خبير طاقة: خطوات مدروسة تقضي على أزمة الأحمال وتضمن كهرباء مستدامة للجميع
تاريخ النشر: 21st, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد المهندس الاستشاري أحمد الشناوي وكيل شعبة الهندسة الكهربائية السابق وخبير الطاقة، أن توفير الطاقة الكهربائية المستدامة من كافة المصادر لكافة العملاء وفقًا للمعايير العالمية وبأسعار تنافسية من خلال عمل مؤسسي يتبنى سياسات الجودة والاستخدام الأمثل للموارد والحفاظ على البيئة، اعتمادًا على قدرات بشرية وتكنولوجية عالية الكفاءة، وإنجاز الأعمال بطريقة مسئولة أخلاقيًا بما يحقق صالح عملائنا، ومجتمعنا هي رسالة وزاره الكهرباء والطاقة الجديدة والمتجددة.
وأشار أنه في مارس 2015 تم انعقاد مؤتمر مصر الاقتصادي بشرم الشيخ وفيه تم التعاقد مع شركه سيمنز الألمانية وهي من أكبر الشركات العالمية في مجال الطاقة الكهربية لبناء ثلاث محطات عملاقه في بني سويف والعاصمة الإدارية الجديدة والبرلس وهي محطات حديثة تعمل بالدورة المركبة لتحقيق أقصى استفادة في إنتاج الكهرباء وتتكون كل محطة من 4 وحدات، وقدره كل محطه 4800 ميجا وات وبطاقه اجماليه للثلاث محطات 14400 ميجاوات
وفي مجال الطاقة الجديدة والمتجددة تم انشاء محطه بنبان في أسوان لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، وتعتبر من أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم وتبلغ طاقتها الإنتاجية 1546 ميجاوات.
وكذلك تم إنشاء محطة جبل الزيت لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح وهي من أكبر محطات طاقه الرياح في العالم بطاقه إنتاجية 582 ميجاوات، هذا جزء من قليل عن محطات إنتاج الكهرباء التي تم إنشائها.
ويبلغ انتاج الطاقة الكهربية في مصر الان 65 الف ميجا وات اي تضاعفت ثلاث اضعاف خلال سبع سنوات .
ولا يقتصر الأمر على محطات إنتاج الكهرباء بل تم إنشاء الكثير والكثير من محطات المحولات على مختلف الجهود الكهربية 500و66 و220 كف.
وذلك لاستقبال الطاقة الكهربية الهائلة المنتجة من محطات الكهرباء وتغيير سعة المحولات من 25 ميجافولت أمبير إلى 40 ميجافولت أمبير.
"شبكه التوزيع "
وبخصوص شبكه التوزيع فتم تغيير محولات التوزيع باخري جديده وتغيير الخطوط الهوائيه بكابلات ارضيه حفاظا علي أرواح المواطنين والتوسع في تركيب العدادات مسبوق الدفع
في إطار تنفيذ توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكومة بسرعة تنفيذ المشروعات المخططة في مبادرة حياة كريمة قامت شركات توزيع الكهرباء باتخاذ اللازم نحو تحسين كفاءة الشبكات الكهربائية بالقرى المستهدفة.
حيث أن خطة التطوير لشبكات الكهرباء التي سيتم تنفيذها تشمل تحسين الخدمة ورفع كفاءة التغذية الكهربائية وتتضمن استكمال تحويل موصلات الجهد المنخفض المكشوفة إلى معزولة وتغيير الموصلات ذات المقاطع الصغيرة بأخري ذات مقطع مناسب
ورفع سعة المحولات واستبدال الأعمدة المتهالكة واستبدال المحولات المعلقة بأكشاك، وإنشاء مغذيات جديدة لتتكامل كل مهمات شبكة التوزيع لتحسين الأداء واستقرار التغذية الكهربائية ووضع حلول لتفادى مشاكل الخطوط الطويلة.
