عربي21:
2025-01-21@07:32:48 GMT

الحرب تنتهي بنتنياهو مطلوباً للعدالة

تاريخ النشر: 21st, January 2025 GMT

كان يمكن للحرب أن تنتهي بإعلان بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية تحقيق جيشه لأهدافه العسكرية والسياسية من حربها على قطاع غزة، لكن ذلك لم يحدث أول من أمس ولا في أي يوم قبله، بل لم يحدث حين طالبته الدنيا كلها بأن يوقف الحرب قبل شهور مضت، حيث لو أنه فعل ذلك لحفظ ماء وجهه، ولحفظ لجيشه هيبته، خاصة حين طالبه قادة الجيش بذلك، وفي مقدمتهم وزير الحرب المقال، يوآف غالانت، وبني غانتس، وحتى رئيس هيئة الأركان، هيرتسي هاليفي,

بل كان يمكن لنتنياهو أن يعلق العمليات العسكرية أو أن يوقف الحرب دون أن يعلن انتهاءها، من أجل جيشه المنهك، خاصة بعد أن استنفد بنك أهدافه في قطاع غزة، وبالتحديد حين نقل مركز ثقل الحرب إلى لبنان، وكان ذلك مطلباً للجيش، لكن كل ذلك لم يحدث، لأن نتنياهو ادعى _عن وجه حق_ بأنه لم يحقق ما أعلنه من أهداف مجمع عليها اسرائيلياً، أي دون ما ارتفعت به عقيرة الفاشيين من مثل تهجير السكان وإعادة الاستيطان والضم وما الى ذلك.



واضطرت اسرائيل الى أن توقف الحرب_ ولو مؤقتاً_ ليس وفق إعلان من جانب واحد، بل بعد التفاوض والاتفاق مع حماس، الحركة التي أعلنت اسرائيل بأن حربها تهدف الى اسقاط نظام حكمها في قطاع غزة، والى سحق قوتها العسكرية، والى أن لا تعود غزة لتهديد مستوطنات الغلاف، وحددت هدفاً رابعاً وهو اطلاق المحتجزين بالقوة.

وبالنتيجة فإن اسرائيل توقف الحرب بعد صفقة التبادل، مع حماس الحركة التي سارعت الى نشر قواتها من أجل تأمين سلامة المحتجزين خلال عملية اطلاق سراحهم، بما يؤكد عودتها فوراً الى القيام بمهامها في ادارة وحكم قطاع غزة_وليس أدل على ذلك من ظهور «القسام» في ميدان السرايا لحظة تسليم المحتجزات الثلاث للصليب الأحمر_ كما كان حالها قبل السابع من اكتوبر 2023، والتغير المهم الوحيد هنا هو ما يخص معبر رفح، ورغم أن الصورة ليست واضحة تماماً فيما يخص من يتولى إدارته، مع القول بأن الجانب الفني سيكون مسؤولية الاتحاد الأوروبي، إلا أن المهم لحماس هو السيطرة الداخلية على قطاع غزة، ذلك أن إدارتها للمعبر كانت شكلية، وكانت تدر عليها القليل من المال العائد من رسوم مغادرة المواطنين، والأهم هنا إدارة المعابر التجارية، حيث تحصيل الضرائب من التجار.

يمكن القول، بأن حماس خسرت من جهة الكم، أو بمعنى أدق انخفضت قوتها العسكرية بتحطيم الأنفاق والقوة الصاروخية والمسيّرات، وخسرت نصف كوادرها وجنودها لكنها عوضت من استشهد من الأفراد قبل وقف اطلاق النار، كذلك «انخفض منسوب حكمها» وباتت تقبل بعودة السلطة للسيطرة الخارجية، أي على المعابر والحدود، ولكن وفق حكومة وفاق وطني، باختصار خسرت حماس لكنها لم تمت، واذا كان مستوى قوتها العسكرية والسياسية في غزة قد انخفض، فإن الأهم أن قوتها العسكرية والسياسية في الضفة قد ارتفعت، وعادت مجدداً لتكون لاعباً سياسياً إقليمياً، خاصة مع انتهاء الحرب بعودة حليفها التركي للنفوذ الإقليمي، مع سقوط نظام الأسد، الذي ظل محسوباً بشكل جزئي على محور المقاومة، وكان عبئاً عليه، وظل رافضاً للمصالحة مع حماس.  

