سودانايل:
2025-04-25@22:03:32 GMT

أوقفوا خطاب الكراهية وكفَوا عنه

تاريخ النشر: 21st, January 2025 GMT

أوقفوا خطاب الكراهية وكفَوا عنه
أهل الكنابي يستحقون المعاملة بما هو أفضل من ذلك

صديق عبد الهادي*

الآن، وبعد أن أخرجت أثقالها، صعدتْ حرب السودان مدارج عُلا في القبح والانفلات. وقد وقف التوثيق المنجز، حتى الآن، لذلك التصعيد شاهداً واضحاً وفاضحاً. ولكن من بين كل الشواهد يبقى الأبرز هو ذلك الخطاب الذي نشرته حكومة الانقلاب والأمر الواقع في محاولتها النأي بنفسها عما جرى وما زال يجري في منطقة الجزيرة.

إن الأمر المهم الذي يكشف عنه ذلك الخطاب هو ليس محاولة السلطة تبرئة نفسها، وإنما الأهم هو إشارته الضمنية وكشفه للمدى الحقيقي لتلك الفظاعات والتجاوزات التي يمكن أن تكون قد حدثت وبما هو أفظع مما جاء في التوثيقات التي نشرها السودانيون، أنفسهم. وذلك لأن قيادة الجيش، والمليشيات التي حولها، والقوى التي تقف من ورائها لم يُعرف عنهم أبداً، وفيما سبق، بذل الإدانة أو الاعتذار عن ارتكاب أي جرم من الجرائم، لأنهم في الأصل لا يرون في الاعتذار فضيلة أو شيمة من شيم الشجاعة بقدر ما أنه نقيصةٌ! ولذلك فما دفعهم لكتابة ذلك الخطاب، وفي تلك العجلة إنما هو أمر جلل، وبكل تأكيد، سيقف الرأي العام على حقيقته عما قريب.

فالحرب هي الحرب، ولكن أمقتها تلك التي وقودها الكراهية؛ لأنها تجعل من الإنسان حيواناً متفلتاً غير عاقل، بل وآلة عمياء لنشر الموت والدم والدمار ودونما تمييز! هناك حقائق لا بد من إبرازها في شأن هذه الحرب الدائرة الآن وهي أن الكراهية الحادثة الآن، ومهما علا صوتها، فإن من يقومون ببثها ما هم إلا فئة قليلة لا تمثل السودانيين بأي حالٍ من الأحوال!، وأما الحقيقة الأخرى فهي أن منْ هم مستهدفون بتلك الكراهية ليس أهل الكنابي وحدهم، وإن وقع ثقل نتاجها عليهم، وإنما الاستهداف يشمل كل منْ نادى، وينادي بالتعايش السلمي، وبهذه الصفة يضحى السودانيون وبجمعهم هم الهدف المشروع والأساس لتلك الكراهية!.

يعتقد ممارسو الكراهية بأن أهل الكنابي هم الحلقة الأضعف في منطقة الجزيرة، فلذلك يجب البدء بهم؛ ومن ثم الانتقال إلى الأقل ضعفاً، وتسير هكذا رحلة صعود وحش الإرهاب في سبيل التهام الجميع بمن فيهم أولئك الواهمون الذين يعتقدون بأنهم في مأمن منه طالما كانوا في حرز “القبيلة”! أو كما هم يزعمون!.

إن الإرهاب لا يعرف الحدود، لأنه كلما صعد في سلم التوحش كلما تدنى وانحدر في درج الأخلاق وتسفَّل. فاليوم أهل الكنابي، وغداً قوى الثورة، وبعدها شباب المقاومة، هذا إن لم يكن قد ولغ في دمائهم ومنذ الأمس!.

