جريدة الوطن:
2025-10-15@09:18:34 GMT

نحن أيضا نستطيع

تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT

كانت مدينة صلالة السَّاحرة على موعد قبل أسبوعين مع حدث ربَّما سينظر له يومًا على أنَّه الحدث الذي صنع فارقًا في مَسيرة التعاون والتكامل الخليجي في مجال البحث العلمي والابتكار. ففي منتدى واقع ومستقبل البحث العلمي والابتكار بدوَل مجلس التعاون الخليجي والذي دعت إليه سلطنة عُمان ـ ممثلةً بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ـ اجتمع تحت قبَّة واحدة متَّخذو القرار الخليجي والعديد من الباحثين والأكاديميين وممثِّلون عن القِطاع الخاصِّ.

لَمْ يجتمعوا فقط لاستعراض تجارب الدوَل الأعضاء في المجالات العلميَّة إنَّما للتأمل في هذه التجارب والتمعُّن في القواسم المشتركة الكثيرة التي تجمعنا. كما أنَّ سقف الطموحات في كُلِّ الدوَل الأعضاء كان عاليًا وتجسَّد في التحسُّن المستمر في الكثير من المؤشِّرات الدوليَّة ذات العلاقة بالبحث العلمي والابتكار.
تمتلك دوَل مجلس التعاون الخليجي العديد من عناصر القوَّة التي يُمكِن أن تجعلَها مركزًا رائدًا للبحث العلمي والابتكار والتكنولوجيا. لقَدْ ركَّزت هذه الدوَل واستثمرت وبكثافة ـ وما زالت ـ ومنذ عقود على التعليم بجميع مستوياته. أدَّى ذلك إلى نهضة تعليميَّة واسعة أثمرت عن وجود قوَّة عاملة مثقَّفة ذات مهارات عالية في مختلف التخصُّصات العلميَّة والإنسانيَّة. كما أنَّ الموقع الاستراتيجي لدوَل مجلس التعاون الخليجي على مفترق طُرق ثلاث قارَّات يجعلها مركزًا طبيعيًّا لجذب الاستثمار الأجنبي في مجالات متعدِّدة مِنْها العلوم والتكنولوجيا. العنصر الأبرز هو وجود الإرادة السِّياسيَّة لحكومات دوَل مجلس التعاون. فالمادَّة الرابعة للنظام الأساسي للمجلس تنصُّ على أنَّ أحد أهدافه هو «دفع عجلة التقدُّم العلمي والتقني في مجالات الصناعـة والتعدين والزراعـة والثروات المائيَّــة والحيوانيَّة وإنشاء مراكز بحوث علميَّة، وإقامة مشــاريع مشــتركة، وتشـــجيع تعاون القِطاع الخاصِّ بما يَعُودُ بالخير على شعوبها».
تكمن أهمِّية التعاون العلمي والتكنولوجي في تعزيز القدرة على الوصول بشكلٍ أسرع إلى الاكتشاف والابتكار. هذه ميزة في غاية الأهمِّية في عالَم يتسابق فيه الجميع للحصول على حقوق الملكيَّات الفكريَّة التي تعطيه الامتيازات الحصريَّة في التطبيقات الصناعيَّة لابتكاره. كما أنَّ التكامل بَيْنَ دوَلنا سيجعل من مشاركة الموارد مثل مرافق البحث العلمي من جامعات ومراكز بحثيَّة وأجهزة وبيانات أمرًا متاحًا ممَّا سيمنح الباحثين والعلماء بنية تحتيَّة علميَّة واسعة وسيُقلِّل من الإنفاق المزدوج. وبلا شك، سيساعد التعاون العلمي أيضًا في تعزيز النُّمو الاقتصادي وخلق فرص جديدة للعمل، وإيجاد الكثير من الحلول للتحدِّيات الخاصَّة بمنطقتنا والتي لها الكثير من الخصوصيَّة الجغرافيَّة والثقافيَّة والسِّياسيَّة. ولذلك فإنَّ اعتمادنا على الإنتاجات العلميَّة والتكنولوجيَّة التي نستوردها قَدْ لا يكُونُ دائمًا هي الخيار الأنسب لنَا. علَيْنا أن ننتجَ معرفتنا بأنفُسِنا. وأن نصنعَ مستقبلنا بأيدينا من خلال العِلم والتكنولوجيا والصناعات التي تقوم عليها، وأن ننتجَ ثرواتنا وغذاءنا ودواءنا من خلال استكشاف إمكانات مواردنا الطبيعيَّة التي حبانا الله بها في البَر والبحر.
