خلال الأسابيع الماضية، عادت جرينلاند إلى دائرة الضوء، مما يوفر فرصة للتركيز على الفرص التجارية في البلاد، فنحن اقتصاد سوق عالي المهارة مبني على قوة القوانين، وموقعنا الاستراتيجي حيوي للأنشطة البحرية والجوية والفضائية في شمال الأطلسي. وندعو المزيد من الشركات الأمريكية للإسهام في الإمكانات الهائلة لاقتصادنا.

تتوافر الموارد الأرضية النادرة بكثرة في جرينلاند، وتقوم بدور كبير في تطوير المحركات الكهربائية والمكونات المستخدمة في البطاريات والألواح الشمسية. وتمتلك جرينلاند 39 من المعادن الخمسين التي صنفتها الولايات المتحدة على أنها بالغة الأهمية للأمن القومي والاستقرار الاقتصادي. وهذه المعادن، التي تشمل العناصر الأرضية النادرة فضلاً عن النحاس والزنك والنيكل، ضرورية للتكنولوجيا الحديثة.

تهيمن الصين على سوق التعدين للعناصر الأرضية النادرة، حيث تمثل نحو ثلثي إنتاج العالم. هذه الهيمنة توجد نقطة ضعف استراتيجية للعديد من البلدان. ويمكن أن تكون جرينلاند بمثابة حل لهذه المشكلة من خلال تنويع مصادر هذه المعادن.

جرينلاند جزء من مملكة الدنمارك، ولكنها تتمتع بحكومتها وبرلمانها المستقلين، وتتمتع بسلطة كاملة على مواردها الطبيعية العديدة. وهناك إجماع سياسي عام لصالح تطوير قطاعنا المعدني. والاستثناء الوحيد هو استخراج اليورانيوم، الذي يحظره القانون. والشراكات الثنائية والمتعددة الأطراف ضرورية لمواصلة تطوير العديد من المشاريع المعدنية في البلاد.

إن العقبة الكبرى التي تعترض تنمية الموارد المعدنية في جرينلاند تتمثل في نقص رأس المال، ذلك أن التعدين نشاط بطيء، فالإطار الزمني من المراحل المبكرة من الاستكشاف إلى الشحن الفعلي للمعادن قد يمتد لأكثر من عقدين من الزمان، أو في المتوسط ستة عشر عاماً. وهذا يتطلب رأسمال راغب في الالتزام باستثمارات طويلة الأجل تنطوي على مخاطر عالية. وفي الوقت الحاضر، نطلب من المستثمرين من القطاع الخاص أن يتحملوا هذا العبء بمفردهم. ويتعين علينا أن نجد حلولاً لسد الفجوة بين رأس المال والطموحات السياسية واحتياجات الصناعة. وإلا فإننا نخاطر ببقاء المعادن في باطن الأرض.

لذا، تطلب جرينلاند من الدول المستوردة للمعادن أن تمد يد العون لهذه المشاريع التعدينية، من أجل تحقيق المنفعة المتبادلة. وقد انضممنا إلى تعاون دولي بين الدول المستوردة والمصدرة للمعادن يهدف إلى ضمان إمدادات مستقرة ومسؤولة من المعادن الأساسية. وفي هذه الشراكة، وجدنا أن الولايات المتحدة تشكل رفيقًا بنّاءً وداعمًا.

تتعاون جرينلاند مع وزارة الخارجية الأمريكية منذ عدة سنوات لتقديم المعرفة المتجددة حول معادننا الحيوية. وقعت أحدث اتفاقية بين البلدين في عام 2019، في منتصف إدارة ترامب الأولى. تضمنت هذه الاتفاقية حملة رسم خرائط للتحقيق في إمكانات تعدين الجرافيت؛ والأموال اللازمة لتنفيذ حملة تسويق مباشرة تستهدف المستثمرين المعنيين وشركات التعدين الكبرى؛ وتبادل المعرفة.