ولاننسي ايضا البدء في انشاء مشروعات الطاقه الجديده والمتجدده التي تم توقيعها خلال مؤتمر المناخ كوب 27 المنعقد بشرم الشيخ نوفمبر 2022
حيث تم الاتفاق مع شركه سعودية لإنشاء محطة لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح بقدرة 10 جيجا وات وأيضا الاتفاق مع شركة إمارتية لإنشاء محطة طاقة رياح بقدرة 10 جيجا وات وبذلك تكون لدي مصر اثنين من اكبر مزارع الرياح في مصر بالإضافة إلى اتفاق مع شركة نرويجية مزرعة لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح بقدرة 5جيجا وات .
وننتقل إلى مشروعات الهيدروجين الأخضر حيث تم تأسيس شركة مصر للهيدروجين الأخضر، ومنحتها الحكومة المصرية الرخصة الذهبية لإنشاء مصنع بالمنطقة الاقتصادية لقناه السويس بقدرة 100 ميجا وات والهيدروجين الأخضر هو طاقة نظيفة يمكن استخدامه بديلًا عن الغاز الطبيعي في محطات الكهرباء التقليدية حيث لا يسبب أي انبعاثات كربونية.
ولا ننسى الإنجاز الكبير المفاعل النووي بالضبعة الذي يتكون من اربعه مفاعلات نوويه قدره كل مفاعل 1200 ميجاوات حيث حاولت مصر علي مدي اكثر من خمسين عاما انشاء مفاعل نووي ولكن بائت كل المحاولات بالفشل وسيذكر التاريخ انه في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي تم انشاء المفاعل النووي المصري
وفي منتصف 2023 تم الاحتفال بتركيب مصيده قلب المفاعل النووي الاول وباذن الله تعالي عام 2027 نحتفل بدخول المفاعل النووي المصري الخدمه
وايضا في 2023 بدايه المشروع العملاق وهو الربط الكهربي بين مصر والسعوديه وهو مشروع عملاق يستهدف الي تبادل فائض الطاقه الكهربيه بين البلدين نتيجه اختلاف اوقات الذروه بين البلدين
وفي عام 2023 انتهاء جميع الدراسات الخاصه بتصدير الكهرباء الي اوروبا وهو مشروع عملاق يهذف الي جغل مصر مركزا اقليميا لصادرات الطاقه الكهربيه ومن المتوقع تنفيذه مطلع عام 2024 ان شاء الله
وبالنسبه للمستهلكين يتم احلال عدادات الكهرباء التقليديه بعددات كهرباء مسبوقه الدفع ذكيه وهي تحتوي علي شريحه للتليفون المحمول وبذلك يمكن شحن عداد الكهرباء من اي مكان من منافذ الدفع الفوري بدون الحاجه الي وجود كارت الشحن ويعتبر تسهيل كبير علي المشتركين
واذا انتقلنا الي انجازات وزاره الكهرباء خلال عام 2024 فهي متعدده وكثيره وابرزها القضاء علي ازمه تخفيف الاحمال تماما بخطوات مدروسه اهمها تخصيص مليار دولار لتوفير الوقود اللازم (العاز الطبيعي والمازوت ) اللازم لتشغيل محطات الكهرباء التقليديه بالاضافه الي التوسع في انشاء المزيد والمزيد من محطات الطاقه الشمسيه وطاقه الرياح وزياده نسبتهم من اجمالي الطاقه الكهربيه المنتجه من الشبكه الكهربيه وبالتالي تقليل الاعتماد علي الغاز الطبيعي والمازوت وفي سبيل تحقيق هذا الهدف المنشود شهد الدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء واللواء مهندس مختار عبد اللطيف رئيس الهيئه العربيه للتصنيع عقد انشاء مصنع لتصنيع الالواح الشمسيه وهي خطوه جباره تحقق عده اهداف منها تقليل الاستيراد وبالتالي الحفاظ علي العمله الصعبه وايضا تقليل تكلفه انشاء محطات الطاقه الشمسيه وقامت الوزاره بانشاء منصه مصر للطاقه الشمسيه وفيها كل الشركات المعتمده من وزاره الكهرباء ويوجد ايضا علي المنصه جميع الاستفسارات التي تساعد المواطنين والشركات لبناء محطه طاقه شمسيه
