستدامة.

كما يشير إلى أن التغيرات المناخية تؤدي بدورها إلى تقليل حجم الإمدادات المائية المتاحة واستنزاف مواردها، في مقابل  ضعف الاستثمار في البنية التحتية للمياه (إنشاء السدود وعمليات نقل المياه) وسياسات الاستعمال غير المستدام للمياه أو التقلبات المتزايدة بسبب تغيرات المناخ.

ويبرز التقرير أنه بدون تدخل مناسب، من خلال الاستثمار في البنية التحتية للمياه وتحسين إدارة الماء، سيستمر الضغط المائي في التفاقم، لا سيما في الأماكن ذات النمو السكاني والاقتصاديات السريعة.

بين الشديد والمرتفع

وتُظهر بيانات التقرير أن 25 دولة، معظمها من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تتعرض حاليا لإجهاد مائي شديد كل سنة، حيث يواجه 83 بالمئة من سكان المنطقة مشاكل تتعلق بتوفر المياه.

وجاء في لائحة الدول الـ25، بلدان البحرين والكويت ولبنان وعمان وقطر، متبوعة بالإمارات والسعودية، ومصر وليبيا واليمن والأردن وتونس والعراق ثم سوريا.  فيما جاءت دول المغرب والجزائر في قائمة "الدول ذات الإجهاد المائي المرتفع"

وحذر التقرير من أن استمرار الأوضاع الحالية بالدول المذكورة، يعني أن 100 بالمئة من سكانها سيعيشون مع إجهاد مائي مرتفع للغاية بحلول عام 2050.

وأشار التقرير إلى أن الإجهاد المائي في هذه البلدان "ناتج في الغالب عن انخفاض العرض"، مقترنا بارتفاع الطلب من الاستخدام المنزلي والزراعي والصناعي.

ولفت إلى أن المشاكل الحالية لا تؤثر فقط على المستهلكين والأنشطة الاقتصادية التي تعتمد على المياه بل أيضا على الاستقرار السياسي في المنطقة، إذ يشير التقرير إلى أن تفاقم الإجهاد المائي من شأنه أن يتسبب في اندلاع توترات.

حلول مقترحة

ويقترح المعهد مجموعة من الآليات والحلول في مواجهة هذه المشكلة المؤرقة، تتمثل أساسا في الحفاظ على الأراضي الرطبة والغابات، واعتماد تقنيات ري أكثر كفاءة مثل الري بالتنقيط في المجال الفلاحي، إضافة إلى تركيز صناع السياسات على مصادر طاقة لا تعتمد بشكل كبير على المياه، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

في هذا الجانب، يرى العضو بمركز "طقس العرب"، جمال موسى أن طبيعة المنطقة العربية التي تتميز بمناخ صحراوي وشبه صحراوي تطبعه قلة التساقطات والجفاف والتصحر، يستدعي "الانتباه والتعامل بجدية مع مشكل ندرة المياه" التي تعاني منه أساسا دول المنطقة.

ويضيف موسى في تصريح صحفي، أن عوامل عديدة وراء الأوضاع المائية المقلقة التي تعيشها دول المنطقة، والتي ترتبط أساسا بحسبه إلى "مشاكل التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة التي تؤدي إلى زيادة التبخر وانخفاض منسوب مستوى المياه في الأنهار والسدود، بالإضافة إلى تراجع الموارد المائية الجوفية بسبب الاستنزاف".

ويلفت الخبير الأردني إلى أن نقص التساقطات المطرية يساهم بدوره في تأزيم الوضع وحدوث ما يسمى الإجهاد المائي، بحيث تكون كمية المياه منخفضة وغير كافية للأنشطة الإنسانية مثل الزراعة والاستعمالات المنزلية.

الحلول الممكنة

ويشدد موسى على ضرورة وضع حلول استعجالية لمواجهة أزمة التغيرات المناخية التي تسرّع من أزمة الماء وتفاقمها.

ودعا إلى "تبني سياسات التحول الطاقي نحو الطاقات النظيفة والمتجددة، بالإضافة إلى العمل على سياسات تحلية مياه البحر وبناء السدود لتجميع المياه".

ويشدد موسى على ضرورة ترشيد الاستهلاك المنزلي للمياه أو أيضا الصناعي والزراعي، من خلال ابتكار تقنيات جديدة تساهم في توفير المياه والتقليل من آثار التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة.

من جانبه، يرى الخبير البيئي المغربي، عبد الرحيم الكسيري، أن تقرير المعهد يسلط الضوء على ضرورة اتخاذ خطوات إجرائية لمواجهة النقص المتزايد في الثروات المائية، خاصة في ظل الأوضاع المناخية التي يشهدها العالم اليوم، مع تسجيل درجات حرارة قياسية وتبخر قياسي.

ويضيف الكسيري في تصريح صحفي، أن المياه مورد مشترك بالتالي على دول المنطقة إعادة التفكير في الخيارات الاستراتيجية التي تتبناها في مواجهة هذه المعضلة، مشيرا إلى أن عددا من الدول لا تتحرك إلا في أوقات الأزمة في ظل غياب كلي لقرارات استباقية تستبق الوقوع في الأزمة.

