ملاحظات حول التغيرات السياسية المنتظرة والمرحلة الوطنية القادمة
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
بعد فترة زمنيَّة قصيرة تدخل سلطنة عُمان مرحلة وطنيَّة سياسيَّة جديدة تبدأ بتشكيل مجلس عُمان بشقَّيْه مجلس الدولة ومجلس الشورى، بالإضافة إلى ما اعتدنا عليه دائمًا، أقصد إعادة تشكيل مجلس الوزراء ولو بشكل جزئي، والذي يفترض أن يعملَ على تنفيذ رؤية سلطنة عُمان 2040م، بالإضافة إلى ما تبقَّى من الخطَّة الخمسيَّة العاشرة 2021 – 2025.
فما التغيُّرات السِّياسيَّة الوطنيَّة المنتظرة؟ وما أبرز التوصيات التي يُمكِن أن تُسهمَ في تمكين تلك التغيُّرات السِّياسيَّة المأمولة والتي بِدَوْرها ستُسهم في تمكين رؤية سلطنة عُمان 2040، بالإضافة إلى ما تُسهم به من دعم منظومة الأمن السِّياسي والاجتماعي، وتعزيز ثقة المُجتمع بمؤسَّسات الدولة؟ مع الإشارة إلى أنَّ أيَّ شكلٍ من أشكال الإصلاح والتطوير في الفكر السِّياسي الوطني أو تحديث هياكل المؤسَّسات الحكوميَّة أو السُّلطات الثلاث في الدولة سيصبُّ في مجمل العمليَّة السِّياسيَّة الوطنيَّة.
أوَّلًا: يجِبُ الاعتراف بأنَّ المرحلة الوطنيَّة القادمة لَنْ تكُونَ خالية من المنغِّصات والصعوبات السِّياسيَّة والتي هي نتاج طبيعي لبيئة أمنية وطنيَّة حكمتها إلى حدٍّ بعيد تلك الظروف والتحدِّيات العابرة للحدود الوطنيَّة (البيئة الدوليَّة) خلال المرحلة الماضية بسبب أسعار النفط وانتشار وباء كورونا على سبيل المثال.
لماذا نطرح هذا التحدِّي الناتج عن تفاعل البيئة الوطنيَّة مع البيئة الدوليَّة؟ باختصار لأن صانع القرار والمسؤول عن وضع الاستراتيجيَّات الوطنيَّة للمرحلة القادمة (رؤية 2040 وغيرها من الخطط) يجِبُ أن يأخذَ في الحسبان ذلك التفاعل، وكيف ينبغي أن يوضحَ ويوظفَ لِمَا فيه المصلحة الوطنيَّة؟ وكيف يجِبُ على القيادة السِّياسيَّة أن تركزَ على عمليَّات صنع القرار في حقل السِّياسة والاستراتيجيَّة؟
ثانيًا: لماذا يجِبُ أن تحدثَ تغيُّرات جذريَّة في هياكل بناء النظام السِّياسي الوطني؟ لا شك أنَّ القيادة السِّياسيَّة العُليا ـ ممثلةً بحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق «أعزَّه الله» تحمل بَيْنَ جنباتها الطموحات والآمال الوطنيَّة الكبيرة لهذا الوطن وأبنائه. لذا فإنَّ تلك الرؤية لا بُدَّ أن تدعمَها سياسات وأفكار استراتيجيَّة بحجمها، كما يجِبُ أن تعملَ على تحقيقها قيادات سياسيَّة تملك الفكر الاستراتيجي، بالإضافة إلى القَبول المُجتمعي، وهذا الأخير أمْرٌ مُهمٌّ للغاية.
