الجزيرة:
2024-09-28@16:20:25 GMT

ما وراء النشاط الأميركي الجديد في الشرق الأوسط

تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT

ما وراء النشاط الأميركي الجديد في الشرق الأوسط

توصلت واشنطن وطهران في وقت سابق من هذا الشهر إلى صفقة لمبادلة سجناء إيرانيين في الولايات المتحدة بسجناء أميركيين لدى إيران، والإفراج عن مليارات الدولارات من الأموال الإيرانية المجمدة في الخارج. بعد فترة وجيزة من الإعلان عن الصفقة، ذكر مسؤولون أميركيون أن إيران أبطأت بشكل كبير وتيرة تكديسها لليورانيوم المخصب الذي يُستخدم في صنع الأسلحة، وخفضت بعض مخزوناتها فيما يبدو أنّه جزء من الصفقة.

وفي حال اكتمال الصفقة، ستكون هذه الخطوة أول انفراج دبلوماسي بين الطرفين منذ أن وصلت مفاوضات إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني إلى طريق مسدود، وتُظهر رغبتهما الشديدة في الحفاظ على هامش للدبلوماسية لإعادة تنشيط المفاوضات النووية في المستقبل، أو على الأقل تقليل مخاطر استمرار الجمود في المفاوضات النووية على الوضع الراهن الذي يُعتبرهادئًا نسبيا بين البلدين منذ تولي بايدن السلطة. بالتوازي مع هذا الانفراج، تعمل إدارة بايدن بنشاط على مشروع تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل. وحسب تقرير من صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن واشنطن والرياض توصلتا إلى اتفاق على الخطوط العريضة لصفقة تعترف فيها السعودية بإسرائيل مقابل تنازلات للفلسطينيين، وضمانات أمنية أميركية ومساعدات نووية مدنية للمملكة.

يعكس النشاط الأميركي الجديد في الشرق الأوسط رغبة واشنطن في العودة إلى لعب دور مؤثر في ديناميكية السياسات الإقليمية، في وقت يثير فيه تراجع علاقات الولايات المتحدة مع حلفائها في المنطقة شكوكًا حول مستقبل دورها. عندما قام بايدن بأول زيارة للمنطقة في يوليو/تموز العام الماضي، تلك التي شملت السعودية وإسرائيل والأراضي الفلسطينية، كان هدفه الرئيسي هو إقناع ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، بضخ المزيد من النفط في الأسواق العالمية لكبح ارتفاع الأسعار الذي نجم عن الحرب الروسية في أوكرانيا. بعد أكثر من عام على تلك الزيارة، وما شهده الشرق الأوسط من تحولات كبيرة، منها التقارب بين إيران والسعودية وتزايد الانخراط الصيني في المنطقة، يبدو أن بايدن أصبح مقتنعًا بأن التراجع عن دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط قد يجلب مخاطر تفوق المكاسب المتوقعة. ونتيجة لهذه القناعة، بدأت الولايات المتحدة في سلسلة من المبادرات التي تهدف في الغالب إلى تهدئة مخاوف حلفائها الخليجيين بشأن التزامها الأمني في المنطقة، والتعامل مع المخاطر الجديدة التي ظهرت.

يُمكن تلخيص الفوائد المتصورة للتأرجح التركي بثلاث فوائد أساسية:

