سوريا.. القضية الأكثر خطورة بين أردوغان وترامب
تاريخ النشر: 20th, January 2025 GMT
أنقرة (زمان التركية) – مع تولي دونالد ترامب اليوم مقاليد الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، تتجه الأنظار إلى السياسات التي سينتهجها خلال ولايته الجديدة تجاه التطورات الساخنة بالشرق الأوسط.
ولعل واحدة من أكثر القضايا خطورة التي يمكن أن “تعطل أجندة ترامب” هي التطورات المحتملة في سوريا، حيث
أن أنقرة تريد تصفية وحدات حماية الشعب العمود الفقري في قوات سوريا الديمقراطية (SDF)، التي تصنفها امتدادا لحزب العمال الكردستاني الإرهابي في سوريا.
ويرى أردوغان في سيطرة جبهة تحرير الشام، التي تتمتع بعلاقات وثيقة مع تركيا، على الحكم في سوريا وإعادة انتخاب ترامب، الذي سبق وأن أعرب عن رغبته في سحب الجنود الأمريكان من سوريا، فرصة للتحرك.
لكن، هل سيسحب ترامب، الذي أعرب عن رغبته في عدم التعامل مع حروب الشرق الأوسط، حقًا القوات الأمريكية من سوريا؟
في إجابته عن هذا السؤال، أكد جونول تول، مدير مركز الدراسات التركية في معهد دراسات الشرق الأوسط ومقره واشنطن، أن ترامب يولي اهتماما كبيرا لصورة “القائدة الذي أنهى الحروب” مفيدا أنه سيرغب في تعزيز هذه الصورة بالانسحاب من سوريا وفي حال حدوث ذلك فمن المحتمل أن تفتح صفحة جديدة في العلاقات الأمريكية التركية.
وأوضح تول أن رؤية أردوغان لسوريا تتماشى بالفعل مع رغبات ترامب غير أن العلاقات بين لابلدين مبنية على أرض هشة وهو ما يستوجب الحذر قائلا: “عندما ينسحب ترامب من سوريا، سيريد أن يقول” لقد جمعت تركيا 10 آلاف جندي إضافي وستحمي تركيا السجون التي يحتجز فيها داعش. انظر، أنا الزعيم الذي أعاد الجندي الأمريكي إلى الوطن” لكن لا يمكن لقوات سوريا الديمقراطية والإدارة في دمشق الاتفاق بعد الانسحاب. وإذا قامت تركيا بعملية، فستتغير الأمور، لأن أصوات “أردوغان يهاجم الأكراد في سوريا” ستسمع في مجلس الشيوخ وفي هذه المرحلة، لن يكون من المنطقي أن يصف ترامب الرئيس أردوغان بأنه “صديق”.
وتلقى أردوغان الأربعاء الماضي تحذيرًا ناقدًا بشأن سوريا من ماركو روبيو، الذي رشحه ترامب لمنصب وزير الخارجية.
وأكد روبيو أنهم يريدون الاستقرار في سوريا وأن الدعم لقوات سوريا الديمقراطية سيستمر أثناء الإجابة على أسئلة أعضاء مجلس الشيوخ خلال جلسة الموافقة على ترشحه بالكونغرس الأمريكي قائلا: “إن هناك وقف إطلاق نار حساس للغاية فيما يتعلق بالأكراد في المنطقة، “من المهم الحفاظ على ذلك. أعتقد أنه من المهم إعطاء الرئيس أردوغان رسالة مبكرة عبر هذه الجلسة مفادها أنه لا ينبغي أن يرى تغيير السلطة في الولايات المتحدة فرصة لانتهاك الاتفاقيات القائمة “.
في هذا الشأن، يؤكد تول أن الصيغة التي طرحتها تركيا لتصفية وحدات حماية الشعب لم تكن جديدة وأنه تمت محاولة القيام بذلك أيضًا بوساطة روسيا قائلا: “ان موقف الأكراد المطالب حماية هيكلهم المستقل هو الذي أعاق هذه المفاوضات. كانت الولايات المتحدة هي التي أعطت وحدات حماية الشعب هذا التشجيع، وكانت هناك أيضًا مناطق عملوا فيها مع روسيا ونظام الأسد. الآن رحل النظام وروسيا. وإذا غادرت الولايات المتحدة سوريا، فإن وحدات حماية الشعب ستضعف لدرجة أنها ستضطر إلى تقديم تنازلات. الأكراد يريدون حكم فدرالي، لكن هناك حكومة في دمشق لا تريدها. لذا هناك عقدة عالقة. من أجل حل هذه المشكلة، يحتاج الأكراد إلى الانخراط بطريقة ما والتخلي عن الطلب على الحكم الفدرالي. سيكون انسحاب الولايات المتحدة هو الذي سيحل هذه العقدة، وسيتعين على الأكراد إعادة النظر في مطالبهم في المعادلة الجديدة التي ستظهر”.
