البوابة نيوز:
2025-01-20@22:32:03 GMT

الاتفاق.. هدنة هشّة وأسئلة كبرى تنتظر الأجوبة

تاريخ النشر: 20th, January 2025 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تحت قصف الطائرات الإسرائيلية، استلمت تل أبيب قائمة الأسرى المنتظر الإفراج عنهم في اتفاق وقف إطلاق النار الذى بدأ سريانه صباح أول أمس الأحد، جاء الإعلان عن الاتفاق بين إسرائيل وحركة "حماس"، ليمنح المدنيين في غزة ما يشبه استراحةً قصيرة من أهوال القصف، وتأتي هذه الاستراحة في توقيت يحتاج كل طرف منهما أن يكسب مودة دونالد ترامب الساكن الجديد للبيت الأبيض، وفي ذات الوقت سوف تسمح هذه الاستراحة أن يدعي كلا الطرفين أنه حقق انتصارا ساحقا ماحقا على الطرف الآخر، لنكتشف في نهاية المطاف أننا لم نكن بصدد مجزرة بشعة راح ضحيتها في بند الشهداء فقط مايقرب من 47 ألف شهيد أما عن الجرحى والمفقودين فحدث ولا حرج.

الاتفاق الذي احتفل به العالم وفي خيالهم أنه يمثل نقطة النهاية لهذه الحرب الضروس التي امتدت خمسة عشر شهراً، هذا الاتفاق لم يكن وليد لحظة توافق بين الأطراف المتصارعة، بل جاء نتيجة ضغوط دولية مكثّفة، كان أبرزها تلك التي مارسها الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، الذي دخل البيت الأبيض في 20 يناير الجاري.

وإن كان الاتفاق يحمل في طيّاته بوادر تهدئة، فإنّه لا يُشكّل حلًّا نهائيًا للصراع بقدر ما يُجسّد استراحة محاربٍ قد لا تطول، فالنزاع الذي تغذّيه تراكمات سياسية وعسكرية متجذّرة لا يمكن إنهاؤه بمجرّد تفاهمات مؤقتة لا تعالج جذوره العميقة.

لذلك أرى أن الاتفاق يمثل هدنة تفتح باب التساؤلات، وذلك لسبب بسيط هو أن الوصول لهذا الاتفاق لم يكن بالأمر الهيّن، إذ خضع لجولاتٍ من الوساطات الإقليمية والدولية، وفي مقدمة الدول التي بذلت الغالي والنفيس من أجل إقرار هذا الاتفاق يبرز اسم مصر الكبيرة التي تعاملت بمنتهى الحكمة والحصافة مع هذا الملف، وقاومت وصمدت في مواجهة كل مخططات إسرائيل منها التهجير على سبيل المثال، كما أن قطر تحملت صعوبات المزايدة حتى وصلت وفق تفاهم مصري أمريكي إلى هذه النتيجة، ومع تبلور الاتفاق الذي جاء في صورة هدنةٍ نجدها تتوزّع على مراحل متتابعة، جاءت المرحلة الأولى منها لتستمرّ ستة أسابيع، تقوم حماس خلالها بالإفراج عن 33 رهينة تحتجزهم في غزة، مقابل إفراج إسرائيل عن مئات المعتقلين الفلسطينيين، وهي خطوة تفتح الباب أمام تهدئةٍ مشروطة.

أما المراحل التالية، فمن المفترض أن تنسحب القوات الإسرائيلية تدريجيًا من بعض المناطق المأهولة في غزة، بالتزامن مع إدخال مساعدات إنسانية وشروعٍ جزئي في إعادة الإعمار، ورغم ما يبدو أنّه انفراجةٌ إنسانية، إلا أنّ تفاصيل الاتفاق تظلّ هشّة، ودليلنا على ذلك هو أن الإتفاق لم يأتِ على ذكر رفع الحصار عن غزة أو ضمانات وقف العدوان المستقبلي، وهو ما يترك الباب مفتوحًا أمام احتمالات تجدد المواجهة عند أول تصعيد، لتبقى الهدنة في نظر الكثيرين مجرد هدنة مؤقتة، أقرب إلى إعادة ترتيب الأوراق أكثر من كونها تسوية حقيقية للصراع.

