اعتبر يوم الأحد 19/1/2025 الساعة الثامنة والنصف صباحاً، بتوقيت القدس، يوم نفاذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وهو الاتفاق الذي أوقف العدوان الذي، وقعه نتنياهو، وأنفه راغم.
وذلك بعد ستة عشر شهراً من حرب بريّة/جويّة، شنّها جيش الكيان الصهيوني، في مواجهة، مباشرة مع المقاومة، بقيادة كتائب عز الدين القسّام، ولم يحقق هدفاً واحداً من الأهداف الثلاثة التي حدّدها.
كان يوم الأحد المشهود، إعلاناً لانتصار المقاومة وقيادتها والشعب.
تعتبر هذه النتيجة، لمن شاء ولمن أبى، انتصاراً للمقاومة عسكرياً، وللشعب صموداً واحتساباً، بل واحتمالاً لما لا يحتمله البشر من جرائم قتل جماعي، وتدمير شبه شامل. وقد فرض عليه الحرمان من الدواء والطعام، والنوم في العراء تحت بردٍ قارص، أو حرٍ حارق، أو نوم في خيام غارقة بالماء.بلى إنه انتصار، بكل ما تعني الكلمة من معنى، (عدا الوصول إلى استسلام الجيش الصهيوني). وذلك بإجباره على وقف حرب العدوان، وإجراء صفقة تبادل، والانسحاب من القطاع (الشروط التي وضعتها المقاومة منذ اليوم الأول من المفاوضات).
تعتبر النتيجة التي عبّر عنها الاتفاق، هزيمة سياسية وعسكرية لنتنياهو، والجيش الصهيوني، وللرئيس الأمريكي جو بايدن.
لنقل، بداية، بسبب عدم تحقيق الأهداف التي أعلنت للعدوان، وبسبب ما ارتكب من جرائم إبادة، وتدمير ووحشية، ستلاحق الكيان الصهيوني حتى آخر يوم، لرحيله من فلسطين، بإذن الله.
وتعتبر هذه النتيجة، لمن شاء ولمن أبى، انتصاراً للمقاومة عسكرياً، وللشعب صموداً واحتساباً، بل واحتمالاً لما لا يحتمله البشر من جرائم قتل جماعي، وتدمير شبه شامل. وقد فرض عليه الحرمان من الدواء والطعام، والنوم في العراء تحت بردٍ قارص، أو حرٍ حارق، أو نوم في خيام غارقة بالماء.
اتجهت أغلب الآراء، ولا سيما، تلك التي روّجها الساسة الأمريكيون، وحكومة نتنياهو، وحتى من قِبَل حياديين وعسكريين إلى الترويج لمخططات اليوم التالي.
وبهذا اشتهر استخدام "اليوم التالي"، بأنه سيكون بلا حماس، وبلا مقاومة، أو حتى بلا أغلب السكان الذين سيهجرّون. والبعض حتى من مثقفي السلطة الفلسطينية، أملوا أن يكونوا وجه الصورة، لليوم التالي.
وراح البعض يحذر من أن تبحث أمريكا، عن فلسطيني تحاوره، ولا تجده. إنها نظرية الإعداد لليوم التالي.
وقد ثبت مع هذا الاتفاق، والذي خضع له نتنياهو، وباركه بايدن وترامب، وأيدّه الغرب كله، بأن اليوم التالي، آنف الذكر، كان وهماً، وتوقعاً متعجّلاً، ما دامت المقاومة في أعلى قوّتها، أو في الأقل، ما دامت مستمرة على الحال الذي بدأت به، في مواجهة العدوان.
الأمر الذي أكد أن اليوم التالي سيكون، كما سينتهي العدوان في يومه الأخير، الذي عبّر عنه الاتفاق العتيد.
وقد كرسّ هذا في الأقل، بأن الاتفاق تمّ مع حماس، من خلال مراجعته، كلمة كلمة من القيادة، التي أشرفت على المفاوضات.