هل تسفر سياسة أردوغان تجاه سوريا عن تحديات جديدة؟يرى آرون شتاين، رئيس معهد أبحاث السياسة الخارجية، أن خطاب تركيا حول قوات سوريا الديمقراطية لا يعكس سياسة حقيقية قائلا: “يقول وزير الخارجية التركية هاكان فيدان إنه يجب نزع سلاح قوات سوريا الديمقراطية ويجب أن يعود المقاتلون الأجانب إلى بلدانهم، وربما يمكن دمج الأجزاء العربية من تحالف قوات سوريا الديمقراطية في الجيش السوري. معظم المقاتلين الأجانب من تركيا. هل تريدهم أنقرة حقًا أن يعودوا إلى ديارهم ؟ ما نعرفه هو أنه يريدهم موتى. يبدو أن هناك الكثير والكثير من المساحة الملغومة بين السياسة والخطاب، لدرجة أنه لا يبدو أن لديها سياسة حقًا باستثناء قتل أكبر عدد ممكن منها في العراق. ولكي نكون منصفين، ينبغي القول إن الكثير من العالم يعامل مقاتلي داعش في سوريا بطريقة مماثلة، لذلك تتصرف أنقرة في الواقع وفقًا للمعايير العالمية الحالية”.
وأشار شتاين إلى أن الشرق الأوسط لم يعد من أولويات الولايات المتحدة وأن أردوغان الرغب في أن يكون أكثر نشاطا في سوريا يمكنه أن يفعل ذلك قائلا: “لكن يجب أن نفهم الوضع الحالي في سوريا جيدا. ما هو على المحك هنا هو أن الدولة المنهارة يحكمها الآن فرع سابق للقاعدة. ينظر الكثيرون في الولايات المتحدة إلى هذا بتشكك كبير. لست مقتنعا بأن جبهة تحرير الشام قادرة على السيطرة على كل سوريا. قد تضطر أنقرة إلى التعامل مع العواقب المحتملة لهذا وهى احتمالية ألا تفرض جميع مصالحها على حليفها وأن ترث التحديات الأمنية التي من المحتمل أن تنتج عن هذا”.
Tags: الأزمة السوريةالتطوريات في سورياالعلاقات التركية الأمريكيةجبهة تحرير الشامدونالد ترامبرجب طيب أردوغانقوات سوريا الديمقراطيةوحدات حماية الشعب الكرديةالمصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: الأزمة السورية العلاقات التركية الأمريكية جبهة تحرير الشام دونالد ترامب رجب طيب أردوغان قوات سوريا الديمقراطية وحدات حماية الشعب الكردية قوات سوریا الدیمقراطیة وحدات حمایة الشعب الولایات المتحدة من سوریا فی سوریا
إقرأ أيضاً:
هل ينجح عام الأسرة في مواجهة التحديات الاجتماعية في تركيا؟
أعلنت تركيا عام 2025 عاما للأسرة، تحت رعاية الرئيس رجب طيب أردوغان وقيادة وزارة الأسرة والخدمات الاجتماعية، بهدف تعزيز استقرار المجتمع ومواجهة التحديات المتزايدة.
ويأتي هذا الإعلان ليضع الأسرة في قلب السياسات الوطنية، في ظل تحولات اجتماعية وديموغرافية باتت تشكل تهديدا لبنية الأسرة التقليدية. ومن خلال برامج ومشاريع طموحة، تسعى المبادرة إلى تعزيز التماسك الأسري، ومعالجة انخفاض معدلات الخصوبة والزواج، وتقوية الروابط بين الأجيال في مواجهة تحديات العصر.
لكن كيف ستنعكس هذه المبادرة على بنية الأسرة التركية؟ وهل ستتمكن السياسات والخطط الموضوعة من معالجة هذه التحديات المعقدة؟ أسئلة تفتح الباب لنقاش أعمق حول قدرة تركيا على بناء مستقبل مستدام يرتكز على أسرة قوية وقيم اجتماعية متماسكة.
مسألة بقاءشارك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الاثنين الماضي، في برنامج الترويج لـ"عام الأسرة" في العاصمة أنقرة، حيث استعرض أبرز ملامح المبادرة وأهدافها.