ونقول ذلك لأنَّ «السِّياسات والاستراتيجيَّات الوطنيَّة التي لا ترتكز على القِيَم الجوهريَّة للشَّعب في الدولة تكُونُ معرَّضةً دائمًا لخطر عدم الحصول على الإرادة الوطنيَّة أو فقدان هذه الإرادة مع مرور الوقت» وهنا نطرح السؤال الآتي: ما نتائج تقييم المرحلة الوطنيَّة الماضية، أقصد منذ التعديلات الوزاريَّة في العام 2020، مرورًا بإعادة تشكيل مجلس الوزراء في 2022؟ تقييم الوزراء والمرافق الحكوميَّة؟ التعرُّف على مستوى نجاح الفريق السِّياسي والتنفيذي المختار خلال تلك الفترة حتى العام 2023، هل من حقِّ المواطن معرفة أداء الوزارات والوزراء، من حصل على تقييم C من بَيْنِ الوزارات والوزراء؟ وما المعالجات والمسارات التصحيحيَّة التي وُضِعت لتقيم وتقويم عمل تلك المؤسَّسات والوزراء؟
وفي هذا السِّياق أعيد طرح سؤال للدكتور عبد الله باحجاج في مقاله: هل نحتاج إلى تشكيل وزاري جديد والمنشور بصحيفة الرؤية العُمانيَّة بتاريخ 13 أغسطس 2023؟
ثالثًا: أهمِّية مراجعة المؤشِّرات السِّياسيَّة التي تعمل عليها رؤية 2040؛ لِمَا لذلك من أهمِّية بالغة، خصوصًا أنَّ سلطنة عُمان وخلال المرحلة القادمة ما بعد العام 2024 ستحتاج إلى أفكار وعقول استراتيجيَّة أكثر قدرة على الإبداع وتجاوز التحدِّيات، بالإضافة إلى أهمِّية وجود أفكار واستراتيجيَّات أكثر تمكينًا وقدرةً على تجاوز التحدِّيات والمُعوِّقات التي يُمكِن أن تصادفَنا في المرحلة الوطنيَّة القادمة، ويُمكِن التعرُّف على ما أقصده حَوْلَ هذا الأمْرِ من خلال الرجوع لمقال سابق لي نشر بهذه الصحيفة الغرَّاء (الوطن) العُمانيَّة بتاريخ 5 مارس 2023، والذي خرج بتوصية أخيرة مفادها:
«أهمِّية تعزيز وتمكين القِيَم السِّياسيَّة الأربعة وهي العدل والشورى والمساواة والحُريَّة، بالإضافة إلى أهمِّية وضوح مؤشِّرات (تمكين) درجة التنمية والتنشئة والثقافة والمشاركة السِّياسيَّة للمُجتمع في الحياة الاجتماعيَّة والسِّياسيَّة الوطنيَّة والدوليَّة بما يحقِّق الخصوصيَّة السِّياسيَّة الوطنيَّة من المعارف والقِيَم والاتِّجاهات السِّياسيَّة، وجميع تلك المؤشِّرات تدخل في الهدف الأعلى للرؤية في سياق آليَّات تنمية المُجتمع المَدَني وتفعيل دَوْره في الحياة الوطنيَّة».
رابعًا: ضرورة إعادة النظر في تفعيل المواد من (55-62) من النظام الأساسي للدولة. والتي يُعدُّ وجودها أصلًا في دستور البلاد وبشكلٍ مسبق دليلًا على تمهيد الوعي السِّياسي في البيئة الوطنيَّة لأيِّ رؤية أو متغيِّر أو طارئ يحتاج إلى هذا النَّوع من التحوُّلات في هياكل البناء السِّياسي للحكومة. وهو دليل على تقدُّم الوعي السِّياسي والرؤية السِّياسيَّة والإداريَّة المستقبليَّة للقيادة السِّياسيَّة فيما يتعلق باستيعاب تلك المتغيِّرات والتحوُّلات التي يُمكِن أن تحدُثَ في البيئة الوطنيَّة خلال فترة من الفترات الزمنيَّة التي قَدْ تحتاج فيها البلد إلى إعادة تشكيل بناء منظومتها السِّياسيَّة والإداريَّة لمواكبة تلك المتغيِّرات والتحوُّلات.
محمد بن سعيد الفطيسي
باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية
رئيس تحرير مجلة السياسي – المعهد العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية
azzammohd@hotmail.com
MSHD999 @
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: المرحلة الوطنی بالإضافة إلى ة القادمة ة الوطنی ة التی التی ی
إقرأ أيضاً:
"التغيرات المناخية وتأثيرها على الزراعة" ندوة بجامعة الفيوم
نظم مركز النيل للإعلام بالفيوم التابع لقطاع الإعلام الداخلى بالهيئة العامة للإستعلامات وبالتعاون مع جامعة الفيوم ندوة صباح اليوم الاربعاء حول " التغيرات المناخية وتأثيرها على الزراعة " بقاعة الدكتور سعد نصار بكلية الزراعة وذلك ضمن حملة قطاع الإعلام الداخلى تحت إشراف الدكتور احمد يحيى رئيس القطاع لدعم الجهود الوطنية لمواجهة تغير المناخ والتى ينفذها القطاع من خلال مراكز النيل والإعلام على مستوى الجمهورية وتزامنا مع انعقاد مؤتمر المناخ cop29 المنعقد حاليا فى أذربيجان .
