مليون نازح في جنوب قطاع غزة ينتظرون العودة شمالا
تاريخ النشر: 20th, January 2025 GMT
غزة– يتوق النازح السبعيني جمعة الجزار للعودة إلى منزله في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، بعد رحلة نزوح قسرية امتدت لأكثر من عام في جنوب القطاع.
وبالنسبة إلى الجزار (75 عاما)، وهو طبيب عيون متقاعد، فإن "عام النزوح كوم وما تبقى من أيام للعودة إلى غزة كوم آخر". ويعبّر بذلك عن شوقه الكبير للعودة سريعا إلى مدينة غزة، التي غادرها مضطرا مع أسرته وأبنائه الثمانية وأحفاده، إثر تهديدات إسرائيلية بداية اندلاع الحرب على القطاع عقب عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل، يسمح لنحو مليون نازح في جنوب القطاع بالعودة إلى مدنهم وأحيائهم في شماله سيرا على الأقدام بدون إجراءات تفتيش في اليوم السابع من توقيع هذا الاتفاق، الذي دخل حيز التنفيذ صباح أمس الأحد. في حين سيكون متاحا لهم في اليوم الـ22 بالعودة على متن مركبات مع خضوعها للتفتيش.
ورغم الدمار الهائل الذي خلفته آلة الحرب الإسرائيلية في مدينة غزة وشمال القطاع، فإن النازحين يتمسكون بالعودة، ويقول الجزار للجزيرة نت "سأعود إلى بيتي المدمر، واستصلح ما تبقى منه، لأقيم فيه من جديد مع أبنائي وأحفادي".
وتقول حفيدته حور (6 أعوام) "بدنا نرجع.. مشتاقة لغرفتي وألعابي". ويثني مالك (8 أعوام) على حديث شقيقته ويشاركها الشوق للعودة إلى مدينة غزة، حيث منزله والنادي والمدرسة، غير أنهما لا يدركان بعد حجم الدمار الذي حل بمدينة غزة وانتهك معالمها.
وحسب تقديرات دولية، فإن الحرب الإسرائيلية تسببت في تدمير 69% من القطاع الساحلي الصغير، الذي يقطنه زهاء 2.3 مليون نسمة.
إعلانوأنهك النزوح المتكرر أسرة الجزار التي تقيم حاليا في مركز إيواء داخل مدرسة غربي مدينة خان يونس. ومع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ لم يطل كبير هذه الأسرة الدكتور الجزار التفكير، وقال إنه حجز شاحنة (سيارة نقل) لتقله وأفراد أسرته، وما حملوه من مستلزمات منزلية خلال شهور النزوح الطويلة، ستساعدهم على بدء حياتهم من جديد في مدينة غزة.
وفي مكان قريب من أسرة الجزار، يقيم الخمسيني علاء حسين مع 15 من أبنائه وأحفاده داخل غرفة واحدة، وقد استغرب سؤالنا "هل ستعود مع العائدين للشمال؟"، وبلا تردد وبحزم رد "طبعا، ما فيها كلام".
"والله لو ينفع أرجع الآن لأرجع"، يقولها حسين، بينما كان منهمكا في ترتيب ملابسه في حقيبة سيحملها معه، الأحد المقبل، في طريق عودته إلى بلدة بيت حانون شمالي القطاع، سيرا على الأقدام. ويضيف هذا الرجل الذي يعاني من مرض مزمن "سأعود مشيا رغم طول المسافة ولن أنتظر السماح بمرور المركبات".
ومنزل حسين مدمر مثل غالبية منازل بلدة بيت حانون، ومخيم جباليا وبلدة بيت لاهيا، في محافظة شمال القطاع، التي تعرضت لـ3 عمليات عسكرية برية، آخرها في السادس من أكتوبر/تشرين الأول الماضي واستمرت لنحو 100 يوم، مارست خلالها قوات الاحتلال التدمير الممنهج للمنازل والمنشآت السكنية ولكل مقومات الحياة.
ومن جملة هذا التدمير، يقول حسين إنه خسر منزلا، وشقة سكنية في بناية أخرى، وليس له ما يملكه هناك، ورغم ذلك فإن "العودة لبيت حانون حتمية، وسنقيم فيها، لو في خيمة على الأنقاض".
وللنازحة الستينية كريمة ناصر خطتها للعودة إلى بلدة بيت حانون، وتقول للجزيرة نت "اتفقنا داخل الأسرة أن يعود عدد من أبنائي الشباب أولا، ويعدوا لنا مأوى، ثم نلحق بهم، النساء والأطفال".
إعلانوتشعر هذه النازحة (64 عاما) بفرحة ممزوجة بغصة كبيرة، إذ ستعود إلى بلدتها بعد النزوح الطويل، ولكن من دون عدد كبير من أشقائها وشقيقاتها وأقاربها، وتقول "خسرت بالحرب 70 شهيدا من أحبائي".
هذا الفقد الكبير جعل كريمة أكثر حرصا في العودة إلى بيت حانون، ولكنها تفضل التمهل حتى الأحد المقبل، وتقول "اليهود ما لهم أمان، وبدنا ننتظر يومين أو 3 أيام، ونرى ماذا سيحدث، ومن ثم نقرر ونعود".