وإذا عدنا إلى الرجل الأقوى الآن على خارطة السياسة العالمية دونالد ترامب سوف نلاحظ قيامه بعملية ضغط الدقائق الأخيرة بهدف نجاح الصفقة ليدخل إلى البيت الأبيض وهو متوج بالنصر السياسي، وبعيدًا عن ساحات القتال، شهدت كواليس السياسة تحرّكاتٍ مكثّفة نفذها مندوبو دونالد ترامب، قبل أن يؤدي اليمين الدستورية، هذه التحركات ألقت بظلالها على المشهد، تدخل ترامب المباشر في مسار التفاوض يفسره بعض المراقبين أنه لم يكن تدخلاً نابعاً من الحرص المفاجئ على استقرار المنطقة، بقدر ما كان خطوةً محسوبة لخدمة أجندته السياسية، وحجة هذا الفريق في ذلك هي أن ترامب، الذي دخل البيت الأبيض مجددًا اعتباراً من أمس، كان يدرك أن توريثه أزمة غزة دون تهدئةٍ مسبقة سيُثقل كاهله في مستهلّ ولايته، وربّما يعرقل أولوياته السياسية الأخرى.

لذلك لم يتوانَ ترامب عن استخدام نفوذه للضغط على إسرائيل، مُلمّحًا إلى أن استئناف الدعم غير المشروط لإسرائيل مرهون بوقف العمليات العسكرية، بل إنّه صرّح علنًا بأنّ "الاتفاق يجب أن يُنجز قبل أن أؤدي اليمين الدستورية"، وكأنّه يضع خطًا أحمر أمام استمرار المواجهات العسكرية.

هذا التصريح المشهور لترامب  بدا أقرب إلى إنذارٍ سياسي، دفع تل أبيب إلى إعادة النظر في موقفها، خاصةً في ظلّ التحديات الداخلية التي تواجهها حكومتها، وعلى الرغم من التباينات السياسية الواضحة بين الرئيس جو بايدن وخلفه ترامب، فإنّ الضرورة فرضت نوعًا من التنسيق غير المباشر بين الإدارتين. فإدارة بايدن، التي سعت إلى إنهاء التصعيد قبل مغادرتها، عملت جنبًا إلى جنب مع الدبلوماسية القطرية والمصرية لتأمين مسار المفاوضات، فيما أضاف ترامب عنصر الضغط السياسي الذي عجّل بإتمام الاتفاق، هذه الديناميكية جعلت من وقف إطلاق النار نتيجةً لتقاطع الضرورات، أكثر من كونه ثمرة توافقٍ حقيقي بين الأطراف المتصارعة.

المعروف في قواعد العلوم السياسية هو أن الحرب تُكتب بالرصاص، أما  الهدنة فهي مكتوبة بالحسابات السياسية، لذلك نقول بملء الفم أن الاتفاق الحالي لا يشذّ عن هذه القاعدة، فبينما تنعم غزة بهدوءٍ هشّ، تظلّ الأسئلة الكبرى عالقة ولعل السؤال الأبرز هو إلى متى ستصمد هذه الهدنة؟ وهل ستؤسس لمرحلة جديدة، أم ستكون مجرد استراحة تكتيكية قبل جولة قتال أخرى؟

ليبقى الحلّ الحقيقي مرهونًا بمعالجة القضايا الجوهرية مثل رفع الحصار، وضمان الحقوق الفلسطينية، وإيجاد تسوية عادلة تحقّق الأمن والاستقرار لكلّ الأطراف. أما دون ذلك، فسيظلّ وقف إطلاق النار محطةً عابرة في طريقٍ طويل من النزاع، حيث تتكرر الدوامة ذاتها هدنة تتبعها حرب، ثم وساطات جديدة، ثم وقفٌ آخر لإطلاق النار، وهكذا إلى ما لا نهاية في مشوار العذاب الإنساني.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: اتفاق وقف إطلاق النار ترامب دونالد ترامب

إقرأ أيضاً:

