عربي21:
2025-03-04@07:28:38 GMT

علبة أحمد سعيد من صوت العرب إلى ضجيج أحمد موسى

تاريخ النشر: 20th, January 2025 GMT

حين انطلقت الإذاعة المصرية بجملتها المرتبكة الأولى: "آلو آلو.. هنا الإذاعة"، كانت مجرد تجربة ناشئة تابعة لوزارة المواصلات، لكن مع مرور الوقت، ومع تحويلها إلى هيئة مستقلة، أصبحت قوة ناعمة لا تُضاهى. وجاء إطلاق إذاعة "صوت العرب" عام 1953 ليشكل نقلة نوعية، حيث تحولت إلى مشروع ثوري يحمل رسالة تحررية عابرة للحدود، تخشاه القوى الاستعمارية كما حدث في الجزائر، حين منع الاحتلال الفرنسي بيع أجهزة الراديو التي تلتقط بثها.



في ذروة مجدها، دعمت "صوت العرب" حركات التحرر بإطلاق إذاعات مخصصة، مثل إذاعة الجزائر التي بدأت بثها من القاهرة عام 1967 لدعم الثورة ضد الاستعمار الفرنسي، وإذاعة فلسطين التي انطلقت عام 1960 كأول منصة إذاعية تعبّر عن معاناة الشعب الفلسطيني. كما لعبت الإذاعة دورا بارزا في دعم نضال المغرب ضد الاستعمار الفرنسي، إذ ساهمت حملاتها في عودة السلطان محمد الخامس من المنفى ورفع الحماية الفرنسية عن البلاد، وهو ما دفع السلطان إلى الإشادة بدورها، واصفا إياها بالبشير الذي ألهم شعبه للثورة ونيل الاستقلال. ولم يقتصر دور الإذاعة على الوطن العربي، بل امتد إلى دعم نضالات الشعوب الأفريقية، لتصبح رمزا للتحرر والوحدة.

قاد هذا المشروع أحمد سعيد، الذي لم يكن مجرد مذيع، بل رمزا لمرحلة استثنائية في تاريخ الإعلام العربي، حيث نجح في جعل صوته رمزا للقومية والتحرر حتى عُرفت أجهزة الراديو في الشوارع الشعبية بـ"علبة أحمد سعيد"، وكان صوته يمثل الأمل والتحرر في آن واحد، بينما كانت شخصيته تخترق السياسة الدولية إلى حد رفض البرلمان البريطاني وجوده في وفد مصري عام 1965 بسبب تأثيره في الرأي العام، متهما إياه بالتحريض على الجنود البريطانيين.

لكن كما صنع أحمد سعيد أسطورته بصوته ورسائله، بدأ سقوطها مع نكسة يونيو 1967. وتحولت "صوت العرب" إلى منصة للتضليل، تبث بيانات عن انتصارات وهمية، مثل: "سندخل القدس عصرا"، و"فتحنا باب الحجز لحفل أم كلثوم في تل أبيب الخميس القادم". اعتذر لاحقا أحمد سعيد قائلا: "كنت أقرأ ما يصلني من بيانات رسمية"، لكن ذلك الاعتراف لم ينقذ الإعلام المصري من انحدار المصداقية. وكان شهادة على حقيقة أن الإعلام أداة في يد السلطة.

يمكنك أن تنتقد أحمد سعيد، أو تلتمس له العذر، لكنه بلا شك كان صوتا يحمل قضية ومشروعا. ولا يمكن مقارنة أحمد سعيد بأي وجه من وجوه الإعلام المصري الحالي، لكنه يبقى جزءا من بداية التحول الذي انتهى بأحمد موسى، وهنا نرى الفارق الحقيقي؛ أحمد سعيد كان صوتا صنعه مشروع قومي، بينما أحمد موسى هو منتج طبيعي لغياب المشروع ولأزمان المسخ. موسى ليس إعلاميا بقدر ما هو ظاهرة شعبوية، تنطق بالجهل والاستقطاب والتحريض، وإذا كان الإعلام المصري في بداياته يتبع وزارة المواصلات، فإن الإعلام الحالي بقيادة أحمد موسى يبدو وكأنه يتبع وزارة الصرف الصحي.