ولدى كريمة 22 فردا من أبنائها وزوجاتهم وأبنائهم، ولم يعد لهم مأوى في بيت حانون بعد تدمير المنزل الذي كانوا يقيمون فيه، وتشعر باليأس من إعادة إعماره قريبا، وبرأيها فإن "الدمار كبير وأمامنا سنين سنعيش في خيام قبل الإعمار".
أما أكرم المنسي (41 عاما) فيشعر بأنه مقيد، وليس بمقدوره العودة إلى مخيم جباليا في شمال القطاع، ويقول للجزيرة نت "لدي طفلان صغيران لا يقويان على المشي، ولا أمتلك أجرة سيارة للعودة".
وخلال الحرب ارتفعت أجرة سيارات النقل الصغيرة والكبيرة أضعاف مضاعفة، جراء الارتفاع الهائل الذي طرأ على أسعار الوقود، نتيجة القيود المشددة التي فرضها الاحتلال على دخوله للقطاع.
ولن يكون سهلا على الأعداد الهائلة من النازحين العثور على سيارات تقلهم إلى مدينة غزة وشمال القطاع، وقد أدت الحرب إلى دمار هائل لحق بآلاف المركبات، حتى باتت العربات التي تجرها الحيوانات وسيلة الغزيين الرئيسية في تنقلاتهم اليومية.
"بدي أرجع ومش عارف أكيف"، يقول المنسي، النازح مع أسرته في مدرسة مصطفى حافظ الحكومية في مدينة خان يونس، ويضيف "والله تعبنا من النزوح.. بيتي مدمر بجباليا، لكن بدي أرجع وأعيش فوق أنقاضه، هناك مخيمي وأهلي وجيراني".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات حريات للعودة إلى بیت حانون مدینة غزة فی مدینة
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة تتوقع عودة 2.1 مليون نازح للخرطوم خلال 6 أشهر
الخرطوم: «الشرق الأوسط» أعلنت الأمم المتحدة اليوم، الثلاثاء، أنها تتوقع عودة أكثر من مليوني نازح من السودان الذي مزقته الحرب إلى الخرطوم خلال الأشهر الستة المقبلة، إذا سمحت الظروف الأمنية بذلك، اندلعت الحرب بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، في 15 أبريل (نيسان) 2023، على خلفية صراع على السلطة بين الحليفين السابقين.
وأسفرت الحرب عن سقوط عشرات آلاف القتلى وعن أكثر من 13 مليون نازح ولاجئ، وأغرقت البلاد البالغ عدد سكانها خمسين مليون نسمة في أزمة إنسانية حادة.
وأكدت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة ضرورة الاستعداد لبدء عودة العديد من النازحين إلى ديارهم في الخرطوم.
أصبحت العاصمة ساحة قتال منذ البداية تقريباً، ولكن منذ أن استعادها الجيش الشهر الماضي، قالت الوكالة: «نشهد عودة الناس، ونرى الأمل يلوح في الأفق».
وقال محمد رفعت، رئيس بعثة المنظمة في السودان للصحافيين في جنيف من بورتسودان: «تقديرنا في المنظمة الدولية للهجرة هو أنه خلال الأشهر الستة المقبلة، سيعود 2.1 مليون شخص إلى العاصمة الخرطوم».
وأضاف أن هذا الحساب «يستند إلى أعداد الذين فهمنا أنهم غادروا العاصمة عند بدء الحرب».
وأكد: «لذا، نقدر أن 31 في المائة من النازحين داخلياً في السودان بعد الحرب يأتون بالفعل من الخرطوم»، مضيفاً أن الوكالة تتوقع أن يعود نحو نصفهم.
وأوضح أن العودة ستعتمد على «الوضع الأمني... وتوافر الخدمات على أرض الواقع».
وأقرّ رفعت بأنّ تجهيز المدينة لاستقبال تدفق جماعيّ سيشكل تحدياً.
وأوضح: «نرى أنّ بعض المناطق في الخرطوم نفسها قد تمّ تنظيفها، لكنّني متأكد من أنّ العملية ستستغرق وقتاً أطول»، مضيفاً أنّ «شبكة الكهرباء في الخرطوم بأكملها قد دمرت».
وحذر رفعت من أنه «مع عودة الناس، فإن الحرب لم تنته بعد»، حيث لا يزال آلاف نازحين في أماكن أخرى من البلاد، وخاصة في إقليم دارفور.
وأوضح: «يجب أن يتوقف الصراع، وعلينا أن نبذل كلّ جهد ممكن لوقفه».
لكنّه أقر بأن الأموال التي جمعت لتلبية احتياجات السودان المتزايدة لم تكن كافية.
وقال إن المنظمة الدولية للهجرة كشفت يوم الثلاثاء عن خطة استجابة تتطلب ما يقارب 29 مليون دولار للوصول إلى نحو نصف مليون شخص في الخرطوم، بمن فيهم العائدون.