– خريف الأندلس وساعة عدل ومرآة التاريخ أبرز إصداراته

حاوره ـ وحيد تاجا:
أكد الباحث والأديب المصري محمد فتحي عبد العال ضرورة أن يكون للعقل العربي المبدع انفراداته لنتخلى عن عباءة التغريب وأن نبحث في إرثنا الثقافي العربي ونطور نظرياته لنقود الفكر الإنساني من جديد كما كنا بالماضي!.
حول رواياته وأعماله كان هذا اللقاء.


✱ ـ بداية.. ماهي أهم الأسئلة الثقافية والفكرية التي تشغل بالك في هذه المرحلة؟
العديد من الأسئلة تشغل بالي من بينها: متى يصبح للذكاء الاصطناعي مساحة أوسع في الوسط الثقافي ومن بينه مثلا النقد الأدبي؟! ومتى يصبح للنشر الذاتي للكتب العربية منصات ومكتبات عربية تهتم به وتيسر له أجواء من القبول والانتشار ؟! ومتى يكون للعلم مكان ومكانة في الوسط الأدبي وأن نكرس له حيزا من الروايات والقصص كي تعود ببوصلتها إلى محراب العلوم الحديثة بعيدا عن الفنتازيا المغرقة في الجهالات وتغييب العقل في أتون عالم الجن والسحر والأساطير؟! ومتى يعود للكتب الفكرية الرصينة صدارتها من جديد وأن يقبل عليها القراء بحثا عن غذاء فكري معرفي تقدمي للعقل ينشد الحداثة والرقي ؟!.
ومتى يكون للعقل العربي المبدع انفراداته ومتى يحين الوقت لنتخلى عن عباءة التغريب وأن نبحث في إرثنا الثقافي العربي ونطور نظرياته لنقود الفكر الإنساني من جديد كما كنا بالماضي ؟!
✱ ـ ما الذي كنت تبحث عنه في انتقالك من البحث والقصة إلى الرواية.. ؟
أنا أعتبر نفسي باحثا تاريخيا علميا في الأساس والقصة أو الرواية بمثابة القالب الفني الأدبي الذي انقل من خلاله تجارب التاريخ الممزوجة بحقائق العلم ونظرياته الحديثة وبينهما وشائج الدين، فالرواية أوالقصة ليست بغيتي التي أنشدها في حد ذاتها بل هي الوسيلة أو الطريق لجمهور القراء خاصة أوساط الشباب ممن تجتذبهم هذه الوسيلة ويجدوا فيها المتعة والتشويق، ولزاما أن تكون طريقهم نحو العلم والمعرفة أيضا وهذا ما أركز عليه في قصصي ورواياتي ..
✱ ـ استوقفني عنوان روايتك (ساعة عدل) .. وكأنك كتبت الرواية بعد اختيارك للعنوان.. ؟
رواية ساعة عدل هي تسجيل حياتي لمجموعة من المواقف والمشاهد والخبرات التي كنت شاهدا على بعضها أثناء عملي بعالم الجودة الطبية الشاملة الخصب والجديد، والرواية تنقل صورا واقعية للحالة التي عليها منظومتنا الصحية في بعض بلدان العالم العربي والتي تمثل عصب الحياة لمواطنيها ..لذا فقد كان كشف الستار عن هذه الثغرات في الهياكل التنظيمية والإدارية والفنية بمثابة صرخة لاستجلاب ساعة من عدل نحكم فيها ضمائرنا أولا كفرق طبية مسؤولة، ثم مسؤولية الدول في مراقبة تطبيق معايير الجودة الطبية بشكل صارم ومستمر وبآليات حديثة ..
لذا حينما وضعت العنوان مسبقا وأنا على يقين أنه يحمل في طياته الرسالة التي تضمنتها أحداث الرواية فضلا عن توصياتها التي تطرح الحلول في المقابل.
✱ ـ كانت الرواية أقرب إلى السيرة الذاتية، وبالتالي كيف يمكن للكاتب ان يكون حيادياً في تسيير شخصيات روايته في هذه الحالة؟
الغاية من الرواية هي الضامن والمحدد، فكلما كانت غاية الرواية نبيلة وتصب بين أركان الصالح العام فمن المنطق والمعقول أن الكاتب كان حياديا في طرقه للمشكلات داخل روايته وطرحه للحلول …كما أن الكاتب حينما يسبر أغوار منظومات معقدة كالصحة ويقربها من أذهان قرائه ويبرز خفاياها حتى لا يقعوا في براثن الأخطاء الطبية فهو حتما يريد بهم الخير والعبور لبر الأمان ..
✱ ـ في حالة الإتكاء على السيرة الذاتية.. إلى أي مدى يمكن للروائي ان يلتزم بالواقع والأحداث.. والى أي مدى يمكن ان تتدخل مخيلته الإبداعية في رسم هذا الواقع ..؟