اعتقالات جماعية تنتظر المهاجرين غير المسجلين في أمريكا.. هذا موعدها

كشف مسؤول حدودي كبير في إدارة دونالد ترامب، أن سلطات الهجرة ستنفذ اعتقالات جماعية للمهاجرين غير المسجلين في جميع أنحاء البلاد يوم الثلاثاء.
وكان ترامب توعد خلال حملته بترحيل ملايين المهاجرين غير المسجلين من الولايات المتحدة.ترحيل المهاجرين من أمريكاوأكد توم هومان، المعروف باسم "قيصر الحدود" لقناة فوكس نيوز أنه "ستكون هناك مداهمات كبيرة في جميع أنحاء البلاد. شيكاغو ليست سوى واحدة من أماكن عدة".
أخبار متعلقة بالتفصيل.. شرطة كوريا الجنوبية تعلن اعتقال مسؤول أمني رئاسيوداع شبه مؤكد.. "تيك توك" تقترب من الحظر في الولايات المتحدةكما وردت تقارير في صحيفة وول ستريت جورنال وغيرها من وسائل الإعلام تفيد بأن الإدارة الجديدة لترامب تخطط لتنفيذ "مداهمات" في شيكاغو بدءًا من الثلاثاء.
كان ترأس هومان الوكالة المكلفة الإشراف على حدود الولايات المتحدة خلال إدارة ترامب السابقة (2017-2021) التي فُصل خلالها قرابة أربعة آلاف طفل عن ذويهم المهاجرين ووضعوا قيد الاحتجاز.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } المهاجرون غير الشرعيين لأمريكا - وكالاتالهجرة إلى أمريكا"هومان" أكد أنه في يوم الثلاثاء "ستنطلق وكالة الهجرة والجمارك أخيرًا للقيام بعملها، معلقًا: "سنزيل الأصفاد عن دائرة الهجرة والجمارك ونسمح لها بالقبض على الأجانب المجرمين".
وأضاف: "ما نقوله لدائرة الهجرة والجمارك هو أنكم ستنفذون قانون الهجرة دون اعتذار. ستركزون على الأسوأ أولا، التهديدات التي تهدد السلامة العامة أولا، لكن لا أحد مصان. إذا كانوا في البلاد بشكل غير قانوني، فسوف يواجهون مشكلة".
وول ستريت جورنال ذكرت كذلك أن المداهمات واسعة النطاق في شيكاغو من المتوقع أن تبدأ الثلاثاء، بعد يوم من تنصيب ترامب، وستستمر "طوال الأسبوع" بمشاركة 100 إلى 200 من ضباط دائرة الهجرة والجمارك، وذلك نقلا عن أربعة أشخاص لم تكشف هوياتهم على دراية بتخطيط العملية.المهاجرون في شيكاغووقال دون تيري، المتحدث باسم شرطة شيكاغو، لصحيفة نيويورك تايمز، إن الإدارة لن "تتدخل مع أي وكالات حكومية أخرى تؤدي واجباتها".
لكنه قال إن الدائرة "لا توثق حالة الهجرة" و"لن تشارك المعلومات مع سلطات الهجرة الفيدرالية".
وشيكاغو، الواقعة في الغرب الأوسط واحدة من عدة مدن أمريكية يقودها ديمقراطيون أعلنت نفسها ملاذًا للمهاجرين، وهذا يعني أنه لن يُعتقلوا لمجرد عدم تمتعهم بوضع المهاجرين القانوني.

مقالات مشابهة

  • مدير الإغاثة الطبية بغزة: الفلسطينيون يأملون هدنة مستدامة لإنهاء معاناتهم
  • تنتظر تنصيب ترامب بعد ساعات.. معلومات عن كنيسة الرؤساء في واشنطن
  • هدنة غزة: تفاصيل غير مسبوقة تكشف عن خارطة الطريق للمرحلة الأولى
  • حكومة الاحتلال تقر هدنة غزة وتنفذ مزيدا من الهجمات
  • عبدالمنعم سعيد: ترامب كان له دورًا محوريًا في الوصول إلى هدنة غزة
  • هدنة ترامبية.. وقلق متزايد ومستقبل وضع غزة ما زال يبحث عن إجابة واضحة
  • لاءات نتنياهو التي حطمتها المقاومة في غزة
  • نتنياهو: لن ننفذ هدنة غزة قبل الحصول على قائمة بالمحتجزين المقرر الإفراج عنهم
  • اعتقالات جماعية تنتظر المهاجرين غير المسجلين في أمريكا.. هذا موعدها