الجزيرة:
2025-03-26@10:34:56 GMT

حبوب اللقاح تروي قصة مناخ ليبيا الفريد

تاريخ النشر: 20th, January 2025 GMT

حبوب اللقاح تروي قصة مناخ ليبيا الفريد

في أعماق التاريخ، حيث تتشابك الطبيعة مع الإنسان في لوحة معقدة من التأثير المتبادل، تقع منطقة الجبل الأخضر شمال شرق ليبيا كواحة بيئية فريدة بين البحر المتوسط والصحراء الكبرى.

هذه المنطقة التي كانت يوما موطنًا للحضارات القديمة تحتفظ بأسرار طبيعية وتاريخية عميقة لم يُكشف عنها بالكامل بعد، تتناغم فيها أمطار نادرة مع رياح مشبعة برذاذ البحر، ما يجعلها بيئة خاصة تزخر بتنوع بيولوجي مميز.

وفي هذا السياق، نجح فريق من جامعة ليفربول الإنجليزية في كشف النقاب عن جزء من تلك الأسرار الغامضة، مقدمين في دراسة نشرتها مؤخرا دورية "ريفيو أوف باليبوتاني آند بالونولوجي"، رؤية علمية متعمقة حول التفاعل الحساس بين المناخ والغطاء النباتي، وتلك البصمة الخفية التي تركتها حبوب اللقاح على مر العصور.

قدم الفريق رؤية علمية متعمقة حول التفاعل الحساس بين المناخ والغطاء النباتي (غيتي) دور الرياح البحرية

وتسلط الدراسة الضوء على أحد الجوانب غير المعروفة بشكل كبير، وهو تأثير الرياح البحرية المحملة برذاذ الملح على النظام البيئي الساحلي.

ورغم الاعتقاد السائد بأن الأمطار هي العامل الأساسي في تشكيل الغطاء النباتي، أظهرت الدراسة أن الرياح البحرية تلعب دورا لا يقل أهمية؛ وعلى سبيل المثال، فإن الرياح المحملة برذاذ الملح تسهم في تشكيل النظم البيئية الساحلية وتساعد على بقاء النباتات التي تحتاج إلى رطوبة عالية.

وتشير الدراسة إلى أن هذه الأودية تشبه "شرايين الحياة" في المناطق الجافة، حيث تعمل كخزانات طبيعية تحفظ مياه الأمطار لفترات طويلة، مما يمكن النباتات من البقاء في فترات الجفاف.

إعلان

وهذا التفاعل يوضح كيف أن الغطاء النباتي في الجبل الأخضر يعتمد بشكل كبير على هذه الظواهر الطبيعية المتداخلة، مما يجعل النظام البيئي أكثر تعقيدا مما كان يعتقد سابقا.

الغطاء النباتي في الجبل الأخضر يعتمد بشكل كبير على هذه الظواهر الطبيعية المتداخلة (غيتي) فهم الماضي

ولم تقتصر الدراسة على تحليل العوامل الطبيعية فحسب، بل تناولت أيضا التأثيرات البشرية على النظام البيئي في الجبل الأخضر، وأظهرت أن الرعي الجائر يعتبر تهديدا رئيسيا للغابات المحلية، حيث أدى إلى تحويل مساحات كبيرة من الغابات الكثيفة إلى أراض عشبية متفرقة.

وهذا الأمر يشبه انهيار "حصون طبيعية" للنظام البيئي، حيث تعمل الغابات كمصدّات تمنع تآكل التربة وتوفر مأوى للعديد من الأنواع النباتية والحيوانية، وعندما تتعرض هذه الغابات للتدمير بسبب الرعي الجائر أو الحرائق، يصبح التنوع البيئي في خطر.

لكن الأمر لم يكن سهلا بحسب الأستاذ بكلية العلوم البيولوجية والبيئية بجامعة ليفربول، والباحث الرئيسي بالدراسة، الدكتور كريس هانت في تصريحات للجزيرة نت، حيث قال إن "العمل في ليبيا لم يكن سهلا بسبب الأوضاع المتقلبة، حيث كانت هناك العديد من العقبات التي تعرقل الوصول إلى المناطق الطبيعية وجمع البيانات، إلى جانب ذلك، شكلت الظروف البيئية الصعبة مثل الرعي الجائر وحرائق الغابات تحديات إضافية للفريق".

