رئيس "حقوق الإنسان العربية": الميثاق العربي يقترب لأن يكون النص الحقوقي الحاكم في المنظومة
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
أكد رئيس لجنة حقوق الإنسان العربية (لجنة الميثاق) المستشار جابر المري، أن انضمام مزيد من الدول العربية للميثاق العربي لحقوق الإنسان وآخرها سلطنة عمان التي أصبحت العضو الثامن عشر، يشير وبشكل لا لبس فيه إلى أن هذا الميثاق يقترب يوما بعد يوم لأن يكون النص الحقوقي الحاكم في منظومة حقوق الإنسان العربية.
جاء ذلك في كلمة للمري أمام الدورة الـ 52 للجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان التي افتتحت، اليوم /الأحد/، بمقر جامعة الدول العربية، وتستمر أعمالها ثلاثة أيام.
وقال المري إن قرارات اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان تساهم في مزيد من حماية وتعزيز حقوق الإنسان في وطننا العربي.
وأوضح أن الدول الأطراف في الميثاق العربي لحقوق الإنسان أصبحت 18 دولة طرف بانضمام سلطنة عمان بإيداعها وثيقة التصديق في 9 إبريل 2023.
وأشاد بهذه الخطوة المهمة من سلطنة عمان، الأمر الذي يشير وبشكل لا لبس فيه إلى أن هذا الميثاق يقترب يوما بعد يوم لأن يكون النص الحقوقي الحاكم في منظومة حقوق الإنسان العربية، وتزداد القناعة أكثر بأن هذا الميثاق يستجيب لشواغل حقوق الإنسان في المنطقة العربية، وله القدرة في أن يعزز منظومات حقوق الإنسان الوطنية في الدول العربية.
وقال "نتوقع من سلطنة عمان أن تقدم تقريرها الأول في غضون سنة واحدة من دخوله حيز النفاذ، معربا عن أمله في أن يبدأ كلمته في الاجتماع القادم بالإفادة بانضمام دولة طرف جديدة للميثاق.
وأوضح أن لجنة الميثاق بالتعاون مع الأمانة العامة، تحث الدول الأعضاء التي لم تصادق بعد على الميثاق للانضمام للوثيقة الأم.
وأضاف "لقد قمنا بعدد مهم من الاجتماعات على هامش دورة اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان السابقة في الصخيرات في المملكة المغربية، شملت الاجتماع مع رئيس البرلمان بالمملكة المغربية ووزير العدل، كما اجتمعنا مع المسؤولين في وزارة الخارجية في الرباط، وانصبت الاجتماعات على نقاش سبل انضمام المملكة المغربية للميثاق".
وتابع: "كما لحق ذلك اجتماعنا مع سعادة سفير المملكة المغربية في القاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية.. وقد أصبح جليّا أننا ننتظر إيداع وثيقة تصديق المملكة المغربية على الميثاق في أجل قريب".
وأردف: "كما أننا أجرينا عددا من اللقاءات مع السفراء مندوبي الدول الأعضاء شملت الجزائر ولبنان وسوريا، ناقشنا خلالها إمكانية تقديم التقارير المجمعة".
وأوضح أن اللقاءات تناولت التأكيد على جاهزية اللجنة، وبالتعاون مع الأمانة العامة، لتقديم الدعم الفني في إطار بناء القدرات للمسؤولين عن إعداد التقارير أمام الآليات التعاقدية الإقليمية والدولية.
وأشار إلى أن المملكة العربية السعودية أرسلت تقريرها الدوري الأول للأمين العام للجامعة العربية الذي أحاله للجنة، و"بدورنا نعكف الآن على دراسة التقرير والتنسيق من أجل تحديد موعد لمناقشته بعد اكتمال كافة الترتيبات اللازمة".
وقال إن الفترة المقبلة تشهد حدثين متقاطعين وهما الذكرى 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذكرى 20 للميثاق العربي لحقوق الإنسان.
وأوضح أن العالم يحتفل هذا العام بالذكرى 75 على اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من قبل الأمم المتحدة والذكرى الثلاثين لاعتماد (إعلان وبرنامج عمل فيينا)، والعديد من دولنا كانت مع التصويت لصالح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ لما فيه من تأكيد على قيم ومبادئ إنسانية سامية ليست بعيدة عن قيمنا الحضارية، التي أكدت على الأخوة الإنسانية والمساواة والتسامح مع البشر والحرية والعدالة وتكافؤ الفرص، وهي قيم أعاد تأكيدها الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
ولفت إلى أن التأكيدات الواردة في (إعلان وبرنامج عمل فيينا) بما في ذلك تكامل حقوق الإنسان وترابطها وعدم قابليتها للتجزئة هي ذات التأكيدات التي ترد في نهج عمل لجنة الميثاق.
وأضاف: "ما نود التأكيد عليه في تفاعل الدول مع ذكرى 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو التعهدات الطوعية، فالتعهدات التي تعمل عليها الدول سواء على المستوى الوطني أو المستوى الإقليمي، نود أن تكون تعهدات منسجمة مع مواد الميثاق العربي لحقوق الإنسان.. وعلى ذات المستوى فإنه بحلول العام القادم سيكون قد مرَّ عشرون عاماً على اعتماد الميثاق العربي لحقوق الانسان".