وتأمل جرينلاند كثيراً في توقيع اتفاقية جديدة مع الولايات المتحدة في أقرب وقت ممكن. ونحن نبحث عن السبل الكفيلة بزيادة الاستثمارات في قطاع التعدين لدينا. ومن الأهمية بمكان أن تكون العوامل المحفزة مثل الاستثمارات المباشرة، والقروض المباشرة، وضمانات القروض، أو الوصول إلى بنوك التنمية، ذات أهمية بالغة في مساعدة المشاريع على الانطلاق. كما أن الاستثمارات في البنية الأساسية المرتبطة بالمشاريع قد تكون ذات قيمة كبيرة وتساعد في تخفيف بعض الضغوط في السنوات الصعبة الأولى من عمر مشروع التعدين. وكثيراً ما يحتاج المشروع إلى الطرق والموانئ، لأن الطرق البحرية تشكل الوسيلة الأساسية للنقل لدينا.

في الوقت الحالي، تمتلك الشركات في كندا وبريطانيا أكبر عدد من تراخيص التعدين في جرينلاند. كل منهما يحمل 23 ترخيصًا. الولايات المتحدة لديها ترخيص واحد فقط. أنا متأكد من أن هذه الصورة يمكن أن تتغير. هناك إمكانيات قائمة ومستقبلية وغير معروفة حتى الآن متاحة للاستثمار.

وكما صرح رئيس وزرائنا بوضوح، فإن جرينلاند ملك لشعب جرينلاند. ونحن لا نريد أن نكون جزءاً من الولايات المتحدة. فنحن لسنا دنماركيين ولا أمريكيين. ولكننا نرى فرصاً كبيرة لإبرام صفقة قد تعود بالنفع على بلدينا. والواقع أن الإمكانات المتاحة لتنمية الاقتصاد في جرينلاند هائلة. فنحن نطبق معايير بيئية عالية، ونطبق لوائح سليمة تتضمن جلسات استماع عامة ومشاركة محلية، كما نتمتع بموارد جيولوجية مذهلة. ونحن ندعو الولايات المتحدة إلى الانضمام إلينا في المزيد من التعاون التجاري.

ناجا ناثانيلسن هي وزيرة الأعمال والتجارة والموارد المعدنية والعدل والمساواة بين الجنسين في حكومة جرينلاند.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی جرینلاند

إقرأ أيضاً:

ما الذي تقصده الولايات المتحدة بالإصلاح الأمني الحقيقي في العراق؟

كتب: خبير الدراسات الأمنية والاستراتيجية الدكتور نبيل العبيدي:


إنّ الوضع الأمني المعقّد في العراق هو نتيجة طبيعية لأي بلد يواجه الاحتلال، حيث يُصبح مركزًا ومأوىً لمختلف التنظيمات المسلحة والمتطرفة ذات الأفكار الشاذة، ما يؤدي بدوره إلى حالة من عدم الاستقرار الأمني.
ومع أن الولايات المتحدة تنظر إلى وجود قواتها في العراق كجزء من استراتيجيتها المتعلقة بأمنها القومي، فإن أي قضية أمنية مرتبطة بالعراق تتداخل حتمًا مع هذا الوجود.

يشهد العراق تنازعًا بين رؤى أمنية دولية وإقليمية؛ فالولايات المتحدة تركّز على تحقيق أهدافها الخاصة من خلال التعامل مع الوضع الأمني العراقي، لكنها لا تعطي الأولوية لأمن المواطن العراقي نفسه، مما يعمّق إشكاليات الأمن المجتمعي في البلاد.
في المقابل، تنظر إيران إلى الأمن العراقي من زاوية مختلفة تمامًا، إذ تسعى إلى إنهاء الوجود الأمريكي هناك وضمان سيطرتها بما يخدم أمنها القومي ويدعم نفوذها الإقليمي في العراق وبلدان أخرى مثل اليمن ولبنان.

تعيش الأجهزة الأمنية العراقية حالة من التوازن الهش بين القوى المتنوعة التي تدعمها.
فعلى سبيل المثال، قدمت الولايات المتحدة دعمًا كبيرًا لجهاز مكافحة الإرهاب، خصوصًا في مجالات الاستخبارات والتدريب والاستشارات، ما جعل هذا الجهاز أحد أكثر المؤسسات الأمنية فاعلية في البلاد.
في المقابل، ظهر الحشد الشعبي ككيان عسكري وأمني كبير، يمتلك إمكانات عسكرية واستخباراتية واسعة، وقد أثبت دوره الميداني في مواجهة التنظيمات المسلحة.