وأكد أردوغان أن تخصيص عام 2025 كـ"عام الأسرة" جاء لدعم الاستقرار الأسري في مواجهة التحديات الديموغرافية والاجتماعية المتزايدة، مشددا على أن السياسات السكانية الفعالة تمثل "مسألة بقاء" للمجتمع التركي.
وأشار الرئيس التركي إلى أن سياسات "تحييد النوع الاجتماعي" والشذوذ الجنسي تشكل تهديدا مباشرا لمؤسسة الأسرة، واصفا إياها بأنها "محاولة منهجية لإضعاف الأسرة والمجتمع".
إعلانوأضاف أن هذه السياسات، التي تقدم تحت غطاء "الاختيار الشخصي"، تحولت إلى "فرض فاشي" يتم ترويجه من خلال الإعلام الرقمي والمسلسلات والأفلام وحتى الألعاب الإلكترونية.
معدل الخصوبة في تركيا تراجع من 2.38 في عام 2001 إلى 1.51 حاليا بينما يبلغ مستوى التجديد السكاني المطلوب 2.1 (شترستوك)كما شدد أردوغان على ضرورة حماية الشباب والأطفال من هذه "الأيديولوجيات المنحرفة"، مؤكدا أن تركيا تقف في طليعة الدول التي تعارض هذه التوجهات على كافة المنصات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة.
وفي سياق آخر، انتقد أردوغان انتشار ظاهرة المساكنة في المجتمع، مشيرا إلى أنها تتعارض مع القيم الأخلاقية والثقافية للمجتمع التركي. ودعا إلى تعزيز الوعي المجتمعي من خلال مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، مشددا على أن بناء عائلة قوية ومستقرة يبدأ بتربية الأطفال تربية صحيحة ترتكز على الأخلاق والقيم التقليدية.
كما أشار الرئيس التركي إلى انخفاض مقلق في معدل الخصوبة الإجمالي، الذي تراجع من 2.38 في عام 2001 إلى 1.51 حاليا، بينما يبلغ مستوى التجديد السكاني المطلوب 2.1. كما أشار إلى انخفاض معدل النمو السكاني السنوي من 7 بالألف في عام 2022 إلى 1.1 بالألف في عام 2023.
وفي الوقت نفسه، تجاوزت نسبة المسنين 10% من إجمالي السكان لأول مرة، وارتفع متوسط العمر إلى 34 عاما.
وفيما يتعلق بالزواج والطلاق، أوضح أردوغان أن سن الزواج الأول للنساء ارتفع إلى 26 عاما، وللرجال إلى 28 عاما، في حين تجاوز سن الأمومة الأولى 29 عاما.
أما معدل الزواج، فقد بلغ 6.63 بالألف في عام 2023، بينما ارتفع معدل الطلاق الخام إلى 2.01 لكل ألف من السكان.
وأظهرت الإحصائيات أن 33.4% من حالات الطلاق تحدث خلال السنوات الخمس الأولى من الزواج، في حين أن 21.7% منها تحدث بين العام السادس والعاشر من الزواج.
مواجهة التحولاتمن جانبها، قالت وزارة الأسرة والخدمات الاجتماعية، في تصريحات للجزيرة نت، إن إعلان عام 2025 "عام الأسرة" يأتي استنادا إلى الدستور التركي الذي يعتبر الأسرة المؤسسة الأساسية للمجتمع، ويؤكد ضرورة اتخاذ الدولة كافة التدابير لضمان رفاه الأسرة واستقرارها.
وأوضحت الوزارة أن التحولات الاجتماعية والثقافية التي يشهدها العصر الحالي، بما في ذلك التحولات الديموغرافية وزيادة النزعة الفردية، أثرت بشكل مباشر على بنية الأسرة ووظائفها، مما استدعى وضع سياسات متكاملة ومستدامة لحمايتها وتعزيزها.
إعلانوأشارت الوزارة إلى أن "عام الأسرة" يهدف إلى رفع الوعي بأهمية الأسرة ودعم الشباب في تأسيس أسر جديدة، إلى جانب تعزيز القيم الأسرية.
وأضافت أن الخطة تعتمد على تنفيذ وثيقة "رؤية حماية وتعزيز الأسرة وخطة العمل (2024-2028)"، التي أُعدت بموجب التعميم الرئاسي رقم 6 لعام 2024. وتعمل هذه الوثيقة على مواجهة المخاطر التي تهدد الأسرة، وتعزيز بنيتها الاجتماعية والاقتصادية، وزيادة الوعي المجتمعي بأهميتها.