إنَّ الطريق للتعاون والتكامل الخليجي في البحث العلمي والابتكار واضح المعالم إلى حدٍّ كبير. تتمثل الخطوة الأولى في تحديد الأولويَّات البحثيَّة الأكثر إلحاحًا لمنطقة دوَل مجلس التعاون الخليجي في المجالات المختلفة. علَيْنا أن نسألَ أنفُسَنا: ما المجالات التي نحتاجها أوَّلًا والمجالات التي نستطيع أن نتفوقَ فيها؟ وبالنظر في التحدِّيات والفرص الفريدة في المنطقة فإنَّ قائمة الأولويَّات طويلة وتتمثل في مجالات عدَّة مِنْها الصحَّة والتغذية والطَّاقة والبيئة والتكنولوجيا الرقميَّة والأمن. لكن علَيْنا أيضًا ألَّا نحصرَ الدعم في مجالات محدَّدة لأنَّ العلوم مترابطة وما يتمُّ إنجازه في مجال علمي معيَّن يدعم ويُعزِّز البحث والابتكار في المجالات الأخرى.
بمجرَّد تحديد الأولويَّات، فإنَّ الخطوة التالية هي إنشاء منظومة تجمع الباحثين من جميع أنحاء منطقة دوَل مجلس التعاون في المجالات العلميَّة والتكنولوجية. يُمكِن استخدام هذه المنظومة لتسهيل التعاون ومشاركة الموارد وتعزيز تبادل الأفكار. ولخلق بيئة داعمة للباحثين والعلماء والمؤسَّسات العلميَّة والقِطاع الصناعي العامِّ والخاصِّ لتطوير وتسويق التقنيَّات الجديدة علَيْنا أن نتمعَّنَ في القوانين الحاليَّة، وأن نضْمنَ أن لا تكُونَ متضاربة بَيْنَ الدوَل الأعضاء.
كما أنَّ العنصر الجوهري في دعم البحث المشترك هو تطوير آليَّات تمويل مستدامة تكُونُ في متناول الباحثين والفِرق البحثيَّة المشتركة من جميع دوَل مجلس التعاون الخليجي. يُمكِن أن يشملَ ذلك إنشاء صندوق أبحاث خليجي، وتقديم إعفاءات ضريبيَّة للشركات البحثيَّة. تُشكِّل القوَّة الاقتصاديَّة لدوَل مجلس التعاون الخليجي عنصرًا محوريًّا في دعم البحث العلمي وما يُمثِّله من فرص ابتكاريَّة واقتصاديَّة كبيرة.
في العام 2021 ألقت رئيسة المفوضيَّة الأوروبيَّة فون در لاين خطابًا بمناسبة الاحتفال بوصول عدد منح التمويل للمشاريع العلميَّة والابتكاريَّة في أوروبا والتي قدَّمها مجلس البحوث الأوروبي إلى 10000 منحة. أُنشئ هذا المجلس قبل أربعة عشر عاما فقط. قالت في خطابها وعلامات السعادة والفخر واضحة علَيْها: «أدَّى الدعم المقدَّم من مجلس البحوث الأوروبي إلى اكتشافات رائدة. قائمة الإنجازات التي حقَّقها المستفيدون من المنح مذهلة: سبع جوائز نوبل. أوَّل صورة حقيقيَّة للثقب الأسود. مفهوم حدود الكواكب وهو أمْرٌ حاسم لفهمنا لتغيُّر المناخ… نحن بحاجة إلى مساعدة العِلم لمواجهة التحدِّيات الكبيرة في عصرنا، من تغيُّر المناخ إلى إتقان العصر الرَّقمي، إلى مكافحة الأوبئة. تؤمن أوروبا بالعِلم ونؤمن بباحثينا».
نحن أيضًا لَنَا الحقُّ ولدَيْنا جميع المُقوِّمات وعناصر القوَّة في أن نتطلعَ بأن يقفَ يومًا ما مسؤول خليجي لِيلقيَ خطابًا بمناسبة وصول عدد المنح الخليجيَّة إلى آلاف المنح، وبأنَّ قائمة الإنجازات للفِرق البحثيَّة الخليجيَّة المشتركة مذهلة: العديد من جوائز نوبل في الطب والكيمياء والفيزياء. اكتشاف أشكال حياة جديدة على الكواكب الأخرى. تطوير علاجات فاعلة للأمراض المستعصية. تطوير تقنيَّات جديدة من خلال التكنولوجيا الحيويَّة تكفل الأمن الغذائي لدوَلنا، إيجاد مصادر مبتكرة لإنتاج الطَّاقة المستدامة وغيرها من الإنجازات ممَّا تطول به القائمة. في الخليج، ماضينا مشترك ومستقبلنا مشترك والتحدِّيات التي نواجهها مشتركة، ولدَيْنا كُلُّ مُقوِّمات النجاح لكَيْ نطمحَ ونحقِّقَ طموحاتنا من خلال دعم البحث العلمي والابتكاري والتكنولوجي المشترك ودعم المبتكرين في جميع المجالات. وهو الطريق الوحيد لمستقبل مشرِق نتطلع إليه ونفخر به جميعًا.
د. محمد بن ناصر اليحيائي
كاتب عماني

