“خطورة الميليشيات الإسلامية المسلحة: بين إرث الماضي وتحديات المستقبل”
تاريخ النشر: 21st, January 2025 GMT
كل ما يجري في السودان اليوم هو نتيجة مباشرة لصنيع قادة الحركة الإسلامية الذين يتحملون مسؤولية كبرى عن الانتهاكات المرتكبة من قبل طرفي القتال. هذه الأزمة التي تفاقمت منذ عام 1989، تعتبر تجسيدًا لعقود من البراغماتية السياسية للإسلاميين، حيث قادت مغامراتهم للاستيلاء على السلطة البلاد إلى شفا الانهيار.
لقد بدأت ملامح عدم التعافي السياسي مع حادثة معهد المعلمين في الستينيات، والتي رسّخت وجود الإسلاميين في المشهد السياسي بدعم من قوى حزبية مدنية تعرضت للمزايدة والإرهاب.
الإسلام السياسي وجذور الأزمة
منذ استقلال السودان، هيمنت قضايا الإسلام السياسي على المشهد، مما استنزف طاقة النخبة السياسية وأدخل المجتمع في دوامة من التشظي والانقسام. أما ظهور الحركة الإسلامية في السلطة عبر انقلاب 1989، فقد عمّق الصراعات السياسية والاجتماعية وأوصلها إلى مستوى غير مسبوق من التعقيد.
وبرغم سقوط نظام الإنقاذ، فإن الإسلاميين استمروا في التحكم بمفاصل الدولة من خلال اختراق القوات النظامية، وتحويل الخدمة المدنية إلى أدوات لخدمة أجندتهم. تساهلت حكومة الفترة الانتقالية في معالجة إرث المشروع الحضاري، مما سمح للإسلاميين بإعادة تنظيم صفوفهم والتخطيط لاستعادة السلطة.
الميليشيات الإسلامية في المشهد الحالي
في ظل الحرب الحالية، تسعى الميليشيات الإسلامية المسلحة لإعادة تموضعها في المشهد السياسي. تنظيمات مثل "البراء بن مالك" تُذكرنا بسنوات ازدهار داعش في الشرق الأوسط، حيث تمارس الأساليب ذاتها من الترهيب والقتل والتطرف الدموي.
ما يثير القلق هو أن هذه الميليشيات تُسهم في استدامة الحرب بممارسات تعيدنا إلى زمن استبداد الإسلاميين في عهد المؤتمر الوطني. تلك الحقبة شهدت تعذيب المعارضين، واغتصاب النساء، وقمع الحريات، وهي ذات السياسات التي تسعى هذه الجماعات لتكرارها تحت مسميات جديدة.
التحدي الديمقراطي
النخبة السودانية المستنيرة تواجه اليوم تحديًا وجوديًا: إما بناء سودان موحد وديمقراطي، أو الخضوع لهيمنة الإسلاميين ومتطرفيهم. إن بروز تيارات داعشية جديدة داخل الحرب يعكس خطرًا كبيرًا يتمثل في تحول السودان إلى بؤرة للإرهاب والتطرف.
ولذلك، فإن تشكيل رأي عام مدني وديمقراطي قوي، يعارض استمرار الحرب ويدعم السلام الشامل، يمثل السبيل الوحيد لمنع السودان من الوقوع في قبضة التطرف مرة أخرى.
الحرب الحالية ليست سوى حلقة جديدة في مسلسل الصراع الذي قادته الحركة الإسلامية منذ عقود. إذا لم تُتخذ خطوات حاسمة لإنهاء الحرب، وتفكيك البنية الفكرية والتنظيمية للإسلام السياسي، فإن مستقبل السودان سيظل رهينة لمشاريع متطرفة تهدد وجوده كدولة حرة ومستقلة.
زهير عثمان
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
والي غرب كردفان يشيد بجهود منظمة “الإغاثة الإسلامية عبر العالم” ويدعو لمزيد من الدعم الإنساني
ثمن والي ولاية غرب كردفان اللواء الركن (م) حقوقي محمد آدم جايد، الدور الكبير الذي تضطلع به منظمة “الإغاثة الإسلامية عبر العالم” في الولاية، خاصة في مجالي الإمداد المائي والرعاية الصحية. وأشار إلى إسهاماتها الملموسة في توفير الأدوية وتأهيل الكوادر الطبية، إلى جانب تدخلاتها المستمرة رغم ظروف الحرب الراهنة.جاء ذلك خلال اجتماع عقد الثلاثاء بمكتب والي غرب كردفان بمدينة النهود، العاصمة الإدارية للولاية، بحضور كل من المدير المناوب لوزارة البنى التحتية والتنمية العمرانية المهندس معشي لازم معشي، ومدير مكتب المنظمة مكتب غرب كردفان الأستاذ مجاهد شعيب، إلى جانب مفوض العون الإنساني بالولاية الأستاذ الجيلي الهادي.وأوضح جايد أن اللقاء قدم تنويراً عن تدخلات المنظمة التي تمت مؤخرا والتنسيق للتدخلات المرتقبة في قطاع الإمداد المائي بالولاية.وأبدى الوالي ارتياحه للجهود التي قدمتها المنظمة في مجال الصحة، لا سيما في جانب الإمداد الدوائي، مشيراً إلى جهودها في تركيب أنظمة طاقة بديلة بعدد من المرافق الصحية بمدينة النهود.ودعا كافة المنظمات الوطنية والدولية إلى تعزيز وجودها وتكثيف تدخلاتها الإنسانية في غرب كردفان، نظراً للظروف الحرجة التي تمر بها الولاية والحاجة الملحة لتحسين الخدمات الأساسية.وفي سياق آخر، وحيا الانتصارات التي تحققها القوات المسلحة والقوات المساندة في معركة الكرامة، معبراً عن تفاؤله بقرب وصول (متحرك الشهيد الصياد) لتطهير الولاية وبقية أنحاء البلاد من مليشيا الدعم السريع المتمردة.من جانبه كشف مفوض العون الإنساني بالولاية الأستاذ الجيلي الهادي أحمد الحبيب، عن تأهيل منظمة الإغاثة الإسلامية عدد ثلاث آبار مياه ضمن نطاق حوض النهود الجوفي، إلى جانب مساهمتها في تأهيل عدد من المرافق الصحية بمستشفى النهود المرجعي ومستشفى النهود التعليمي، ودعم بعضها بالطاقة الشمسية.وأشار الجيلي إلى أن هذه التدخلات جاءت استجابة للضغط السكاني المتزايد نتيجة لنزوح أكثر من 72 ألف أسرة، منها أكثر من 29 ألف أسرة بمدينة النهود، جراء الانتهاكات التي ترتكبها مليشيا الدعم السريع.وفي ختام حديثه عبر الجيلي عن شكره وتقديره باسم مفوضية العون الإنساني ووزارتي الصحة والبنى التحتية لمنظمة الإغاثة الإسلامية، مؤكداً أهمية الشراكة معها لمواجهة التحديات الإنسانية وتعزيز الخدمات الصحية والمائية في الولاية.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب