شخصية معرض الكتاب 2025.. أحمد مستجير العالِم المبدع صاحب الرحلة الفريدة
تاريخ النشر: 20th, January 2025 GMT
بين دفتَي العلم والأدب يأتي اختيار العالِم والشاعر المبدع أحمد مستجير، شخصيةَ معرض القاهرة الدولي للكتاب لهذا العام.
ليقدم المعرض لزواره باستعراضه لتاريخ شخصيته إرثًا ثقافيًّا وعلميًّا ومسيرةً مليئةً بالتميز والإبداع تشير عناصرها إلى تكامل بين مختلف المجالات.
فبالرغم من تفوق مستجير العلمي وحصوله على دكتوراه في الهندسة الوراثية، فإنه جمع بعبقرية بين أصالة العلم وسحر الأدب، فمزج بين علوم الوراثة البيولوچية والكتابة الأدبية، فكان نموذجًا فريدًا ترك بصمتَه الواضحة في المجالين، كما تمكن من تغيير النظرة التقليدية إلى العلوم البحتة، وقدمها بشكل يتماشى مع الثقافة والفكر العربي.
ففي كتابه «في بحور العلم»، تناول مستجير مجموعةً من الأفكار القيِّمة، منها: علم الوراثة والهندسة الوراثية وعلاجاتها، البيوتكنولوچيا وتطبيقاتها في الزراعة، تكنولوچيا الطب والأبحاث الچينية، وغيرها من العلوم. وعمل على تحسين الإنتاج الزراعي وتطوير مجال الزراعة في مصر والعالم العربي، مقدمًا العديد من الأبحاث والدراسات في استخدام التكنولوچيا الحيوية، وتأسيس مدرسة علمية في مجال الوراثة والتحسين الوراثي للحيوان.
وأتقن مستجير الشعر العربي وصدر له ديوانان هما: «عزف ناي قديم، هل ترجع أسراب البط؟»، كما كتب مقالات أدبية تناولت موضوعات فلسفية وعلمية بلغة أدبية رفيعة، مما جعله جسرًا بين القارئ العام والعلم.
وترجم مستجير العديدَ من الكتب العلمية إلى العربية بأسلوب مبسط وسلس، ومنها «التطور الحضاري للإنسان، صناعة الحياة، الطريق إلى دوللي، البذور الكونية» وغيرها من المؤلفات المترجَمة التي سعى بها مستجير إلى تقريب المفاهيم العلمية من الجمهور العربي.
وربما تشير الجهات التي تقلَّد مناصب بها إلى عمق وفرادة تجربة عالم جليل عمل مدرسًا بكلية الزراعة جامعة القاهرة سنة 1964م، ثم أستاذًا مساعدًا عام 1971م، ثم أستاذًا سنة 1974م، ثم أصبح عميدًا للكلية من سنة 1986م إلى سنة 1995م، ثم أستاذًا متفرغًا بها. كما كان عضوًا في 12 هيئة وجمعية علمية وثقافية، منها: مجمع الخالدين، الجمعية المصرية لعلوم الإنتاج الحيواني، الجمعية المصرية للعلوم الوراثية، اتحاد الكتاب، لجنة المعجم العربي الزراعي، ومجمع اللغة العربية بالقاهرة. أما عن الجوائز، فقد حصل على عدد منها، أبرزها: وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، جائزتَـا الدولة التشجيعية والتقديرية. وبرغم رحيل مستجير في عام 2006، فإنه لايزال أحد الرموز الثقافية والعلمية التي قلَّما تتكرر في مصر والوطن العربي.
----------------‐-----‐---------
فاطمة المعدول.. الإبداع والعمل العام في محبة الأطفال
مريم محمد
اختيرتِ الكاتبة فاطمة المعدول، إحدى رائدات أدب الأطفال في مصر والوطن العربي، لتكون شخصيةَ معرض الطفل لهذه الدورة من معرض الكتاب.
و«المعدول» تُعَد رمزًا من رموز الإبداع والعمل العام في مجال ثقافة الطفل، نظرًا لدورها البارز والمستمر، حيث لا تزال أعمالُها تلهم الأجيالَ الجديدةَ من الكتاب والمبدعين.
فهي ليست مجرد كاتبة أو مخرجة، بل أيقونة ثقافية أكدت دائمًا على فهم احتياجات الطفل ومخاطبته بلغة تناسب عمره وعقله، ومن هذا المنطلق قدمتِ العديد من كتب وقصص ومسرحيات الأطفال.
وتناولتِ «المعدول» في أعمالها قضايا متنوعة، مثل الأخلاق وحب الوطن، ووصلت مؤلفاتها إلى 50 كتابًا أدبيًّا لمختلف الأعمار، هدفت من خلالها إلى ترسيخ القيم الإيجابية في إطار من التشويق والمرح لجذب الطفل إلى القراءة والاستمتاع.
ومن بين مؤلفاتها: «البنت زي الولد، حسن يرى كل شيء، الكنز، ثورة العصافير، هل طارتِ الفراشات ولن تعود؟، وظيفة لماما، طيارة الحرية، خضرة وزهرة البنفسج، أريد أن ألعب، البالونة البيضاء، وغيرها». وقد توافق مجال دراستها مع إبداعها وعملها، حيث حصلت على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية قسم الدراما والنقد عام 1970، وعُيِّنت بقصر ثقافة الطفل بالثقافة الجماهيرية. فكان أن كتبت وأخرجت عدة مسرحيات للأطفال، منها: سندريلا- مغامرات تيك العجيب- الأميرة النائمة- المهرج والأسد- شادي في الفضاء.
وأعادتِ «المعدول» تأسيسَ قصر ثقافة الطفل المتخصص بجاردن سيتي في عام ١٩٩٦، كما عُيِّنت مديرًا عامًّا لثقافة الطفل بالثقافة الجماهيرية.
واستطاعتِ «المعدول» أن تمزج بين الإدارة والإبداع، فساهمت في تطوير مسرح الطفل وإحياء هذا النوع من الفن في العالم العربي، فأخرجت وألَّفتِ العديدَ من الأعمال المسرحية التي ركَّزت على تقديم محتوى تعليمي وترفيهي، وفازت بجائزة أدب كتب الأطفال من جائزة كامل كيلاني التابعة للمجلس الأعلى للثقافة، وجائزة الثقافة الجماهيرية.
ولم تنسَ «المعدول» ذوي الاحتياجات الخاصة، فقدمت أول مسرح للمعاقين في مصر، وأقامتِ العديد من الورش المسرحية لجميع للأطفال، وأشرفت على ورش عمل ودورات تدريبية للعاملين في أدب الطفل وفنون الحكي ومكتبات الأطفال ومسرح الطفل.
وأثبتتِ «المعدول» من خلال أعمالها أهمية الاستثمار في ثقافة الطفل لمستقبل قائم على الثقافة والمعرفة، كما ساعدت في تعزيز أهمية أدب الطفل كوسيلة فعالة لتوصيل الرسائل التربوية.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: معرض القاهرة الدولي للكتاب الهندسة الوراثية ثقافة الطفل فی مصر
إقرأ أيضاً:
دراسة: انتهاكات الاحتلال ضد أطفال القدس ترقى لجرائم اضطهاد وفصل عنصري
عصر يوم الخميس العاشر من شهر أبريل/نيسان الجاري ضجّ مخيم شعفاط شمال القدس بنبأ إصابة طفل يبلغ من العمر (12 عاما) برصاصة معدنية مغلفة بالمطاط في منطقة العين، وسرعان ما أُعلن عن اسمه بعدما هرع أصدقاؤه لإبلاغ والده بإصابته.
رامي حدّاد والد الطفل أمير -الذي يرقد في مستشفى هداسا عين كارم غربي القدس منذ إصابته- سرد للجزيرة تفاصيل إصابة طفله المؤلمة قائلا إنه طلب منه عصر ذلك اليوم الذهاب مع صديقه إلى حانوت يختص ببيع الطيور ومستلزماتها ليشتري صديقه طعاما لطيوره.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هيومن رايتس تتهم الولايات المتحدة والسلفادور بإخفاء قسري لمهاجرين فنزويليينlist 2 of 2في يوم ديني.. إسرائيل تحرم آلاف المسيحيين الفلسطينيين من الوصول للقدسend of list"ركب دراجته الهوائية وانطلق وبعد 10 دقائق جاءني أبناء الحي يصرخون: أمير تصاوب. نزلت إلى الشارع كالمجنون ورأيته مضرّجا بدمائه في العيادة الطبية قبل أن تنقله سيارة الإسعاف إلى مستشفى هداسا".
يتابع الوالد بصوت منخفض حزين تفاصيل الخوف والألم قائلا إن نجله أصيب خلال الاقتحام شبه اليومي للمخيم ودون اندلاع أي مواجهات، بل بسبب الإطلاق العشوائي للقنابل الغازية والصوتية والرصاص المطاطي في كل اقتحام.
"كان أمير في منطقة مرتفعة والجيش في أخرى منخفضة يهمّون باقتحام المنطقة التي يتواجد بها.. وفي اللحظة التي أدار فيها وجهه ناحية الجيش وهو راكب على دراجته أطلق جندي الرصاصة وأصيب أعلى عينه اليسرى مباشرة، وسقط عن دراجته وغاب عن الوعي".
في المستشفى أُبلغت العائلة أن أمير يعاني من كسر في الجمجمة، وأن بعض العظام المهشمة تضغط على عصب العين مما أفقد هذا الطفل القدرة على تحريكها، وفي صبيحة اليوم التالي أجريت له عملية جراحية لإزالة العظام المفتتة التي تضغط على عصب العين، لكنه ما زال يعاني من نزيف في عينه ومن وجود نقطة دم على الدماغ يعود سببها عادة لنزف عندما ينفجر أو يتمزق شريان في الدماغ، وفق ما أبلغ به أطباء عائلته.
إعلانوعند سؤال الأب عمّا يقوله أمير عن ذلك اليوم أجاب أنه لا يقول سوى "مش متذكّر"، وأنه لن يصمت عن أخذ حقّ طفله من خلال القضاء وإن كان غير متيقن من أنه سينصفه.
أصيب الطفل المقدسي أمير حداد (12 عاما) برصاصة مباشرة في رأسه أطلقها جنود الاحتلال الإسرائيلي خلال اقتحامهم لمخيم شعفاط، شمال شرقي القدس المحتلة الخميس الماضي.
ويرقد الطفل حداد في المستشفى بعد أن أصيب بجروح بالغة في الرأس وكسر في الجمجمة أدى إلى نزيف في الدماغ، بالإضافة إلى ضرر… pic.twitter.com/W10gtHeKON
— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) April 13, 2025
حرمان وملاحقةلم ينعم أمير مثله مثل بقية أطفال مخيم شعفاط بطفولة هادئة ولا طبيعية، فلا ملاعب ولا متنزهات يلجؤون إليها في أوقات الفراغ يقول رامي، ولا يجدون سوى الحواري والشوارع للعب بها، رغم أنها لم تكن يوما آمنة، وازداد الوضع سوءا مع الاقتحام "شبه الساعاتي للمخيم".
قبل ختام حديثه سألنا الأب عن شخصية أمير وهواياته، فخيّمت نبرة حزن عميقة على صوته فورا، وقال "أمير مؤدب ومميز وهادئ، ويعشق كافة أنواع الرياضة لكنه يلعب كرة القدم ويركب الدراجة الهوائية بشكل يومي.. وهما الهوايتان اللتان حرم منهما منذ إصابته، ولا يبدو أنه سيمارسهما في المستقبل القريب".
من أجل ما يعيشه أمير وعشرات آلاف الأطفال المقدسيين من انتهاكات على يد الاحتلال الإسرائيلي أعدّ الخبير في الشؤون القانونية والحقوقية المحامي عصام عابدين بإشراف مؤسسة الرؤيا الفلسطينية، دراسة تحليلية متخصصة حول واقع قطاع الطفولة في محافظة القدس، وحملت عنوان "الأسباب الرئيسية للعنف، التعذيب وسوء المعاملة، والتطلعات المستقبلية".
وفي بحثه عدّد المحامي عابدين أنماط الانتهاكات للطفولة في محافظة القدس، واستهلها بجرائم القتل والإيذاء مستشهدا ببيان صدر عن منظمة "اليونيسيف" في يوليو/تموز من عام 2024 وجاء فيه أن الخسائر في أرواح الأطفال في الضفة الغربية والقدس ازدادت بنسبة 250% في الأشهر التسعة التي تلت السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 قياسا بالأشهر التسعة التي سبقته.
خلال شهر، أصاب جنود الاحتلال طفلين مقدسيين برصاص أضرّ بأعضاء حيوية في جسديهما.
