"اتفاق غزة".. نصر وعزة (1- 2)
تاريخ النشر: 20th, January 2025 GMT
جمال بن ماجد الكندي
بعد خمسة عشر شهرًا تقريبًا من بدء معركة طوفان الأقصى، وما تبعها من تطورات سياسية وعسكرية، من أهمها فتح جبهات مُسانِدة لغزة حاربت العدو الإسرائيلي، فغيرت خارطة المُواجهة المسلحة التقليدية بين الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية، إلى خارطة جديدة تُسمى جبهات المساندة العسكرية للمقاومة الفلسطينية، والتي تستهدف الكيان الصهيوني من قلب بلدانها إلى عمق أراضي فلسطين المحتلة.
لبنان واليمن والعراق كانت مصدر قلق وإزعاج كبير لإسرائيل وحلفائها، خاصة الجبهة اللبنانية واليمنية؛ فالحرب مع إسرائيل تجاوزت الجغرافيا الفلسطينية بدخول هذه الدول دعمًا للمقاومة الفلسطينية في حربها ضد الكيان الصهيوني، فخلقت هذه الجبهات المساندة أزمة سياسية وعسكرية واقتصادية في الداخل الإسرائيلي، طبعًا مع المقاومة الباسلة في غزة التي حيّرت كبار القادة العسكريين في إسرائيل وأمريكا وغيرها، بسبب صمودها وقتالها الأسطوري طوال خمسة عشر شهرًا من عمر معركة طوفان الأقصى وعدم رفعها الراية البيضاء. وهذا الأمر ليس بالغريب عليها، فهي تقاتل من أجل الحرية وكرامة الوطن.
هذه العوامل الداخلية والخارجية أجبرت الإسرائيلي، بعد مماطلة وخداع طوال شهور الحرب، على إعلان قبول الهزيمة وإبرام اتفاق غزة، وإنهاء الحرب.
ولكي لا يكون كلامنا مرسلًا من غير أدلة من داخل الكيان الصهيوني، سنطرح سؤالين ونجيب عنهما، ومن خلال هذه الإجابات سنُحلل: هل اتفاق غزة نصر وعزة لأهل غزة، وكافة العرب والمسلمين؟ أم هو اتفاق الاستسلام والخضوع والخنوع لشروط المحتل الإسرائيلي بعد كل التضحيات التي بذلها الجانب الفلسطيني في هذه الحرب؟
قبل السؤالين، نطرح بنود الاتفاق التي جاءت في ثلاث مراحل، مدة كل مرحلة 42 يومًا:
1- المرحلة الأولى (42 يومًا):
• وقف العمليات العسكرية المتبادلة مؤقتًا: يتفق الطرفان على وقف مؤقت للعمليات العسكرية، مع انسحاب القوات الإسرائيلية شرقًا بعيدًا عن المناطق المكتظة بالسكان إلى مناطق بمحاذاة الحدود في جميع مناطق قطاع غزة؛ بما في ذلك وادي غزة.
• تعليق النشاط الجوي العسكري: تلتزم إسرائيل بوقف الطيران العسكري والاستطلاعي في سماء قطاع غزة لمدة 10 ساعات يوميًا، وتزيد إلى 12 ساعة في أيام إطلاق سراح المحتجزين والأسرى.
• تبادل الأسرى والمحتجزين: تقوم حركة حماس بإطلاق سراح 33 أسيرًا إسرائيليًا، يشمل ذلك النساء والأطفال وكبار السن والمرضى، مقابل إفراج إسرائيل عن 1800 أسير فلسطيني، بينهم 250 محكومًا بالسجن المؤبد، ونحو 1000 من المعتقلين بعد 7 أكتوبر 2023.
• عودة النازحين: تبدأ عودة النازحين إلى مناطق سكناهم، مع ضمان حرية الحركة للسكان في جميع مناطق القطاع، ودخول المساعدات الإنسانية دون مُعوقات.
• فتح معبر رفح: بعد 7 أيام من بدء تنفيذ المرحلة الأولى، يُفتح معبر رفح من جهة قطاع غزة لدخول المساعدات الإنسانية والوقود، بمعدل 600 شاحنة يوميًا، منها 50 شاحنة وقود، و300 شاحنة تتوجه إلى شمال القطاع. (ملاحظة: يجري حاليًا دخول الشاحنات من مصر إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبوسالم لحين إصلاح الأضرار الناتجة عن القصف الإسرائيلي للمعبر من جانب قطاع غزة).
2- المرحلة الثانية (42 يومًا):
• إعلان الهدوء المستدام: يُعلن عن وقف دائم للعمليات العسكرية والعدائية، مع استئناف عمليات تبادل المحتجزين والأسرى، بما في ذلك جميع الرجال الإسرائيليين الأحياء المتبقين، مقابل عدد يتفق عليه من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
• انسحاب القوات الإسرائيلية: تنسحب القوات الإسرائيلية بالكامل خارج قطاع غزة، مع تفكيك المنشآت العسكرية.