لابد للروائي الجيد في وجهة نظري أن يكون مهموما بقضايا مجتمعه إلى أبعد حد وأن ينتقي عناصر روايته من المجتمع حتى لا يقع في فخ المبالغة والشطط..بالطبع يلتزم الكاتب خيوطا واقعية محددة ولكن بقدر إذ لابد وأن يداعبه الخيال أحيانا في إعادة رسم بعض تفاصيل الشخصيات أو دمجها والإضافة إليها بما يخدم سير الأحداث ولا يشتت القارىء بين شخصيات عدة داخل الرواية دون فائدة ..
✱ ـ تضمنت الرواية معلومات وفيرة عن الطوارق وعاداتهم واسلوب حياتهم.. لماذا.. ومتى يلجأ الروائي إلى إضافة قيمة معرفية إلى جانب القيمة الأدبية لعمله..؟
أردت من ذلك أن يعيش القارىء أجواء الصحراء وما يتطبع عليه أهلها من الخشونة والغرابة في بعض جوانب حياتهم وبالتالي لا يستعجب القارىء من حوادث تمضي داخل الرواية أو قرارات تتخذ من بعض أبطالها ففهم القارىء لطبيعة البيئة التي تحتوي الأحداث أمر شديد الأهمية ولا يقل تشويقا ويضيف لمعارفه الكثير وهو ما يندرج تحت مسمى أدب الرحلة.
✱ ـ لماذا اخترت الحديث عن المعتمد بن عباد في روايتك خريف الأندلس .؟
المعتمد بن عباد بالرواية هو تمثيل للدولة الليبرالية الناهضة في شتى أوجه الحياة والثقافة مع بعض التجاوزات في سياسته فيما مثل يوسف بن تاشفين ذلك التيار الراديكالي المحافظ الذي عادة ما يحاول اجتثاث تلك البذور الليبرالية تحت شعار المحافظة على الدين والأخلاق ومن هنا جاء تمثيل فكرة الصراع التاريخي والحروب بين الحضارات على مدار التاريخ الإسلامي واختيار هذه الفترة لا يعدو كونه تمثيلا لحقب كثيرة مضت بنفس الأحداث والخطوب وإن اختلف الأشخاص والمسميات لكن تبقى الايدلوجيات الحاكمة لهذه الصراعات واحدة كما تطرح الرواية الحل في ضرورة التناغم بين الحضارات والدول والتكامل بينها.
✱ ـ هل يحق للروائي أن يقوم بتغيير طبيعة حدث أو حقيقة تاريخية لتتناسب مع العمق الدرامي للسرد في رواياته؟
بالطبع فالرواية نسيج مرن يتيح للكاتب استخدام التاريخ وترويض بعض حقائقه بما يحقق للكاتب إيصال وجهة نظره ، فالرواية ليست كتاب تاريخ مهما حاول البعض تقديمها على هذا المنوال والتاريخ فيها وسيلة تعبير وأداة من أدوات الكاتب لإيصال عبر ودروس هادفة ولكن تبقى مساحة التغيير في الأحداث وفق الحيز المقبول والمعقول وألا يكون تغييرا كاملا وكليا فهنا تصبح المسألة قلبا لحقائق التاريخ وعبثا به وتزويرا له وهو غير المقبول.
✱ ـ في ذات السياق ماذا تحدثنا عن كتابك (مرآة التاريخ) هل هناك صلة بين الكتاب والرواية.؟
كتاب مرآة التاريخ بمفازاة عن الرواية فهو كتاب فكري يناقش عبر قصص من التاريخ أفكارا شديدة الأهمية في بناء الإنسان وانتصار لحقه في العيش الكريم وحصاد هذا يتحقق في تشييد مجتمعات صحية يتكامل فيها البشر ولا يتصارعون..يبنون ولا يخافون ،يصدحون بالرغبة في العمل ولا يتهاونون.
✱ ـ تكتب القصة أيضاً ..فما مدى التكامل في مواضيع الكتابة بين القصص والرواية عندك.؟
أميل للمجموعات القصصية أكثر فهي تتيح لي فرصة التحرك في مساحات زمنية أكثر وبين شخوص عدة وإن بدت معدودة إلا أن الأحداث تصبح سيدة الموقف كما أن الدروس المستفادة من القصص سريعة الأثر إذ أن القصص يمكن الانتهاء منها في جلسة واحدة بينما الرواية قد تستغرق وقتا أطول تبعا لحجمها …اتجاهي للرواية حينما تكون عناصر الزمن والأحداث والأبطال في بوتقة تنشد هدف واحد أو مجموعة من الأهداف المتصلة في نفس السياق وليست متشعبة تصب في صالح بيئة معينة ..
✱ ـ سؤال أخير ما المطلوب من الرواية.. عرض المشكلات أم طرح الحلول؟
الاثنان معا بلا شك ..فطرح المشكلات بلا حلول إهدار لحق القارىء الذي اقتطع من وقته وماله لقراءة رواية تناقش مشكلة معينة أو جملة مشاكل ثم يجد نفسه قد خرج منها خالي الوفاض دون حلول ، لذا أرى أن طرح الحلول هو الإضافة الحقيقية في العمل القصصي أو الروائي.
يذكر ان محمد فتحي عبد العال كاتب وباحث وهو صيدلاني حاصل على ماجستير في الكيمياء الحيوية ودبلوم المعهد العالي للدراسات الإسلامية.