هذه الدراسة خطوة مهمة نحو فهم التفاعل المعقد بين المناخ والنباتات في منطقة الجبل الأخضر (الفرنسية) حبوب اللقاح

وأحد الجوانب المثيرة في هذه الدراسة هو استخدام حبوب اللقاح السطحية كأداة لإعادة بناء الظروف المناخية القديمة.

وحبوب اللقاح هي خلايا ذكورية دقيقة تنتجها النباتات لغرض التكاثر، وتحتوي على المواد الوراثية اللازمة لتلقيح البويضات في الزهور الإناث، مما يؤدي إلى تكوين البذور والثمار، وتعد جزءا أساسيا في دورة حياة النباتات وتكاثرها، وتنتقل من الأزهار الذكورية إلى الأزهار الأنثوية عبر عوامل مثل الرياح أو الحشرات.

إعلان

وتوضح الدراسة أن حبوب اللقاح، التي تنتقل بفعل الرياح، يمكن أن تكون سجلا طبيعيا يساعد العلماء على فهم كيفية استجابة النباتات للتغيرات المناخية على مر العصور.

بَيد أن تحليل هذه البيانات لم يكن سهلا، إذ إن انتقال حبوب اللقاح لمسافات بعيدة يعقد من فهم توزيعها الجغرافي بدقة.

ورغم هذه الصعوبات، أظهرت الدراسة روابط إحصائية بين هطول الأمطار وأنواع معينة من حبوب اللقاح، مثل الصنوبر والزيتون، التي تزدهر في فترات الأمطار، وفي المقابل، كانت هناك علاقة سلبية بين هطول الأمطار ونباتات مثل الطرفاء والشيح، مما يعكس تأثير المناخ على توزيع النباتات.

التكنولوجيا تدعم النتائج

ومن أجل دعم استنتاجاتهم، استخدم الباحثون بيانات هطول الأمطار التي تم جمعها من الأقمار الصناعية والمحطات الجوية المحلية.

ووفقا للدكتور هانت، فإن هذه البيانات لعبت دورا مهما في تحديد الاحتياجات المائية للنباتات المختلفة، فعلى سبيل المثال، تبين أن بعض الأنواع النباتية مثل شجر البلوط تحتاج إلى كميات كبيرة من الأمطار للبقاء على قيد الحياة، بينما يمكن لبعض النباتات الصحراوية التكيف مع ظروف الجفاف.

وإلى جانب تحليل البيانات الحالية، ركزت الدراسة أيضا على السجلات البيئية القديمة، ففي كهف "هوا فتاح"، الذي يقع بالقرب من مدينة سوسة، تم العثور على سجلات أحفورية لحبوب اللقاح تمتد لآلاف السنين، وهذه السجلات تساعد العلماء في فهم التغيرات المناخية التي شهدتها المنطقة على مدى العصور، وتساهم في إعادة بناء تاريخ المناخ والنباتات في الجبل الأخضر.

وتحمل نتائج هذه الدراسة تطبيقات عملية واسعة، حيث يمكن أن تسهم في تطوير إستراتيجيات لإعادة الغطاء النباتي في المناطق المتدهورة، وهذا الأمر ليس فقط مهما للحفاظ على التنوع البيئي، بل يمكن أن يسهم أيضا في تقليل تأثير التغيرات المناخية من خلال تحسين إدارة الموارد الطبيعية.

إعلان

وتشير الدراسة إلى أن استعادة الغطاء النباتي يمكن أن تساعد في تخزين الكربون، وهو ما يسهم في تحسين المناخ المحلي وتخفيف ظاهرة الاحتباس الحراري.

بالإضافة إلى ذلك، فإن فهم العلاقة بين المناخ والنباتات يمكن أن يساعد في تطوير إستراتيجيات لإدارة الأراضي بشكل مستدام، خصوصا في مناطق مثل الجبل الأخضر التي تواجه تحديات بيئية معقدة.

ورغم التحديات التي واجهها الفريق البحثي، فإن الدكتور كريس هانت أبدى تفاؤله بشأن المستقبل، وأعرب عن تطلعاته لإكمال المشروع الأكبر الذي يعمل عليه الفريق، والذي يهدف إلى دراسة نشاط الإنسان في شمال شرق ليبيا خلال الـ400 ألف سنة الماضية، وتعتبر نتائج هذه الدراسة المتعلقة بحبوب اللقاح السطحية جزءا مهما من هذا المشروع الأكبر.