ومنذ ايام قليله تم افتتاح محطه الطاقه الشمسيه ابيدوس واحد بقدره 500 ميجا وات وهي اول محطه طاقه شمسيه وتم التوقيع ايضا علي انشاء محطه ابيدوس اثنين ولاول مره ادخال بطاربات التخزين وذلك للاستفاده من محطات الطاقه الشمسيه ليلا حيث انها لاتعمل بعد غروب الشمس
ولتقليل الانبعاثات الكربونيه ورفع كفائه محطات الكهرباء التقليديه التي تعمل بالغاز الطبيعي تم تحويل 6 محطات غازيه الي محطات دوره مركبه وهي اكثر كفائه واقل استهلاكا للوقود
وفي السياق نفسه وقعت مصر اربع اتفاقيات لانتاج الهيدروجين الاخضر مع عدد من المطورين الاوربيين والهيدروجين الاخضر هو وقود المستقبل ويمكن استخدامه في محطات الكهرباء التقليديه ولاينتج منه اي انبعاثت كربونيه ويقلل من استخدام الغاز الطبيعي وبدات دول اوربيه في استخدام الهيدروجين الاخضر ويوجد ايضا سيارات تعمل بالهيدروجين الاخضر وانتجت فرنسا اول قطار يعمل بالهيدروجين الاخضر
كل هذه الخطوات يساعد علي تحقيق اهداف التنميه المستدامه ورؤيه مصر 2030 لتوفير طاقه كهربيه نظيفه باسعار رخيصه وتامل وزاره الكهرباء ان تكون نسبه انتاج الكهرباء من الطاقه الجديده والمتجدده حوالي 35% من اجمالي الطاقه الكهربيه المنتجه وذلل بحلول عام 2030 باذن الله تعالي
وللقضاء علي الفقد التجاري او مايعرف بسرقه الكهرباء تم تغليظ العقوبه علي سارقي التيار الكهربي وتكثيف الحملات من شرطه الكهرباء وايضا السماح بتركيب عدادات الكهرباء الكوديه في العقارات المخالفه لشروط البناء وهي عدادات بارقام وغير مذكور فيها اسم المشترك وتسمح بادخال الكهرباء الي الوحده السكنيه ومحاسبه المستهلك ويتم ايضا تركيب العداد الغفير بمدخل كل عماره وهو عداد مجمع يلاحظ اي سرقه للتيار الكهربي وللعلم سرقه التيار الكهربي كانت من الاسباب الرئيسيه لتخفيف الاحمال العام الماضي
وللقضاء علي الروتين انشات جميع شركات الكهرباء منصه رقميه يمكن للمواطن اداء معظم الخدمات منها دون الحاجه للذهاب الي مقر الشركه بالاضافه الي تخصيص رقم 121 وهو خط ساخن يقوم بالرد علي المشتركين طوال اليوم
ولتقليل الفقد الفني في الشبكه الكهربيه تم تركيب اجهزه لمراقبه اداء الشبكه الكهربيه طوال اليوم ومعالجه اي قصور والعمل باستمرار علي تجديد مهمات الشبكه الكهربيه من كابلات ارضيه وخطوط هوائيه ومحولات القدره الكهربيه وايضا انشاء مراكز تحكم يمكن منها معرفه مقدار الطاقه الكهربيه سواء المنتجه او المستهلكه وسهوله عمل اي مناوره في حاله انقطاع الكهرباء لسرعه ارجاع الكهرباء الي المشتركيين
وللموقع الجغرافي الممتاز لبلدنا الحبيبه حيث تتوسط ثلاث قارات بالاضافه الي كفائه الشبكه الكهربيه المصريه واعتمادها علي جميع مصادر انتاج الكهرباء وخصوصا الطاقه الشمسيه وطاقه الرياح اصبحت مصر محور اقليمي للطاقه الكهربيه فهي تصدر الكهرباء الي ليبيا والي السودان والي الاردن وبدات في اجراءت الربط الكهربي مع اوروبا من خلال اليونان
ولاننسي ايضا المشروع العملاق وهو الربط الكهربي مع المملكه العربيه السعوديه وهو مشروع يحقق فائده كبيره للطرفين حيث يمكن تبادل الطاقه الكهربيه بين البلدين من غير دخول اي توربينات جديده في الخدمه نظرا لاختلاف ساعات الذروه بين البلدين مشروع عملاق ومن المنتظر الانتهاء منه العام القادم 2025 باذن الله تعالي
