تميمة فضية عمرها 1800 عام قد تعيد كتابة التاريخ.. ما القصة؟
تاريخ النشر: 20th, January 2025 GMT
عثر علماء الآثار على تميمة فضية يقدر عمرها بحوالي 1800 عاما، أسفل ذقن هيكل عظمي في مقبرة بألمانيا، لكنها لم تكن مثل أي شئ رأوه في السابق، شكلها الغريب كان بداية لتتبع تاريخها والوصول لمفاجآت مذهلة عن أصولها التي غيرت بالصدفة تاريخ المسيحية.
نشرت مجلة ساينس أليرت العلمية، تفاصيل الدراسة الحديثة، عن هذه التميمة التي وصفوها انها أقدم دليل على المسيحية.
تم العثور على التميمة بجوار الهيكل العظمي في ألمانيا شمال جبال الألب.
وتوصل الباحثون إلى هذا الاكتشاف من خلال فك لفافة صغيرة رقميًا داخل التميمة باستخدام تقنية التصوير المقطعي، وقد كشف هذا عن نقش لاتيني غير عادي.
قد يقلب هذا الاكتشاف فهم المؤرخين لكيفية ممارسة المسيحية في الإمبراطورية الرومانية المبكرة، ويبلغ طولها ثلاثة ونصف سنتيمتر فقط، وتحتوي على شريحة رقيقة من رقائق الفضة ملفوفة بإحكام.
اكتشفها علماء الآثار في قبر رجل توفي بين عامي 230 و270 بعد الميلاد. من المرجح أن الرجل كان يرتدي التميمة على حبل حول رقبته، تم العثور عليها أسفل فكه مباشرة.
وكان الغرض من هذه التمائم، المعروفة أيضًا باسم التعويذات، حماية أو شفاء أصحابها من مجموعة من المصائب، مثل الأمراض، أو الآلام الجسدية، أو العقم، أو حتى القوى الشيطانية.
وفقًا لما قالته تاين راسال ، عالمة الآثار التوراتية، أن هذه العناصر كانت تمثل مصدر راحة للشخص وأحبائه خاصة في عدم وجود معرفة طبية.
ماذا اكتشف العلماء؟والغريب أن موقع اكتشاف القطعة الأثرية يعد أمرا نادرا، وكانت تستخدم هذه التمائم على نطاق واسع في أواخر العصور القديمة، وخاصة في العالم الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، لكنها أصبحت نادرة للغاية في العالم الروماني الغربي.
وخضعت هذه القطعة للدراسة على مدار سنوات طويلة، منذ اكتشافها في عام 2018، أثناء أعمال التنقيب في مقبرة تعود إلى العصر الروماني خارج فرانكفورت.
كما عثر علماء الآثار في القبر على وعاء بخور وإبريق فخاري. لكن التميمة الفضية لفتت انتباه علماء الآثار.
وقام الخبراء في مركز "لايبنتز" للآثار بتحليلها على مدار عدة سنوات بعد خضوعها للترميم.
وكشف إيفان كالاندرا، رئيس منصة التصوير في معهد ليزا، التحديات التي مروا بها، ومن بينها أن الورقة المطوية كانت مضغوطة جدا، وتمكنوا من مسحها بدقة عالية باستخدام التصوير المقطعي وإنشاء نموذج ثلاثي الأبعاد.
فك نقوش التميمةومكّن النموذج الافتراضي ثلاثي الأبعاد العلماء من فك وتحليل النقش رقميًا. لكن شخص واحد استطاع فك رموز النقش المكون من 18 سطرًا وهو ماركوس شولتز ، أستاذ في معهد جامعة جوته للعلوم الأثرية في فرانكفورت.
تشبه هذه التميمة الحجاب الشعبي الذي كانت تكتبه الجدات قديما، وقال إنه من غير المعتاد أن تكون الكتابة باللغة اللاتينية. وأنه عادةً ما كانت مثل هذه النقوش على التمائم مكتوبة باللغة اليونانية أو العبرية.
جدير بالذكر أنه في الأيام الأولى للإمبراطورية الرومانية، كان ممارسة المسيحية أمرًا محفوفًا بالمخاطر. فقد اضطهد الإمبراطور الروماني نيرون المسيحيين في القرن الأول الميلادي؛ وتم صلب بعضهم، وأُجبر البعض الآخر على القتال في الكولوسيوم.
وخلق هذا جوًا من الخوف بين المسيحيين الأوائل، مما أجبرهم على ممارسة شعائرهم سراً، في أماكن مثل سراديب الموتى في روما. ووفقًا للباحثين، فإن حقيقة دفن هذا الرجل في ألمانيا في القرن الثالث مع تميمته تعني أن إيمانه كان مهمًا جدًا بالنسبة له.
والمثير أنه تم اكتشاف تميمة فضية مماثلة في عام 2023 في بلغاريا. يعود تاريخها إلى نفس الفترة تقريبًا، وقد عُثر عليها أيضًا في قبر بالقرب من جمجمة الشخص.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: اكتشاف أثري تاريخ المسيحية المزيد علماء الآثار
إقرأ أيضاً:
أسبوع الآلام بين المسيحية وغزة
الفوضى الخلاقة التي أنتجت تفسخًا في الضمير الإنساني، وأحدثت انحرافًا في المفاهيم الدينية، ما زالت تُعيد إنتاج نفسها عبر العصور، ولكن بثوب جديد يتناسب مع أدوات كل زمن. ففي أسبوع الآلام، تُحيي الكنيسة ذكرى أكثر مراحل الألم التي عاشها المسيح، حين حُكم عليه ظلمًا، وضُرب وجُلد وسُخر منه، ثم صُلب على يد اليهود بتحريض واضح وتآمرٍ فجٍّ، في مشهد يُجسّد قمة الخيانة والغدر باسم الدين.
