كواعب البراهمي تكتب: الظالمون في النار
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
طلبت استشارة قانونية لتعلم ما هي الحقوق التي يمكن أن تحصل عليها ؟
فقالت لي : لقد تزوجت وعمري ستة عشر عاما وكان معي ابني الأول بعد سنة ، ثم بعد عام أنجبت ابني الثاني .
عمر زواجي لا يتعدى السنة الواحدة رغم كوني متزوجة من تسعة عشر عاما .
قالت كان زوجي يعمل بالخارج. ورأى أهلي أنه مناسب وفرحت به وتزوجنا. و أقمنا مع أهله في بيتهم الكبير .
عاملت أهله وكأنهم أهلي ، كنت أقوم بعمل المنزل ، وفي خدمه والده ووالدته ، وإخوته .
كان ينزل شهر كل عام ،او كل عامين .
ولكنه فاجأني بما لم أكن أتوقعه بعد خدمتي لأهله وتربيتي لأولاده طوال تسعه عشر عاما .
كان يرسل النقود لوالده والذي يصرف على الجميع بما فيهم انا واولادي .
وكانت المفاجأة أنه أرسل لوالده توكيل ليطلقني.
واتبعت ، ما هي حقوقي المالية وغيرها حاليا؟
حقيقة حزنت عليها و سألتها عن سبب الطلاق ، قالت لا أعلم . سألتها هل توجد مشاكل بينها وبين والديه ؟ قالت لا . لم يحدث .
أجبتها حقها يقتصر على نفقة العدة والمتعة ومؤخر الصداق .
ولا أعتقد أن الحكم سيكون منصفا ليعوضها عن ثمانية عشر عاما من عمرها قضتها وحيدة بلا زوج ، وبلا حياة مثل الآخرين ، حيث لا خروج من القرية ولا البيت إلا بإذن . ولا شراء ما تريد فهي تأكل الموجود وتلبس الموجود دون اعتبار لرأيها .
قلت لها ولكن القائمة حقا كاملا . فقالت هي فقط أثنى عشر ألفا منهم ستة آلاف ذهب .
فقلت لها لا بأس سوف ترفع دعوى و نثمن الذهب في الوقت الحالي . ولكن هل ذهبك معك ؟ فقد تقسمين على ذلك فلابد أن تكوني صادقة .
فأجابت لا لن اقسم ، فلقد قمت ببيع ذهبي منذ سنوات وكان للأسف بثلاثين الف جنيه وضعتها وديعه في البنك لكي يكون في يدي مبالغ عندما أريد أن اشترى ما اريد ، أو ارد مجاملة ، أو حتى اذهب للطبيب فلم يكن من حقي المطالبة بأية أموال .
فهم يرون أنني اكل واشرب معهم وكفى .
فما وجدت جوابا غير أن أقول لها عوضك على الله في عمرك . والحمد لله عندك اولاد سيعوضونك . فقالت للأسف الشديد يريدون الأولاد معهم لأنهم كبروا .
وفكرت في أن كثيرا من الزوجات في الريف تحديدا تتعرض لحالات مختلفة من الظلم .
فماذا أقول لهذا الزوج الظالم الذي احتفظ بفتاة في مقتبل العمر ومحرومه من حياة زوجية سعيدة أو حتى تعيسة ولكنها مشاركة .
ماذا أقول لأهلها الذين زوجوها قبل السن القانوني ، لا أعرف طمعا في المال ، ولا قصورا في التفكير، ولا تخلصا من المسئولية .
ولا ماذا أقول لكل ام زوج لا تريد لأبنها السعادة مع زوجته وتظل تحارب من أجل أن تبعده عنها وتستغلها في خدمتها .
اغلب الحموات لا تريد لأبنها أن يأخذ زوجته معه الخارج ، ولا اعرف لماذا ؟
ولا اعرف لماذا يطيع الابن اهله فيما حرمه الله ، ويحرم نفسه وزوجته و أولاده من حياة أسرية سعيدة . والغريب أن هؤلاء الناس لا يكتفون من المال . بل يظل يعمل أعواما وأعوام دون أي شعور بالشبع ، حتى يعود ميتا ، أو يعود غير قادر على أي عمل .
أقول للآباء
أرجوكم قبل تزويج بناتكم فكروا جيدا ، و احفظوا لهم حقوقهم الغير مالية قبل المالية .
وأقول للأمهات: لا تظلموا أولادكم وتفرقوا بينهم وبين أسرهم . وأقول لكل رجل متزوج : الله سيحاسبك انت عن حقوق زوجتك وأولادك ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
وأقول للبنات الزواج ليس الفستان الأبيض والفرح
الزواج مسئولية ومشاركة وحياة .
والحياة نفسها مجرد أيام تنقضي ولا تعود .
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
منال الشرقاوي تكتب: مسلسل «Adolescence» دراما تحاكم المجتمع
كنت أنوي الكتابة عن المسلسل من زاوية فنية خالصة؛ عن الأرقام القياسية التي حققها في نسب المشاهدة خلال وقت وجيز، عن براعة الكاميرا في تقنية الـ"وان شوت" التي خلقت تواصلًا بصريًا حيًا مع المشاهد، عن الأداء التمثيلي الذي تجاوز حدود النص، وعن الإخراج الذي التقط اللحظة قبل أن تنفلت.