إن ما ترجمه الشارع في قطاع غزة، في اليوم التالي للحرب، يفرض أن يعوّض ما ظهر من سلبية، على لسان الكثير من المثقفين، وهم يتحدثون عن اليوم التالي، الذي هو دائماً الابن الشرعي، أو الوريث، لليوم الأخير في الحرب. ولم يخطر ببالهم احتمال انتصار المقاومة فيه.على أن ما جرى في غزة، خلال يوم الأحد، بعد الساعة الثامنة والنصف، من سريان مفعول الاتفاق، تحوّل إلى مفاجأة، لا تقلّ أهمية عن مفاجآت الحرب، من طوفان الأقصى إلى معارك جباليا وبيت حانون (الشمال)، بل كل القطاع، خلال الشهرين اللذين سبقا توقيع الاتفاق. وبدت فيهما المقاومة، كما لو كانت الحرب في بداية مواجهة العدوان.
نزلت الجماهير المكلومة، طوال ستة عشر شهراً، بعد حرب إبادة وتدمير شبه شامل، إلى الشوارع لتحتفل بالانتصار، وتعلن دعمها للمقاومة ولقوات عز الدين القسّام، وسرايا القدس. كأنها ليست تلك الجماهير التي يحمل كل من شارك فيها فقدان الكثير من الشهداء، وإصابة الكثيرين من الجرحى، ناهيك عن تدمير شامل أصاب الجميع.
بكلمة، إن ما ترجمه الشارع في قطاع غزة، في اليوم التالي للحرب، يفرض أن يعوّض ما ظهر من سلبية، على لسان الكثير من المثقفين، وهم يتحدثون عن اليوم التالي، الذي هو دائماً الابن الشرعي، أو الوريث، لليوم الأخير في الحرب. ولم يخطر ببالهم احتمال انتصار المقاومة فيه.
واليوم الأخير في حرب العدوان في قطاع غزة، كان مقاومة باسلة منتصرة في معارك الاشتباكات الصفرية، لتوصل إلى اليوم التالي، كما ترجمته الجماهير في شوارع القطاع.
حقاً كان اليوم التالي جديراً بمقاومة وشعب يستحقانه.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة المقاومة انتصار فلسطين فلسطين مقاومة غزة رأي انتصار مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة مقالات سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الیوم التالی فی قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
لقاء ترامب- زيلينسكي الناري ومفاهيم جديدة للدبلوماسية.. العالم في اليوم التالي لتنصيب ترامب (4)
كتب ميروسلافا بيتسا ودانييل ويتنبرج، مراسلا شبكة "بي بي سي" البريطانية، تقريرا للشبكة بعنوان "كيف كانت الحال في الغرفة أثناء مباراة الصراخ في المكتب البيضاوي"، وصفا فيه عشر دقائق نارية بين قمة رأس بلدين من المفترض أنهما متحضران. يقول الصحفيان إن اليوم بدأ روتينيا بتصافح الرئيسين واستعراض حرس الشرف، وبعد محادثات ثنائية، دخل الصحفيون إلى المكتب البيضاوي، لنقل الكلمات البروتوكولية التي اعتادها الصحفيون من الرؤساء، وهو ما كان لمدة نصف ساعة، وقدم زيلينسكي لترامب حزام بطولة الملاكم الأوكراني "أوليكساندر أوسيك"، فيما أشاد ترامب بملابس زيلينسكي، ولكن بعد دقائق قليلة، انفجرت الأمور بشكل غير مسبوق، بعد أن تحولت نبرة ترامب إلى عدائية وفوضى، وارتفع صوته ونائبه، بدءا في إلقاء التهم على الضيف الأوكراني، ووبخ ترامب ونائبه الرئيس الأوكراني، متهمين إياه بعدم شكر أمريكا لما قدمته له من دعم في حربه ضد روسيا.