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

مهاجم واتفورد السابق: لا أريد أن يكون أطفالي مثل محمد صلاح

نواف السالم

انتقد تروي ديني، مهاجم واتفورد الإنجليزي السابق، لاعب نادي ليفربول، محمد صلاح ، مشيرا إلى أنه لا يتمنى أن يلعب أطفاله مثله.

وقال “ديني” إن محمد صلاج لاعب ممتار لكنه ليس لاعباً من الطراز العالمي رغم أنه يحقق الكثير من الأهداف مع ليفربول.

وأضاف أنه لا يريد أن يلعب أطفاله بنفس أسلوب لعب محمد صلاح، وإنما يريد منهم أن ينظروا لطريقة لعب فينيسيوس جونيور لاعب نادي ريال مدريد.

ولفت إلى أنه يعتقد أن محمد صلاح لا يسعى للحصول على المال، وإنما يريد أن يذهب إلى حيث يكون متحفزًا وأن يحظى بأفضل حياة لزوجته وأطفاله، وإذا قرر عدم اللعب لليفربول مرة أخرى، فسيظل أسطورة النادي.

مقالات مشابهة

  • أخنوش: ما يتعرض له المغرب من حملات هو ضريبة صحوته الصناعية التي أصبحت تزعج البعض
  • ولي عهد أبوظبي: الاستثمارات الإماراتية في البرازيل عنصراً مهماً في تعزيز علاقات البلدين
  • قصة أغنية خاف العندليب من تقديمها على المسرح.. تسببت في وفاة عبده شريف
  • دكتور محمد فتحي السيد يتحدث عن التسويق بالغوريلا: الإبداع في مواجهة التحديات التسويقية الحديثة
  • وزير الطاقة يُكرم الباحث الجزائري لخضر حميداتو
  • الحروب والنزاعات تخيم على قمة العشرين في البرازيل
  • التقاليد والوراثة ليست مصدرا للشرعية ولا طريقة يتشكل بها الحكم.. كتاب جديد
  • مهاجم واتفورد السابق: لا أريد أن يكون أطفالي مثل محمد صلاح
  • أدباء وأكاديميون: الرواية وسيلة فعّالة لتقارب الشعوب
  • ” عندما يكون الفن القوة التي تتحكم في التعايش السلمي ونبذ الاعراف البالية “فصلية “