ويوضح الخبير البيئي، أن تحرك الدول التي تعاني من مشاكل الماء يجب أن يركز على وضع استراتيجيات وسياسات مستدامة ومدمجة، تضع المورد المائي الحيوي في قلب اختياراتها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وذلك لتفادي أي تأثيرات سلبية بعيدة المدى.

وإضافة إلى الإجراءات التي اقترحها جمال عيسى، يشدد الكسيري على ضرورة تبني "الحلول المبنية على الطبيعية"، والتي تعني الإدارة المستدامة واستخدام الطبيعة في معالجة التحديات الاجتماعية والبيئية، وفي مواجهة تحديات التغير المناخي، وضمان الأمن المائي والغذائي.

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: الإجهاد المائی على المیاه بالمئة من على ضرورة إلى أن

إقرأ أيضاً:

تحقيق: امريكا قد تواجه قريبا تهديدا أقوى من الأسلحة النووية


وأظهر تحقيق الصحيفة -حسب تقرير مشترك بين باحثين في مجال البيولوجيا- أن روسيا قامت بإعادة فتح وتوسيع مجمع عسكري ومختبري، كان يستخدم أثناء الحرب الباردة لتسليح الفيروسات التي تسبب الجدري والإيبولا وأمراضا أخرى، كما أن كبار الضباط العسكريين في الصين يكتبون عن الفوائد المحتملة للحرب البيولوجية الهجومية، ووصفها عقيد بارز بأنها طريقة “أكثر قوة وأكثر تحضرا” للقتل الجماعي من الأسلحة النووية، حتى إن كتابا مدرسيا للجيش يناقش إمكانية وقوع “هجمات جينية عرقية محددة”.
ونبه الكتاب إلى أن الاختراقات في تكنولوجيا تحرير الجينات والذكاء الاصطناعي جعلت التلاعب وإنتاج الفيروسات والبكتيريا القاتلة أسهل من أي وقت مضى، بالنسبة للجهات الفاعلة من الدول وغير الدول على حد سواء.
وقدم تفشي مرض كوفيد-19 في ووهان بالصين عام 2019، الذي ربما كان نتيجة تسرب عرضي، إحساسا بالمخاطر، حيث توفي نحو 27 مليون شخص كنتيجة مباشرة وغير مباشرة لهذا الفيروس، في حين أن الباحثين في مختلف أنحاء العالم يعملون على فيروسات أشد فتكا من ذلك الفيروس، وبالتالي يتساءل الكاتب كيف نحقق الردع بالأسلحة البيولوجية؟
وينقل الكاتب عن بعض الباحثين قولهم إن المعاهدات والاتفاقيات وحدها لا تستطيع حل هذه المشكلة، وكذلك نماذج الردع النووي لا تستطيع أن تفي بالغرض تماما، وقد تميل الأنظمة الدكتاتورية إلى إطلاق سلاح بيولوجي إذا كانت واثقة من أن الدول التي تستهدفها ستواجه صعوبة في تحديد مصدر الهجوم، كما أن المهاجمين قد يقومون بتطعيم شعبهم سرا قبل شن أي هجوم.
غير أن الحرب الباردة -حسب التحقيق- تقدم دروسا مفيدة للديمقراطيات التي اختارت التخلي عن الأسلحة البيولوجية، وأهم تلك الدروس أهمية جمع وتحليل المعلومات الاستخبارية المتفوقة، وبالتالي على واشنطن وحلفائها، لكي تنجح عملية الردع، أن يكون لديهم نظام قوي وشامل لتتبع الأبحاث الخطيرة للغاية في جميع أنحاء العالم والقضاء عليها حيثما أمكن، مستفيدة من التقنيات المتطورة للكشف السريع عن مسببات الأمراض الناشئة حديثا، وقياس مستوى تهديدها وتحديد مصدرها بشكل موثوق، سواء كان طبيعيا أو مهندسا.

مقالات مشابهة

  • ما الدول التي يواجه فيها نتنياهو وغالانت خطر الاعتقال وما تبعات القرار الأخرى؟
  • السوداني وبوتين يؤكدان على استقرار أسعار النفط والغاز
  • لحج.. إقرار لجنة لمعالجة الصعوبات التي تواجه المستثمرين
  • مفاوضات "كوب 29" تواجه معضلة التمويل: سباق مع الزمن لإنقاذ الكوكب
  • وزير الري يؤكد أهمية مشروع «برنامج تدريب المياه المصري - الإيطالي.. المعرفة المائية»
  • أمير منطقة تبوك يتسلم التقرير السنوي لهيئة “مدن”
  • تحديات كثيرة تواجه النازحين العائدين إلى ديارهم في شمال العراق
  • تحقيق: امريكا قد تواجه قريبا تهديدا أقوى من الأسلحة النووية
  • وزيرة التنمية المحلية تعرض أمام النواب أولويات العمل لمواجهة التحديات التي تواجه المحليات
  • السوداني:نحن في خدمة التجارة والاقتصاد التركي رغم تخفيضها حصة العراق المائية