لاشك أن السؤال عن هل يوجد ذنوب لا يغفرها الله تعالى ؟ ، يعبر عن أكبر المخاوف التي تنغص حياة الكثيرين، الذين يدركون خطورة الذنوب وكيف من شأنها أن تقلب حياتهم رأسًا على عقب، فهي المسئول الأول عن ضيق العيش وكدر الحياة، من هنا تنبع أهمية معرفة هل يوجد ذنوب لا يغفرها الله تعالى؟ ، خاصة وأن ارتكاب الذنوب سمة إنسانية مادامت الدنيا ، ويصعب مقاومتها مع كثرتها وتنوع المعاصي، التي تحاصرنا من كل صوب وحدب من هنا يستوقفنا استفهام هل يوجد ذنوب لا يغفرها الله تعالى؟ ، باعتبارها أحد الأمور التي تمنع عنا الرحمة وتحرمنا من النجاة، لذا ينبغي معرفة هل يوجد ذنوب لا يغفرها الله تعالى ؟ وما هي ؟ تجنبًا للوقوع فيها لعلنا ننجو في الدنيا والآخرة.

لماذا سمي رجب شهر الله؟.. اغتنم الأيام المتبقية منه لـ6 أسبابأفعال محرمة في رجب.. احذر الوقوع فيها خلال الـ12 يوم القادمةهل يوجد ذنوب لا يغفرها الله

ورد في حقيقة هل يوجد ذنوب لا يغفرها الله تعالى ؟ ،  أنه وعد الله سبحانه وتعالى أن يغفر الذنوب جميعًا عن عباده التائبين ما لم يُشركوا به شيئًا، وما داموا قد شعروا بعظمة الذنب وتوجهوا إلى ربهم بالتوبة رغبةً بنيل مغفرته والنجاة من عقوبته، وقال تعالى: «قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ»، إلا أن هناك ثلاثة ذنوب لا يغفرها الله تعالى بالتوبة ، لأن بعضها متعلق بحقوق العباد.

ما الذنوب التي لا تغفر

ورد أن الذنوب التي لا تُغفر بالتوبة هي كبائر الذنوب ، حيث إن هناك ذنوب لا يغفرها الله سبحانه وتعالى لصاحبها إن لم يتب منها توبةً نصوحًا قبل الموت، وهي ثلاثة :

أولًا: الشرك وهو نوعان الأكبر: قال سبحانه وتعالى: «إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء» (سورة النساء: 48)، وقال سبحانه وتعالى: «إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيهِ ٱلْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ ٱلنَّارُ وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ» (سورة المائدة: 72)، وقال صلّى الله عليه وسلّم: «من لقي الله لا يشرك به شيئًا دخل الجنّة، ومن لقيه يشرك به شيئًا دخل النّار»، رواه مسلم في الإيمان، وقال القرطبي رحمه الله: «إنّ من مات على الشّرك لا يدخل الجنّة، ولا يناله من الله رحمة، ويخلد في النّار أبد الآباد، من غير انقطاع عذاب، ولا تصرم آماد»، وقد نقل كلّ من ابن حزم، والقرطبي، والنّووي الإجماع على أنّ المشرك يخلد في النّار.

ورد أن النوع الآخر هو الشرك الأصغر: وهناك قولان في ذلك، القول الأول أنّه تحت المشيئة، وأمّا القول الثّاني فإنّه تحت الوعيد، وهو الذي مال إليه بعض أهل العلم والفقهاء، والشرك الأصغر هو كل ما نهى عنه الشرع مما هو ذريعة إلى الشرك الأكبر، ووسيلةٌ ‏للوقوع فيه، وسماه الله ورسوله شركًا، وهو غير مخرج من ملة الإسلام، بل صاحبه لا يزال في دائرة الإسلام، وصوره عديدة يعسر حصرها كلها، ولو أمكن حصرها لما اتسع له هذا المقام، كما قال ابن القيم رحمه الله: والشرك أنواع كثيرة، لا يحصيها إلا الله، ولو ذهبنا نذكر أنواعه لاتسع الكلام أعظم اتساع.

ورد أن ثانيًا: حقوق النّاس ومظالمهم: فقد روى البخاري في الرقاق، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ».

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟ قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ»، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «وحقّ غير الله يحتاج إلى إيصالها لمستحقها، وإلا لم يحصل الخلاص من ضرر ذلك الذّنب، لكن من لم يقدر على الإيصال بعد بذله الوسع في ذلك فعفو الله مأمول، فإنّه يضمن التبعات، ويبدّل السّيئات حسنات».