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: البحث العلمی والابتکار فی المجالات فی مجالات من خلال کما أن ة التی الدو ل

إقرأ أيضاً:

معهد علوم وتكنولوجيا النانو بجامعة كفر الشيخ يواصل ريادته في دعم البحث العلمي

يواصل معهد علوم وتكنولوجيا النانو بجامعة كفر الشيخ أداء دوره الرائد كأول معهد بحثي تطبيقي في مجال النانو تكنولوجي بالجامعات المصرية، من خلال تنفيذ سلسلة من الأنشطة العلمية والبحثية خلال عام 2025، في إطار توجه الدولة نحو تعظيم الاستفادة من البحث العلمي في خدمة قضايا التنمية المستدامة.

صرح الدكتور ماجد القمري مؤسس المعهد، بأن معهد النانو يُعد أحد أهم أذرع الجامعة في مجال الابتكار، لما يمتلكه من بنية تحتية متطورة تضم معامل وأجهزة بحثية حديثة تخدم مجالات الطب، والطاقة، والبيئة، والتكنولوجيا الحيوية.

وأكد " القمري" أن الجامعة تدعم المعهد بالكوادر البحثية المتميزة، بهدف تعزيز النشر الدولي، وتشجيع الأبحاث التطبيقية القابلة للتنفيذ على أرض الواقع، موضحًا أن رؤية الجامعة تقوم على ربط المعرفة بالإنتاج، والعلم بالابتكار لخدمة المجتمع.

أوضح الدكتور ماجد القمري، مؤسس معهد علوم وتكنولوجيا النانو ورئيس جامعة كفر الشيخ الأسبق، أن إنشاء المعهد جاء استجابة لتطورات العصر ومتطلبات المستقبل، مشيرًا إلى أن «تكنولوجيا النانو تمثل ثورة علمية متكاملة تسهم في تطوير الصناعة والطب والطاقة والبيئة».