لكن قلبي سبق قلمي،
فوجدت نفسي لا أكتب عن "نجاح عمل" فقط، وإنما عن قيمة أبعد من الأرقام.
لا أتوقف عند "مشهد جميل"، وإنما أتتبع أثرًا تركه في الوجدان ولا يزال حاضرًا.
وجدتني أقرأ المسلسل من منظور تربوي، قبل أن أقرأه بعين ناقدة.
رأيت في المراهقين الذين على الشاشة، وجوهًا حقيقية نراها كل يوم في بيوتنا ومدارسنا وشوارعنا.
في زمن تتسابق فيه المسلسلات على اقتناص انتباه المشاهد، نجح هذا العمل في الرهان على الحصان الذي غالبًا ما يخشاه صناع الدراما: المراهقة.
ليست كل جريمة نهاية قصة، أحيانًا، تكون الجريمة بداية لأسئلة أكبر بكثير من القاتل والمقتول، هكذا يفتتح مسلسل Adolescence حكايته، بجريمة مروعة يرتكبها فتى في الثالثة عشرة من عمره، لكنها ليست سوى البوابة إلى عوالم داخلية معقدة.
فقد يبدو للوهلة الأولى أن المسلسل يقدم دراما ذات طابع بوليسي، لكن سرعان ما يتضح أن ما يُروى ليس عن الجريمة، وإنما عن السياقات التي سمحت لها أن تحدث.
الثيمة الأعمق هنا هي العزلة الرقمية، وكيف يمكن لطفل أن يضيع أمام أعين الجميع وهو متصل دائمًا، كيف أصبح الإنترنت وطنًا بديلًا للمراهقين حين غابت الأسرة والمدرسة عن احتضانهم.
يعالج المسلسل ببراعة مفهوم "الذكورة السامة"، ليس من خلال الخطاب المباشر أو التلقين، وإنما عبر تتبع التغير التدريجي في شخصية البطل "جيمي".
فتى يعاني من قلق داخلي، يبحث عن صورة لذاته في مرآة معطوبة، ويتلقى وابلًا من الرسائل الرقمية التي تشكل وعيه دون رقابة أو حوار.
جيمي ليس شريرًا، لكنه ضحية لفجوة بين الواقع والواقع الافتراضي؛ حيث تتحول مفاهيم القوة والقبول إلى معايير مشوهة تفرض عبر ضغط الأقران الرقمي.
المسلسل يدين فشل الأسرة والمدرسة في لعب دور الحامي والموجه، فرغم أن جيمي ينشأ في بيت محب، إلا أن الحوار الحقيقي غائب، واليقظة العاطفية مؤجلة.
المدرسة، بدورها، تبدو مشغولة بالإدارة اليومية، غافلة عن مراهقين يتشكل وعيهم في أماكن أخرى لا يراها الكبار.
هذا الإخفاق المؤسسي لا يقدم بتجريم مباشر، وإنما كصورة متكررة لأب يحاول، لكن لا يرى، ومدرسة تحاول، لكن لا تسمع.
وكأن الرسالة تقول إن النوايا الحسنة وحدها لا تكفي حين تكون أدوات التواصل مفقودة.
يتعمق المسلسل أكثر من خلال اعتماده على أسلوب السرد المتعدد؛ إذ تروى كل حلقة من منظور مختلف: الأسرة، الشرطة، الطبيب النفسي، والأصدقاء، هذا التنوع يقدم رؤية فسيفسائية دقيقة لأثر العزلة الرقمية، حيث تتكامل الأصوات لتشكل صورة شاملة لأزمة جيل بأكمله.
فنحن لا نرى جريمة، وإنما سلسلة من الفراغات، كل واحدة منها تساهم في صنع النتيجة النهائية.
من أبرز ما يميز مسلسل Adolescence هو تسليطه الضوء على التناقض العميق بين الارتباط الرقمي والانفصال الاجتماعي.
فالمراهقون في هذا العمل لا يفتقرون إلى الاتصال؛ على العكس تمامًا، فهم يغرقون فيه، لكنهم يفتقرون إلى الحضور الحقيقي، إلى من يُصغي، لا من يراقب.
"Adolescence" مسلسل يخلخل يقيننا اليومي ويعيد توجيه البوصلة نحو جيل يعيش في عزلة مزدحمة بالضجيج الرقمي.
هو تذكير صارخ بأن الاتصال الدائم لا يعني الحضور، وأن المراقبة لا تعني الرعاية.
في كل مشهد نواجه حقيقة مريرة، هناك مراهقون يتشكل وعيهم في فراغ، تعيد صياغتهم خوارزميات بلا قلب، وتهملهم مؤسسات فقدت قدرتها على الإصغاء.
حتى أدوات الإخراج لم تكن عبثية؛ فـتقنية الـ"وان شوت" تجاوزت حدود الإبهار البصري، ونجحت في إيصال عزلة جيمي إلى المشاهد بصدق مباشر، دون فواصل أو فلاتر.
المسلسل لا يُنهي الحكاية، وإنما يفتح نقاشًا نحتاجه بشدة.
لأن السؤال الأصعب لم يعد: ماذا فعل الطفل؟
بل: أين كنا نحن حين كان يبحث عمن يسمعه؟