كان حلمًا لموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب أن يلتقى بأم كلثوم فى عمل يجمعهما، حتى إذا ما أتت اللحظة القدرية للقائهما أعطاها «عبدالوهاب» لحنه الأول «أنت عمرى» لتظل مدرسة و«موضة» لعشرات الألحان من بعدها للعديد من كبار الملحنين يحذون حذوها، وربما كثيرون لا يعلمون بماذا وصف «عبدالوهاب» صوت أم كلثوم، وصفها بأنها صاحبة أداء معجز وكإنسان ذى مهمة ذات جلال تجبرك هيئته على احترامه، ويقول من أهم مزايا أم كلثوم زعامة الصوت، فالصوت كالمظهر الشكلى للإنسان.
وعن مزاياها أيضا تقديسها لفنها، والمحافظة عليه، فهى بذكائها تشعر بأنه لا يمكن المحافظة على فنها إلا بالاستقامة فى حياتها الخاصة، فهى تنام مبكرًا ولا تقابل أى شخص إلا إذا كان هناك عمل، ولا تهتم بالزيارات الخاصة إلا بما يحتم عليها الواجب.
وبالرغم من اشتهائها لبعض ما يتمتع به الإنسان العادى إلا أن إرادتها كانت أكبر من كل مظاهر الاشتهاء، ولقد كان غياب أم كلثوم سببًا فى هبوط مستوى الألحان، خاصة بين الناشئين من الملحنين وملحنى الدرجة الثانية، لأن أم كلثوم كانت أملًا لهؤلاء جميعا، كانت هدفاً يريدون الوصول إليه.. فأم كلثوم غنت لـ«السنباطى» وهو ناشئ، وغنت لـ«بليغ» وهو ناشئ، وغنت لسيد مكاوي وهذا كل أمله.
كل هؤلاء وغيرهم كانوا لا يطمعون فى شىء أكثر من عرض أعمالهم فى «ألمع» فاترينة وأكثرها انتشارًا على العالم وهى أم كلثوم، وحتى غيرهم من الملحنين كانوا يتنافسون إلى الأجود لأن التى تغنى لهم أم كلثوم، الصوت الذى ينتظره مائة مليون شخص.
وبعد جنازة أم كلثوم وفريد وعبدالحليم أدركت أن الجماهير كفرت بالزعامة السياسية واتجهت للزعامة الفنية فى مصر. ولهذا بعث «عبدالوهاب» بكلمات أغنية «أنت عمرى» من خلال شاعرها أحمد شفيق كامل إلى أم كلثوم التى أعجبت بالكلمات ثم بعدها بدقائق ذهب «عبدالوهاب» وأسمعها اللحن الذى أعجبت به، وتواصلت الأعمال بينهما فغنت له «على باب مصر» من كلمات كامل الشناوى، و«أنت الحب» كلمات أحمد رامى، و«أصبح عندى الآن بندقية» كلمات نزارقبانى، و«أمل حياتى» كلمات أحمد شفيق كامل، و«فكرونى» كلمات عبدالوهاب محمد، و«هذه ليلتى» كلمات چورچ جرداف، و«أغدًا ألقاك» كلمات الهادى آدم، و«ودارت الأيام» كلمات مأمون الشناوى، وختامًا «ليلة حب» كلمات أحمد شفيق كامل.
وقال «عبدالوهاب» إن سبب تعاونه معها هو مواجهة التيار الشبابى الزاحف من عبدالحليم حافظ، وكان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر سببًا فى لقاء السحاب الأول بأم كلثوم، حيث ظل يتعهدهما بأن يتعاملا ووصاهما حتى تعاونا فى أيقونة «أنت عمرى»، ولتدخل أم كلثوم على يد «عبدالوهاب» عالم التطوير اللحنى الذى جذب إليها جماهير الشباب الصاعد وجماهير محمد عبدالوهاب نفسه، ولتحمل شخصية «عبدالوهاب» المتفلسفة المتجددة والتى لم يستطع أحد من الملحنين الآخرين الذين تعاونوا مع أم كلثوم أن يحذوها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أم کلثوم
إقرأ أيضاً:
الأربعاء.. أوبرا الإسكندرية تحيي ذكرى مرور 50 عاما على رحيل أم كلثوم
تُقَدِّم دار الأوبرا المصرية، برئاسة الدكتورة لمياء زايد، يوم الأربعاء المقبل، الليلة السنوية في حب "كوكب الشرق" أم كلثوم، إحياءً لذكرى مرور 50 عامًا على رحيلها، وذلك على مسرح سيد درويش بالإسكندرية.
يستعرض اللقاء مسيرة "كوكب الشرق"، وأثرها الإنساني والفني على الأجيال المتعاقبة والإبداع الغنائي العربي، إلى جانب قراءة حول الأبعاد الروحية والوطنية في أعمالها الخالدة.
تُقَام الليلة السنوية في حب الست "أم كلثوم"، ضمن سلسلة "أرواح في المدينة"، تقديم الكاتب الصحفي محمود التميمي، وتأتي استمرارًا لمشروعه الثقافي "حفظ الذاكرة الوطنية".
يُشارك في اللقاء الفنانة القديرة سميرة عبد العزيز، وهيثم أبو زيد الباحث في مجال التلاوة والإنشاد الديني، والكاتب كريم جمال مؤلف كتاب "أم كلثوم والمجهود الحربي".
تجدر الإشارة إلى أن سلسلة لقاءات "أرواح في المدينة" تهدف إلى حفظ الذاكرة الوطنية للمصريين، وأطلق من خلالها مشروع "القاهرة عنواني"، برعاية وزارة الثقافة، وبالتعاون مع النشاط الثقافي والفكري في دار الأوبرا المصرية.