قد تكون نقطة التحول الطوري في اللقاء عندما قال نائب الرئيس الأمريكي لزيلينسكي إن الحرب يجب أن تنتهي بالدبلوماسية، فأجاب الضيف: أي دبلوماسية؟
هنا بدأ الصراخ ومعه الاتهامات تكال في وجه الرئيس الأوكراني الذي اتهم بقتل شعبه وإضاعة أرضه، وضعفه أمام قوة روسيا، واعتراضهما على سؤال زيلينسكي عن ضمانات خطة ترامب لإنهاء الحرب، لكن الرجل يعلم أن الهدف من كل ذلك قبوله باتفاق كان معدا قبل وصوله؛ بموجبه يدفع زيلينسكي تكاليف الحرب وشحنات السلاح التي قدمتها واشنطن له، وهو ما يترجم تصميم ترامب ونائبه على أن رئيس أوكرانيا لم يشكر أمريكا على ما قدمت له؛ ومن ثم عليه أن يدفع ثمن ذلك.
استطاع ترامب وبجدارة أن يحطم كل القواعد الدبلوماسية والبروتوكولات المعمول بها من مئات السنين، والناظر إلى الحوار وما تخلله من لغة جسد وصلت إلى حد دفع ترامب لزيلينسكي في كتفه، يعلم أن حالة من اللا منطقية سادت
ففي مقابل هذا الدعم الأمريكي يجب على زيلينسكي أن يدفع الثمن، ولأن الرجل لا يملك ما يدفعه فعليه أن يتنازل عن نصف المعادن النادرة في بلاده، وهو طلب جريء، إذ إن أوكرانيا تمثل 7 في المئة من احتياطي العالم من التيتانيوم، ولديها خامس أكبر إنتاج لمادة الجاليوم وهو العنصر المستقدم في أشباه الموصلات، ولأن العالم مقدم على التحول إلى صناعة السيارات الكهربائية، والتي تحتاج إلى بطاريات الليثيوم، فإن ترامب يضع عينه على مخزون أوكرانيا من الجرافيت الذي يقدر بــ30 في المئة من احتياطي أوروبا، ومعه 20 في المئة من احتياطي مادة الجرافيت، ولأن أوكرانيا تمتلك رابع أكبر احتياطي من النحاس، فيرى ترامب أن على أمريكا أن تأخذ نصفه..
وهكذا، فإن الرئيس الأمريكي غير مقتنع بحزام الملاكم "أوليكساندر أوسيك"، بل يريد الجزية التي يفرضها على بقعة جغرافية اعتادت تقديم الجزية من مئات السنين، لكن الرئيس المنتخب من شعبه، والذي يعاني الحرب والدمار وانهيار الاقتصاد، رد على راعي البقر الأمريكي بما يليق بكرامة شعبه وبلده. وعلى الرغم من أن الرجل، وبحسب استطلاعات الرأي، تعاني شعبيته في ظل التراجع الميداني، والاقتصادي وطول أمد الحرب، إلا أن المنتخب يستمد قوته من قوة الأصوات التي اختارته، حتى آخر لحظة من ولايته.
استطاع ترامب وبجدارة أن يحطم كل القواعد الدبلوماسية والبروتوكولات المعمول بها من مئات السنين، والناظر إلى الحوار وما تخلله من لغة جسد وصلت إلى حد دفع ترامب لزيلينسكي في كتفه، يعلم أن حالة من اللا منطقية سادت، حتى إن الخارجية الروسية علقت على اللقاء بسخرية قائلة إن احتفاظ ترامب ودي فانس بضبط النفس وعدم ضربهما زيلينسكي "معجزة"، وكأنها شامتة فيما فعل ترامب بعدوها، لكن المنصف يمكن أن يصف تصرفات الرئيس الأمريكي ومعه نائبه والضيف الأوكراني في هذا اللقاء؛ بأن الأخير فقط هو من مارس الدبلوماسية، أما المضيف ونائبه فكانا أبعد ما يكون عن حتى أخلاق المافيات في حانات لاس فيغاس في وقت متأخر من ليلة السبت.