وقبل ان نختم لاننسي اهم مشروع لانتاج الكهرباء وهو محطه الطاقه النوويه بالضبعه وهو المشروع الذي انتظره المصريون علي مدار خمسن عاما وبفضل الله سبحانه وتعالي وتوجيهات سياده الرئيس عبد الفتاح السيسي قارب المشروع علي الانتهاء ومن المنتظر الانتهاء من اول مفاعل عام 2027 باذن الله تعالي
وفي 19 نوفمبر 2024 وخلال الاحتفال بالعيد الرابع للطاقه النوويه شهد الاحتفال وضع قلب المفاعل النووي الرابع حيث تتكون محطه الضبعه النوويه من اربع مفاعلات قدره كل مفاعل 1200 ميجاوات بقدره كليه 4800 ميجا وات
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: مصر لإنتاج الکهرباء من محطات الکهرباء المفاعل النووی الطاقه الشمسیه الکهرباء الی من محطات میجا وات
إقرأ أيضاً:
سياسة إسرائيل الداخلية تقضي على «وقف إطلاق النار» في غزة
سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى تحميل حماس المسؤولية في استئناف إطلاق النار في غزة، وذلك في 18 مارس، حيث استشهد أكثر من 400 فلسطيني، واستأنف ذلك في تصريح تحذيري قائلًا: «إنها مجرد بداية»، والحقيقة أن العنف المتجدد نابع في الأساس من السياسة الداخلية الإسرائيلية، وهناك يمكن العثور على جذور العنف.
ومع دخول المرحلة الثانية من هدنة وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في شهر يناير الماضي، أشار عدد من الخبراء في الشأن الإسرائيلي والباحثين، وأنا واحد منهم، إلى أن هناك مشكلة من الصعب حلها، تتمثل هذه المشكلة في خطة الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وذلك مقابل إطلاق سراح كافة الرهائن الإسرائيليين المتبقين لدى حماس. وتكمن المشكلة في أن تلك الخطة تعد محبطة لليمين المتطرف الإسرائيلي، الذي يعتمد عليه نتنياهو للاستمرار في سياسته وبقائه في قيادة القرار، كما أن الانسحاب يتعارض مع «الأيديولوجيات المتطرفة» التي يتبناها الأعضاء الرئيسيون في حكومة نتنياهو، ومنهم عدد من أعضاء حزبه المعروف بـ«الليكود»، الذين يحتفظون بموقف ثابت وبشكل علني، وهو بقاء السيطرة الإسرائيلية على قطاع غزة وتهجير أكبر عدد من سكانها، لذلك، لقيت خطة دونالد ترامب، المتمثلة في إخلاء غزة بالكامل لإقامة مشروع ضخم بقيادة بلاده، ترحيبًا كبيرًا من حكومة نتنياهو.ومن وجهة نظري، كخبير في التاريخ الإسرائيلي وأستاذ لدراسات السلام، أعتقد أن طموح اليمين المتطرف في مصير غزة بعد الصراع لا يتوافق مع خطة وقف إطلاق النار، وهذه الطموحات تتشاركها حكومة نتنياهو، وفي المقابل، تتوافق خططهم بشكل كبير مع بعض المسؤولين في الإدارة الأمريكية الحالية، وهي الدولة التي ترى نفسها من قادت هدنة وقف إطلاق النار، كما أنها الدولة الوحيدة القادرة على إلزام حكومة نتنياهو بتنفيذ شروطها.
يرى بعض المحللين أن حماس مسؤولة عن التأخر في إطلاق سراح الرهائن، إلى جانب اتهامها بالتلاعب أثناء المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، فضلًا عن وصف البعض لعمليات إطلاق سراح الرهائن بأنها مجرد مسرحية دعائية، الأمر الذي أزعج عائلات الأسرى والإسرائيليين عمومًا.