وأضاف "القمري" أن الهدف من المعهد هو دعم البحوث متعددة التخصصات في مجالات الطب، والبيئة، والطاقة، وأمن الغذاء والمياه، مؤكدًا أن الجامعة تسعى لتأهيل كوادر علمية قادرة على الابتكار والمنافسة إقليميًا ودوليًا في هذا المجال الواعد.

ولفت مؤسس المعهد إلى أن البنية البحثية للمعهد تضم معامل متخصصة، منها معمل تصنيع المواد النانوية، ومعمل التصوير المجهري الإلكتروني، ومعمل حيود الأشعة السينية، ومعمل الليزر، مشيرًا إلى أن هذه المعامل تُستخدم في إنتاج مواد جديدة وتطوير تطبيقات في مجالات الطب النانوي والطاقة النظيفة.

أعلن الدكتور ماجد القمري، مؤسس معهد علوم وتكنولوجيا النانو ورئيس جامعة كفر الشيخ الأسبق، عن تنظيم فعاليات الأسبوع البيئي خلال شهر مارس 2025، تحت شعار "النانو والتكنولوجيا من أجل بيئة آمنة ومستقبل مستدام"، بمشاركة واسعة من طلاب الدراسات العليا وأعضاء هيئة التدريس.

وأوضح أن فعاليات الأسبوع شملت ورش عمل حول تطبيقات النانو في إدارة المياه والطاقة ومعالجة المخلفات، إلى جانب ندوات توعوية لطلاب المدارس والجامعات.

كما أضاف أن المعهد نظم في سبتمبر الماضي ندوة بعنوان «لا تكن الضحية التالية.. كيف تحمي بياناتك؟» بالتعاون مع وحدة التحول الرقمي بالجامعة، بهدف رفع الوعي بأمن المعلومات واستخدامات النانو في تأمين البيانات وتطوير الإلكترونيات الدقيقة.

وأشار " القمري" إلى أن الجامعة دعمت المعهد خلال العام الأكاديمي 2024/2025 بتعيين ثمان معيدين جدد من أوائل خريجي كليات الطب، الصيدلة، العلوم، والهندسة، بهدف تدعيم الكوادر الأكاديمية وتوسيع قاعدة البحث العلمي في مجالات النانو المختلفة.

واختتم مؤسس المعهد تصريحاته مؤكدًا أن معهد علوم وتكنولوجيا النانو بجامعة كفر الشيخ يسعى إلى تعزيز التعاون البحثي مع المؤسسات الصناعية والهيئات الوطنية، من خلال تنفيذ مشروعات تطبيقية تخدم المجتمع، وتحقق رؤية مصر 2030 في مجال الابتكار والتحول التكنولوجي.

مقالات مشابهة

  • عاشور: رؤية مصر للبحث العلمي تقوم على الإبداع والعدالة والاستدامة والذكاء الاصطناعي المسؤول
  • وزير التعليم العالي: مصر تسعى لتصبح مركزًا إقليميًا ودوليًا للبحث العلمي والابتكار
  • معهد علوم وتكنولوجيا النانو بجامعة كفر الشيخ يواصل ريادته في دعم البحث العلمي
  • قطر تستضيف البرنامج التدريبي لشباب دول مجلس التعاون الخليجي في المناظرات "الأحد" المقبل
  • «القومي لعلوم البحار» يبحث مع هيئة فولبرايت مصر سبل التعاون العلمي المشترك
  • مفتي الجمهورية يبحث مع نائب رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا التعاون المشترك
  • مشروعات مستقبلية بين الإفتاء وأكاديمية البحث العلمي لإعلاء منظومة القيم والأخلاق
  • مدبولي يؤكد استمرار سعي الحكومة لتعزيز التعاون مع اليونسكو بمختلف المجالات
  • المفتي يستقبل نائب رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا لتعزيز التعاون
  • الرئيس السيسي: نعمل على توطيد التعاون مع الصين في مختلف المجالات