أحدث العصر الرَّقمي تغييرات عميقة في العالَم المصرفي، حيث أصبح العملاء يطالبون بتوفير المزيد من الراحة والخصوصيَّة والأمان من قِبل مزوِّدي الخدمات الماليَّة. وقَدِ استجابت البنوك لهذا التحدِّي من خلال تقديم المزيد من التسهيلات الرقميَّة، وتبسيط تعاملاتها، وإطلاق بنوك رقميَّة، وتأسيس أنظمة لتكوين الشراكات.
الميتافيرس هو عبارة عن شبكة واسعة النطاق وقابلة للتشغيل البيني مكوّنة من عوالم افتراضيَّة ثلاثيَّة الأبعاد يتمُّ تقديمها في الوقت الفعلي، ويُمكِن تجربتها مباشرة وفي نفْسِ الوقت من قِبل عددٍ غير محدود من المستخدمين. ولا يقتصر الميتافيرس على منصَّة واحدة أو تطبيق واحد، إذ إنَّه مجموعة من المساحات الافتراضيَّة المترابطة التي تغطِّي مجالات مختلفة، مِثل الألعاب والوسائط الاجتماعيَّة والترفيه والتعليم والتجارة وغير ذلك. وتقدَّر قيمتها بتريليونات الدولارات في المستقبل القريب.
وسيكُونُ للميتافيرس آثار كبيرة على القِطاع المصرفي ودَوْر البنوك، حيث ستكُونُ المعاملات والعمليَّات الماليَّة الأخرى عنصرًا حاسمًا في تفاعلات الميتافيرس. وسيحتاج المستخدمون إلى القيام بعمليَّات تبادل عَبْرَ عوالم افتراضيَّة مختلفة، باستخدام أشكال مختلفة من العملات والأصول الرقميَّة. كما ستحتاج البنوك إلى توفير حلول دفع سلسة وآمنة يُمكِنها دعم عملات ومنصَّات متعدِّدة. علاوة على ذلك، ستحتاج البنوك إلى تقديم منتجات وخدمات جديدة تُلبِّي الاحتياجات والتفضيلات المُحدّدة لمستخدمي الميتافيرس، مِثل التحقُّق من الهُوِيَّة وحماية البيانات وإدارة الثروات والإقراض والتأمين وغير ذلك. يجِبُ ألَّا تكُونَ البنوك سلبيَّة أو مقاومة لهذا التغيير، بل يجِبُ أن تتبنَّاه كفرصة للوصول إلى عملاء جُدد، ولتوفير عروض قيِّمة جديدة، وتوليد تدفقات جديدة للإيرادات. للقيام بذلك، يجِبُ على البنوك اتِّباع خطَّة لِتصبحَ «بنوك ميتا» من أجْلِ خدمة الاقتصاد الحقيقي بالإضافة إلى الاقتصاد الرَّقمي المتنامي.
ويجِبُ أن تساعدَ هذه البنوك العملاء على الانتقال من الاقتصاد التقليدي إلى الاقتصاد الافتراضي من خلال تسهيل تحويل الأموال الورقيَّة إلى عملات وأصول رقميَّة، والعكس صحيح. ويجِبُ على بنوك ميتا أيضًا توفير التعليم والتَّوجيه حَوْلَ كيفيَّة استخدام وإدارة العملات والأصول الرقميَّة في الميتافيرس.
كذلك يجِبُ أن تنشئَ بنوك ميتا وجودها الخاصَّ في الميتافيرس من خلال الشراكة مع المنصَّات الحاليَّة التي يُمكِنها استضافة فروعها الافتراضيَّة. علَيْها أن تقدِّمَ تجربة عملاء سلسة وغامرة تستفيد من قدرات الميتافيرس ومن الذَّكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات الضَّخمة لتوفير خدمات مخصَّصة للعملاء في الميتافيرس.
