الخليج الجديد:
2025-02-23@00:16:01 GMT

اقتصاد إدارة بايدن وأسباب التضخم

تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT

اقتصاد إدارة بايدن وأسباب التضخم

اقتصاد إدارة بايدن وأسباب التضخم

أدت سلسلة أحداث مناخية متطرفة، زاد احتمالُ حدوثها بسبب تغير المناخ، إلى تعطل الإنتاج الزراعي في أماكن كثيرة.

هناك تحيز سلبي في التصورات عن تضخم سعر المواد الغذائية، وتعطي القفزات الكبيرة انطباعاً أقوى من الانخفاضات الكبيرة.

رغم أن كثيرا من الناس يرغبون في إلقاء اللوم على شخص ما بسبب ارتفاع أسعار البقالة، فإنه من الصعب حقاً العثور على أشرار محليين.

رغم ما يود بعض اليسار تصديقه، لم تفعله أيٌ من الشركات الجشعة، على الأقل الجزء الأكبر منها. وفي بعض الأحيان، هذه الأشياء تحدث وكفى.

هل يمكن إلقاء اللوم على اقتصاد إدارة بايدن، أم أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية هو مثال على «تضخم الجشع»، أي التضخم الناجم عن التلاعب بالأسعار؟!

ربما كان هناك بعض التلاعب في الأسعار، لكنها لا يمكن أن تكون مركزية في القصة. ولو كان الأمر كذلك، لما رأينا أسعار البيض تنخفض بالسرعة التي ارتفعت بها.

نظراً لارتفاع الأسعار العالمية، فكيف يمكن ألا ترتفع الأسعار في أميركا كثيراً؟ فقد كانت هناك ارتفاعات كبيرة في أسعار مواد الغذاء بجميع أنحاء العالم، كما في أوروبا.

لماذا ارتفعت أسعار البقالة وهل يمكن إلقاء اللوم على اقتصاد إدارة بايدن، أم أن ارتفاع أسعار الغذاء مثال على «تضخم الجشع»، أي التضخم الناجم عن التلاعب بالأسعار؟!

روسيا نفسَها مُصدِّر رئيس للأسمدة، وكان الغاز الطبيعي الروسي من المدخلات المهمة في إنتاج الأسمدة في أوروبا. فروسيا الوحيدة القادرة على إحداث تأثير كبير على تضخم الغذاء العالمي.

* * *

أحياناً أتحدث عن التضخم مع أناس حقيقيين لا يدققون في تقارير مكتب إحصاءات العمل أو يجادلون حول المزايا النسبية للتضخم المتوسط المتقلص مقابل اتجاه التضخم الأساسي متعدد المتغيرات.

صحيح أن الناس لا يختلفون بالضرورة مع الافتراض القائل بأن التضخم ينخفض، لكنهم يتحدثون حتماً عن كلفة مواد البقالة. إنها نقطة وجيهة. وهناك تحيز سلبي في التصورات عن تضخم المواد الغذائية، وتعطي القفزات الكبيرة انطباعاً أقوى من الانخفاضات الكبيرة.

وعلى سبيل المثال، حظي التصور التشاؤمي لعام 2022 باهتمام أكبر بكثير من سير الأمور سريعاً نحو الأوضاع الطبيعية لعام 2023. ومن الصحيح أن أسعار البقالة ارتفعت بشكل كبير أكثر من متوسط أسعار المستهلك منذ عشية الجائحة.

لكن لماذا؟ وهل يمكن إلقاء اللوم على اقتصاد إدارة بايدن، أم أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية هو مثال على «تضخم الجشع»، أي التضخم الناجم عن التلاعب بالأسعار!

لا، قطعاً. فربما كان للصعود الاقتصادي في عهد الرئيس جو بايدن بعض التأثير الهامشي على أسعار المواد الغذائية، خاصةً لأنه أدى إلى مكاسب كبيرة في أجور العمال ذوي الأجور المنخفضة، بما في ذلك العمال في متاجر البيع بالتجزئة.

وأنا لا أستبعد احتمال أن بعض اللاعبين الكبار في تجارة المواد الغذائية قد استغلوا التضخمَ العام لاستغلال قوتهم السوقية أكثر من المعتاد.

لكن النقطة الأساسية التي يجب أن نفهمها بشأن تضخم المواد الغذائية هي أنه ظاهرة عالمية، خارجة عن سيطرة أي حكومة واحدة، وتتخطى سياسات التسعير حتى أكبر الشركات.

ونظراً للارتفاع الهائل في الأسعار العالمية، فكيف يمكن ألا ترتفع الأسعار في الولايات المتحدة كثيراً؟ في الواقع، كانت هناك ارتفاعات كبيرة في أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء العالم، كما حدث في أوروبا، على سبيل المثال.