إن أهل الكنابي لا يحتاجون تزكية من أحد، فقد اندمج الغالب الأعظم منهم في حياة الناس في الجزيرة لأكثر من مئة عام، أي بقدر حياة المشروع، وساهموا في تعضيد التنوع والتعايش السلمي الناتج عن ذلك التنوع. ومثلهم وأي مجموعة أخرى من أهل الجزيرة، فمنهم من دخل الحركة الإسلامية، ومنهم دخل الأجهزة الأمنية، بل ومنهم منْ مارس التعذيب تحت إمرة الحركة الإسلامية، ومنهم منْ عاضد الحركات المسلحة، ومنهم منْ انتمى إلى الجنجويد، وكذلك منهم من انتمى إلى الثورة، ونافح عن شعاراتها، فإذا كان هناك من مجموعةٍ إثنية، ولو واحدة، لم تشهد هذه الانتماءات، ولم تعرفها بين أبنائها وبناتها، فلترم ِ أهل الكنابي بحجر!.

لا أحد يدافع عن مجرم، ولكن الثأر خارج إطار القانون ينطوي على خطورة بائنة، وذلك مما يجعله مرفوضاً ومذموماً في آنٍ معاً، كما، وإن توسل جرائم الأفراد، وبالنتيجة، في سبيل النيل من الجماعة لا يفضي إلى غير أن يكون استهدافاً عنصرياً، وكما هو حادث الآن تجاه أهل الكنابي في الجزيرة.

من سخريات الأقدار التي يشكل سداتها ولحمتها التحامل العنصري أن استبقى الإسلاميون أهل الكنابي عنوة بين شقي الرحى، فحينما كان الجنجويد أصدقاء لنظام الإسلاميين لاحق الإسلاميين أهل الكنابي بفرية الانتماء الجماعي للحركات المسلحة، ودفعوهم الثمن غالياً، وحين تغلَّب صراع المصالح، وأفضى لإعادة الاصطفاف من خلال الحرب والدم، وأصبحت الحركات المسلحة صديقة وقوات الجنجويد عدوة تمَّ الإلحاق الجمعي لأهل الكنابي بالجنجويد وبجريرة “التعاون”! ومن ثمَّ كان العقاب الجماعي لا الفردي، بالإهانة والإذلال والحرائق، بل وبالذبح!

إن تقلُّب أحوال أهل الكنابي المأساوي في جحيم التصنيف الجزافي المستمر لم يكن واقعاً محتوماً وفقاً للأقدار بقدر ما أنه كان واقعاً مصنوعاً عن سبق الإصرار، بل ومختلقاً بفعل الكراهية!

إن منطقة الجزيرة هي منطقة إنتاج، وقد قامت بذلك الدور وعن كفاءة لمدة سبعين عاماً إلى أن جاءت سلطة الإسلاميين، وتراجعت الجزيرة عن أداء ذلك الدور خلال الثلاثين عاماً من حكمهم. وقد انحط الإنتاج، وانحطت كذلك حياة الناس فيها. كان أهل الكنابي جزءاً من تلك المسيرة في ازدهارها وانحطاطها. إن القاعدة الأساس التي أثبتها مشروع الجزيرة هي أن أحد أهم شروط الإنتاج والاستقرار فيه، والتي بُني عليها تأسيسه بدءاً هي قاعدة التنوع، فلقد كان أهل الكنابي جزءاً من كل ذلك، أي كانوا منتجين. ولكن خطاب الكراهية لا ينظر إلى مثل هذه الحقائق، بل ويتغاضاها العنصريون عن عمد.

إن طرفي الحرب هما المسؤولان عن كل تلك الجرائم الوحشية التي يندى لها الجبين، والتي حدثت في منطقة الجزيرة بشكل عام، واستهدفت أهل الكنابي بشكل خاص.

إنه، وكما قالوها من قبل لأهل دارفور “لن تكونوا وحدكم”، يقولها أهل السودان الآن ومرة أخرى لأهل الجزيرة وبمنْ فيهم أهل الكنابي “لن تكونوا وحدكم” في مواجهة هذه الكراهية.