ورد أن ثالثًا القتل: وذلك لأنّ القتل حقّ يتعلق به ثلاثة حقوق، وهي: حقّ الله سبحانه وتعالى، وحقّ الولي والوارث، وحقّ المقتول، فأمّا حقّ الله سبحانه وتعالى يزول بالتوبة، وأمّا الوارث فإنّه مخيّر بين ثلاثة أشياء: إمّا القصاص، وإمّا العفو إلى غير عوض، وإمّا العفو إلى مال، وبالتالي يبقى حقّ المقتول، فعن جندب رضي الله عنه قال: حدّثني فلان أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال: «يجيء المقتول بقاتله يوم القيامة، فيقول: سل هذا فيم قتلني؟ فيقول: قتلته على ملك فلان، قال جندب: فاتَّقِها »، رواه النسائي في تحريم الدم، قال ابن القيم رحمه الله: « فالصّواب والله أعلم أن يقال: إذا تاب القاتل من حقّ الله، وسلم نفسه طوعًا إلى الوارث، ليستوفي منه حقّ موروثه: سقط عنه الحقّان، وبقي حقّ الموروث لا يضيّعه الله. ويجعل من تمام مغفرته للقاتل: تعويض المقتول، لأنّ مصيبته لم تنجبر بقتل قاتله، والتّوبة النّصوح تهدم ما قبلها، فيعوض هذا عن مظلمته، ولا يعاقب هذا لكمال توبته».

كيفية التوبة من الذنوب

ورد عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- تكون بالتوبة النصوح ، والتي تعد أول الأمور التي يتم بها التوبة من الذنوب والمعاصي، حيث إن التوبة هي ندم على الذنب، وإقلاع عن المعصية، والعزم على عدم العودة إلى هذه الخطيئة أو مثلها أبدًا، وفي كيفية التوبة من الذنوب والمعاصي ينضم للتوبة حتى يتحقق بها مراد المذنب وتكون كفارة الذنوب شرط رابع لو هناك حق من حقوق العباد؛ يجب أن يُرجِع هذا الحق إلى العبد حتى تُقبل التوبة؛ فبهذه يقبل الله- سبحانه- التوبة.

كيف يغفر الله الذنوب

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتح للمذنبين باب الأمل والغفران والحب، منوهًا بأنه –صلى الله عليه وسلم أخبرنا عن أسهل طريقة بها يغفر الله الذنوب والمعاصي.

و أوضح «جمعة» ، أنه –صلى الله عليه وسلم- جعل وضعك يدك على رأس يتيم من موجبات المغفرة، وجعل كفالتك لليتيم أمرًا عظيما، تعطيك مكانةً هائلة فيقول -صلى الله عليه وسلم-: «أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة» أي أن كفالة اليتيم تساوي مكانتك في الجنة في مقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .

وتابع: وهو المصطفى المختار كلامٌ عجيب!، لكنه يفتح لك باب الأمل، باب الغفران، باب الحب؛ فكما أحببت هذا اليتيم، وكفلته في الدنيا لوجه الله سبحانه وتعالى؛ فإن الله سبحانه وتعالى يعطيك مكانًا في جوار سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الجنة، كلامٌ عجيب لكنك لو تأملته لوجدته معقولا، ولوجدته يفتح لك باب الأمل لأن «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون» فبادروا بالأعمال حتى تغفر لكم هذه الأعمال عند غفورٍ رحيم سبحانه وتعالى.

نوه بأنه من وضع يده على رأس يتيم كان له بمقدار عدد شعر رأسه حسنات وأجر عند الله، الله واسع، مالك السماوات والأرض، يقول للشيء كن فيكون كريم، ونحن نرجو منه سبحانه وتعالى المغفرة، والتوفيق، واللطف، والنصر على أنفسنا، وعلى شهوات الدنيا حتى نعبده، وحتى نُعمِّر هذه الأرض، حتى ندخل في نظر الله ورحمته سبحانه وتعالى؛ فنحن في أشد الحاجة إليه، وقال –صلى الله عليه وسلم-: «وأتبع السيئة الحسنة تمحها» و«الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار» ، جاء أحدهم يشكو إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه ارتكب ذنبًا ورآه كبيرًا؛ فقال له: «اذهب فتوضأ وصلِّ ركعتين» بنية أن يغتسل من هذا الذنب، وأن يفق في نفسه، وفي علاقته مع ربه، وأن يسير بعد ذلك في الطريق المستقيم.