شارك فى الندوة عدد كبير من طلبة كلية الزراعة وطلاب الدراسات العليا بكلية التربية الرياضية ,وبحضور الدكتور عرفة صبرى نائب رئيس جامعة الفيوم لشئون الدراسات العليا والبحوث الثقافية ، والدكتور جمال محمود الجارحى عميد كلية الزراعة والدكتور اشرف العباسى وكيل كلية التربية الرياضية والدكتور سمير سيف اليزل محافظ بنى سويف الأسبق والاستاذ بكلية الزراعة ، والدكتور جمال فرج وكيل كلية الزراعة ، والدكتور صلاح الدين مدير مركز تنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس والقيادات وبعض أعضاء هيئة التدريس والعاملين بالكلية , وبحضور فريق عمل مركز النيل محمد هاشم مدير المركز ، حنان حمدى مسئول البرامج بالمركز.
التغيرات المناخية ..ظاهرة عالميةقام الدكتورعرفة صبري بعرض لقضية التغيرات المناخية بوصفها ظاهرة عالمية تنذر بمخاطر كبيرة على العالم أجمع ما يتطلب بشكل عاجل تضافر الجهود للحد من تفاقم تأثيراتها التي تطول الإنسان والبيئة المحيطة به وما يعيش عليها من كائنات حية.
وشرح المفهوم العلمي للتغيرات المناخية باعتبارها اختلالًا في التوازن البيئي وارتفاع درجات الحرارة وسرعة الرياح وغزارة الأمطار أو نقصانها وارتفاع الرطوبة وتغير خصائص الكرة الأرضية نتيجة زيادة نسبة ثاني أوكسيد الكربون.
وعن أسباب التغيرات المناخية أشار إلى أن هناك أسباب طبيعية كالبراكين والبقع الشمسية والعواصف الترابية والأشعة الكونية، وأسباب أخرى بشرية كقطع الأشجار ومخلفات المصانع التي تستخدم الوقود الأحفوري والتلوث البيئي.
واستعرض بالشرح والتوضيح لمخاطر التغيرات المناخية التي تتمثل في ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق وذوبان الجليد وانتشار المستنقعات الملوثة، بالإضافة للتأثير السلبي على الثروة الحيوانية والسمكية وإنتاجية المحاصيل ما يسبب أزمة عالمية في نقص الغذاء، وشدد على أهمية قياس البصمة الكربونية للأفراد ومعرفة مدى تاثيرهم السلبي على البيئة.
وأكد على أن الدولة تبذل جهود كبيرة للحد من تلك الظاهرة منها تشجيع المشروعات البيئية الخضراء والتوسع فى استخدام الطاقة الجديدة إلى جانب رفع الوعى البيئي من خلال الندوات والمؤتمرات , لافتا لماتم إنجازه من خلال عقد مؤتمر المناخ Cop27 بشرم الشيخ والذى خرج منه توصيات عديدة منها إنشاء صندوق الخسائر والأضرار الناجمة عن الممارسات البيئية الخاطئة، ودعا المؤتمر لضرورة تحمل الدول الكبرى التي تسبب نسبة كبيرة من الانبعاثات الحرارية الملوثة للبيئة مسؤوليتها تجاه الدول النامية، والتأكيد على ضرورة التحول نحو الطاقة الخضراء والنظيفة مستقبلا، وتعزيز الأمن الغذائي العالمي والحفاظ على حقوق الأجيال القادمة.
وحول كيفية التكيف مع تلك التغيرات المناخية شدد على ضرورة إنشاء محطات رصد جوي بيئي، واستخدام طرق ري حديثة وإعادة استخدام وتدوير مياه الصرف والتوسع في الطاقة المتجددة.
من جانبه قال الدكتور جمال محمود الجارحى إن كلية الزراعة معنية بإجراء البحوث التطبيقية والبينية للوقوف على الطرق العلمية السليمة لمواجهة ظاهرة التغيرات المناخية وتأثيرها على إنتاجية الحاصلات الزراعية لا سميا المحاصيل الضرورية كالقمح والذرة وكذلك الثروة الحيوانية وأكد على أن التغيرات المناخية أثرت بشكل كبير على المواسم الزراعية لبعض المحاصيل نتيجة ارتفاع درجة الحرارة وهذا ما نتج عنه نقص الإنتاج وبالتالى أدى إلى ارتفاع أسعار بعض المحاصيل وأشار إلى أن كلية الزراعة والمراكز البحثية الزراعية تقوم بدور كبير للارشاد الزراعى وتعديل المواسم الزراعية لتتكيف مع تغير المناخ مشيرًا إلى أهمية وعي طلاب الجامعة بهذه القضية وتوعية زملائهم وأسرهم بمخاطرها وضرورة الالتزام بالسلوكيات السليمة تجاه البيئة، مشيدًا بجهود الدولة فى هذا الإطار.
777 45 666