أولًا: بروز الصين كونها مهددا لمكانة الولايات المتحدة في المنطقة أدى إلى زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ السعودية بعد نحو خمسة أشهر من زيارة بايدن. تضمنت هذه الزيارة اتفاقيات اقتصادية كبيرة بين البلدين، وتمكنت بكين بعد ذلك من رعاية اتفاقية لتطبيع العلاقات بين الرياض وطهران، مما حذرت منه إدارة بايدن بشأن عواقب التراجع في المنطقة. أصبح من الواضح أن بكين رأت في التراجع الأميركي فرصة لإزاحتها كقوة مهيمنة في المنطقة. وعلى عكس واشنطن، التي اعتمد حضورها القوي في الشرق الأوسط لثمانية عقود على تحالفاتها الوثيقة مع قوى فاعلة مثل دول الخليج وتركيا وإسرائيل، فإن الصين تمتلك ميزة إقامة شراكات أوسع تشمل مختلف الفاعلين، وبشكل خاص السعودية وإيران. ثانيًا: التوجه السعودي في ازدياد نحو الصين. مع أن الدور الذي لعبته بكين في التقارب السعودي الإيراني قد يخدم، من منظور إستراتيجي، رغبة الولايات المتحدة في الحد من مخاطر اضطرابات أمنية إقليمية واسعة النطاق، إلا أنه في الواقع يعمل على دفع الرياض إلى تعزيز شراكاتها الناشئة مع الصين وروسيا. بالنظر إلى الأهمية المتزايدة التي كسبتها منطقة الخليج في السياسات الدولية، خصوصًا بعد الحرب الروسية الأوكرانية وعلى صعيد سياسات الطاقة العالمية، فهي تحظى باهتمام خاص في المنافسة الجيوسياسية العالمية. من الفوائد المتوقعة للولايات المتحدة في منح السعودية ضمانات أمنية مستقبلية هو أنها ستعمل كمحفز قوي لإقناع الأمير محمد بن سلمان بعدم المضي قدمًا في تعزيز العلاقات مع بكين وموسكو. ثالثًا: تصاعد مخاطر البرنامج النووي الإيراني. كنتيجة لوصول مفاوضات إعادة إحياء الاتفاق النووي بين طهران والغرب إلى طريق مسدود، عادت إيران مجددًا إلى تسريع عملية تخصيب اليورانيوم، وكذلك تصاعدت مخاطر تطور حرب الظل بين إيران وإسرائيل إلى مواجهة عسكرية، خصوصًا مع عودة بنيامين نتنياهو إلى السلطة. إضافة إلى ذلك، تعتقد إيران أن التراجع الأميركي يشكل لها فرصة لتعزيز نفوذها الإقليمي. أما التعاون العسكري المتنامي بين إيران وروسيا، وهو الذي ساعد موسكو جزئيًا في حربها على أوكرانيا، فقد أظهر أن التعثر في مفاوضات إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني قد يدفع إيران إلى الانخراط الوثيق جنبًا إلى جنب مع روسيا والصين في المنافسة الجيوسياسية العالمية مع الغرب. كل هذه الأسباب دفعت إدارة بايدن مؤخرًا إلى فتح قناة للحوار مع إيران من خلال صفقة تبادل السجناء. يُتوقع أن تشجع هذه الاتفاقية إيران على إبطاء برنامجها النووي والنظر في فوائد الإبقاء على قنوات الاتصال مفتوحة مع الغرب لإعادة إحياء الاتفاق النووي في المستقبل. رابعًا: عودة بنيامين نتنياهو إلى السلطة وتشكيله لأكثر الحكومات تطرفًا في تاريخ إسرائيل لم تؤد فقط إلى زيادة مخاطر الحرب بين إسرائيل وإيران والأعباء الأمنية التي تفرضها على الولايات المتحدة في المنطقة، بل أيضًا أشعلت مخاطر تفجر صراع فلسطيني-إسرائيلي. من الفوائد المتوقعة لعودة الولايات المتحدة إلى ممارسة تأثيرها بقوة على السياسة الإسرائيلية هي التقليل من مخاطر اندلاع حرب مع إيران وتصاعد الصراع مع الفلسطينيين، بالإضافة إلى تعزيز العلاقات العربية-الإسرائيلية الجديدة من خلال إشراك السعودية في اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل. ومن شأن تشجيع التطبيع المحتمل بين الرياض وتل أبيب، بالإضافة إلى التفاعلات القوية بين حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة مثل الخليج وتركيا وإسرائيل، أن يعزز قدرة الحلفاء في المستقبل على الاعتماد على أنفسهم بمشاركة أميركية أقل في إدارة شؤونهم.