أعمال تغفر الذنوب

وردت أعمال تغفر الذنوب بالكتاب العزيز وسُنة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فقال مجمع البحوث الإسلامية، إنه فيما ورد عن السلف الصالح، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا عن خمسة عشر من الأعمال التي تكفر الذنوب ، وبها يمحو الله سبحانه وتعالى خطايا العبد ويرفع درجته.

وأوضح «البحوث الإسلامية» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن بر الوالدين يعد من الاعمال التي تكفر كبائر الذنوب ، فقد قال الإمام أحمد -رضي الله تعالى عنه-: «بر الوالدين كفارة الكبائر»، وكذلك إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة المشي إلى المساجد ، والحرص على أداء الصلاة في وقتها وانتظار الصلاة، تعد أعمال تغفر الذنوب ويمحو الله عز وجل بها الخطايا ويرفع درجات العبد.

ودلل عليها بما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ غَدَا إلَى المَسْجِدِ وَرَاحَ أَعَدَّ الله لَهُ نُزُلَهُ مِنَ الجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ»، وورد مجموعة أخرى من اعمال تكفر كبائر الذنوب في صحيح مسلم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟» قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ».

و تأتي من بينها الصّدقةُ أحيانًا تُخَلّصُ صَاحبَها من دخُولِ النّار إنْ كانَ مِن أهلِ الكبائر، أليسَ قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «اتّقُوا النّارَ ولَو بشِقّ تَمرَة» رواه البخاري وغيره، وعَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الصَّلاةُ نُورٌ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ، وَالْحَسَدُ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ» ومن اعمال تكفر كبائر الذنوب الحج من مكفرات الذنوب فروى البخاري (1521) ومسلم (1350) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ».

وجاء من أعمال تغفر الذنوب منها التسامح والعفو من مكفرات الذنوب، فقال تعالى: «وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ» (التغابن: 14)، والعفو والصفح سبب للتقوى قال تعالى: «وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُم» [البقرة من الآية:237]، والعفو والصفح من صفات المتقين، كما أنه من اعمال تكفر كبائر الذنوب قال تعالى: «وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ . الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ». [آل عمران:133-134].

وردت مجموعة من الاعمال التي تكفر كبائر الذنوب تحت عناوين تفريج كربة عن مؤمن، وعون الضعيف لها أجر كبير عند الله، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ، وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ» (رواه مسلم).

وورد من أعمال تغفر الذنوب أيضًا منها الصبر على الشدائد عنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، فقال تعالى: «إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ» (الزمر 10)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» ، كما أن كفالة اليتيم جاء ضمن أعمال تغفر الذنوب ، فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وقال بإصبعيه السبابة والوسطى» البخاري (10/365).

ما هي كبائر الذنوب

تعتبر كبائر الذنوب من الأمور التي منعنا ونهانا عنها الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- عن فعلها وارتكابها ، وهذه المعاصي والذنوب تختلف في درجاتها ومنها: السبع الموبقات التي ذكرها النبي –صلى الله عليه وسلم- في حديثهِ الذي رواه الصحيحين البخاري ومسلم ، محددًا ما هي كبائر الذنوب ؟ ، وهي : الشرك بالله ، السحر ، قتل النفس التي حرمها الله إلا بالحق ، أكل الربا ، أكل مال اليتيم ، التولي يوم الزحف (الهروب من الجهاد في سبيل الله) ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات ، ومن أكبر هذه الكبائر الشرك بالله تعالى فهو الشيء الوحيد الذي لا يغفره الله تعالى يوم القيامة وهو الهلاك الأعظم ويخلّد في النار أبدآ .

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: كيفية التوبة من الذنوب المزيد الله سبحانه وتعالى صلى الله علیه وسلم رضی الله عنه رحمه الله قال تعالى رسول الله ح س ن ات ه فی الجنة ى الله ع ول الله ورد أن

إقرأ أيضاً:

مرايا الوحي: المحاضرة الرمضانية (21) للسيد القائد 1446

(المحاضرة الرمضانية الـ21 )

استدراك :
ستظل شخصيات الدكتور أحمد ونجليه صلاح ومُنير تتواجد في جزئية محاضرات القصص القرآنية؛ لاتساقها مع موضوع المحاضرة وعدم تشتيت انتباه القارئ.