وكما سبق لنا وتوقعنا خلال فترة الحرب الطويلة، بأنها لن تنتهي بضربة قاضية، وان كان طرف سيكسبها في نهاية المطاف، فلن يكون ذلك إلا بالنقاط، وتوقعنا أيضا، بأن تتحول الحرب إلى حرب استنزاف، والى جولات متتالية من حرب إقليمية تستمر سنين، ارتباطاً بترتيبات الإقليم، وحتى ارتباطاً بإعادة ترتيب النظام العالمي، على نحو مختلف عن النظام العالمي الحالي أحادي القطب الذي أعقب الحرب الباردة.

كذلك كما أشرنا في مقالنا السابق، بأنه حتى لو عادت الحرب مجددا، بعد المرحلة الأولى من اتفاق الصفقة، فإن نتائج الحرب حتى الآن تشير الى خسارة كلا الطرفين، يتضح ذلك أولاً بعدم تحقيقهما لما أعلناه عشية اندلاعها من أهداف جراء خوضها.

والحقيقة أنه بات من شبه المؤكد أن لا تعود الأمور بعد هذه الحرب لما كانت عليه قبلها، فبعد أن امتطى اليمين الإسرائيلي المتطرف صهوة الريح، وأطلق العنان لأحلامه اللاهوتية بإعادة استيطان قطاع غزة وتهجير سكانه بالكامل، ها هو يخرج من الحكومة، وقد لا يقوى نتنياهو على الاحتفاظ بالأغلبية البرلمانية مع انتهاء مراحل الصفقة، اما حماس فعلى الأغلب لن تبقى في الحكم، وهي نفسها قبلت خلال الحرب بما كانت ترفضه طوال 14 عاماً، أي عودة السلطة لغزة، وعلى الأرجح فإن السلطة بما هي عليه أو بإشراف دولي/إقليمي ستحكم غزة.

كانت هذه الحرب مغامرة، قامر فيها كلا الطرفين بكل ما لديه، وكانت جولة أخيرة بينهما، بعد جولات سابقة، وحماس بدأت بالطوفان، وهي غير متأكدة من فتح جبهات الإسناد، أي أنها أقدمت على ما يمكن وصفه بالعملية الاستشهادية، بعد 14 عاماً من الحصار، لم تستطع بكل ما أظهرته من اكتفاء بغزة، ومن تحالفات معتدلة أولاً مع تركيا وقطر، ومن ثم من تحالف مع محور المقاومة، أن تكسر الحصار الإسرائيلي بالأساس، وقد جربت من قبل تحطيم معبر رفح، ثم كسر الحصار البحري بالزوارق التركية، ومن خلال مسيرات العودة نحو السياج الفاصل مع إسرائيل.

وكل ذلك كان دون جدوى، ولم تستطع أن تقدم أكثر من وجود شكلي أو رمزي للسلطة في المعابر، على أن تبقى حاكم غزة الفعلي، أي أن تساعدها السلطة على التحرر من الحصار، وأن تشركها في نفس الوقت في حكمها الذاتي للضفة، دون التنازل عن حكم غزة، أما اليمين المتطرف الإسرائيلي، فقد وجد في «الطوفان» ضالته، التي دفعته للكشف عن حقيقة تطلعاته التوسعية مبكراً، وهو كان يكتفي بهدف ضم الضفة الفلسطينية، ليعود ويحلم بضم غزة أيضا، وقامر نتنياهو بمكانة إسرائيل عالمياً، وقطع الطريق على هدف التطبيع مع السعودية، ووسع دائرة العداء مع الإقليم، وألقى بكل قوته العسكرية في حرب كانت ستكون أسهل عليه لو أنها اندلعت قبل ثلاثين سنة مثلاً.