والأسعار التي يدفعها المستهلكون الأميركيون الآن مقابل الغذاء لم تتبع عن كثب مؤشر الأسعار العالمي، وبشكل عام ارتفعت بنسبة أقل. لكن هذا ليس مفاجئاً، لأن المؤشرات تقيس أشياءَ مختلفة نوعاً ما.

فالبنك الدولي يقدر أسعار المواد الغذائية الخام، في حين يقدر مكتب إحصاءات العمل أسعار الأطعمة المشتراة. ويؤدي هذا التمييز إلى إحداث فجوة بين الأسعار العالمية والأسعار التي يدفعها المتسوقون، وهذا بدوره يعني أن العوامل غير العالمية قد تلعب دوراً ما في تضخم مواد البقالة.

وعلى سبيل المثال، استشهدت إحدى التدوينات في مدونة البيت الأبيض حول أسعار البقالة، من بين أشياء أخرى، بأن «الجائحة حفّزت على تحول الطلب على الغذاء من المطاعم إلى محلات البقالة». وهذه نسخة من مشكلة ورق دورات المياه.

وكان جزء من المشكلة هو أن ورق دورات المياه الذي يشتريه المرء في المتاجر يختلف عن الورق المباع للشركات والمطاعم، وحين بدأ ملايين الناس فجأةً في البقاء داخل منازلهم، وجدت الصناعة نفسَها مؤقتاً تنتج النوعَ الخاطئَ.

وظهرت مشكلاتٌ مماثلة حين توقف الناسُ عن تناول الطعام في الخارج واشتروا طعاماً أكثر لتناوله في المنزل. ويتضمن إدخال الطعام في عربة التسوق أيضاً كلفةً أخرى بالإضافة إلى سعر السلع الغذائية.

ومن بين هذا كلفة العمالة. ويكسب موظفو متاجر التجزئة في مجال المواد الغذائية أجوراً منخفضة بشكل ملحوظ، لكن أسواق العمل الضيقة أدت إلى مكاسب كبيرة للعمال ذوي الأجور الأسوأ، مما لا بد أن يكون له بعض التأثير على أسعار المستهلك.

وربما كان هناك بعض التلاعب في الأسعار، لكنها لا يمكن أن تكون مركزية في القصة. ولو كان الأمر كذلك، لما رأينا أسعار البيض تنخفض بالسرعة التي ارتفعت بها.

ومن ثم، فإن تضخم أسعار الغذاء هو في الأساس قصة عالمية. لكن ما الذي تسبب في ارتفاع أسعار الغذاء العالمية؟ يبدو أنها كانت عاصفة كاملة من الأحداث المعاكسة (بما في ذلك العواصف الفعلية). وكان على رأس القائمة حرب أوكرانيا.

فبعد سقوط الاتحاد السوفياتي، استعاد حزام «التربة السوداء» الذي يمتد عبر أوكرانيا وروسيا وكازاخستان دورَه التاريخي كأحد أعظم المناطق الزراعية في العالَم، لكنه أصبح الآن منطقة حرب مرة أخرى.

وكانت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا أيضاً أحدَ العوامل، وإن لم تكن العامل الوحيد، في الارتفاع غير العادي في أسعار الأسمدة. لماذا؟

لأن روسيا تعتبر نفسَها مُصدِّرا رئيسياً للأسمدة، وكان الغاز الطبيعي الروسي من المدخلات المهمة في إنتاج الأسمدة في أوروبا. ولهذا ربما تدركون السبب الذي دفعني للقول إن روسيا قد تكون الحكومة الوحيدة القادرة على إحداث تأثير كبير على تضخم الغذاء العالمي.

وسنرى بالتأكيد بعض الراحة إذا تراجعت عن عمليتها العسكرية في أوكرانيا. وأخيراً وليس آخراً، أدت سلسلة من الأحداث المناخية المتطرفة، التي زاد احتمالُ حدوثها بسبب تغير المناخ، إلى تعطل الإنتاج الزراعي في أماكن كثيرة.

وخلاصة القول هي أنه رغم أن كثيرا من الناس يرغبون في إلقاء اللوم على شخص ما بسبب ارتفاع أسعار البقالة، فإنه من الصعب حقاً العثور على أشرار محليين. وعلى الرغم مما يدعيه اليمين الأميركي، فإن بايدن لم يفعل ذلك. ورغم ما يود بعض اليسار تصديقه، لم تفعله أيٌ من الشركات الجشعة، على الأقل الجزء الأكبر منها. وفي بعض الأحيان، هذه الأشياء تحدث وكفى.