وتابع: "نحن في اللجنة وبمناسبة هذه الذكرى سوف نعمل على إعداد دراسة لعرض وتحليل مجمل ما صدر عن اللجنة من توصيات منذ إنشائها، من أجل تحديد مدى تحقق غايات الميثاق بعد 20 عاما من صدوره، وندعو الدول إلى إحياء هذه الذكرى على المستوى الوطني بالفعاليات المناسبة".
وأشار إلى أن التوصيات التي صدرت عن لجنة الميثاق تُعبّر عن جهد لأعضاء حاليين، وأعضاء سابقين على مدار سنوات طويلة، موجها الشكر للأعضاء المتقاعدين من اللجنة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: العربی لحقوق الإنسان حقوق الإنسان العربیة المملکة المغربیة الدول العربیة سلطنة عمان إلى أن
إقرأ أيضاً:
خفة النص التي احتملها الغذامي ولم يطقها البازعي!
ما هو الأدب الحقيقي؟ هل هو ذلك الذي يصمد عبر الزمن، أم الذي يلامس قلوب القراء في لحظته؟ هل يرتبط بجمال اللغة وعمق الأفكار، أم بجاذبية السرد ومتعة القراءة؟ ومن له الحق في تحديد الأدب الجيد من الأدب الرديء؟ هل هم النقاد الذين يملكون أدوات التحليل والتقييم، أم القراء الذين يختارون ما يستهويهم؟ وهل النجاح الجماهيري دليل على القيمة الأدبية، أم أن الأعمال الخالدة لا تُقاس بالشعبية؟ وإذا كان الأدب "النخبوي" هو "الحقيقي"، فلماذا يعزف عنه كثير من القراء في حين يقبلون على الأدب "التجاري" أو ما يسمى الـ"بيست سيلر"؟
هذه التساؤلات راودتني وأنا أتابع على منصة إكس "الترند" الذي صنعه الناقد السعودي البارز سعد البازعي في الأسبوع المنصرم، حين عاود في مقابلة تلفزيونية، مهاجمة الروائي السعودي أسامة المسلم الذي اشتهر عربيا على نطاق واسع السنة الماضية عندما حدث تدافع خلال حفلات توقيع كتبه في معارض القاهرة والرباط والجزائر على التوالي، بل إن حفل توقيع الرباط أُوقِف عقب حالة الفوضى التي عمت المعرض بسبب الأفواج البشرية الكبيرة التي حضرت. في الحوار للقناة السعودية كرر البازعي اتهاماته التي سبق أن أطلقها في حسابه على "إكس" لروايات المسلم بأنها "سطحية"، وأن نجاحها الجماهيري ليس سوى "فقاعة أدبية" ستتلاشى مع الزمن. قال الناقد السعودي إن المسلم يكتب أدبًا قائمًا على الإثارة والدهشة دون عمق حقيقي، ولا يمكن مقارنته بروايات أدباء سعوديين آخرين ممن يكتبون الأدب الجاد، وسمى منهم عبده خال وأميمة الخميس وبدرية البشر.
لكن الغريب أن ناقدا سعوديا كبيرًا آخر هو عبدالله الغذامي، لا يرى ما رآه البازعي، بل إنه سبقه بكتابة مقال في تقريظ تجربة المسلم الروائية قال فيه إنه لم يكن يعرف المسلم من قبل، غير أن التدافع الجماهيري حوله في معرض الرباط دفعه إلى قراءة روايته "خوف"، ويضيف: "وأول ملمح فيها أني لم أضجر منها ولم أشعر أني فقط أقوم بدوري المهني، بل استولت علي متعة النص وخفته". إنها إذن خفة النص التي احتملها الغذامي، فوجد أنه مكتوب بلغة سلسة سماها "الفصحى المحكية" التي تشبه أسلوب "ألف ليلة وليلة" وكتب الحكي الشعبي. نعم. لقد شبه الغذامي رواية "خوف" بألف ليلة وليلة، معتبرا أن ما يقدمه المسلم ليس أدبًا تافهًا، بل هو تعبير عن ذائقة جيل جديد وجد لغته الخاصة. هذه القراءة أسعدت المسلم بلا شك، بدليل أنه وصفها في حوار له مع المذيع نفسه الذي حاور البازعي (عبدالله البندر) بالمنصفة، رغم أنه سبق أن هاجم منتقديه، معتبرا أنهم من أولئك "الديناصورات" التي تجاوزها الزمن.
سمعت باسم أسامة المسلم لأول مرة في برنامجي الإذاعي "القارئ الصغير" الذي أحاور فيه قراء من الأطفال والمراهقين منذ عام 2014. وكنت أستغرب من هالة إعجاب كبيرة يضفيها عليه هؤلاء المراهقون أثناء حديثهم عن رواياته، التي يدور عدد غير قليل منها في عالم الجن والشياطين. لكني لم أكن أتدخل، لأنني أؤمن أنه لا بد لأي قارئ صغير أن يمر بمثل هذه المرحلة، قبل أن يشتد عوده ويتطور وعيه ويتوجه إلى كتب أدبية حقيقية غير هذه التي تدغدغ مشاعر الإثارة والتشويق فيه.
