في خطوة أثارت جدلًا واسعًا على الصعيدين المحلي والدولي، وقع الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يقضي بانسحاب الولايات المتحدة رسميًا من اتفاقية باريس للمناخ، التي تم توقيعها عام 2015 وتهدف إلى التصدي لظاهرة الاحتباس الحراري والحد من انبعاثات الغازات الدفيئة.

وبرر ترامب قراره بأن الاتفاقية، على حد وصفه، "غير عادلة" وتلحق أضرارًا بالاقتصاد الأميركي.

وأضاف أنها تفرض قيودًا شديدة على الصناعات الامريكية، خاصة قطاع الفحم والنفط، مما يؤدي إلى فقدان العديد من الوظائف وتعطيل النمو الاقتصادي. وأكد أن الانسحاب يهدف إلى "حماية السيادة الوطنية" للولايات المتحدة، متهمًا الاتفاقية بأنها تمنح امتيازات غير متكافئة لدول أخرى مثل الصين والهند، التي لا تواجه نفس القيود الصارمة.

ردود الفعل الدولية
 

أثار القرار موجة واسعة من الانتقادات من قبل قادة العالم والمنظمات البيئية. فقد اعتبر الاتحاد الأوروبي القرار ضربة قوية للجهود الدولية لمكافحة التغير المناخي. كما وصفه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه خطوة "مخيبة للآمال"، داعيًا الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في موقفها.

الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أعرب عن قلقه العميق، مؤكدًا أن العالم لا يستطيع مواجهة أزمة المناخ إلا بتكاتف الجهود الدولية، ولا سيما من الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة، التي تعد واحدة من أكبر الدول المسببة لانبعاثات الكربون.

التأثير على المناخ العالمي


الانسحاب من الاتفاقية، التي تلزم الدول الموقعة بخفض انبعاثات الغازات الدفيئة للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض، يمثل تراجعًا كبيرًا عن الالتزامات الدولية. فالولايات المتحدة، بوصفها ثاني أكبر مصدر للانبعاثات الكربونية بعد الصين، تلعب دورًا محوريًا في تحقيق أهداف الاتفاقية. وقد يؤدي غياب التزامها إلى تقويض جهود دول أخرى وربما يشجع على انسحاب المزيد من الدول.

ردود الفعل المحلية


داخليًا، لقي القرار دعمًا من جماعات الضغط المرتبطة بصناعات الوقود الأحفوري وبعض السياسيين المحافظين الذين يعتبرون أن سياسات المناخ تحد من النمو الاقتصادي. في المقابل، واجه القرار انتقادات واسعة من منظمات بيئية وسياسيين ديمقراطيين، أبرزهم الرئيس الأسبق باراك أوباما، الذي وصف الانسحاب بأنه "رفض لقيادة العالم نحو مستقبل مستدام".

ومع وصول الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض، تم إعادة الانضمام إلى اتفاقية باريس للمناخ كواحدة من أولى الخطوات التي اتخذتها إدارته. عكس هذا القرار التزامًا جديدًا بمواجهة أزمة المناخ وإعادة ترسيخ مكانة الولايات المتحدة في الجهود الدولية المشتركة.

وبينما اعتبر ترامب انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس خطوة لحماية الاقتصاد الأميركي، يرى النقاد أنها انعكاس لنهج قصير النظر يفتقر إلى المسؤولية العالمية. القرار أعاد تسليط الضوء على أهمية التعاون الدولي لمواجهة تحديات التغير المناخي، وما يزال مثار نقاش حول التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة.

كما ينوي ترامب إجراءات تنفيذية تعزز عزمه على مضاعفة الوقود الأحفوري وعكس التقدم الذي أحرزته أمريكا في مجال تغير المناخ والطاقة النظيفة، بما في ذلك تعهده بسحب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ.

