بعد أن توقفت أعمدة دخان القصف المتواصل منذ 16 شهراً في غزة أمكننا رؤية المشهد الكارثي الذي خلّفته الحرب، والذي يؤكد أن إسرائيل نفذت وعيدها بأن تجعل غزة حطاماً غير قابل للحياة فيه إلا بإزالته وإعادة إعمار كامل القطاع من جديد، رغم أن شبح الحرب ما زال قائماً؛ لأن إسرائيل تهدد باستئنافها باستغلال أي عثرة في تنفيذ مراحل الاتفاق المتبقية.
فهل كان على أمريكا الراعي الرئيسي والفعلي للاتفاق أن تنتظر كل هذه المدة كي تجبر إسرائيل على قبوله من أجل تسجيل نقطة إيجابية في نهاية الإدارة الراحلة أو بداية الإدارة القادمة؟
عموماً نحن أمام مرحلة قادمة مشوبة بكثير من التعقيدات، الرئيس الجديد دونالد ترامب صرّح بأن حركة حماس لن يتم تمكينها من إدارة غزة من جديد بينما هي الموجودة فعلياً على الأرض وهي التي تفاوض رسمياً بشأن القطاع وما زالت تمتلك السلاح والكتائب المقاتلة. انتزاعها من المعادلة لن يكون سهلاً؛ لأن الوضع يختلف عن لبنان حيث يوجد حزب الله، في لبنان كان يوجد كيان للدولة حتى وإن كان غير فاعل في الفترة الماضية، وبتحييد الحزب والضغط على القوى السياسية اللبنانية أمكن استعادة هيكل الدولة وأصبحت موجودة فعلياً.
في الحالة الفلسطينية لدينا سلطة شرعية معترف بها دولياً لكنها تعاني من ظروف الجغرافيا التي تفصل القطاع عن الضفة، وتعاني من ظروف السياسة؛ لأن إسرائيل من مصلحتها وجود انقسام في تمثيل الشعب الفلسطيني، ووجود فصيل يتحرش بها كي يبرر لها وجود حالة حرب دائمة تمكّنها من الاستيلاء على الأرض وإعادة تحريك آلة القتل والتدمير والتشريد للفلسطينيين، وليست مبالغة إذا قلنا إن إسرائيل ستكون حريصة على بقاء حماس أكثر من حرصها على خروجها من المعادلة الفلسطينية، وفي حالة إجبارها على الخروج كما وعد الرئيس ترامب فلن يكون استسلامها سهلاً، أي أنها ستقاوم وهذه المقاومة ستنتج عنها مواجهة جديدة قد تعود بالأمور إلى المربع الأول.
الحالة الفلسطينية تحتاج إلى ترتيبات مختلفة عن الحالة اللبنانية، وهي قطعاً مختلفة عن الحالة السورية. المقاربات في تشكيل المستقبل الفلسطيني من أجل سلام محتمل في المنطقة تحتاج إلى ترتيبات لا تكتنفها الهشاشة، وأهمها ضمان تمثيل موحد وقوي ومقنع للفلسطينيين يتأسّس عليه مستقبلهم.
والأهم من ذلك الضغط على إسرائيل للاعتراف بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم وفق قرارات الشرعية الدولية لأنها هي الطرف المعتدي والمعطّل الأساسي للسلام، وبدون ذلك ستظل حالة التوتر هي السائدة في المنطقة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية اتفاق غزة غزة وإسرائيل
إقرأ أيضاً:
إعلام عبري: نتنياهو حرض ترامب على رفض أي مقترح لإنهاء الإبادة بغزة
إسرائيل – أفادت قناة “12” العبرية الخاصة، الأحد، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على عدم قبول أي مقترح لوقف الإبادة المستمرة على قطاع غزة.
ونقلت القناة عن مصادر مطلعة (لم تسمها) أن نتنياهو، أجرى الأسبوع الماضي اتصالا هاتفيا مع ترامب، وقال له إنه “سيتلقى عروضا كاذبة”، مدعيا أن حماس لا تنوي تنفيذ أي صفقة من شأنها إعادة كافة المحتجزين الإسرائيليين في غزة.
وتأتي مزاعم نتنياهو رغم أن حركة حماس أبدت، في أكثر من مناسبة، استعدادها لإبرام صفقة تبادل تؤدي إلى الإفراج عن كافة المحتجزين في غزة، بشرط وقف حرب الإبادة والانسحاب الكامل من القطاع.
وأضاف نتنياهو: “الشعب الإسرائيلي لن يقبل بوجود حركة الفصائل الفلسطينية كقوة تهديدية بالقرب من حدودنا، لأن ذلك يعني تكرار كارثة 7 أكتوبر”.
وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، هاجمت فصائل فلسطينية بغزة عبر عملية سمتها “طوفان الأقصى”، 11 قاعدة عسكرية و22 مستوطنة بمحاذاة القطاع بغية ما قالت إنه “لإنهاء الحصار الجائر على غزة (الذي استمر 18 عاما) وإفشال مخططات إسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية وفرض سيادتها على المسجد الأقصى”.
ويعتبر مسؤولون إسرائيليون أن ما حدث في 7 أكتوبر يمثل “أكبر فشل مخابراتي وعسكري” إسرائيلي، وألحق أضرارا كبيرة بصورة إسرائيل وجيشها في العالم.
ورغم نتائج استطلاعات الرأي التي تظهر تأييدا داخل إسرائيل لإتمام صفقة قد تتضمن إنهاء الحرب، شدد نتنياهو لترامب على ضرورة “القضاء على حركة الفصائل بالكامل”، قائلاً: “لا يمكن قبول بقائها بالقرب من حدودنا، فذلك سيكون بمثابة دعوة لكارثة جديدة”.
ولم يصدر تعليق من رئيس نتنياهو أو ترامب بشأن ما أوردته القناة العبرية.
والخميس، كشفت جلسات المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية “الكابينت”، عن “خلافات خطيرة” بين المستوى السياسي والجيش بشأن سياسات حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المتعلقة بإدارة حرب الإبادة ضد قطاع غزة.
ومن المقرر أن يجتمع الكابينت، مجددا، الإثنين، أملا في سد الفجوات والخلافات بين الجيش والمستوى السياسي، بشأن تفاصيل سياسات الحرب في غزة ومسألة توزيع المساعدات التي تقدمها دول وجهات خارجية لسكان القطاع الفلسطيني.
وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 170 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
الأناضول