السيب يتفوق على عبري .. ويقترب من نصف نهائي كأس جلالة السلطان
تاريخ النشر: 20th, January 2025 GMT
خطا الفريق الأول لكرة القدم بنادي السيب خطوة كبيرة نحو التأهل إلى نصف نهائي مسابقة كأس جلالة السلطان لكرة القدم للموسم الحالي، بعد فوزه على ضيفه نادي عبري بثلاثية نظيفة في المباراة التي جمعتهما على استاد السيب الرياضي ضمن ذهاب دور الثمانية لمسابقة كأس جلالة السلطان لكرة القدم. بدأ السيب المباراة بالضغط على مرمى عبري منذ الدقائق الأولى، معتمدًا على تحركات المحترف أبوكمارا وعبدالرحمن المشيفري في المقدمة.
على الجانب الآخر، نظم عبري صفوفه واعتمد على هجمات سريعة قادها عبدالعزيز المنذري وعمران المنذري والمحترف كواسي سيريل، لكن الكرات الخطيرة اصطدمت بتألق حارس السيب المعتصم الوهيبي ودفاعه المنظم بقيادة محمد المسلمي. وشهدت الدقيقة 16 فرصة ذهبية للسيب بعد احتساب ركلة جزاء إثر لمسة يد، إلا أن مطيع السعدي تصدى لتسديدة أبوكمارا ببراعة، ليحافظ على التعادل السلبي. واستمر السيب في الضغط بحثًا عن الهدف، لكنه أهدر عدة فرص، أبرزها رأسية أبوكمارا في الدقيقة 44 التي أبعدها السعدي ببراعة، لينتهي الشوط الأول بالتعادل السلبي.
دخل الفريقان الشوط الثاني بتغييرات تكتيكية، حيث أشرك مدرب عبري المحترف إريك جيبيتا وشبيب محمد، بينما دفع مدرب السيب نيكولا دارفيك بالمهاجم عبدالعزيز المقبالي، وافتتح السيب التسجيل في الدقيقة 60 عن طريق عبدالرحمن المشيفري الذي استغل كرة مرتدة من الحارس مطيع السعدي بعد رأسية من محمد المسلمي، ليضعها داخل الشباك. بعد ذلك بدقيقتين، أضاف زاهر الأغبري الهدف الثاني من كرة عرضية داخل منطقة الجزاء، حيث سددها زاحفة في مرمى عبري، وتراجع أداء عبري بشكل ملحوظ، مما منح السيب السيطرة الكاملة على مجريات اللقاء. وفي الدقيقة 68، عاد المشيفري ليسجل الهدف الثالث لفريقه والثاني له شخصيًا بعد تمريرة رائعة من عيد الفارسي، ليسكن الكرة داخل الشباك بحرفية عالية.
وفي الدقائق الأخيرة، قلّت المحاولات الهجومية من الفريقين بعد أن ضمن السيب الفوز، ورغم بعض المحاولات الفردية من عبري، إلا أنها لم تشكل خطورة حقيقية على مرمى معتصم الوهيبي. في المقابل، حاول السيب تعزيز النتيجة من خلال الكرات البينية التي أرسلها أمجد الحارثي لمهاجمي الفريق، لكنها لم تُستثمر بالشكل المطلوب. وانتهى اللقاء بفوز السيب بثلاثية نظيفة، ليضع الفريق قدمًا في نصف النهائي قبل مباراة الإياب التي ستقام على المجمع الرياضي بعبري.
أدار المباراة طاقم تحكيمي بقيادة هيثم العامري، وعاونه حمود الشعيبي وأيمن الحبسي، بينما كان الحكم الرابع أحمد بيت جميل. وشمل الطاقم الإضافي علي العجمي ومحمد البلوشي. وكان محمود الغطريفي مقيمًا للحكام، ومبارك بيت علي مراقبًا للمباراة، وشهاب الهنائي منسقًا أمنيًا، ويوسف الحديدي منسقًا إعلاميًا، وخليل الرواحي منسقًا عامًا.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
غُرفتان... غرفة لأحمد السعدي وأخرى لحسن المطروشي
بالحديث عن الغُرف فـي الكتابة الإبداعية لا يفوتنا أن نتحدّث عن الكتاب الشهير لفرجينيا وولف (غرفة تخص المرء وحده) كونه كتابا مهما وضعته المؤلفة، وناقشت فـيه قضايا مهمة مرتبطة بالمرأة. تأتي العتبة فـيه معبّرة عن لفظة الغرفة التي تُحيل على حدود معينة تقع ضمنها قضايا وأبعادا متنوعة. لكن الحديث عن الكتاب يطول أو طال وقد نوقشت معه موضوعات الكتاب من وجهات نظر متعددة تجاه الآخر الكاتب والمكتوب عنه. وإذا ابتعدنا قليلا عن كتاب فرجينيا وولف الشهير ووقفنا على نماذج شعرية -فـي الشعر العماني بالتحديد- سنجد أنّ موضوع الغُرف موضوع قد يتعاطى معه الشعراء بصورة فنية، وبتخيّل واسع يعطي القارئ لمحة عن هذا المكان الذي اقتنصته مهارة شاعر.