في ضوء ذلك، لا يمكن اعتبار النشاط الأميركي الجديد مؤشرا على تغيير جذري في مقاربة الولايات المتحدة لدورها في الشرق الأوسط على المدى البعيد، أو أنه يعكس رغبتها في مواصلة انخراطها بقوة في قضايا المنطقة، بقدر ما يهدف إلى إدارة عملية تخفيف الارتباط مع المنطقة بطريقة تحد من الآثار الجانبية على مصالح الولايات المتحدة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معناوظائف شاغرةترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی فی الشرق الأوسط فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

بعد بريطانيا.. الولايات المتحدة ينشر عشرات الجنود في قبرص لهذا الغرض

نقلت شبكة "سي أن أن" عن مسؤولين أمريكيين قولهم، إن عشرات الجنود الأمريكيين تم نشرهم في قبرص وسط تصاعد حاد في التوترات بين إسرائيل وحزب الله اللبناني.

وبين المسؤولون، أنهم يستعدون لحالات الطوارئ بما في ذلك عملية إجلاء محتملة من لبنان للمواطنين الأمريكيين في حال اندلاع حرب شاملة.

والاثنين، أعلنت الحكومة البريطانية أن نحو 700 جندي بريطاني سينتقلون لقبرص كجزء من خطط الطوارئ في أعقاب التصعيد بين إسرائيل ولبنان.



وذكر وزير الدفاع البريطاني، أن بلاده تواصل حث كل الأطراف على التراجع عن الصراع لمنع المزيد من الخسائر المأساوية في الأرواح.

من جانب آخر، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية، الاثنين، أن الولايات المتحدة سترسل "عددا محدودا" من القوات الإضافية إلى الشرق الأوسط في ظل التوترات المتصاعدة في المنطقة.

وقال السكرتير الصحفي لوزارة الدفاع، الجنرال بات رايدر، للصحفيين، إن المفرزة الجديدة تم إرسالها “في ضوء التوتر المتزايد في الشرق الأوسط، ومن باب الحذر الشديد”.

وأضاف رايدر: “نحن نرسل عددا صغيرا من العسكريين الأمريكيين الإضافيين لتعزيز قواتنا الموجودة بالفعل في المنطقة“.

كما رفض تقديم تفاصيل محددة عن الوحدة الجديدة، رغم أنه أشار إليها على أنها قوات برية.

وأوضح: "من الواضح أن هناك احتمالا لتصعيد هذه العمليات المتبادلة بين إسرائيل وحزب الله، بحيث تخرج عن السيطرة لتصبح حربا إقليمية أوسع نطاقا، ولهذا السبب من المهم للغاية أن نعالج (...) الموقف من خلال الدبلوماسية".



وجاء الإعلان في وقت تزداد المخاوف من اندلاع حرب إقليمية، بعدما قصف طيران الاحتلال مئات الأهداف في لبنان، في ما يعد أعنف تصعيد عبر الحدود منذ نحو عام من تبادل القصف بين الدولة العبرية وحزب الله.

ولدى الولايات المتحدة بالفعل مجموعة من القوات المتمركزة في الشرق الأوسط، بما في ذلك مجموعة حاملة الطائرات يو إس إس أبراهام لينكولن والغواصة الصاروخية الباليستية يو إس إس جورجيا، إلى جانب سرب إضافي من طائرات إف-22 المقاتلة.

مقالات مشابهة

  • بايدن يأمر بتعديل انتشار القوات الأمريكية في الشرق الأوسط
  • عاجل - الولايات المتحدة تعلن تعديل وضع قواتها في الشرق الأوسط.
  • بعد غارة بيروت.. بايدن يوجه البنتاغون بتقييم وضع القوات الأمريكية في المنطقة
  • البيت الأبيض: بايدن وجه بتعديل الانتشار العسكري الأميركي في الشرق الأوسط حسب الضرورة
  • وزير الخارجية الأمريكي يحذر من مغبة استهداف مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط
  • الشرق الأوسط يشوّه إرث بايدن في السياسة الخارجية
  • آخر أيام بايدن.. الدبلوماسية الأميركية تترنح في الشرق الأوسط
  • بعد بريطانيا.. الولايات المتحدة ينشر عشرات الجنود في قبرص لهذا الغرض
  • بايدن يتوقع اندلاع حرب ستؤدي لتغييرا جذريا في المنطقة
  • بايدن يرجح اندلاع حرب واسعة النطاق في الشرق الأوسط ويتحدث عن تغيير جذري في المنطقة