"الدكتور أحمد أستاذ الفقه المقارن في كلية العلوم الإسلامية بجامعة الجزائر.
أما نَجَلاه صلاح ومُنير، فيدرسان في كلية الطب بالجامعة ذاتها وكذلك حازم ابن شقيقه طالب الهندسة المعمارية وكذلك الدكتور نضال زميل الدكتور احمد وهو استاذ العقائد والاديان في كلية العلوم الاسلامية بذات الجامعة "

يتواجدون جميعهم في صالة منزل الدكتور احمد لمتابعة المحاضرة الرمضانية ال21 وفيما منير وصلاح يشاهدان حازم بابتسامة عريضة وهو يشاهدهم مبتسماً ويقول : لا استطيع ان لا اسأل ويلتفت للدكتوران احمد ونضال ويواصل :
- بما ان السيد عبدالملك قد انهى موضوع غزوة بدر الكبرى هل سيعيدنا لقصة سيدنا ابراهيم عليه السلام .
تابعه الدكتوران وهما مبتسمان وقبل ان يردا عليه اردف قائلاً اعرف الجواب وهو : المحاضرة ستنطلق الان وستعرف فلا تستعجل .
وبالفعل فقد انطلقت محاضرة الليلة للتو :-

فيما يتعلق بموضوع المحاضرة، نعود إلى سياق الحديث على ضوء الآيات المباركة في قصة نبي الله إبراهيم من (سورة الشعراء)، كُنَّا تحدثنا على ضوء قوله سبحانه وتعالى، يذكر قصة نبيه إبراهيم: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ}[الشعراء:78].
نبي الله إبراهيم عليه السلام في مقامه في قومه وهو يدعوهم إلى الإيمان بالله تعالى، وبرسالته، وبتوحيده، يذكر لهم البراهين التي تبيِّن أن الحق كل الحق هو في الإيمان بالله والتوحيد لله، وأن الشرك بالله هو باطلٌ محظٌ، وضلالٌ مُبِين، وخسارةٌ رهيبةٌ على الإنسان، وضياع للإنسان، في هذا السياق يذكر مجموعة من البراهين، في بدايتها قوله: {الَّذِي خَلَقَنِي}[الشعراء:78]، الله هو الخالق، وهو المالك، وهو المنعم، وهو الملك؛ فهو الإله الحق، هو ربُّنا، والإله الحق الذي لا معبود بحقٍ إلَّا هو؛ لأننا عبيده، ملكٌ له، فكيف نتوجه بالعبادة إلى غيره؟! وتحدثنا عن هذه المسألة في المحاضرات الماضية.
{فَهُوَ يَهْدِينِ}[الشعراء:78]، في صدارة النعم التي يمن الله بها على عباده: الهداية، وفي مقدمة الاحتياجات الضرورية للمخلوقات والكائنات الحية هي: الهداية، وفي المقدمة الإنسان هو أحوج من غيره إلى هداية الله سبحانه وتعالى، ونعمة الله بالهداية هي في صدارة النعم، في مقدمة النعم التي يحتاج إليها الإنسان، وفي مقدمتها من حيث الموقع، والأهمية الكبيرة، والضرورة للإنسان.
الهداية مصدرها الله سبحانه وتعالى، يعني: لا يمكن أن نحصل على الهداية من غير الله، نحن بحاجةٍ إلى الله سبحانه وتعالى، فالله مصدر الهداية، نحتاج إلى الهداية منه؛ لأنه هو الخالق، المحيط علماً بالمخلوق، وهو من يعلم السر في السماوات والأرض، ويعلم الغيب والشهادة،

- ها قد اعادنا يا حازم السيد عبدالملك لقصة نبي الله ابراهيم عليه السلام ... هكذا تحدث الدكتور احمد

ولـذلك فمن حكمة الله، ومن عِزَّة الله، وفي إطار ملكه وتدبيره، أن يُقدِّم لعباده الهداية في مسيرة حياتهم، وأن يُفَرِّق بين المحسن والمسيء، والمطيع والعاصي .

والإنسان موجود في إطار غاية رسمها الله لهذا الكون، وفي مسيرة هذه الحياة، كما قال الله سبحانه وتعالى: {وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}[الجاثية:22]

وتحدثنا عن سعة الهداية الإلهية:

جزءٌ منها بالهداية الفطرية.

