ائتلاف استقلال القضاء: لا يكفي الترحيب بمواصلة التحقيق في قضية 4 آب
تاريخ النشر: 20th, January 2025 GMT
أعلن "ائتلاف استقلال القضاء" في بيان، حول التحقيق في تفجير المرفأ، انه "بعد أكثر من عامين على توّقف التحقيق في قضية تفجير مرفأ بيروت، أعلن المحقّق العدلي طارق بيطار استئناف إجراءات التحقيق واستدعاء عددٍ من المدّعى عليهم الجدد، من ضمنهم موظفين في المرفأ وضباط في الجيش اللبناني والأمن العام والجمارك، ابتداءًا من 7 شباط 2025.
وعليه، يعاود بيطار بعد طول ترقب عمله من دون أن يتراجع عن أيّ من إجراءاته ورغم استمرار مفاعيل الانقلاب الذي كان باشره ضدّه النائب العام التمييزي السابق القاضي غسان عويدات في كانون الثاني 2023 بدعم من قوى سياسيّة وازنة، والذي تمثل في الادّعاء على بيطار بجناية الاستيلاء على السلطة ومنع الضابطة العدلية من تنفيذ مذكراته وقراراته فضلًا عن إطلاق سراح جميع الموقوفين بعد الاستيلاء على صلاحياته".
وإذ حيا "الائتلاف" مجددًا "شجاعة القاضي بيطار وتصميمه على إنجاز عمله رغم كلّ المعوقات التي ما تزال مفاعيلها قائمة والتي أدّت إلى تأخير التحقيق لسنوات طويلة، فإنه يكرر مواقفه ومطالبه كافة التي كان أعلن عنها في تاريخ 3 آب 2023 في الذكرى الثالثة لتفجير المرفأ"، شدد بشكل خاص على الآتي:
"1. العمل على إبطال مفاعيل "الانقلاب" ضد المحقّق العدلي من دون إبطاء وبالأخص لجهة إسقاط التّهم الموجّهة إليه بالاستيلاء على السلطة، من خلال حفظ الشكوى من المحقق الخاص المعيّن فيها، وفي مطلق الحالات، ضمان متابعة المحقّق العدلي تحقيقاته من دون تدخّل أو تعسّف أو تهديد، على أن يكون له حقّ الاستعانة بأيّ من الهيئات الدولية أو الهيئات القضائية المختصّة ضمن المعاهدات الدولية واتفاقيات التعاون القضائي،
2. مباشرة الملاحقة الجزائية بحقّ النائب العام التمييزي السابق غسان عويدات على خلفية المخالفات الجسيمة المرتكبة في معرض "الانقلاب" وبحقّ النائب العام التمييزي بالتكليف جمال الحجار على خلفية التدخّل غير المشروع في عمل المحقق العدلي من خلال مطالبته في فصل ملف الوزراء عن ملف سائر المدعين وعرقلة عمله وبخاصة فيما يتصل بإبلاغ مذكراته أو تنفيذها.
3. الإسراع في تعيين نائب عامّ تمييزيّ من قبل الحكومة المنتظرة يكون ملتزما بالدفاع عن الحقّ العام في مواجهة أيّ كان من دون التوقّف عند أيّ اعتبار سياسيّ أو فئويّ كما يكون ملتزما باحترام اختصاص قضاة التحقيق والحكم من دون أي تدخل فيه أو تأثير عليه، على أن يبادر رئيس مجلس القضاء الأعلى فورًا من دون إبطاء إلى التراجع عن تكليف القاضي جمال حجار وتكليف قاضٍ آخر تتوفر فيه المعايير المذكورة بانتظار إتمام تعيين النائب العام التمييزي الأصيل من قبل الحكومة المنتظرة.
4. الالتزام ببناء السيادة القضائية الوطنية، من خلال استكمال التعيينات القضائية وإنجاز اقتراحي قانون استقلالية القضاء العدلي والإداري ضمن أقصر المهل وفق توصيات لجنة البندقية الاستشارية والمعايير الدولية لاستقلالية القضاء.