وفيما يتعلق بالتحديات المحتملة، لفتت الوزارة إلى أن أبرز العقبات تتمثل في زيادة الوعي المجتمعي وضمان التنسيق الفعّال بين مختلف المؤسسات.
وللتغلب على هذه التحديات، أكدت تنفيذ حملات توعوية مستمرة عبر وسائل الإعلام، وتطوير سياسات سكانية طويلة الأمد من خلال "مجلس السياسات السكانية"، الذي يترأسه نائب الرئيس. وأوضحت أن المجلس، الذي عقد اجتماعه الأول في يناير/كانون الثاني 2025، سيعمل على تقديم حلول شاملة ومستدامة لدعم الأسرة التركية.
وأضافت الوزارة أن "مجلس تنسيق حماية وتعزيز الأسرة"، الذي يضم وزراء العدل والداخلية والصحة ورئاسة الشؤون الدينية، يلعب دورا محوريا في ضمان التكامل بين مختلف الجهات، حيث بدأ بتنفيذ خطط العمل نهاية عام 2024.
واختتمت الوزارة تصريحاتها بالتأكيد على أن عام 2025 سيكون محطة محورية لتعزيز القيم العائلية، ودعم الشباب، وتطوير سياسات شاملة تساهم في استقرار الأسرة التركية وتحقيق رفاهها على المدى البعيد.
حزم تحفيزيةكما أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال برنامج الترويج لعام الأسرة عن عدة حزم تحفيزية تهدف إلى دعم مؤسسة الأسرة وتشجيع الشباب على تكوينها.
وتضمنت هذه الحزم تقديم قروض بدون فوائد للشباب المقبلين على الزواج تصل قيمتها إلى 150 ألف ليرة تركية (حوالي 4286 دولارا)، بفترة سداد تصل إلى 48 شهرا، وسنتين بدون أقساط.
تجاوزت نسبة المسنين في تركيا 10% من إجمالي السكان لأول مرة وارتفع متوسط العمر إلى 34 عاما (شترستوك)وأوضح أردوغان أن هذا الدعم، الذي بدأ في المناطق المتضررة من الزلازل، بات متاحا الآن في جميع المحافظات التركية الـ81، ودعا الشباب إلى التقدم للاستفادة من هذه الفرصة.
إعلانوفي إطار تشجيع الإنجاب، أعلن أردوغان عن رفع بدل الولادة للطفل الأول إلى 5 آلاف ليرة تركية (حوالي 143 دولارا) تُدفع مرة واحدة، بينما سيُصرف للطفل الثاني 1500 ليرة تركية شهريا (حوالي 43 دولارا)، وللطفل الثالث وما بعده 5 آلاف ليرة تركية شهريا دون أي شروط مسبقة، تُحول مباشرة إلى حسابات الأمهات.
إلى جانب الدعم المالي، كشف الرئيس عن مبادرات إضافية تشمل تقديم استشارات للأزواج الشباب، ودعما سكنيا، وتوسيع خدمات رعاية الأطفال المجانية أو منخفضة التكلفة للآباء العاملين.
كما شملت الحزم تعزيز العمل عن بُعد والعمل المرن لتسهيل التوازن بين الحياة الأسرية والمهنية، بالإضافة إلى توفير إمكانيات طبية لتشجيع الإنجاب.
أبرز العقباتمن ناحيته، قال الباحث الاجتماعي معمر دوزجون إن تحقيق أهداف "عام الأسرة" في تركيا يواجه تحديات اجتماعية وثقافية عديدة، أبرزها الإدمان الرقمي وضعف التواصل بين الأجيال، بالإضافة إلى تأثير التيارات الثقافية العالمية مثل أيديولوجيات تحييد النوع الاجتماعي.
وبرأيه، فإن التغلب على هذه التحديات يتطلب تعزيز برامج التربية الأسرية ونشر الوعي بالقيم التقليدية، مع تعزيز مشاركة المجتمع في دعم الأسرة.
وأشار دوزجون، في حديث للجزيرة نت، إلى أن الحوافز المالية، مثل قروض الزواج، تشكل أدوات مهمة لتشجيع الشباب على تكوين أسر والتخفيف من الأعباء المادية. لكنه أكد أن هذه الحوافز وحدها ليست كافية، إذ يجب دمجها مع سياسات تدعم القيم الأسرية لضمان تحقيق نتائج مستدامة.
وختم دوزجون تصريحاته بالتأكيد على أن نجاح "عام الأسرة" يتطلب تكاملا بين السياسات الحكومية والمشاركة المجتمعية، مشددا على أن دعم الأسرة يمثل مسؤولية وطنية تهدف إلى تعزيز استقرار المجتمع وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.