جزءٌ منها بما منح الله الإنسان من وسائل وقدرات للتعقُّل، والفهم، والتمييز، والإدراك.

وجزء منها بما جعل الله في هذا الكون بكله من معالم تساعد على الاهتداء، إلى درجة أن يكون الكون بكله كتابٌ مفتوح.

ولكن هذا بكله لا يغني الإنسان عن الهداية في شكلها التعليمي والإرشادي والتشريعي، يحتاج الإنسان في مسيرة حياته، في نظم شؤون حياته في مختلف المجالات، إلى هداية تشريعية، وتعليمية، وتوجيهية؛ أوامر ونواهٍ وتعليمات من الله سبحانه وتعالى، وتعليمٍ بالحقائق المهمة، التي قد يخطئ الإنسان في تصوراته لها؛ وبالتـالي يترتب على ذلك أخطاء كبيرة في مسيرة حياته، وهذه الهداية ضروريةٌ للإنسان، يحتاجها الإنسان، والهداية الفطرية، والهداية في وسائل الإدراك، والتعقُّل، والتمييز، والمعالم الأخرى... وغيرها مما منح الله الإنسان، هي تُشَكَّل- كما قلنا- أرضية للتفاعل مع هذه الهداية، والتطابق مع هذه الهداية.

- يُذكرنا السيد عبدالملك بجزئية الهداية ومعناها معدداً سعة الهداية الإلهية ... هكذا تحدث الدكتور نضال .
قال سبحانه وتعالى: {قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ}[يونس:35]، فمن نعم الله سبحانه وتعالى، وأيضا لأنه- كما قلنا- الخالق، هو الذي يمتلك القدرة على الهداية الصحيحة، المتطابقة مع ما رسمه في هذه الحياة، وفي إطار خلقه، ما رسمه من سنن والمحيط علماً بالمخلوق، بظروفه، بأحواله، هو سبحانه وتعالى عالم الغيب والشهادة، يعلم ما في مستقبل هذا الإنسان، ومتطلبات حياته... إلى غير ذلك.
ولـذلك ترافق الهدى من الله تعالى منذ بداية الوجود البشري، فكان آدم عليه السلام نبياً، وتلقَّى تعليمات الله، وأوامره، ونواهيه، {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ}[آل عمران:33]، يقول: {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى}[طه:122]، لم يتركه بدون هداية.
واستمرت مسيرة الهداية، وإقامة الحُجَّة على البشر من الله سبحانه وتعالى، كما قال جل شأنه: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[النحل:36]، كما قال جل شأنه: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ}[فاطر:24]، هداية الله بالرسل والأنبياء، والكتب الإلهية، والتعليمات الإلهية، وكذلك في إطار الهداة من ورثة كتب الله، المتمسكين بها، المهتدين بها، الهادين بها، مستمرةٌ، لم تتوقف عبر الأمم والأجيال، وصولاً إلى الحقبة الأخيرة، وهي: آخر الزمان، واقتراب الساعة، الحقبة الأخيرة، هذه الحقبة في آخر الحياة، في نهاية التاريخ، هي على مقربة من قيام القيامة، {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}[القمر:1]، فكان ختم الرسل والأنبياء، وختم الكتب الإلهية، بالرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبالقرآن الكريم، وهذه خاتم عظيمة، رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم سيِّد المرسلين، وخاتم النبيين، والقرآن الكريم أعظم الكتب الإلهية، والمهيمن عليها، والمشتمل على الهداية الكافية، في بقية هذه الحقبة، من تاريخ البشرية إلى قيام الساعة، ولعظمة هذا الكتاب قال الله عنه: {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ}[المائدة:48]، مهيمناً على كتب الله السابقة.

- يضعنا السيد عبدالملك مسيرة الهدي الدي انعم الله بها علينا من بداية الخلق بشرح مسنود بالآيات القرآنية والحقائق الدامغة .