5. الدعوة إلى التضامن والالتفاف حول ضحايا تفجير المرفأ وذويهم ضمانًا لحقّ المجتمع في الحقيقة وحقوقهم في العدالة وجبر الضرر". (الوكالة الوطنية للإعلام)
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: النائب العام التمییزی من دون
إقرأ أيضاً:
رفض التهجير لا يكفي: غزة تحترق وعلينا مسؤوليات تاريخية
في الوقت الذي تشهد فيه غزة واحدة من أعتى حملات الإبادة الجماعية في العصر الحديث، تخرج الوثيقة السياسية الجديدة الصادرة عن "المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج" لتعيد التأكيد على ثوابت القضية الفلسطينية، وتقدم رؤية سياسية تستند إلى رفض التهجير والإبادة معا، وتطرح أفقا لتفعيل دور فلسطينيي الخارج بوصفهم ركيزة لا غنى عنها في المعركة الوطنية الشاملة.
تبدأ الوثيقة بتشخيص الواقع، مؤكدة أن ما تتعرض له غزة هو "إبادة جماعية موثقة"، وأن مشروع التهجير القسري ليس نظرية، بل ممارسة تُنفّذ على الأرض من خلال الحصار والقصف والتجويع. وهي بذلك لا تكتفي برفض التهجير كخطر استراتيجي، بل تربطه عضويا بالإبادة الجارية، وتحمّل المجتمع الدولي، والدول العربية والإسلامية، وأحرار العالم، مسؤوليتهم المباشرة في وقف هذه الجريمة الكبرى، وليس فقط التخفيف من آثارها.
مركزية غزة ورفض الحلول المسمومة
واحدة من أقوى نقاط الوثيقة هي تأكيدها على مركزية غزة في المشروع الوطني الفلسطيني، باعتبارها "خط الدفاع الأول عن وحدة الأرض والشعب والهوية". فالإبادة الحالية لا تستهدف فقط سكان القطاع، بل تسعى لتفكيك المعنى السياسي والمقاوم لغزة، وتحويل مسألة الاحتلال إلى مجرد عبء إنساني على بقعة جغرافية جميلة يُستخدم مبرّرا لفرض حلول تفكيكية تُنهي القضية. لذلك، ترفض الوثيقة بقوة ما يُطرح من مبادرات "إنسانية" ظاهرها الرحمة وباطنها التصفية، مثل مشاريع إعادة الإعمار مقابل نزع السلاح، أو نقل السكان تحت مسمى "مناطق آمنة".
الإبادة الحالية لا تستهدف فقط سكان القطاع، بل تسعى لتفكيك المعنى السياسي والمقاوم لغزة، وتحويل مسألة الاحتلال إلى مجرد عبء إنساني على بقعة جغرافية جميلة يُستخدم مبرّرا لفرض حلول تفكيكية تُنهي القضية
في هذا الإطار، تذكّر الوثيقة بأن غزة لا تحتاج فقط إلى مساعدات عاجلة، بل إلى وقف فوري وشامل للإبادة، ورفع الحصار، وضمان حق السكان في العودة إلى بيوتهم وأراضيهم، لا إخراجهم منها. وهذا يضع تحديا أمام العرب والمسلمين وأحرار العالم، ليس في تأمين الإغاثة فقط، بل في اتخاذ مواقف سياسية واضحة ترفض التهجير وتواجه الإبادة بجرأة.
رؤية وحدوية مقاومة
في الجانب السياسي، تشدد الوثيقة على ضرورة وحدة وطنية فلسطينية، قائمة على برنامج مقاوم لا يُفرّط بالحقوق. وتطالب بإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية حقيقية، بحيث تشمل جميع القوى الفلسطينية، وعلى رأسها قوى المقاومة، وتمنح الفلسطينيين في الخارج تمثيلا فعليا. وهذه عبارة سمعها الفلسطينيون كثيرا إلى حد الملل، ولكن يبدو أن هذا هو السقف الذي تحرص معظم المؤتمرات التي تحاول تمثيلهم على التمسك به، أو على الأقل تسعى للحفاظ عليه حتى إشعار آخر.