حتى أن نتنياهو ولأهداف خاصة وكذلك لتحقيق أهداف اليمين المتطرف التي يؤمن بها فعلاً، قد غامر بعلاقته مع الغرب، ولعل ما وقع من تلاسن حاد بينه وبين الرئيس الفرنسي أكثر من مرة خير دليل على ذلك، لكن الحرب أظهرت اسرائيل كدولة غير قادرة على الانتصار على محور من الإقليم، هو إيران وحلفاؤها، وحتى تصمد إسرائيل أمام حماس وجبهات الإسناد احتاجت الشراكة العسكرية والمخابراتية مع أميركا، واحتاجت للإسناد السياسي والمالي والعسكري الأميركي، وحتى تحقق إنجازات تكتيكية احتاجت لإمكانيات الغرب: أميركا، ألمانيا، بريطانيا وفرنسا، ومن ثم احتاجت للتحالف مع تركيا، أي لإدخال لاعب إقليمي ثالث، ليكسر سلسلة التواصل الجغرافي بين إيران وجنوب لبنان عبر سورية.

ثم إن مغامرة نتنياهو لن تقتصر على احتمال خروجه من الباب الضيق للحكم وحسب، بعد أن خرج من الحرب كمطلوب للعدالة الدولية بتهمة ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بما في ذلك حرب الإبادة، أي انه سيخرج أيضا من التاريخ على نحو مهين وذليل، كمجرم حرب، وربما حتى أنه سيكون كذلك في ذاكرة الإسرائيليين أنفسهم فيما بعد، لأنه قد يدان أيضا بتهم الفساد الداخلي، إضافة الى ارتكابه أسوأ فشل أمني وعسكري في تاريخ إسرائيل.

أما مراهنة نتنياهو على دونالد ترامب، فهي أيضا مقامرة أخرى، بل هي المقامرة الأخيرة لصاحب أطول فترة حكم في تاريخ إسرائيل، ويبدو أن الأميركيين باتوا يشبهون الإسرائيليين كثيراً، وكانت التجربة تقول بأن حزب العمل الإسرائيلي كان الأقدر على شن الحروب، والليكود كان الأقدر على عقد اتفاقيات السلام، لأن اليسار حين يشن الحرب يوافقه اليمين، واليمين حين يعقد السلام يوافقه اليسار، وهكذا فإن نتنياهو مع الديمقراطي جو بايدن قاد حرب إبادة جماعية، أما مع الجمهوري ترامب، فقد اضطر لعقد الصفقة التي رفضها طول عام، وكان ذلك قبل أن يدخل ترامب البيت البيض، بل بناء على تهديد صريح، بضرورة عقد الصفقة قبل دخوله البيت الأبيض، ولعل التوقيت الخاص بإعلان الصفقة قبل ثلاثة أيام، والبدء بتنفيذها قبل أقل من 24 ساعة على تنصيب الرجل خير دليل على ذلك.

والأخبار تأتي تباعاً، ونتنياهو حاول بالطبع أن يبيع بضاعة مغشوشة لبن غفير بالقول بأن ترامب سيكون معه في العودة للحرب بعد الجولة الأولى، فيما ترامب نفسه يؤكد على أن هدفه الأهم هو التطبيع مع السعودية، وهو يدرك جيداً بأن ثمن ذلك دولة فلسطينية، لا تبقي نتنياهو على مقعد الحكم.

الأيام الفلسطينية

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه نتنياهو غزة المقاومة ترامب غزة نتنياهو الاحتلال الجنائية الدولية المقاومة مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة مقالات سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قوتها العسکریة قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

الانكسار ليس فلسطينيا.. نتنياهو يرضخ للمفاوضات لاستعادة أسراه

جاء ذلك في حلقة برنامج "المرصد" بتاريخ (2025/1/20)، التي تناولت كواليس التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، والذي وضع حدا للحرب الإسرائيلية غير المسبوقة على قطاع غزة قتلا وتدميرا وتهجيرا.

وتناولت الحلقة الأجواء التي سبقت إعلان التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، وفرحة سكان غزة عقب إذاعته رسميا، وصولا إلى يوم سريان الاتفاق ومحاولة إسرائيل التهرب من تنفيذه بذريعة عدم تسلمها قائمة الأسيرات اللواتي سيطلق سراحهن.