ويقول "هذه الدراسة خطوة هامة نحو فهم التفاعل المعقد بين المناخ والنباتات في منطقة جبل الأخضر، وتشير إلى أن العوامل المناخية ليست العامل الوحيد المؤثر، بل تلعب الأنشطة البشرية دورا مهما أيضا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی الجبل الأخضر الغطاء النباتی هذه الدراسة حبوب اللقاح بین المناخ یمکن أن

إقرأ أيضاً:

محافظة الشرقية تطفئ أنوارها في ساعة الأرض لمواجهة تغير المناخ

أكد المهندس حازم الأشمونى محافظ الشرقية ،أن محافظة الشرقية شاركت فى فعالية ساعة الأرض بإطفاء الأنوارعن مديريات الخدمات ومبانى مراكز المدن والمنشآت العامة والمصانع من الساعة 8.30 :9.30 مساءً، وذلك أمس السبت الموافق 22 مارس، مشيراً إلي دور المحافظة الرائد فى مجال الحِفاظ على البيئة بهدف رفع الوعي بخطورة الإفراط في استهلاك الطاقة وتأثيراتها السلبية على كوكب الأرض وتسببها فى تغير المناخ و ظاهرة الاحتباس الحرارى، والتشجيع على السلوكيات الإيجابية الرامية إلى الحفاظ على البيئة والكوكب لضمان بيئة ومستقبل مستدام لافتاً أن الحدث يُعد رمزا “للوحدة والأمل” حيث الهدف الأساسى من إطفاء الأنوار هو توحيد الشعوب فى مهمة حماية الكوكب.

مقابل مبالغ ضخمة.. سقوط أخطر مزوري المستندات الرسمية في الشرقيةحاولوا الترويج لمخدرات بـ8 ملايين جنيه بالشرقية قبل العيد.. المتهمون يواجهون هذه العقوبةبيطري الشرقية يُنظم ندوة إرشادية بعنوان كيفية تنمية الثروة الداجنةمياه الشرب بالشرقية تطلق حملات لتوعية المواطنين بأهمية ترشيد الاستهلاك بقرى كفر صقر

ومن جانبه أوضح الدكتور مجدى الحصري مدير عام فرع جهاز شؤون البيئة الإقليمى بالشرقية والإسماعيلية بأنه تم تنظيم فعالية ساعة الأرض هذا العام تحت شعار " معا نحو اكبر ساعة للأرض " بهدف توفيرالطاقة وتقليل إنبعاث غاز ثانى أكسيد الكربون المسبب لظاهرة الإحتباس الحرارى والحفاظ على كوكب الأرض من التغيرات المناخية .

والجدير بالذكر أن المبادرة العالمية “ساعة الأرض” أنطلقت من سيدني باستراليا عام ٢٠٠٧،لتعد أقدم وسيلة للتوعية بترشيد إستهلاك الطاقة وأقدم مناسبة بيئية عالمية، ويرجع السبب في إختيار تاريخ الحدث لتوافق يوم السبت الأخير من شهر مارس كل عام وقربه من موعد الإعتدال الربيعي، أي تساوي الليل والنهار، ولضمان مشاركة معظم مدن العالم في وقت متقارب من الليل في هذه المدن، حيث تنتقل ساعة الأرض عبر المناطق الزمنية على التوالي.

مقالات مشابهة

  • عبدالله بوشهري يحرج كوثر البلوشي: فيه حبوب على بشرتك عادي أصورك.. فيديو
  • المغرب وإسبانيا بينهما أفضل مناخ للتعاون على الإطلاق وفق وزير الخارجية الإسباني
  • التوجهات والتحديات الصينية بملفي الطاقة والمناخ في 2025
  • عانى 40 يوما.. شمس البارودي تروي تفاصيل جديدة عن اللحظات الأخيرة في حياة حسن بوسف
  • ليبيا تشارك في بيان المنظمة العالمية للأرصاد الجوية حول حالة المناخ
  • هل يجوز إخراج زكاة الفطر نقدا بالمال أم حبوب؟.. انتبه لـ5 أمور
  • الدكتورة هيفاء يونس تروي قصة تحولها من الطب إلى الدعوة
  • الحرارة وتغير المناخ رفعا الطلب على الطاقة في 2024
  • البعثة الأممية تشارك دول العالم بإحياء «ساعة الأرض»
  • محافظة الشرقية تطفئ أنوارها في ساعة الأرض لمواجهة تغير المناخ