3- المرحلة الثالثة (42 يومًا):
• تبادل الجثامين والرفات: يتبادل الطرفان جثامين ورفات الموتى بعد الوصول إليهم والتعرف عليهم.
• إعادة إعمار قطاع غزة: تبدأ خطة إعادة إعمار شاملة للمنازل والمنشآت المدنية والبنية التحتية التي دُمرت نتيجة الحرب، وتعويض المتضررين، بإشراف دول ومنظمات، منها مصر وقطر والأمم المتحدة.
• إنهاء الحصار: يُنهى الحصار الكامل عن قطاع غزة، مع فتح جميع المعابر وتسهيل حركة الأشخاص والبضائع.
وهذا الاتفاق هو تقريبًا نفس الاتفاق الذي عُرض على الكيان الصهيوني من قبل أمريكا في شهر مايو من العام الماضي. وليكون ملزمًا، صُدِّق عليه من قبل مجلس الأمن بموافقة أمريكا نفسها، ولكن كانت المماطلة من قبل نتنياهو لأهداف أراد تحقيقها في فترة رئاسة ترامب. المفاجأة التي لا يزال نتنياهو تحت صدمتها هي طلب وإصرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه على توقيع الصفقة بهذه الشروط التي كانت مرفوضة لدى الجانب الإسرائيلي.
علاوة على أن الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي سيكون في المرحلة الثانية وليست الأخيرة، وخلال هذه المرحلة يفكك كل المنشآت العسكرية التي بناها في محور "نتساريم" ودوَّار الكويت لسهولة عودة النازحين إلى ديارهم، وهذا الأمر كان قبل ذلك مرفوضًا من نتنياهو، وهي خسارة عسكرية كبيرة للجيش الإسرائيلي حسب التوصيف العسكري.
يُتبع...
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
169 شهيدا ضحايا القصف الإسرائيلي منذ الإعلان عن اتفاق وقف القتال بغزة
بغداد اليوم - متابعة
أوضحت التقارير الإحصائية الصادرة عن وزارة الصحة في قطاع غزة يومي الخميس والجمعة أن عدد ضحايا القصف الإسرائيلي على القطاع تجاوز 169 شهيدا و377 مصابا، منذ لحظة إعلان وقف إطلاق النار.
وبحسب وزارة الصحة في القطاع "ارتكبت القوات الإسرائيلية يوم أمس الخميس 8 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة وصل منها للمستشفيات 81 شهيدا و 188 مصابا".
وأوضح التقرير الصادر عن صحة غزة اليوم الجمعة أن إسرائيل "ارتكبت 4 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة وصل منها للمستشفيات 88 شهيدا و 189 مصابا خلال 24 ساعة"، ما يجعل حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي خلال 48 ساعة تتجاوز 169 قتيلا و377 مصابا، وذلك بعد إعلان وقف إطلاق النار مساء الأربعاء.
ووفقا للتقرير الإحصائي اليومي لصحة قطاع غزة فإن عدد الشهداء والجرحى جراء العدوان الإسرائيلي المستمر لليوم الـ469 على القطاع منذ أكتوبر 2023 ارتفع إلى 46876 شهيدا، و110642 مصابا.
يذكر أن الكابينت الأمني الإسرائيلي صادق اليوم الجمعة على اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع حركة "حماس" وأوصى الحكومة الموسعة بالمصادقة عليه.
واتفقت إسرائيل وحركة "حماس" بوساطة من قطر ومصر والولايات المتحدة على وقف إطلاق النار لمدة 42 يوما بدءا من 19 يناير، وأعلنت سعيها لإنهاء الأعمال القتالية بشكل نهائي والتي أودت بحياة أكثر من 46 ألف فلسطيني ونحو 1500 إسرائيلي خلال 15 شهرا من القتال.
وقالت "حماس" إن الاتفاق جاء "ثمرة الصمود الأسطوري لشعبنا الفلسطيني العظيم ومقاومتنا الباسلة في قطاع غزة، على مدار أكثر من 15 شهرا".
وتشمل المرحلة الأولى للصفقة إطلاق سراح 250 أسيرا فلسطينيا من ذوي الأحكام المؤبدة، و400 من أصحاب الأحكام المطوّلة، و1000 أسير من قطاع غزة تم اعتقالهم بعد 7 أكتوبر، بالإضافة إلى جميع الأسرى الذين أعيد اعتقالهم بعد "صفقة شاليط" والنساء والأطفال.
المصدر: وكالات