ولكن من وجهة نظري، فإن استئناف إطلاق النار ووقف الهدنة يرجع في المقام الأول إلى التيارات الإسرائيلية الداخلية، والتي هي مسؤولة عن العنف حتى قبل أحداث السابع من أكتوبر - تلك الأحداث التي أشعلت أكبر مواجهات العنف بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ عام 1948، ويرجع ذلك إلى السياسة الداخلية الإسرائيلية بسبب سياسة نتنياهو التي ترمي إلى تحويل النظام نحو مزيد من الزيادة في السلطتين التنفيذية والتشريعية، مع إضعاف السلطة القضائية، فمنذ يناير 2023، بذلت حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة جهودًا كبيرة لضم المؤسسات المستقلة إليها، منها مكتب النائب العام وجهاز الشرطة، لجعلها أذرعًا تابعة لها.
كما عمل نتنياهو جاهدًا خلال عام 2023 على إجراء إصلاحات في القضاء الإسرائيلي، إلا أن ذلك واجه احتجاجات كبيرة استمرت طويلًا اعتراضًا على جهوده.
ثم جاءت أحداث السابع من أكتوبر 2023، ورأى عدد من السياسيين الإسرائيليين أنها فرصة لإثبات الوحدة الوطنية الإسرائيلية، أي الوحدة بين الحكومة والشعب، والاتفاق الجمعي على إمكانية إعادة النظر في تنفيذ ما يمكن اعتباره «انقلابًا قانونيًا»، ولكن حكومة نتنياهو كانت لها خطط أخرى.
فبعد الفشل الذي حدث في صفقة الرهائن الأولى في نوفمبر 2023، تساءل الإسرائيليون عمّا إذا كانت حكومة نتنياهو مستفيدة من إطالة مدة الحرب، وذلك بسبب التيار اليميني المتطرف الذي يحتمي به نتنياهو، مما يصب في صالحه لتنفيذ خططه، ومنها استئناف الهجوم «للقضاء على حماس».
ولم أذكر ما سبق اعتباطًا، بل وفق قواعد متينة، فقد تم توجيه اتهامات إلى نتنياهو في نوفمبر من عام 2019 بخيانة الأمانة والتحايل والفساد الإداري، لذلك يسعى إلى إجراء إصلاحات في القضاء، وأتاحت له الحرب منذ 2023 تضليل منطق الإجراءات القضائية، فهو يحاكم بينما تعيش دولته حربًا، فالتهم لا تزال قائمة ولا يزال القضاء يلاحقه، لكن استئناف الحرب يعني مرة أخرى تمديد أمد المماطلة في المحاكمة.
وفي الوقت نفسه، فإن الحرب التي يقودها نتنياهو تمثل له حجة قوية لكتم أصوات بعض من أشد المنتقدين له في الحكومة الإسرائيلية، فمنذ بداية أحداث السابع من أكتوبر، أقال نتنياهو وبشكل منظّم ومدروس عددًا من الأعضاء المعروفين بمعارضتهم لسياسته من القيادات الأمنية والسياسية، وألقى عليهم اتهامات بأنهم السبب وراء هجمات السابع من أكتوبر ونتائج هذا الصراع، إلى جانب ذلك، تزايدت الإقالات في الأشهر الأخيرة، الأمر الذي يراه نتنياهو «تطهيرًا» لبقاء سياسته قائمة دون معترضين، ومن ذلك تغيير النائب العام جالي بهاراف، وإقالة رونين بار، رئيس الجهاز الأمني القومي «الشاباك»، الذي كان يقود تحقيقات كبيرة وحساسة في الشأن الإسرائيلي.
إن الانهيار الظاهري لوقف إطلاق النار يتزامن الآن مع تزايد الضغوط على نتنياهو من اليمين السياسي داخل ائتلافه الحاكم.