إن وقف حملة الكراهية التي تستعر الآن مرتبط ولحد كبير بالعمل لأجل وقف هذه الحرب الظالمة التي لم توفر شيئاً لم تمتحن الناس فيه. إنها حربٌ مزرية، وليس هناك من سبيل لاجتيازها بغير رفض خطاب الكراهية الذي تحاول كل القوى المستفيدة من استمرارها تسويقه. إن رفض هذا الخطاب يمثل ضرورة، لأنه سيجرد أعمال العنف المتفشية الآن من أحد أهم مسوغاتها. فلننتظم جميعاً كسودانيين في التصدي لكل ما شأنه مغذياً للكراهية ومعضداً لها.

إحالة
في مواجهة هذه الموجة من الانفلات آل بعض الكُتَّاب الوطنيين على أنفسهم القيام بمجهودات تنويرية رصينة لأجل نشر الوعي، وللتعريف بأهل الكنابي، إذ عرضوا لتاريخ وجودهم وكذلك لأسباب استهدافهم غير المقبول، وذلك ليس لدفع الظلم عنهم وحسب، وإنما لقطع الطريق أمام أي استهداف آخر قد يهدد حياة مواطنين آخرين من أهل السودان.

ومساهمة في تلك الحملة التي تلقي الضوء على بعض قضايانا الوطنية ارفق للقارئ رابطاً لكتاب “بعض قضايا الاقتصاد السياسي لمشروع الجزيرة”، الذي عالج بعضاً من تلك القضايا المهمة.

رئيس مجلس إدارة مشروع الجزيرة، السابق  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: خطاب الکراهیة منطقة الجزیرة

إقرأ أيضاً:

تفاصيل خطاب الرئيس السيسي في الذكرى 43 لتحرير سيناء

في مناسبة غالية على قلب كل مصري، تحتفل مصر هذا العام بمرور 43 عامًا على تحرير سيناء، تلك البقعة الطاهرة من أرض الوطن التي سطر فيها رجال القوات المسلحة المصرية أروع البطولات في معركة استعادة الأرض من الاحتلال الإسرائيلي. وبتوجيه خطاب في هذه الذكرى، حمل الرئيس عبدالفتاح السيسي رسائل قوية حول السيادة الوطنية لمصر، وثبات الموقف المصري في دعم القضية الفلسطينية، ومواصلة السعي لتحقيق التنمية الشاملة في كافة أنحاء البلاد.
وفي كلمته، أعاد الرئيس التأكيد على أن الدفاع عن أرض سيناء جزء لا يتجزأ من عقيدة المصريين، مشددًا على أن حماية أرض الوطن تظل من أولويات الأمن القومي المصري. كما وجه السيسي رسالة حاسمة للمجتمع الدولي، معلنًا أن السلام العادل والشامل في المنطقة لا يتحقق إلا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. فيما يلي نستعرض أبرز الرسائل التي حملها خطاب الرئيس السيسي بمناسبة الذكرى الـ43 لتحرير سيناء.

 

سيناء جزء لا يتجزأ من أرض مصر

 

افتتح الرئيس السيسي كلمته بالتأكيد على أن أرض سيناء جزء لا يتجزأ من أرض مصر، مشيرًا إلى أن الدفاع عنها يعد عهدًا لا رجعة فيه. وأكد أن هذه الحقيقة ترسخت في وجدان المصريين جيلًا بعد جيل، وجعلها جزءًا من عقيدتهم الوطنية التي لا تقبل المساومة أو التفريط. كما وصف ملحمة تحرير سيناء بأنها واحدة من أروع البطولات التي خاضها المصريون، الذين قدموا دماءهم فداء لهذه الأرض المقدسة.