تاريخ العلاقة بين زيلينسكي وترامب لم تكن جيدة من اليوم الأول، إذ يرى الأخير أن زيلينسكي جامل بايدن في اتهامات طالت ابن الرئيس الأمريكي السابق، هانتر، في قضية فساد مرتبطة بشركة بوريسما للطاقة الأوكرانية، والتي كان هانتر عضوا في مجلس إدارتها، فأقال زيلينسكي المدعي العام الأوكراني، الذي ثبت فساده فيما بعد، وقيل في حينها إن بايدن ضغط على زيلينسكي لإقالته، حتى لا تكون القضية معرقلة لمسيرة بايدن في السباق الرئاسي، وهو ما جعل ترامب يحمل الضغينة في قلبه تجاه الرئيس الأوكراني، لا سيما بعد أن فاز بايدن بالرئاسة.
"أحداث المكتب البيضاوي" ستكون علامة فارقة تدرس في معاهد الدبلوماسية في المستقبل كحدث تحولت فيه الدبلوماسية من شكلها التقليدي إلى ما يمكن تسميته بالدبلوماسية الترامبية، وفيها يمكن للرؤساء والدبلوماسيين أن يتشاحنوا أمام وسائل الإعلام، وقد يتقاذفون بالأوراق، وربما بما هو أثقل من أجل فرض وجهة النظر، أو فرض إتاوات كما يفعل ترامب
هذه القصة، وما شهده المكتب البيضاوي، تحمل علامات على ما يحمله ترامب من أفكار تعيد تحديد شكل العالم، وقواعده السياسية وحتى الدبلوماسية، فترامب ومعه نائبه، ولا يمكن استبعاد طاقمه الرئاسي الذي اختاره على عينه، يتخذون من مبدأ القوة الدبلوماسية الغاشمة الملوحة بقوة العقوبات الاقتصادية، وربما رفع الحماية العسكرية، منهجا لفرض الرأي، بل وفرض الواقع، لذا فليس من المستغرب أن ينشر ترامب على صفحته على منصة أكس فيديو لـ"غزة ترامب".
لكن هذه السياسة وهذه الجلسة، ومن قبلها تصريحات وتسريبات، وربما محادثات ترامب مع القادة الأوروبيين، قد ترسم شكل العلاقات الأوروبية- الأمريكية التي بدأت في التوتر منذ بداية ولاية ترامب، والتي دفعت أوروبا لاتخاذ خطوات باتجاه الاعتماد على النفس، وربما تكون تلك الخطوات هي ما جعلت بايدن يقحم أوروبا في حرب أوكرانيا لاستنزافها. ولقد كتبنا في ذلك منذ بداية الحرب سلسلة مقالات بعنوان "أوكرانيا حرب الفرص". فعلى الرغم من الانقسام الأوروبي حول ما حدث في واشنطن مع زيلينسكي، إلا أن الموقف الرسمي للاتحاد الأوروبي كان قاطعا ورافضا، حيث علقت مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي بأن "العالم الحر يحتاج إلى قائد جديد ونحن الأوروبيين سنواجه هذا التحدي"، ما يعني أن ترامب ونائبه استطاعا بهذه المقابلة أن يدفعا إلى ترسيخ مزيد من الشقاق في العلاقات الأوروبية- الأمريكية.
"أحداث المكتب البيضاوي" ستكون علامة فارقة تدرس في معاهد الدبلوماسية في المستقبل كحدث تحولت فيه الدبلوماسية من شكلها التقليدي إلى ما يمكن تسميته بالدبلوماسية الترامبية، وفيها يمكن للرؤساء والدبلوماسيين أن يتشاحنوا أمام وسائل الإعلام، وقد يتقاذفون بالأوراق، وربما بما هو أثقل من أجل فرض وجهة النظر، أو فرض إتاوات كما يفعل ترامب، لكن ما يهمنا نحن العرب هو سؤال عريض بعرض جغرافيا الوطن العربي: متى ستلد لنا الأرض العربية رئيسا مثل زيلينسكي؟
وحتى لا ترهق نفسك، ونرهق الأرض معنا، فالإجابة: عندما تختار الشعوب من يحكمها..