هذا الطرح لا يأتي من فراغ، بل من إدراك عميق لحالة الإقصاء والتهميش التي يعانيها الملايين من فلسطينيي الشتات، الذين تم تقزيم دورهم أو اختزاله في أطر رمزية. والوثيقة تفتح الباب نحو بناء شرعية جديدة، تعتمد على الإرادة الشعبية لا على التوازنات الدولية أو الوصايات الإقليمية، وهذا أمر جوهري إذا أردنا فعلا تحرير القرار الفلسطيني.
تفعيل دور فلسطينيي الخارج
واحدة من الإضافات المهمة في الوثيقة هي الإشارة إلى ضرورة تمكين فلسطينيي الخارج سياسيا وتنظيميا، باعتبارهم "الركن الأوسع في الشعب الفلسطيني". فهؤلاء لم يعودوا مجرد داعمين من بُعد، بل هم طاقة حية يمكنها التأثير سياسيا وقانونيا وإعلاميا في مسار القضية، إذا ما تم تفعيلها وتنظيمها.
لحظة فاصلة، تتطلب من الجميع -أفرادا ومؤسسات، في الداخل والخارج- التحرك الجاد لتوحيد الجهود، وتوظيف الإمكانيات، وتجاوز الحسابات الضيقة، من أجل بناء جبهة فلسطينية عريضة، قادرة على مواجهة الاحتلال، والدفاع عن غزة، وصون حقوق شعبنا في كل مكان
وفي هذا السياق، أدعو إلى الاستفادة من أدوات العصر الحديث، وعلى رأسها التقنية والاتصال عن بُعد، لتجاوز العوائق الجغرافية والتنظيمية. وهذا أمر بالغ الأهمية، فقد باتت الاجتماعات الافتراضية، والتصويت الإلكتروني، والعمل التنسيقي عن بُعد، ممكنة وميسّرة، ولا عذر في تعطيلها. المطلوب هو إرادة سياسية صادقة تفسح المجال للخارج، لا أن تبقيه رهينة لقرارات نُخَب ضيقة أو مصالح آنية.
المخاطر والتحديات
رغم وضوح الرؤية التي تطرحها الوثيقة، إلا أن العقبات أمام ترجمتها إلى واقع ليست قليلة. فهناك واقع استثمار قيادة السلطة في الحفاظ على الانقسام الفلسطيني الذي لم يُعالج جذريا حتى الآن، وهناك توازنات إقليمية ترفض صعود أي مشروع فلسطيني مستقل. كما أن النظام الدولي، بما فيه المؤسسات الأممية، لا يزال عاجزا أو متواطئا أمام جرائم الاحتلال.
ومع ذلك، فإن الوثيقة تُعدّ محاولة جادة لإعادة الاعتبار إلى المبادئ الأساسية للقضية الفلسطينية، وتقديم بديل حقيقي عن مسار التنازلات والانحدار السياسي الذي جرّ على الشعب الفلسطيني الكوارث. وهي تنطلق من الميدان، من وجع غزة وصمودها، لا من قاعات التفاوض أو أوهام التسوية.
رسالة الوثيقة: لا نهوض بلا وحدة.. ولا وحدة بلا مقاومة
خلاصة ما تحمله الوثيقة من وجهة نظري، هو أن رفض التهجير لا يكتمل دون وقف الإبادة، وأن الدفاع عن غزة هو دفاع عن الحق الفلسطيني كله. كما تؤكد أن وحدة الفلسطينيين لا تتحقق في غياب مشروع مقاوم، وأنه من دون تمثيل حقيقي للشتات، ستبقى مؤسساتنا ناقصة الشرعية.
إنها لحظة فاصلة، تتطلب من الجميع -أفرادا ومؤسسات، في الداخل والخارج- التحرك الجاد لتوحيد الجهود، وتوظيف الإمكانيات، وتجاوز الحسابات الضيقة، من أجل بناء جبهة فلسطينية عريضة، قادرة على مواجهة الاحتلال، والدفاع عن غزة، وصون حقوق شعبنا في كل مكان.