انتصرت غزة، التي أبهرت العالم بصمودها الأسطوري، واستطاعت أن تقدم تجربة تعد الأولى في تاريخ البشرية في تحملها معاناة الألم والقتل والدمار طيلة أكثر من 460 يومًا، وهو ما لم يحدث في بقعة لا تتجاوز مساحتها 356 كيلومترًا مربعًا.
انتصرت غزة؛ لأنها تستحق الحياة، ولأنها تضيف إنجازًا جديدًا إلى سجلها التاريخي مع الغزاة الذين تعاقبوا عليها، والذين في كل مرة يتم دحرهم وتبقى عصية على الطامعين، حتى وإن بقوا فيها لسنوات.
انتهت المحنة التي كانت شرارتها في 7 أكتوبر، والتي كنا ننتظر أن تنفرج مع كل دقيقة تمر علينا، ليس في الوطن العربي والأمة الإسلامية فقط، بل على كل أحرار العالم الذين أيقظت غزة ضمائرهم التي غُمي عليها طوال الـ100 عام الماضية، والتي عششت ونمت فيها الصهيونية العالمية وأنتجت كيانًا عقيدته الغدر والقتل والتدمير والإبادة وتفوق العرق السامي.
اليوم، تضع غزة العالم على مفترق طرق حول المرحلة المقبلة، ليس للقطاع وحده، بل لمشروع الدولة الفلسطينية التي طال انتظارها، والتي قربت العالم الحر أكثر وأكثر من أهمية وجود هذه الدولة على ما تبقى من ترابها الذي يُسرق ليل نهار من عصابات المستوطنين وجيش الاحتلال. الدولة الفلسطينية كانت مشروعًا حاضرًا في اتفاقيات أوسلو عام 1994م، والتي جاءت بضمانات دولية استطاعت القيادات العنصرية الإسرائيلية المتطرفة إجهاضه على مدى الثلاثين عامًا الماضية.
الواقع اليوم للقضية الفلسطينية يختلف كثيرًا عن واقعها قبل 7 أكتوبر، فهي أمام مرحلة تحول، إما الذهاب بها إلى السلام العادل وقيام الدولة الفلسطينية، وهذا هو الأرجح، وإما إعادتها إلى ملفات النسيان، وهذا مستبعد.
القناعات لدى العديد من الإسرائيليين اليوم هي أقوى مما كانت عليه في العقود السابقة بضرورة قيام الدولة الفلسطينية إذا ما أرادت إسرائيل الأمن والسلام، ودون ذلك سيبقى الاحتلال يتنقل من حرب إلى أخرى؛ تارة في غزة، وثانية في الضفة، وثالثة في لبنان، وقد تفتح جبهة رابعة في القدس وداخل الخط الأخضر في عمق إسرائيل.
من يرى أهالي غزة وهم يعودون للحياة منذ لحظات إيقاف الحرب التي أُرغمت عليها إسرائيل، سواءً من الداخل أو الخارج، يقتنع أن هذا الشعب ليس رقمًا هامشيًا ومن الصعب تركيعه، لإيمانه بقضيته وتمسكه بأرضه وإصراره على البقاء والحفاظ على مكتسباته. وقد رأى العالم كيف واجهت المقاومة كل هذا العتاد العسكري الذي دعم الاحتلال بمئات المليارات من الدولارات، والذي فشل في استعادة أسراه طيلة 15 شهرًا و19 يومًا، رغم وجود أجهزة قرابة 7 دول غربية تساند جهود الاحتلال في مساحة ضيقة جدًا، مع الخسائر البشرية في جيش الاحتلال التي بلغت 14,700 جندي و60,000 مصاب، واقتصاد تتراجع مؤشراته إلى أقل من النصف، وهجرة عكسية لقرابة 30% من السكان، وخيبات من الأحلام المزيفة التي عاشها قادة الاحتلال.
سالم الجهوري كاتب صحفـي عماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الدولة الفلسطینیة
إقرأ أيضاً:
ماليزيا والمالديف تؤكدان أهمية الحل السلمي للقضية الفلسطينية وفق القانون
أكد رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، ورئيس جمهورية المالديف محمد معزو، أهمية حل القضية الفلسطينية عبر الوسائل السلمية بما يتفق مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وأشاد إبراهيم، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع معزو الذي يزور ماليزيا حاليا، بقرار المالديف الأخير بمنع دخول الإسرائيليين إلى أراضيها، احتجاجا على انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين في قطاع غزة .
من جهته، جدد الرئيس المالديفي تضامن بلاده مع القضية الفلسطينية، مؤكدا التزام المالديف بدعم حقوق الشعب الفلسطيني والدفاع عنها عبر مختلف المنابر الدولية، والدعوة إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود ما قبل عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وفي بيان مشترك، أكد المسؤولان التزامهما بتعزيز تضامن الأمة الإسلامية والتمسك بالقيم الحقيقية للإسلام، كما ناقشا قضايا دولية مهمة أبرزها النزاعات التي تؤثر في المسلمين عالميا، مشددين على أهمية إيجاد حلول عادلة ومستدامة لهذه التحديات.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين غزة: اتهامات لتجار بالتسبب في رفع الأسعار وأزمة السيولة الاحتلال يشرع ببناء سياج شائك يعزل سنجل وترمسعيا عن الشارع الرئيسي الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة طولكرم ومخيميها لليوم الـ92 على التوالي الأكثر قراءة الرئيس عبّاس يعزي بوفاة بابا الفاتيكان فرنسيس الأونروا: لا مبرر للعقاب الجماعي على الفلسطينيين الاستهداف المباشر للصحفيين في قطاع غزة إسرائيل زيف الرواية: الجيش يحقق مع نفسه عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025