 

التضحية والشجاعة في الدفاع عن الأرض

 

 

أشاد الرئيس السيسي في خطابه بشجاعة وبسالة القوات المسلحة المصرية التي قدمت الشهداء في معركة تحرير سيناء، وأكد أن هذه التضحيات كانت بمثابة درس للأجيال القادمة حول أهمية الدفاع عن الوطن. كما أشاد بدور رجال الشرطة المدنية في مكافحة الإرهاب في سيناء، معتبرًا أن معركة الأمن هناك كانت مثالًا على التضحية الوطنية المتواصلة من أجل سلامة مصر.

 

الدبلوماسية المصرية

 

كما تطرق الرئيس السيسي إلى الدبلوماسية المصرية التي أثبتت قدرتها على انتزاع الحقوق الوطنية عبر الإرادة والعلم، حيث أشاد بنجاح مصر في تحكيم طابا دوليًا واستعادة السيادة على هذه الأرض. وأكد السيسي أن هذا المثال أصبح نموذجًا رائدًا في سجل الانتصارات الوطنية، التي تثبت قدرة مصر على المطالبة بحقوقها والوقوف في وجه التحديات الدولية.

 

مصر والرفض القاطع للتصفية الفلسطينية

 

فيما يتعلق بالوضع الفلسطيني، أكد الرئيس السيسي أن مصر تقف سدًا منيعًا ضد محاولات تصفية القضية الفلسطينية، معلنًا رفض مصر القاطع لأي تهجير للفلسطينيين من أراضيهم. وشدد على أن إعادة إعمار غزة يجب أن تتم وفقًا للخطط العربية الإسلامية، ورفض أي حلول تقتطع من حقوق الفلسطينيين. وأضاف السيسي أن السلام العادل والشامل لن يتحقق إلا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفقًا لقرارات الشرعية الدولية.

 

 وحدة شعب وجيش

 

أوضح الرئيس السيسي أن مصر ستظل عزيزة النفس وشديدة البأس بفضل وحدة شعبها وبسالة جيشها، مؤكدًا أن الشعب المصري أثبت من خلال رؤيته الواعية وإدراكه العميق لأبعاد التحديات التي تواجهه، أنه جبهة داخلية متماسكة لا يمكن التلاعب بها. كما أكد على أن مصر ستظل محفوظة بحكمة شعبها وقوة جيشها، ومؤكدًا أن الحق سيظل حاضرًا ومرفوضًا لأي نوع من الظلم.

 

التنمية المستدامة

 

أشار الرئيس السيسي في ختام خطابه إلى أن تحقيق التنمية في مصر لا يقل أهمية عن الدفاع عن الأرض، موضحًا أن مصر اليوم تشهد جهودًا غير مسبوقة لتحقيق نهضة شاملة من خلال مشروعات تنموية تسعى إلى بناء مصر الحديثة بالشكل الذي يستحقه المواطن المصري وأكد أن العمل على مستقبل أفضل لمصر لا يتوقف، ويستمر مع كافة أبناء الشعب المصري في جميع المجالات.

 

مقالات مشابهة

  • توضيح للرأي العام حول ما تتناقله الوسائط من خطاب اللواء كيكل بشأن مشروع الجزيرة
  • خطاب يفوز على خان شيخون في مباراة ودية بكرة القدم
  • أرضنا لا تقبل المساومة| رسائل الرئيس السادات من الكنيست بلسان الحاضر.. ماذا قال؟
  • تفاصيل خطاب الرئيس السيسي في الذكرى 43 لتحرير سيناء
  • مسامرة «موضوعها مصطفى» مع الراحل خطاب حسن أحمد
  • عوامل نهوض الأمة في مواجهة الأعداء من منظور خطاب السيد القائد
  • ريتشارد غير يُناشد العالم بقصيدة لمحمود درويش: أوقفوا إطلاق النار في غزة
  • قصة التوتر التي تحدث الآن بين الهند وباكستان
  • بعد تهديد واشنطن.. بريطانيا: أوكرانيا هي التي تقرّر مستقبلها.
  • أوقفوا النزيف.. أوروبا تطالب بإنقاذ غزة دون شروط