ولعلنا نجد فـي الشعر ما يستقرئ الغُرفة ويصنع منها فضاء خاضعا للنسق الشعري الذي تحدّده رؤية الشاعر لحظة الكتابة، نجد فـي ذلك مثالين شعريين يحملان العنوان الشعري ذاته: (غرفة)، النص الأول للشاعر أحمد السعدي والنص الآخر للشاعر حسن المطروشي، وكلا الشاعرين وظّفا المكان/ الغرفة توظيفا فنيا فـي الكتابة الشعرية، وقدّما صورة تعكس تخيّلَ الشاعر لهذا المكان.
ينطلق أحمد السعدي -وهو أحد الأصوات المهمة فـي القصيدة الشعبية العمانية- فـي التعبير عن الغرفة من دلالاتٍ متمثلةٍ فـي الوحدة والخيانة والصمت من جهة، ومن جهة أخرى متمثلة فـي الضيق وحدود الجدران المظلمة. يقول أحمد السعدي فـي نص (غرفة):
والله وحــــيدٍ.. لا مــــطر.. لا عـــصافـيرْ
مـن يـشتهي يقفل على الخوف غرفه؟؟
من له يدان تخون كل التعابيرْ؟؟
مــن لــه شــفاهٍ.. تــشعـل الـجمـر.. حـرفـه
الــصمــت.. غــرفـه ضـيّقـه تـخنـق الـطيـرْ
يــجلــس بــها إنــسان مـنبـوذ عـرفـه
الـــصمـــت مـــنفى غـــرفةٍ تــشبــه الــبيــرْ
الـماي جـف..!! وصارت الأرض ترفه
إنــسان تــطعــن وحــدتــه.. يـامـقاديـرْ
نفسه يخونك!! لو على باب شرفه
والله كـبيره.. يالمطر.. والعصافـيرْ
مـن يـهجـر الـشارع.. على شان غرفه!!
تُحرّك غرفةُ أحمد السعدي القارئَ معها فـي ثنائيات الاتساع والضيق، وثنائيات الخوف والحزن، وثنائيات الوحدة والمنفى، كما يقودك النص بلغته الآسرة إلى الثنائيات المتمثلة فـي دلالات اللغة؛ إذ يستعمل الشاعر النفـي فـي إطار الجملة الخبرية رابطا إياها بدلالات الاستفهام (من يشتهي يقفل على الخوف غرفه؟؟)، فالصورة هنا تحمل تعبيرا فنيا دقيقا يمثله الخوف ويقابله القفل/ الإغلاق بغرفة، واصفا له بعلاقات مكانية مظلمة أو موحشة فـي الاستخدام الدلالي. فـ(الغرفة تُقفل على الخوف)، و(الصمت غرفة ضيقة تخنق الطير)، و(الصمت منفى غرفةٍ تشبه البير)، وهنا يظهر الاشتغال على دلالات الاتساع، ومرادفاتها من الحرية وفسحة الحياة؛ إذ إن دلالات الضيق تتصارع مع دلالات الاتساع فـي النص مُشكلة صورة حية تتدافع معها المفردات.
يمكن لنا أن نقرأ النص من زاوية نفسية تشكلت منها الدلالات؛ فالشاعر يمجّد السعة والاتساع على حساب الضيق؛ فنجد الغرفة رمزا لهذه الدلالة، ففـي كل مرة تظهر الغرفة يظهر معها الخوف والنفـي والوحدة والصمت، وهي تعبيرات مستمدة من الكبت، فنجد الصراعين: اللفظي والدلالي حاضرين بقوة فـي تمثيل صورة الغرفة. فـي المقابل فإن دلالات الاتساع جاءت تُعبّر عن الحياة والحرية والثورة، وهنا يعود المكان المضاد للغرفة لتشكيل الصُّور، ولعل فـي الشارع تمثيلا للتعبير عن الضوء والحركة والحياة.