وبعد أن ذاع صيت المسلم في العالم العربي باعتباره الروائي الذي يتدافع القراء على حفلات توقيعه، قررت قراءة رواية "خوف" باعتبارها أشهر رواياته، ولا أخالني أجانب الصواب إذا زعمتُ أن ما قاله الغذامي عن كون النص ممتعا وسلسا وغير مثير للضجر، صحيح، رغم أنني توقفتُ قليلا عند تسميته للشيخ الدجال الذي تَحْمِل أم البطل ابنها إليه لعلاجه: "الشيخ العُماني"! السرد يشدك منذ الصفحات الأولى بالفعل، لكنّ المؤاخذات التي ذكرها البازعي عليه هي الأخرى صحيحة، فلا اللغة الأدبية قوية، ولا النص يقدم أفكارا مهمة، ولا هو يخبر قارئه شيئا مهمّا عن حياته، كما تفعل النصوص العظيمة، عدا أن هناك لونين فقط في رسم الشخصيات هما الأسود والأبيض.
بطل "خوف" يشبه أسامة المسلم نفسه إلى درجة أنه يخبرنا منذ السطر الأول أنها قد تكون سيرة ذاتية، كما أنه مولود في منتصف السبعينيات تماما كما هو المؤلف، والمفارقة هنا أن هذا البطل ينفر من السطحية منذ أن كان طفلًا، يقول واصفًا أقرانه من الأطفال: "كنت أرى في اهتماماتهم سطحية شديدة، رغم محاولاتي المتكررة للاندماج معهم، في تلك المرحلة بدأت بقراءة المؤلفات المحلية لكنها أيضا لم تجذبني لفارق الأسلوب والقوة في الطرح عن مثيلاتها في الطرف الغربي". ولأن هذا بالضبط هو ما فعله البازعي، أي أنه نفر من روايات المسلم لأنه وجدها سطحية، فإنني أجد أنه من المستهجن أن يلمز هذا المؤلفُ البازعي وغيره من النقاد الذين لا تستهويهم مثل هذه الأعمال بوصفهم "ديناصورات"، وأنه يزعجهم أن يحظى كاتب سعودي بإقبال كبير! صحيح أن من حق أي مؤلف أن يكتب للجمهور الذي يريد، وأن يتبنى نوع الكتابة التي يحب، دون وصاية من أحد، غير أن النقطة المهمة هنا هي ضرورة تقبل الكاتب النقد، حتى وإن لم يأتِ على هواه. فالروائي تنتهي علاقته بعمله الروائي بمجرد أن ينشر، ليبدأ عمل القارئ. ولأن القراء ليسوا كتلة واحدة، وإنما هم مشارب وتوجهات متعددة، فمن الطبيعي أن نجد المعجب بالرواية حد التبجيل، وفي المقابل غير المعجب الذي يعدها رواية سطحية وغير ذات عمق.
وإذن، فقد أصبح البازعي المنتقِد "ديناصورًا" في حين كان الغذامي المادح "منصفًا"، رغم أن كليهما ناقد كبير تعدى تأثيره حدود السعودية إلى العالم العربي، وكلاهما تجاوز السبعين من العمر، وهي السنّ التي اختارها المسلم للرجل الذي سيغيّر حياة بطل الرواية الشاب. إذْ لاحظ هذا الشيخ السبعيني أن آراء الشاب المتمرد في المجلس حادّة ومستفِزّة فطلب منه البقاء بعد انفضاض المجلس ليعطيه كتابًا ليقرأَه، وحين فتح الشاب الكتاب في غرفته حدثت له بعض الأمور المزعجة التي هي من فعل الجنّ، ومنها أنه لم يعد يستطيع النوم في بيته، فقرر العودة للشيخ السبعيني، يقول: "فأخبرتُه أني أريد تفسيرًا لما يحدث لأن هذه الأمور لم تحدث إلا بعد قراءتي للكتاب الذي قدمه لي". فكان جواب الشيخ: "أنا لم أنم في مثل هذا الوقت منذ أربعين عاما، واليوم ولأول مرة أنام كالحجر. أنا آسف يا ابني، لكنك ستعيش مع من عاشوا معي كل تلك السنين". كان الشيخ يقصد الجنّ طبعًا ممهِّدًا لبدء فصول الإثارة في الرواية، غير أنني -بقليل من التعسف في التأويل - يمكنني سحب هذه القصة على حكاية مؤلفها مع النقاد؛ فالشيخ السبعيني يمكن أن يكون أيضًا ناقدًا أدبيا كبيرًا (هو هنا سعد البازعي)، والشاب هو أسامة المسلم، أما الكتاب فليس سوى واحدة من أمهات الأدب العالمي التي تجعل قارئها لا يُمكن أن يصبح هو نفسه بعد قراءتها.