والطفلان هما: أمير حداد (12 عاما)، الذي ما زال يرقد في المستشفى، بعدما أُطلق الرصاص مباشرة على رأسه، في 10 أبريل/ نيسان الجاري، أثناء ركوبه دراجته الهوائية في مخيم شعفاط. علما أن رصاصة استقرت فوق عينه… pic.twitter.com/vjeIK6JtDc
— القدس البوصلة (@alqudsalbawsala) April 13, 2025
إعلان سلب الحريةوتطرقت الدراسة إلى سياسة الاعتقالات التعسفية لأطفال القدس، مستشهدة ببيانات مؤسسات الأسرى التي تحدثت في شهر أغسطس/آب 2024 عن ارتفاع غير مسبوق في أعداد المعتقلين بالضفة الغربية والقدس الذين كان من بينهم 700 طفل على الأقل، وكانت نسبة الأطفال المقدسيين هي الأعلى من بين المحافظات الفلسطينية الأخرى.
ولم يغفل الباحث أهمية الحديث عن سياسة الحبس المنزلي التي تستهدف بشكل أساسي أطفال المدينة الذين تقلّ أعمارهم عن 14 عاما، وأشار الباحث إلى أن الإحصائيات الصادرة عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية تؤكد أن أكثر من 600 طفل مقدسي تعرضوا لهذه العقوبة خلال عام 2022 وحده.
التعذيب وسوء المعاملة لأطفال المدينة وانتهاكات حقوق الأطفال ذوي الإعاقة كان لها حضور لافت في هذه الدراسة التحليلية التي ركزت أيضا على نظام الفصل العنصري (الأبارتايد)، ونظام منح الهويّات وتشتيت العائلات والجدار العازل وتداعيات عسكرة مدينة القدس.
ولفت الباحث عصام عابدين في دراسته النظر إلى أن "أنماط الانتهاكات الجسيمة والجرائم الدولية من قبيل: جرائم القتل والإيذاء المتعمد للأطفال المقدسيين، والاعتقالات التعسفية، والاعتقال المنزلي، والتعذيب وسوء المعاملة، تشكّل "جرائم دولية مستقلة" في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية إلى جانب أنها تشكّل "جرائم اضطهاد وفصل عنصري" مما يعني أننا أمام حالة "تعدد للجرائم الدولية" المرتكبة.
وحول التأثيرات الاجتماعية والنفسية على الأطفال وعائلاتهم كشفت نتائـج اللقاءات والمقابلات التي أجراها الباحث مع الجهات الرسـمية وغير الرسمية والشركاء لغايات هذه الدراسة، أهمية وضرورة فهم واقع محافظة القدس، وخاصة داخل الجدار العازل، والتعقيدات الناجمة عــن الاضطهاد الممنهج والتراكمات على مدار السنوات الطويلة في منهجية أي تدخلات على صعيد واقع الصحة النفسية.
إعلانوشملت توصيات هذه الدراسة التحليلية 3 مستويات، أولها الدولي والمتعلق بالتزامات ومسؤوليات سـلطات الاحتلال الاستعماري ودول العالم والهيئات والمنظمات الدولية لإنقاذ الطفولة في محافظة القدس.
وعلى المستوى الوطني تطرق الباحث إلى مسؤوليات دولة فلسطين بمؤسساتها وأجهزتها الرسمية وغير الرسمية تجاه الطفولة المقدسية، أما المستوى الثالث المحلي فتضمن توصيات تتعلق بأداء المؤسسات المقدسية العاملة في محافظة القدس، إذ "ينبغي على المنظمات الأهلية والحقوقية إجراء تقييم جاد علـى المستوى الفردي والجماعي للبرامج والأنشطة التي يتم تنفيذها داخل مدينة القـدس المحتلة في ظل بيئة عمل شديدة التعقيد وسياسة الاضطهاد والأبارتايد".
وختم دراسته بضرورة تعزيز العمل الجماعي والتشـبيك بين مؤسسات القدس للتعامل مــع الاحتياجات الكبيرة لقطاع الطفولة داخل القدس على مختلف المستويات القانونية والحقوقية والاجتماعية والنفسية والتنموية، وتطوير سلة موارد مشتركة بينها، لمواجهة العزلة وشح التمويل والإمكانيات والموارد، وعدم بعثرة الجهود لإمكانية الصمود والاستجابة.