لكن الأمر لم يتوقف عند هذا المشهد التأسيسي في التاريخ، بل كان بداية لمسار طويل من الدماء والخراب، حملت رايته نفس العقلية.
فمنذ لحظة صلب يسوع، لم تكفّ الدوائر المتطرفة من اليهود عن التخطيط لسفك الدم، وإشعال الفتن، وصناعة الانقلابات، وبثّ الفوضى، وقيادة الحروب العالمية، إمّا بتحريض مباشر، أو من خلال اختراق مراكز القرار والتحكم في مفاصل الاقتصاد والإعلام. هم من خططوا وأسقطوا عروشًا، وزرعوا الكيانات المصطنعة، وهجّروا الشعوب، تحت عباءة الديانة والحق التاريخي، بينما هم أبعد ما يكونون عن الدين أو القيم، وفي زمننا هذا، يتكرر المشهد ذاته، ولكن على أرض غزة.
فمنذ أشهر، يعيش الشعب الفلسطيني معاناة تفوق الوصف، في عدوان دموي تقوده نفس العقلية التي حكمت على المسيح بالموت. عقلية الاستعلاء العرقي، والتبرير الديني المزيف، والنزعة التوسعية التي ترى الآخر مجرد أداة أو عائق يجب سحقه.
إن المحطة الأشد ظلمًا في أسبوع الآلام كانت تلك المحاكمة الصورية التي أقامها مجمع السنهدريم اليهودي ضد المسيح، محاكمة افتقرت إلى أبسط قواعد العدالة، وتمّت في الليل خلافًا للتقاليد اليهودية التي تمنع المحاكمات ليلًا، تم استدعاء شهود زور، وضُغط على الحاكم الروماني لإصدار حكم بالإعدام دون إثبات جريمة حقيقية. خالفوا قوانينهم، ودهسوا أعرافهم، فقط ليُنزلوا أقسى العقوبة على رجل لم يحمل سيفًا، بل حمل رسالة محبة وسلام.
وكان دور الحاكم الروماني - بيلاطس البنطي - يمثل الوجه الإمبراطوري المتواطئ مع الباطل، الذي غسل يديه من الدم ظاهريًا، بينما سَلَّمه فعليًا للصلب. تردد في اتخاذ قرار، لكنه في النهاية خضع للابتزاز، واختار مصالح الإمبراطورية على حساب العدالة.
وهذا الدور يتجدد اليوم في صورة الحكومة الأمريكية، التي تمثل الإمبراطورية المعاصرة، وتغسل يديها من دم غزة ببيانات مكررة عن "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، بينما تدعم القتل بالسلاح والفيتو، وتفرض توازنات القوة على حساب الأرواح. إنها بيلاطس الجديد، تلبس بدلة ديمقراطية ناعمة، لكنها تحمل نفس عقلية الإمبراطور الذي يهمّه حفظ النظام الإمبراطوري أكثر من إنصاف المظلوم.
وها هي حكومة نتنياهو تعيد نفس المشهد، بل وبنفس العقلية، وكأن التاريخ لا يتغير بل يعيد نفسه. حكومة تبرر قتل الأطفال بحجج واهية، تُحاصر المدنيين وتمنع عنهم الغذاء والدواء، تُبرر القتل الجماعي بأنه "دفاع عن النفس"، وتُنزل أشد العقوبات على شعب أعزل. إنه مجمع السنهدرين بثوبٍ عصري، يستدعي مبررات قانونية زائفة، ويُفصّل قراراته على مقاس أهوائه السياسية والعقائدية.
يُسفك اليوم دم الأطفال في غزة تحت أنقاض البيوت، وتُباد العائلات بالكامل، وتُرتكب مجازر في وضح النهار، وسط صمت دولي مُخزٍ، وتواطؤ مكشوف من قِبَل من يدّعون الدفاع عن الحقوق والإنسانية.
أسبوع الآلام في المسيحية ليس مجرد ذكرى دينية، بل هو صرخة ضمير تُعيد التذكير بأن الظلم واحد، وأن التضحية والفداء لا تعني الخنوع، بل تعني مقاومة الباطل مهما كانت التكاليف. والمسيح الذي حمل صليبه وسار إلى الجلجثة، هو نفسه الذي قال: "طوبى لصانعي السلام"، لكنّه لم يسكت على الظلم ولم يتملّق السلاطين.
وغزة اليوم، وهي تنزف في كل زاوية، تُجسد المعنى الحيّ لأسبوع الآلام، فكل بيت مهدوم هو صليب جديد، وكل شهيد هو صورة للمسيح المصلوب، وكل طفل فقد عائلته هو صورة حية للمعاناة التي لا يراها العالم إلا كأرقام في نشرات الأخبار.
نعم تغيّرت الأسماء والوجوه، لكن الروح واحدة: روح الظلم والكراهية والاستعلاء. وبينما تحتفل الكنائس بذكرى أسبوع الآلام، لا بد أن نتأمل في الجرح الفلسطيني المفتوح، وأن ندرك أن صلب المظلوم لم يتوقف، وأن القيامة الحقيقية لا تأتي إلا بعد رفض الظلم والوقوف في وجهه.
اقرأ أيضاًفلسطين: اقتحام نتنياهو لشمال غزة وبن غفير للحرم الإبراهيمي يطيل جرائم الإبادة
الإغاثة الطبية بغزة: القطاع يعيش أزمة خانقة منذ 45 يومَا