وفقًا للقانون الإسرائيلي، يجب على الحكومة الموافقة على الموازنة السنوية بحلول نهاية شهر مارس، وإلا ستواجه خطر الحل، مما يؤدي إلى انتخابات جديدة، لكن نتنياهو يواجه معارضة من بعض الأحزاب -المتدينة- فيما يتعلق بمسألة التجنيد الإجباري، فمنذ بداية الحرب، تصاعدت الضغوط الشعبية لإنهاء الإعفاء الذي يتمتع به الرجال المتدينون، والذين -خلافًا لبقية الإسرائيليين- لم يكونوا مجبرين على الخدمة العسكرية، غير أن الأحزاب المتدينة تطالب بعكس ذلك تمامًا، بتمرير تشريع يمنحهم إعفاءً رسميًا من الخدمة العسكرية.
لضمان تمرير الموازنة السنوية وتجنب الانتخابات، يحتاج نتنياهو إلى دعمٍ كافٍ، وإذا لم يأتِ هذا الدعم من الأحزاب المتدينة، فعليه تأمين تأييد أعضاء اليمين المتطرف في الائتلاف.
نتيجة لاستئناف الحرب، عاد حزب «عوتسما يهوديت»، وهو الحزب اليميني المتطرف الذي انسحب من حكومة نتنياهو في يناير احتجاجًا على اتفاق وقف إطلاق النار، إلى الائتلاف، وهذا التطور يمنح نتنياهو أصواتًا حاسمة لتمرير الموازنة، لكنه في الوقت نفسه يشير بوضوح إلى أن الائتلاف ليس لديه أي نية لتنفيذ المرحلة الثانية من خطة وقف إطلاق النار، والتي تتضمن الانسحاب من غزة، بعبارة أخرى، تم قتل الاتفاق من الداخل.
ولا يمكن تحميل السياسة الداخلية الإسرائيلية وحدها مسؤولية استئناف القتال، فهناك أيضًا تغير في موقف الإدارة الأمريكية، فقد كان انتقال الرئاسة من جو بايدن إلى دونالد ترامب عاملًا حاسمًا في توقيت اتفاق وقف إطلاق النار في يناير 2025، لكن يبدو أن الإدارة الأمريكية مترددة في إجبار نتنياهو على المضي قدمًا نحو المرحلة الثانية، فقد أدلى ترامب مؤخرًا بتصريحات توحي بدعمه لممارسة المزيد من الضغط العسكري على حماس في غزة، ومن خلال تحميل حماس مسؤولية استئناف الحرب، فإنه يمنح ضمنيًا تأييده لموقف الحكومة الإسرائيلية.
في الواقع، تمتلك حماس مصلحة كبيرة في تنفيذ الاتفاق، حيث يمنحها ذلك أفضل فرصة للبقاء في السيطرة على غزة، فضلًا عن تحقيق هدف سياسي يتمثل في نجاحها في تأمين الإفراج عن آلاف الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
إن الغالبية العظمى من الإسرائيليين تؤيد إنهاء الحرب، واستكمال تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وتنحي نتنياهو.
وتشهد حركة الاحتجاج المناهضة للحكومة زخمًا متزايدًا مجددًا، كما يتضح من المظاهرات الواسعة في المدن الإسرائيلية ضد استئناف القتال في غزة، ومحاولة الإطاحة برئيس جهاز الأمن العام «رونين بار».
ونظرًا إلى أن الشعب الإسرائيلي وحكومته يسيران في اتجاهين متعاكسين، فإن استئناف القصف على غزة لا يمكن إلا أن يؤدي إلى تفاقم الأزمة الداخلية التي سبقت الحرب واستمرت في التمدد والتقلص منذ ذلك الحين.
لكن يبدو أن نتنياهو يراهن على استمرار الحرب، ويرى الاستمرار فرصته الأفضل للبقاء في السلطة واستكمال مشروعه لتغيير النظام السياسي في إسرائيل، وخصوصًا القضاء.
حاليًا، تواجه إسرائيل وضعًا غير مسبوق، حيث يمكن القول إن التهديد الأكبر لاستقرارها ينبع من داخلها، وتحديدًا من رئيس وزرائها نفسه.
آشر كوفمان أستاذ التاريخ ودراسات السلام في جامعة نوتردام
عن آسيا تايمز