إذا أردنا أن نستذكر عظمة القرآن وأهميته؛ فَلنُذَكِّر أنفسنا بأنه من الله، ولنُذَكِّر أنفسنا بأسماء الله الحسنى؛ ولـذلك يأتي في القرآن الكريم التنبيه لنا على أهمية هذه المسألة؛ لنستذكرها، فيقول الله سبحانه وتعالى عن القرآن الكريم: {تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى}[طه:4]، حينما ترى عظمة هذا الكون، حينما ترى مظاهر الحكمة الإلهية فيه، مظاهر القدرة، حينما ترى الإبداع في خلق هذا الكون، حينما تندهش من سعته العجيبة، فلتعرف أن القرآن هو خالق هذه السماوات وما فيها، خالق هذا العالم الوسيع الفسيح، هذا هو كتابه، هذه كلماته، الذي خلق كل شيء.
{تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (4) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه:4-5]، يعني: الملك، المُدَبِّر لشؤون عباده، ومخلوقاته، وهذا العالم، {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} هذا كتابه، كتاب المالك لكل ما في السماوات وما في الأرض، والملك للسماوات والأرض، {وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6) وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى}، المحيط بكل شيءٍ علماً، والعالم بكل أحوال الإنسان وتصرفاته، وكل ما يقوله في سره وعلانيته، {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}[طه:8]، يعني: عندما نستعرض أيضاً بقية أسماء الله الحسنى، المتصلة بتدبيره لشؤون عباده في مختلف أحوالهم، يقول الله سبحانه وتعالى: {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا}[الفرقان:6]

- يُذكرنا السيد عبدالملك بعظمة القرآن واهميته واسماء الله الحُسنى ... هكذا تحدث الدكتور احمد .

من مميزات القرآن الكريم في هدايته: أنه كما أخبر الله عنه: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}[الإسراء:9]، يعني: ليس فقط يهدي إلى الموقف الصحيح، أو العمل الصحيح، الذي له نتيجة صحيحة، أو يقتصر فقط أن يُقَدِّم لنا الطريقة الصحيحة في أي موضوع فقط، بل يُقَدِّم ما هو أقوم، يُقَدِّم دائماً الأرقى، الأنجح، الأعظم الأفضل، الأحسن، الذي هو أحسن ما يمكن أن يستقيم به ذلك الأمر، أو ذلك الموضوع، أو تلك القضية، وهذا من عظيم هداية الله لنا لأن الله سبحانه وتعالى الذي له الكمال المطلق .
من المميزات العظيمة للقرآن الكريم: أنه مباركٌ، واسع البركات، يقول الله عنه: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[الأنعام:155]،وتكرر الوصف له بأنه (مُبَارَك) في القرآن الكريم في آيات متعددة، فهو مباركٌ في نفسه، في عظمته، في جلاله؛ ومباركٌ أيضاً في سعة ما فيه من المعارف والهداية؛ ومباركٌ في عطائه فيما يُقدِّمه، معارفه فيها بركة واسعة، علومه فيها بركة واسعة؛ مباركٌ أيضاً فيما يعطيه من أثرٍ في النفوس، في أثره التربوي، في تزكية النفس البشرية، يُزَكِّي النفس البشرية، (شِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ): يتعافى ويتشافى به الإنسان من الآفات المعنوية، التي تؤثِّر عليه في نفسه، من كل الآفات والمساوئ التي تُدَنِّس الإنسان، تُفْسِد نفسيته، فهو يشفيك منها، يشفيك من الشك، من الجهل، يشفيك من المساوئ الأخلاقية: من الكبر، من الميول الفاسدة، من التوجهات الفاسدة، من الأنانية، من الحسد... من غير ذلك من المفاسد والمساوئ، التي تفسد نفسية الإنسان

القرآن الكريم أيضاً من مميزاته العظيمة: أنه نورٌ يضيء لنا واقع الحياة، ويكشف الظلمات، ويخرجنا من الظلمات؛ ولهـذا يقول الله : {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ}[المائدة:15]، {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[إبراهيم:1]، ما يُقَدِّمه الله لنا في القرآن الكريم من حقائق، من معارف من تعليمات، من توجيهات، من مفاهيم، هي نور؛ لأنها تُقَدِّم لنا الحقيقة، والحق، والواقع، والشيء الصحيح، والشيء الذي فيه- فعلاً- الخير لنا، والرشاد لنا، والنجاة لنا، وهذا ما نحن بحاجةٍ إليه