وتأتي إجراءات ترامب في اليوم الأول في الوقت الذي تجتاح فيه الحرائق الناجمة عن تغير المناخ جنوب كاليفورنيا، في أعقاب العام الأكثر سخونة في العالم على الإطلاق والذي دمر خلاله إعصاران كبيران ــ هيلين وميلتون ــ جنوب شرق كاليفورنيا.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دونالد ترامب الاحتباس الحراري اتفاقية باريس للمناخ المزيد اتفاقیة باریس للمناخ الولایات المتحدة من اتفاقیة باریس

إقرأ أيضاً:

بسبب ترامب..السياح يتجنبون السفر إلى الولايات المتحدة

في غضون أسابيع قليلة خيم الغموض على آفاق السياحة الأمريكية، بسبب قرارات الرئيس دونالد ترامب السياسية التي أثارت غضب بعض الزوار الأجانب، ومخاوف من زيادة الأسعار، وارتفاع قيمة الدولار.

ومن المتوقع أن ينخفض عدد الأجانب الوافدين إلى الولايات المتحدة 5.1 % في 2025 مقارنة مع العام الماضي، مقابل زيادة متوقعة سابقاً بـ 8.8%، وفق تقرير في نشرة "اقتصاديات السياحة" أواخر الشهر الماضي. ويُتوقع أن يتراجع إنفاقهم بـ 10.9%.

منذ نشر التقرير "تدهور الوضع بشكل أكبر" وستكون النتيجة أسوأ على الأرجح، حسب رئيس النشرة آدم ساكس، مشيراً إلى "تأثير مشاعر النفور من الولايات المتحدة".  

في الأسابيع الأخيرة فرضت إدارة ترامب رسوماً على كندا والمكسيك والصين وهددت بفرضها على الاتحاد الأوروبي. وتكثفت حملة واسعة ضد الهجرة. وألغيت برامج عدد كبير من الهيئات الحكومية، مثل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وسُرِّح آلاف الموظفين المدنيين من محامين إلى حراس حدائق، ووضع ترامب خططاً مثيرة للجدل للحربين في أوكرانيا وغزة.

وقالت نشرة "اقتصاديات السياحة" لمؤسسة "أكسفورد إيكونوميكس" إن "وضعاً تتسم فيه سياسات وخطابات إدارة ترامب بالاستقطاب.سيُثني الناس عن السفر إلى الولايات المتحدة". 

وأضافت "ستشعر بعض المؤسسات بضغوط لتجنب استضافة فعاليات في الولايات المتحدة أو إرسال موظفيها إليها ما سيُقلل عدد رحلات العمل".

وقال معهد منتدى السياحة العالمي، إنّ مزيجاً من سياسات الهجرة الصارمة، وقوة الدولار، والتوترات السياسية العالمية "قد يؤثر بشكل كبير" على الوافدين الدوليين "ما قد يُعيد تشكيل قطاع السياحة في البلاد لسنوات".

ومن بين سكان 16 دولة أوروبية وآسيوية شملهم استطلاع أجرته شركة "يوغوف" في ديسمبر (كانون الأول)، قال 35% من المشاركين إنهم أقل ميولاً للسفر إلى الولايات المتحدة في عهد ترامب، مقابل 22% عبروا عن رأي مغاير.

خائفون بعض الشيء

وبالنسبة إلى سياح من فرنسا، وأوزبكستان، والأرجنتين الذين أجريت معهم مقابلات في ساحة تايمز سكوير بنيويورك، لم تغير مواقف ترامب خططهم بشكل جذري. 

مع ذلك استخدمت ماريانيلا لوبيز، وأيلين هادجيكوفاكيس، كلاهما 33 عاماً، جواز سفرها الأوروبي بدل الأرجنتيني لتجنب أي مشاكل على الحدود.

وقالت لوبيز:"كنا خائفين بعض الشيء من الوضع لكننا لم نغير خططنا".

وأكدت عائلة لاغاردير القادمة من فرنسا أن الوضع لم يؤثر على خططها أيضاً. قال لوران لاغاردي 54 عاماً، إن "الأمريكيين انتخبوا هذا الرئيس. إنها الديموقراطية. إذا لم يكونوا راضين، فسيغيرونها في غضون أربع سنوات".

وةأضاف لاغاردير، "هو ترامب، كما هو" وتجنب الولايات المتحدة "لن يُغيّر شيئاً".

وأشارت التوقعات إلى وصول عدد السياح الأجانب إلى 77.7 مليوناً في 2024، بزيادة 17% على أساس سنوي، وفقاً للمكتب الوطني للسفر والسياحة الذي لم تتوفر لديه بعد أرقام نهائية للعام الماضي.