التحدي الأكبر الذي يواجه الأمن العراقي الآن هو الصراع الأمريكي–الإيراني، الذي طُبعت ملامحه على الخريطة الأمنية للعراق.
هذا الصراع لا يمكن تجاهل عواقبه أو تفادي تبعاته بجميع أشكالها، خاصة بعد أن أصبحت كل دولة ترى نفسها صاحبة أولوية في التأثير على الوضع داخل العراق.

أما فيما يتعلق بالمشهد الإقليمي، فقد أسهمت تعقيدات الأوضاع في سوريا، وسعي بعض الأطراف إلى إسقاط نظام بشار الأسد، في تعميق التهديدات وزيادة القلق الأمني في المنطقة عمومًا، وفي العراق خصوصًا.
فالتحولات السياسية والأمنية الإقليمية تحمل أبعادًا دولية تتداخل فيها المصالح وتتنافر أحيانًا، بحسب ما تقتضيه "مصالح السياسة".

اليوم، يعيش العراق وضعًا أمنيًا يتأرجح بين وجهات نظر دولية وإقليمية متعارضة، حيث تتعامل كل دولة مع الأمن العراقي وفق رؤيتها الخاصة.
فالولايات المتحدة لديها نظرة مُعدّة سلفًا لما يجب أن يكون عليه الأمن العراقي بما يخدم مصالحها، بينما تسعى إيران إلى ضمان تأثيرها الاستراتيجي وتعزيز ارتباطها بالفصائل الموالية لها داخل العراق.

لكننا، كعراقيين، نتطلع إلى تحقيق أمن مستقر يخدم مصالح الشعب، بعيدًا عن الأجندات الخارجية.
ويجب أن تكون رؤيتنا للأمن واضحة: أمن العراق أولًا وأخيرًا.
ينبغي التعاون مع أي طرف يخدم هذه المصلحة، شريطة ألّا يمسّ ذلك بسيادتنا الوطنية أو يقدّم مصلحة دولة على أخرى.

في النهاية، لا يمكننا القبول برؤية أميركا للأمن العراقي إذا كانت تقوم على التدخل العميق في بنية أجهزتنا الأمنية وتوجيهها لخدمة مصالحها الخاصة؛ فهذا أمر غير منطقي وغير مقبول.
ومع ذلك، نحن بحاجة ماسة إلى دعم الأصدقاء والشركاء الدوليين، على أن يكون هذا الدعم متوازنًا ويحترم سيادة العراق، وألا يكون على حساب مصلحة طرف على حساب آخر.

وبناءً عليه، فإن العلاقات الأمنية والاستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة ستظل محفوفة بالتعقيدات والتحديات، بسبب الواقع العراقي الحساس، وتضارب المصالح بين الدول الكبرى والإقليمية.

مقالات مشابهة

  • احتجاجات دعم إمام أوغلو تمتد إلى الولايات المتحدة
  • إيران: الطريق مفتوح لإجراء مفاوضات مع الولايات المتحدة
  • مقترح جديد للهدنة بموافقة الولايات المتحدة وحماس
  • وصول 199 مهاجراً رحلتهم الولايات المتحدة إلى فنزويلا
  • الادارة العامة لتامين التعدين تباشر مهامها رسميا بولاية الخرطوم وتنشر قواتها لتامين وزارة المعادن
  • السياح يتجنبون السفر إلى الولايات المتحدة في عهد ترامب
  • بسبب ترامب..السياح يتجنبون السفر إلى الولايات المتحدة
  • المستشارة القضائية الإسرائيلية: حكومة نتنياهو تريد أن تكون فوق القانون
  • المستشارة القضائية الإسرائيلية: الحكومة تريد أن تكون فوق القانون
  • ما الذي تقصده الولايات المتحدة بالإصلاح الأمني الحقيقي في العراق؟