في خطاب دونالد ترامب بعد أدائه اليمين الدستورية كرئيس للولايات المتحدة، قدم رؤية سياسية واجتماعية واقتصادية تُظهر عودة إلى شعاراته القومية والشعبوية التي كانت محور حملته الانتخابية. الخطاب اتسم بالحدة في الطرح، والتركيز على قضايا رئيسية تلبي احتياجات قاعدته الانتخابية، بينما يوجه رسائل قوية للحلفاء والخصوم على السواء.
ركز ترامب على ما وصفه بـ"تطهير الحكومة" من الفساد المؤسسي، مشيرًا إلى أن النظام القائم قد أضعف الثقة بين الدولة والمواطن. تأكيده على إنهاء "تسليح وزارة العدل" يعكس رغبته في إعادة تعريف العلاقة بين السلطات التنفيذية والقضائية. هذه اللهجة قد تكون محاولة لاستعادة الثقة الشعبية بعد ما وصفه بالملاحقات السياسية ضد معارضيه، لكنها في ذات الوقت تثير مخاوف بشأن استقلاليةالمؤسسات
إعلان حالة الطوارئ على الحدود الجنوبية يؤكد التزام ترامب بسياساته المناهضة للهجرة غير الشرعية، التي يعتبرها تهديدًا للأمن القومي. تصنيف الكارتلات كمنظمات إرهابية يمثل تصعيدًا نوعيًا في التعامل مع الجريمة المنظمة العابرة للحدود. هذه الإجراءات تهدف إلى طمأنة الطبقة العاملة، التي ترى في الهجرة غير الشرعية تهديدًا مباشرًا لوظائفها وأمنها الاقتصادي.
تحدث ترامب عن مواجهة التضخم عبر تعزيز الإنتاج المحلي للنفط وإلغاء التفويضات المرتبطة بالسيارات الكهربائية، مما يعكس رغبة في إعادة تشكيل سياسة الطاقة الأمريكية بعيدًا عن الضغوط البيئية. هذه الإجراءات قد تحقق مكاسب اقتصادية قصيرة المدى، لكنها تصطدم بتحديات طويلة الأمد تتعلق بتغير المناخ والعلاقات التجارية مع الدول الداعمة للطاقة النظيفة.
خطته لإنشاء "مصلحة الإيرادات الخارجية" تعكس توجهًا قوميًّا لفرض رسوم جمركية عالية على الدول الأخرى بهدف حماية الصناعة الأمريكية. هذه السياسة، وإن بدت مغرية لجمهور الداخل، تحمل خطر إشعال حروب تجارية مع الشركاء الدوليين، مما قد يؤثر سلبًا على التجارة العالمية.
تصريحات ترامب بشأن قناة بنما وتغيير اسم خليج المكسيك إلى "خليج أمريكا" تعكس رغبة في استعراض القوة وإعادة التأكيد على الهيمنة الأمريكية. هذه التحركات قد تلقى دعمًا داخليًا من القوميين، لكنها ستثير انتقادات دولية بسبب ما قد يُعتبر نهجًا استبداديًا في التعامل مع الشؤون الخارجية.
تعهد ترامب بإرسال رواد فضاء أمريكيين إلى المريخ يعكس طموحًا لإعادة تأكيد الهيمنة الأمريكية في استكشاف الفضاء. هذه الخطوة، رغم رمزيتها، تحمل أهمية استراتيجية في سباق الفضاء مع الصين وروسيا.
يُظهر خطاب ترامب تركيزًا على إعادة بناء ما يسميه "أمريكا القوية"، عبر سياسات وطنية تعتمد على تعزيز الاستقلال الاقتصادي، وتشديد الأمن القومي، واستعراض القوة دوليًا. ومع ذلك، فإن خطابه لا يخلو من التحديات، إذ قد تؤدي سياساته إلى تعميق الانقسامات الداخلية، وإثارة توترات دولية جديدة. ترامب يبدو عازمًا على إحداث تغيير جذري، لكن النجاح في تحقيق رؤيته يعتمد على قدرته على التوفيق بين شعاراته الانتخابية ومتطلبات الحكم في عالم متعدد الأقطاب.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: دونالد ترامب خطاب دونالد ترامب ترامب اليمين الدستورية الزاد حدة ترامب الفساد المؤسسي منظمات إرهابية الطاقة الأمريكية خليج أمريكا خليج المكسيك قناة بنما
إقرأ أيضاً:
روسيا تعرب عن اندهاشها من التغيير الهائل في السياسة الأمريكية
أعرب مسؤول روسي كبير، عن اندهاش بلاده من "التغيير الهائل" في السياسة الأمريكية تجاه موسكو، مرحبا بما وصفه النهج "البراغماتي عوضا عن العدائي".
ويأتي تصريح المسؤول الروسي بعد أن شن نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديميتري ميدفيديف، الجمعة، هجوماً لاذعاً على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قائلاً إنه حصل على "صفعة مناسبة".
وبحسب صحيفة "واشنطن بوست"، قال مسؤول كبير في الكرملين، إن "موسكو اندهشت من التغيير الهائل منذ تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة".
لكن المسؤول حذر من أن أي صفقات بين روسيا والولايات المتحدة تبقى احتمالات، وليست بالضرورة خططا وشيكة.
هدية للكرملينوأضاف: "قال ترامب إن أمريكا قد تكون مستعدة للحديث عن رفع العقوبات. ولكن فقط بعد التسوية السلمية"، في إشارة إلى محادثات السلام المزمعة حول الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
يأتي ذلك، بعد نقاش حاد شهده البيت الأبيض بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونائبه جي دي فانس من جهة، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من جهة أخرى.
وقالت الصحيفة، إن "انفجار المكتب البيضاوي الأسبوع الماضي، والذي اتهم فيه نائب الرئيس جي دي فانس زيلينسكي بعدم الامتنان الكافي للدعم الأمريكي وحذر ترامب من أن رفضه التسوية مع بوتين هو المقامرة بالحرب العالمية الثالثة، يُنظر إليه هنا (في روسيا) على أنه هدية للكرملين".
ونقلت الصحيفة أيضا، عن أكاديمي روسي مقرب من كبار الدبلوماسيين الروس قوله، إن "وزارة الخارجية منقسمة حالياً بين أولئك الذين لن يثقوا أبداً بالأمريكيين وأولئك الذين يرون فرصة تاريخية لاستعادة الحوار، والتحضير السريع للقمة والحصول على النتائج".
وفي وقت سابق، أعلن الكرملين أن "التحول الكبير" الذي شهدته السياسة الخارجية الأمريكية تجاه روسيا تماشى إلى حد كبير مع رؤيته.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف لمراسل من التلفزيون الرسمي، إن "الإدارة الجديدة تغير بسرعة جميع إعدادات السياسة الخارجية. وهذا ينسجم إلى حد كبير مع رؤيتنا".
وأضاف "لا يزال الطريق طويلا، لأن هناك أضراراً جسيمة لحقت بالعلاقات الثنائية بأكملها. لكن إذا تواصلت الإرادة السياسية، للرئيسين بوتين وترامب، فإن هذا المسار يمكن أن يكون سريعا وناجحا للغاية".