*د. بول كروغمان كاتب وأكاديمي أمريكي، حائز على جائز نوبل في الاقتصاد

المصدر | نيويورك تايمز

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أميركا روسيا أسمدة الغذاء التضخم أوكرانيا التلاعب في الأسعار أسعار المواد الغذائیة ارتفاع أسعار فی أوروبا

إقرأ أيضاً:

توقعات بارتفاع أسعار الغذاء في اليمن وسط انهيار العملة وتشديد القيود الحوثية

حذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (FAO) في تقرير حديث من ارتفاع متوقع في أسعار المواد الغذائية في اليمن خلال الأشهر المقبلة، بسبب استمرار انهيار العملة، وارتفاع أسعار الوقود، وتداعيات تصنيف جماعة الحوثي كـ"منظمة إرهابية"، بالإضافة إلى القيود المفروضة على استيراد دقيق القمح عبر الموانئ الغربية للبلاد.

ويأتي ذلك في وقت تتزايد فيه معاناة المواطنين مع تفشي الفقر واتساع رقعة الجوع، خاصة مع اقتراب شهر رمضان، الذي عادة ما يشهد ارتفاعًا في الطلب على المواد الغذائية.

وأشارت النشرة التحليلية للأسواق والتجارة الصادرة عن المنظمة إلى أن هذه العوامل ستؤثر بشكل مباشر على قدرة الأسر اليمنية على تحمل تكاليف الغذاء والوصول إليه، متوقعة أن يواجه نحو 17.1 مليون شخص، أي ما يقارب نصف السكان، انعدام الأمن الغذائي خلال فبراير الجاري.

كما حذر التقرير من تداعيات قرار الحوثيين بحظر استيراد دقيق القمح عبر مينائي الحديدة والصليف، والذي تم تطبيقه قبل شهر رمضان، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الغذائية، وارتفاع الأسعار، وانتعاش السوق السوداء، خاصة مع توقف المساعدات الإنسانية الغذائية.

وتأتي هذه الأزمة في ظل سيطرة الحوثيين على المساعدات الإنسانية ومنع التجار والمبادرات المحلية من توزيع الصدقات والإعانات بشكل مباشر للمحتاجين، حيث فرضت الجماعة قيودًا صارمة على توزيع المساعدات، مما يفاقم معاناة الفقراء الذين يعتمدون على الإغاثة لسد احتياجاتهم اليومية. ويضاف إلى ذلك قرار الحوثيين بحظر استيراد دقيق القمح عبر مينائي الحديدة والصليف، مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعاره، وانتعاش السوق السوداء، واحتكار المساعدات الغذائية لصالح الجهات الموالية للجماعة، ما يزيد من الضغوط المعيشية قبيل رمضان.

ويتزامن هذا التدهور الاقتصادي والاجتماعي مع استمرار المليشيا في رفض صرف رواتب الموظفين رغم تحصيلها مليارات الريالات من إيرادات النفط والموانئ والجمارك، وهو ما يضع ملايين اليمنيين في مواجهة خطر الجوع الحاد، في ظل ندرة فرص العمل، وغياب أي حلول ملموسة تخفف من الأزمة الاقتصادية التي تشتد يوماً بعد يوم.

مع قرب حلول شهر رمضان، الذي يعد موسمًا للصدقات والتكافل الاجتماعي، يجد ملايين اليمنيين أنفسهم في أوضاع أشد قسوة، حيث تتحكم المليشيا في تدفق المساعدات، وتفرض قيودًا على التجار والمتبرعين، ما يحرم آلاف الأسر من الحصول على الدعم الذي كانت تعتمد عليه في مثل هذه المواسم، ويزيد من تفشي الفقر والجوع في مختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

مقالات مشابهة

  • مع اقتراب شهر رمضان.. معاناةُ اليمنيين تتفاقم مع ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة! (تقرير خاص)
  • تعز.. نزول ميداني للرقابة على أسعار المواد الغذائية والمطاعم والأفران بمديرية التعزية
  • محافظ المنوفية يفتتح معرض أهلا رمضان لبيع السلع الغذائية بشبين الكوم
  • توقعات بارتفاع أسعار الغذاء في اليمن وسط انهيار العملة وتشديد القيود الحوثية
  • الدكتور محمد الأصبحي- مدير صحة البيئة بمكتب الأشغال العامة بأمانة العاصمة لـ”الثورة”: لدينا خطة مُكثّفة لضمان سلامة الغذاء في رمضان
  • صحة القليوبية تداهم أحد مخازن المواد الغذائية الغير مرخصة بطوخ
  • انهيار العملة يقفز بأسعار الغذاء إلى مستويات صادمة (تقرير)
  • الصناعات الغذائية تناقش مستجدات قطاع صناعة السكر والحلوى والشيكولاتة
  • غرفة الصناعات الغذائية تناقش مستجدات قطاع السكر والحلوى والشوكولاتة
  • اتهمه بإهدار الأموال.. ترامب يشن هجوما لاذعا على بايدن