كنديون يتجنبون نيويورك  

يعدّ السياح من أوروبا الغربية، والذين شكّلوا 37% من الزوار في 2024، الأكثر ميولاً لاختيار وجهات أخرى إلى جانب الكنديين والمكسيكيين.

وحذّرت جمعية السفر الأمريكية في أوائل فبراير (شباط) من الرسوم الجمركية التي ستثني الكنديين الذين يُشكّلون أكبر شريحة من السياح الأجانب في الولايات المتحدة والذين وصل عددهم إلى 20,4 مليون سائح في 2024، عن السفر.

ووفقاً لهيئة الإحصاء الكندية انخفض عدد الكنديين العائدين من الولايات المتحدة 23% في فبراير (شباط) على أساس سنوي، في انخفاض شهري هو الثاني على التوالي.

وفي نيويورك التي استقبلت 12,9 مليون مسافر أجنبي في 2024، أصبح التأثير ملحوظاً، فقد ألغى كنديون حجوزات جولات سياحية، وانخفضت عمليات البحث على الإنترنت عن فنادق أو عروض برودواي، حسب رئيسة هيئة السياحة في مدينة نيويورك جولي كوكر.

وخفّضت كوكر توقعاتها لهذا العام في فبراير (شباط) لكنها قالت إنه حتى الآن، الكنديون فقط هم الذين يتجنبون الولايات المتحدة في عهد ترامب.

وقالت: "لا نرى حاليا أي مستجدات من المملكة المتحدة أو أوروبا لأن الوقت لا يزال مبكراً جداً. نحن بالتأكيد نراقب الوضع عن كثب". ولكن السلطات البريطانية والألمانية دعت مواطنيها أخيراً إلى توخي الحذر الشديد من وثائق سفرهم، مشيرة إلى مخاطر توقيفهم.

ورصدت شركة يونايتد إيرلاينز "انخفاضاً كبيراً" في السفر من كندا إلى الولايات المتحدة إضافة إلى تراجع الطلب على السفر الداخلي، كما حدث مع العديد من الشركات المنافسة.

ووفقاً لتقرير "اقتصاديات السياحة" قد يخسر قطاع السياحة حوالى 64 مليار دولار من الإيرادات في 2025 بسبب انخفاض السفر الدولي والمحلي.

والأمريكيون قلقون على ما يبدو في ظل التوقعات الاقتصادية، كما أن مصطلحات مثل الركود والتضخم تُخيف السياح إلى جانب احتمال ارتفاع قيمة الدولار، كما يشير الخبراء.

وأشارت "اقتصاديات السياحة" إلى أن "ذلك سيجعل الولايات المتحدة أكثر كلفة للمسافرين الوافدين، ما يُضعف عدد الزوار ومتوسط فترة الإقامة، مع تداعيات تشديد سياسة الهجرة على الأحداث الرياضية الكبرى التي تستضيفها الولايات المتحدة، مثل كأس رايدر 2025) وكأس العالم لكرة القدم 2026، ودورة الألعاب الأولمبية الصيفية 2026 في لوس أنجليس.

مقالات مشابهة

  • ترامب: الأوروبيون يستغلون الولايات المتحدة
  • ترامب يوقع أمراً تنفيذياً لإصلاح الانتخابات يتضمن شرط الجنسية
  • باريس تصوت لبرنامج بيئي يحظر المركبات بمئات الشوارع
  • اجتماع دولي في برلين تمهيدا لمؤتمر المناخ العالمي
  • أحمد ياسر: إيقاف المساعدات الأمريكية الدولية أو تخفيضها يؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية حول العالم
  • الولايات المتحدة تُنهي الوضع القانوني لمئات الآلاف من المهاجرين
  • F-47.. الولايات المتحدة تكشف أول طائرة مقاتلة من الجيل السادس في العالم
  • البعثة الأممية تشارك دول العالم بإحياء «ساعة الأرض»
  • السياح يتجنبون السفر إلى الولايات المتحدة في عهد ترامب
  • بسبب ترامب..السياح يتجنبون السفر إلى الولايات المتحدة