من نعم الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، ومن مميزاته العظيمة، هي: الحفظ للقرآن الكريم، هو المعجزة الخالدة، معجزة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والشاهد على رسالته ونبوَّته، وفي نفس الوقت يبقى محفوظاً لكل الأجيال، محفوظاً في نصه، لا يمكن التحريف لنصه، ولا التغيير في نصه، ولا الزيادة، ولا النقص، هذه نعمة كبيرة، كما قال الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر:9]، نعمة وحُجَّة كبيرة، وآية عجيبة، ومعجزة خالدة، وهذه من أعظم النعم، نعمة عظيمة على الناس، يصل إليهم في كل عصر، في كل جيل، وهو بنصه نفسه، محفوظٌ في نصه، مع أن الأعداء يحرصون على تغييره، على تحريفه، ويحاولون في تحريف المعاني، لكنه يفضحهم حينما يحاولون أن يحرِّفوا في المعنى، لا يقبل القرآن أن يلصق به ما ليس من هديه، يفضح كل ما يُنسب إليه مما ليس من هديه ونوره

- يُعدد لنا السيد عبدالملك من مزايا القرآن العظيمة بطريقة تعليمية تربوية ... هكذا تحدث الدكتور نضال

ولـذلك عندما نتأمل- مثلاً- في واقع العرب ما قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وحركته بالقرآن في أوساطهم، كيف كانوا في جاهليتهم الجهلاء؟

كانت معتقداتهم فيما يتعلق بالجانب الديني باطلٌ، وفيها الكثير من الخرافات، وفيها الضلال، وفيها الباطل

كانت نظرتهم إلى الكون، والحياة، والملائكة، والأشياء الأخرى، كذلك باطلة، يتصورون أن الملائكة بنات، ويقولون أنَّهم بنات الله

في معتقدهم يُشركون بالله سبحانه وتعالى، ينكرون المعاد، والقيامة، والآخرةوهكذا تصورات باطلة

في سلوكهم: كانوا يتظالمون، يرتكبون الجرائم، يعتمدون الظلم كوسيلة الحياة، كسلوك أساسيٍ في الحياة، الممارسات العدوانية والإجرامية، النهب، السبي، الظلم، العدوان، الوأد للبنات، النظرة السلبية جداً إلى المرأة...

كم كانت لديهم من الأفكار الباطلة، من التصورات الخاطئة في مقدمة ذلك: الشرك بالله، والإنكار للمعاد، والبعد عن رسالة الله، والكفر بها... وغير ذلك.

ثم في ظروف حياتهم: يأكلون الميتة، يأكلون الحيوانات، التي لا ينبغي أكلها حتى بفطرة الإنسان، ليست من الطيبات، هي من الخبائث، يأكلون الدم...
فعندما أتى الإسلام غير واقعهم، على مستوى مسيرتهم في الحياة، لم يكن لهم كيانٌ يجمعهم في إطارٍ واحد، كأمةٍ واحدة، لها هدف، لها نظام في الحياة، لها في مسيرتها أهداف عظيمة تسعى لتحقيقها؛ فعندما بعث الله نبيه ورسوله، خاتم أنبيائه محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم إليهم، وتحرَّك بالقرآن الكريم، وأخرجهم من الظلمات إلى النور؛ غيَّر واقعهم، غيَّره إلى حدٍ كبير، وانتقل بهم نقلةً عظيمة، من جاهليةٍ جهلاء وأميةٍ مستحكمة، إلى أن ارتقى بهم ليكونوا في صدارة كل الأمم في الأرض؛ فتحوَّلوا في عصره، في آخر أيام حياته، نقلهم إلى أن كانوا أرقى أمة بين كل أمم الأرض آنذاك، أرقى أمة في كل أمم الأرض آنذاك،
- انتهت المحاضرة وقد اطبعه ارواحهم وعقولهم علماً وهدياً ويقيناً .

مقالات مشابهة

  • هل الرحمة تجوز على غير المسلم؟.. الدكتور أيمن أبو عمر يجيب
  • الاستناد للباطل يُحوِّلُ القوةَ إلى ضعف
  • مرايا الوحي: المحاضرة الرمضانية (21) للسيد القائد 1446
  • دعاء اليوم الثالث والعشرين من شهر رمضان 2025..تعرف عليه
  • أفضل دعاء في ليلة القدر.. كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم
  • فعاليات نسائية في حجة بذكرى استشهاد الإمام علي عليه السلام
  • المفتي: الدين الإسلامي جاء بمنظومة متكاملة تشمل العقيدة والشريعة والسلوك
  • مفتي الجمهورية: التشكيك في السُّنة استهداف مباشر للدين الإسلامي
  • مرايا الوحي: المحاضرة الرمضانية (19) للسيد القائد 1446
  • فضل ليلة القدر.. احذر 3 أفعال في العشر الأواخر تحرمك منها