يجِبُ علَيْها أيضًا ألَّا تقتصرَ على تكرار منتجاتها وخدماتها الحاليَّة أو تكييفها في الميتافيرس، بل علَيْها استكشاف الاحتمالات والفرص الجديدة التي يوفِّرها الميتافيرس. يجِبُ أن تجربَ بنوك ميتا نماذج الأعمال الجديدة ومصادر الإيرادات التي يتمُّ تمكينها بواسطة الميتافيرس، مِثل إنشاء الأصول الرقميَّة أو الاستثمار فيها، ورعاية الأحداث الافتراضيَّة أو استضافتها، وتقديم ميزات مصرفيَّة أو خدمات مصرفيَّة اجتماعيَّة، وغير ذلك.
إنَّ الميتافيرس ليس سيناريو بعيدًا أو افتراضيًّا، ولكنَّه حقيقة تتشكَّل بالفعل. يجِبُ على البنوك التي ترغب في أن تظلَّ ذات صلة وتنافسيَّة في العصر الرَّقمي أن تبدأَ في الاستعداد لهذا التغيير الآن، من خلال تحوُّلها لبنوك (ميتا) يُمكِنها خدمة عملائها مع تطوُّر احتياجاتهم في عالَم رقمي متنامٍ.
طلال أبو غزالة
كاتب عربي
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: من خلال ة التی التی ی
إقرأ أيضاً:
الأوقاف: القمار الإلكتروني بدأ يأخذ أشكالًا مستحدثة أكثر خطورة في العالم الافتراضي
قالت وزارة الأوقاف إنه نظرًا للخطر الكبير الذي يمثله القمار بصفة عامة، وخاصة القمار الإلكتروني على الأفراد والمجتمعات، فإن الله عز وجل حرم القمار تحريمًا شديدًا واعتبره رجس من عمل الشيطان، كما جاء في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَـمْرُ وَالْـمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
الأوقاف تطلق 5 قوافل دعوية للواعظات في 5 محافظات غدًا الأوقاف تطلق برنامج «لقاء الجمعة للأطفال» بالمساجد الكبرى في المحافظات غداًوأضافت وزارة الأوقاف على الرغم من معرفة الناس بأضرار القمار التقليدي وابتعادهم عنه، فإن القمار الإلكتروني بدأ يأخذ أشكالًا مستحدثة في العالم الافتراضي، مثل المراهنات الإلكترونية والألعاب التي تعتمد على المخاطرة، وهذا النوع من القمار لا يقل خطرًا في تأثيره السلبي المدمر على حياة الأفراد، إذ يقود إلى الإفلاس، والديون، وضغوط نفسية، قد تصل ببعضهم إلى الانتحار.
وأشارت إلى أن القمار الإلكتروني يشكل خطورة متزايدة في زمننا الحالي، حيث يتسلل إلى حياة الكثيرين بشكل خفي عبر الإنترنت والأجهزة الذكية، ويتخذ أشكالًا متنوعة تخدع الناس وتستدرجهم للوقوع في فخه، فبعض الألعاب الإلكترونية تصمم على أسس المراهنة والمخاطرة، ما يجعل اللاعبين يشعرون أنهم قد يحصلون على مكاسب سريعة بجهد قليل، وهو ما يدفع البعض إلى صرف مبالغ مالية كبيرة، ظنًّا منهم أن النجاح قريب، وهذا الإغراء يخفي وراءه خسائر فادحة، حيث ينتهي الأمر بالبعض غارقين في الديون، ومهددين بضياع ممتلكاتهم وأموالهم.
كما أن القمار الإلكتروني يستهوي فئة الشباب بشكل خاص، ويخدعهم بتزيين فكرة الثراء السريع والسهل، مما يؤدي إلى إفساد عقولهم وتعطيل حياتهم العملية والدراسية، ومن نماذج الألعاب والتطبيقات التي ينبغي الحذر منها لعبة الكونكير، ولعبة aviator ، وتطبيقات المراهنات الإلكترونية بوجه عام.