هنا تحاول دلالات الضيق طمس كل ماله علاقة بالاتساع، فتظهر توتّرات النص، ويظهر الصراع المكاني، ومعها تخيلات الشاعر بالحرية والثورة (المطر/ العصافـير/ الأرض) تبدو مكبوتة بفعل الضيق، وهنا -نفسيا- يبدو الميل إلى الضيق والظلام أقوى من الاتساع والضوء؛ إذ يفاجئنا النص بالحركة إلى الحدود المظلمة على حساب السَّعة والبهجة فـيرسم النص تعجبه من هذه الحركة نحو المجهول:
والله كبيرة يالمطر والعصافـيرْ... من يهجر الشارع على شان غرفه
يكتب حسن المطروشي أيضا عن «الغرفة»، إذ لا تخرج معاني النص عما أشار إليه السعدي فـي نصه السابق، يقول المطروشي فـي نص (غرفة):
ها أنا
من جديدٍ
أجُوبُ مَنافِيكَ مُسْتَوْحِشا
أيها الليلُ،
أَقْذِفُ فوق السريرِ
بكامل ما احْتَمَلَتْ قامتي
مِنْ حُطامْ
ليس فـي غُرفتي شَبَحٌ
فأَقُصُّ له قِصَّة،
ليس لي ماعزٌ أو خرافٌ
فَأَحْسُبُ أذنابها كي أنامْ
حَسَنا،
سوف أدعو لصوص الشوارع
والعاطلين عن الأمنيات،
لكي تَتَسَلَّقَ سَقْفَ الظلامْ!
يشتغل المطروشي على ألفاظٍ تدل على المنافـي والوحشة والحطام، هذا ما تمثله الغرفة ليلا، وحشة منفتحة على الغربة والاغتراب، تُحيله على المنفى رغم إقامته بين الحدود الأربعة، هنا تتمثل صورة الضيق فـي الاستعمال الدلالي، وهنا تبدو الغرفة كصندوق يضم آلاما وجراحا وعذاباتٍ تنوء بها النفس البشرية.
إن دلالات الضيق هنا قائمة على التمسك بالواقع النفسي، فالغرفة مظلمة يجافـيها النوم، وحتى المتخيلات لا يمكن أن تُعبّر عن مكنونات اللحظة. وهنا يستسلم النص لدلالات الضيق على حساب الاتساع، فتغلق مفاجآت الشوارع وترضخ لدلالات الغُرف دالّة فـيها عبارة «لكي نتسلّق سقف الظلام!» على الحدود الضيّقة التي تئن تحتها النفس الإنسانية المليئة بالعذابات والجراح.
يستغل المطروشي اللحظة الآنية للذاكرة والتخيّل فـيشتغل على دلالات الحاضر الذي تستطرد فـيه الفكرة، مستخدما الأفعال المضارعة المعبرّة عن اللحظة الزمنية التي تتكوّن منها المفردات الشعرية، إذ جاءت الأفعال المضارعة فـي سبعة أسطرٍ شعرية من أصل خمسة عشر سطرا شعريا، تتمثل دلالاتها فـي الحركة والكلام والتعبير مثل: (أجوب، وأقذف، وأقص، وأحسُب، وأنام، وأدعو، وتتسلق)، ورغم معاني الأفعال القائمة على الحركة والتعبير والتخيل، إلا أنّ حدودها تصطدم بالضيق وليس الاتساع، وهنا تتصارع الدلالتان فـي ترتيب الأولوية الشعرية والهيمنة فـي التعبير.
ورغم قصر النصين الشعريين، فإننا نجدهما نصين قائمين على التعبيرات الدلالية، والاشتغال الشعري الذي ينقل القارئ من لحظة التسطيح إلى التأمل. فـيقترب النصان من رؤية داخلية للدلالة، والتعبير عن اللامرئي واللاواقعي فـي الشعر، وهنا تنقلنا الصورة إلى لحظة الكتابة الشعرية الحديثة القائمة على تفتيت الصور والتلاعب بالدلالة الشعرية فـي خدمة الفكرة الشعرية.
وكثيرا ما نجد المطروشي يشتغل على هذا النوع من الكتابة مقدما نصوصا شعرية ذات طابع اشتغالي متعدّد الصور والدلالات والتعبيرات الفنية، فنجد نصوصه الشعرية طافحة بهذا الاشتغال التي تُشكّل صورة بصرية متعدّدة الزوايا، أما فـي الشعر الشعبي فأحسب أنّ هذا النص أو أن أحمد السعدي واحدٌ من الشعراء الذين استطاعوا كسر الجمود الشعري التقليدي للقصيدة الشعبية فـي عمان، وقدّم لغة تصعد بكتاباته الشعرية إلى أعلى مستويات اللغة الفنية.