الإعلام المصري الذي كان يوما صوت العرب جميعا، يحمل همومهم ويدافع عن قضاياهم، أصبح اليوم أداة تُعاديهم، فأحمد موسى، بوق النظام الحديث، جسّد هذا الانحراف بعدائه الصريح للشعوب العربية. الفلسطيني بالنسبة له "إرهابي"، حيث وصف المقاومة الفلسطينية وحركة حماس بأنها خطر على الأمن القومي المصري، واتهمها بالتآمر على الدولة المصرية. والسوري عند موسى ليس ثائرا يبحث عن الحرية، بل "تكفيري إرهابي" يدمّر وطنه. أما الجزائري، فقد دعا موسى صراحة إلى قتله خلال الأزمة التي أعقبت مباراة كرة القدم بين مصر والجزائر عام 2010، حين استغل خلافا رياضيا لتحويله إلى عداء شعبي مقيت، في موقف يعكس استعداء فجا لشعب وقف يوما بجانب مصر في معاركها الكبرى، هذا التحول الكبير في الخطاب الإعلامي المصري يعكس تراجع الدور الريادي لمصر في خدمة قضايا الأمة والتحرر، وغياب الرؤية الاستراتيجية للأنظمة المتعاقبة على حكم مصر.

على النقيض، استطاعت قنوات مثل "الجزيرة" أن تحتكر أكثر من نصف مشاهدات العالم العربي، لأنها تبنت قضايا الشعوب وعبّرت عن همومهم، فالفارق ليس في التكنولوجيا، ولا في الزمن، بل في الروح التي كانت تدفع إعلاما يقاوم الاستعمار إلى إعلام يخدم الاستبداد.

هبط الإعلام المصري من قمة المجد، حين كان "صوت العرب" رمزا للوحدة والتحرر، إلى قاع الانحدار، حين صار صوتا للكراهية والعدوان. وبين إذاعة الجزائر في القاهرة عام 1967، وتحريض أحمد موسى على الجزائر عام 2010، تكمن قصة انحدار مؤلمة من إعلام يحمل رسالة أمة إلى إعلام يهدد وحدتها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات المصرية صوت العرب أحمد سعيد أحمد موسى مصر اعلام أحمد موسى أحمد سعيد صوت العرب مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإعلام المصری أحمد سعید أحمد موسى صوت العرب

إقرأ أيضاً:

مش رجل سلام.. أحمد موسى: نتنياهو لا يرغب في قيام الدولة الفلسطينية

أكد الإعلامي أحمد موسى، أن مصر تعمل على تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة .

أحمد موسى: إسرائيل تجهز للقيام بمحرقة جديدة داخل قطاع غزةدعم ومساندة.. أحمد موسى: مصر لديها ثوابت فيما يتعلق بالقضية الفلسطينيةأحمد موسى: الكنيست الإسرائيلي شهد خناقة واشتباكات بسبب نتنياهوأحمد موسى: مصر جهزت ورقة عمل واضحة ومحددة بشأن قطاع غزة

وقال الإعلامي أحمد موسى في برنامجه " على مسئوليتي " المذاع على قناة " صدى البلد"، :"   حديث نتيناهو اليوم يؤكد عدم تواجد مرحلة ثانية والعودة لحرب الإبادة الجماعية في غزة ".

وتابع الإعلامي أحمد موسى :"  الاحتلال الإسرائيلي لم يلتزم  ببنود الاتفاق للمرحلة الاولى من وقف إطلاق النار ".

وأضاف الإعلامي أحمد موسى :"   نتنياهو لا يرغب في قيام الدولة الفلسطينية ويرغب في توسيع دولة الاحتلال بالضفة الغربية وغزة ".

وأكمل الإعلامي أحمد موسى :"  نتنياهو لا يعتبر رجل سلام على الإطلاق  ونتنياهو لديه خطة وهي إقامة الدولة اليهودية ولن يقوم بإرساء السلام ". 

مقالات مشابهة

  • مش رجل سلام.. أحمد موسى: نتنياهو لا يرغب في قيام الدولة الفلسطينية
  • أحمد موسى: نتنياهو لا يريد السلام والعرب سيردون برسائل قوية غدًا
  • توصية لجنة ضبط الأداء الإعلامي.. حقيقة إيقاف برنامج شوبير لأجل غير مسمى
  • المشرف على الكرة بالمقاولون: تشفير الدوري المصري ضرورة.. وسيحقق 20 مليار سنويًا
  • المشرف على الكرة بالمقاولون العرب: أدعم تشفير مباريات الدوري المصري
  • أحمد موسى: القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى.. وأتمنى خروج القمة العربية بقرارات واضحة ومحددة
  • أحمد موسى: رمضان في مصر غير وأحلى من أي مكان آخر
  • أحمد موسى: الشعب المصري بيحب يعمل الخير في شهر رمضان
  • مؤسسة موانئ خليج عدن تنفي وجود نزاعات قضائية مع مجموعة هائل سعيد أنعم
  • أحمد موسى: زيلينسكي شبه اطّرد من البيت الأبيض