وواصلت إسرائيل غاراتها الجوية وقصفها المدفعي المكثف لمدة 3 ساعات بعد الموعد المقرر لبدء سريان الاتفاق، موقعة مزيدا من الشهداء والمصابين والدمار فيما يشبه "انتقام اللحظات الأخيرة".

وفشلت المحاولات الإسرائيلية في تخريب الاتفاق أو التنصل منه، لتعلن تل أبيب التزامها به رسميا، وتعم أفراح التحدي والصمود كافة أنحاء قطاع غزة، في تأكيد على أن الانكسار ليس فلسطينيا.

ويأمل الغزيون، الذين شدوا على جراحهم ومآسيهم من فوق ركام المنازل والمساجد والجامعات والمستشفيات، أن تتوارى الحرب الأكثر بشاعة في تاريخ صراعهم مع الاحتلال خلف الركام والأنقاض.

وبعث مشهد تسليم كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- الأسيرات الإسرائيليات الثلاث إلى الصليب الأحمر رسالة واضحة للاحتلال مفادها أن القضاء على حركتهم لا يزال هدفا بعيد المنال.

إعلان

وتطرقت الحلقة إلى ظهور الأسيرات الإسرائيليات بصحة جيدة أكدتها الفحوص الطبية التي أجريت لهن فور وصولهن إلى إسرائيل، التي ماطلت وأخرت بدورها الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار.

من جانبها، اعتبرت الأمم المتحدة أن المرحلة المقبلة في قطاع غزة ستكون لمواجهة تحديات إعادة الإعمار بما يتطلبه ذلك من إزالة الأنقاض وصبر طويل واعتمادات مالية هائلة في ظل حجم الدمار الذي خلّفته آلة الحرب الإسرائيلية.

وسلطت الحلقة الضوء أيضا على قصة الصحفية الفلسطينية شروق العيلة ويومياتها خلال الحرب على قطاع غزة بين فقد الأحبة ومخاطر الميدان والإصرار على تثبيت السردية الفلسطينية.

وتعمل شروق مراسلة لعدد من وسائل الإعلام الأجنبية، وتدير مؤسسة للإنتاج الإعلامي، وهي مهمة فرضت عليها بعد استشهاد مؤسسها.

والعام الماضي، أسندت لجنة حماية الصحفيين في نيويورك جائزة حرية الصحافة إلى شروق، لكنها لم تغادر غزة لاستلامها مستمرة في التعامل مع يومياتها خلال الحرب.

يذكر أن حروب التاريخ الحديث لم تشهد استهدافا للصحفيين مثلما حدث في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، إذ فاق عدد الشهداء من العاملين في قطاع الإعلام الـ200.

كذلك تعمّد الاحتلال قتل العشرات من أقارب المراسلين والمصورين، لكن الجسم الصحفي الفلسطيني تمكن من الصمود من أجل نقل وقائع واحدة من أكثر حروب العصر بشاعة.

20/1/2025

مقالات مشابهة

  • الانكسار ليس فلسطينيا.. نتنياهو يرضخ للمفاوضات لاستعادة أسراه
  • لابيد: بعد أسوأ عامين بتاريخنا يجب أن تنتهي الحرب
  • نتنياهو: سنواصل العمل على إعادة كل المخطوفين
  • نتنياهو: ملتزمون بتحقيق جميع أهداف الحرب
  • نتنياهو: ملتزمون بإعادة جميع المحتجزين في غزة
  • ترامب: أخبرت نتنياهو بأن الحرب يجب أن تنتهي.. إذا لم يحترمونا سوف يندلع الجحيم
  • هكذا هدّد نتنياهو بالعودة إلى الحرب في قطاع غزة.. ماذا قال؟
  • عشية هدنة غزة.. نتنياهو يلوح باستئناف الحرب بـطرق جديدة وقوية
  • بن غفير يعتزم تقديم استقالته من حكومة نتنياهو غدًا