اليمن.. رمزُ الدعم الثابت لفلسطين: وقفةٌ بطولية في وجه الاحتلال
تاريخ النشر: 20th, January 2025 GMT
رضوان دبأ
في زمن الحروب والصراعات، حَيثُ تتعدد أطماع القوى الاستعمارية والصهيونية في الأرض العربية والإسلامية، تنبثق من بين الركام شعلة الأمل والإرادَة الحرة التي لا تنطفئ، وهذه المرة كانت غزة وأبطالها هم من حملوا هذه الشعلة وأثبتوا أن الأمل يمكن أن ينتصر رغم المحن.
بعد خمسة عشر شهراً من الحرب الإجرامية التي شنتها قوات الاحتلال الصهيوني، وبمشاركة أمريكا وبريطانيا والعالم العربي الخانع والذليل، ومع تأييد الله القاهر، جاءت لحظة النصر المؤزر التي أثبتت أن الظلم لا يدوم وأن الحق لا يمكن أن يغيب مهما طال الزمن.
في هذا السياق، يبرز موقف اليمن الأصيل الذي كان ثابتًا في دعمه لقضية فلسطين منذ اليوم الأول ليس قولًا فحسب، بل عملًا جادًا على الأرض، لقد كان النصر الذي حقّقته غزة في مواجهة الكيان الصهيوني مصدر سعادة واعتزاز لكل الأحرار في العالم، خُصُوصًا في اليمن الذي اختار أن يكون في صف الحق والمقاومة دون تردّد.
مع مرور الأشهر الطويلة من العدوان، كانت اليمنُ حاضرةً في صدارة المشهد وفي الخطوط الأمامية لمعركة النصر الموعود والجهاد المقدس، كانت اليمن تراقب عن كثب تطورات الأحداث، وتواكب الجهود الجهادية في غزة، وتعزز من قدراتها العسكرية كي تكون جاهزة في أي وقت لتقديم الدعم اللازم، كانت اليمن حريصة على ألا تكون مُجَـرّد متفرج، بل كانت تدرك أن قوتها العسكرية يجب أن تكون جزءًا من المعركة، رغم التحديات والصعاب.
ومن هنا، يمكن أن نرى أن اليمن، بجميع أطيافه، لم يتأخر في مساندته للحق الفلسطيني، أصبحت الصواريخ والمسيّرات اليمنية جزءًا من التوازن العسكري الذي أربك حسابات العدوّ الصهيوني.
لم يكن هذا الدعم مُجَـرّد كلمات بل أفعال على الأرض، فعندما قطع صاروخ “فلسطين 2” اليمني المسافات وعبَر الزمن ليصل إلى قلب الكيان الصهيوني، أثبتت اليمن للعالم أن أي محتلّ لا يمكن أن ينعم بالأمان ما دام هناك أحرار يرفضون الظلم ويسعون لتحقيق العدالة.
وكان من أبرز لحظات الفخر تلك التي أظهرت فيها اليمن قوتها البحرية، التي استطاعت أن تلقن البوارج الحربية الأمريكية درسًا لن يمحى من ذاكرة التاريخ، حَيثُ تلقّت بحريةُ العدوّ وقِطَعُه العسكرية الضربات المؤلمة التي أفشلت خططهم، بل وأصبح اليمن رمزًا للمقاومة الحقيقية، ليس فقط بالكلمات وإنما بالفعل في ميادين المعركة وعلى خطوط المواجهة.
ومع توقيع اتّفاق وقف إطلاق النار، لم يتغير موقف اليمن، فقد تمسك بموقفه الثابت، لم يتزحزح ولم يتغير حرف واحد من بيانات الدعم لفلسطين والشعب الفلسطيني، كان اليمن حريصًا على تأكيد استمرارية دعمه، وأكّـد للعالم أن جبهة اليمن ستظل متقدة طالما استمرت معاناة الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال.
وقد ترك اليمن بصمته في التاريخ الحديث ليذكر كُـلّ فلسطيني أن جبهة اليمن لم تتوقف إلا بعد توقف العدوان على غزة وتحقّق الاتّفاق، سيظل اليمن في ذاكرة الشعب الفلسطيني والشعوب الحرة في العالم منارة للعزة والكرامة، حَيثُ كانت مواقفه الثابتة في نصرة فلسطين وحقها في تقرير مصيرها وتحرير أرضها.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: یمکن أن
إقرأ أيضاً:
ورطة السائق الذي يؤشر للانحراف في كل الاتجاهات في وقت واحد
اعترف قائد الجيش السوداني، ضمنيًا، بارتكاب جميع الجرائم المنسوبة إليه، منذ حرب دارفور التي شارك في انتهاكاتها جنبًا إلى جنب مع قوات الدعم السريع، وحتى آخر ثائر يُساق إلى الإعدام في هذه الأثناء من "تكية" بأحياء الخرطوم.
لقد وقع "الكاهن"، كما يسميه أنصاره، في شرّ مقارناته، حين قارن بين المقاومة المدنية السلمية والبندقية، معربًا عن اتساع الهوة بين حرق الإطارات في الشوارع وقنص الأرواح بالرصاص. الرجل اعترف، دون مواربة، بأنه قتل ونكّل، وحكم بقوة السلاح، غير عابئ بما يُسجله التاريخ، وما تفهمه الأجيال من دلالات انعدام الحياء، في مشهد يضاهي كبار مجرمي الحروب.
هذا الاعتراف الثمين كشف عن عدائه الأصيل لأي تغيير مدني سلمي، وأي حُكم يقوم على القانون والعدالة. إنه لا يبحث إلا عن شرعية لحرب قذرة، يخوضها ضد أبناء شعبه الذين نشأوا وتربّوا على حلم الثورة، بينما يدّعي محاربة الدعم السريع. لقد بات واضحًا أن حربه الحقيقية ليست مع أولئك، بل مع الثورة ذاتها، الثورة التي منحته هذا المنصب المتقدم والحساس، الذي خانه فيها بدمٍ بارد.
في تصريحاته التي جاءت على الهواء مباشرة، كعواء في ليلٍ بلا قمر، عبّر قائد "المؤسسة الوطنية" ـ وهي إحدى ركائز الدولة المدنية ـ عن إيمانه العميق بالبندقية، لا بالحلول السياسية، وبإراقة الدماء لا بالحوار، وبسحق الخصوم لا باحتوائهم. وكأنما ينطق بلسان نيتشه حين قال: *"الجنون في الأفراد أمر نادر، لكنه في الجماعات والأمم والتاريخ هو القاعدة."*
هكذا، كشف قائد الجيش بوضوح لا لبس فيه، عن تورطه في كل الأحداث الدامية التي أعقبت الثورة، بدءًا من مجزرة فض الاعتصام، مرورًا بقتل المتظاهرين في الشوارع، وانتهاءً بتعزيز قدرات الدعم السريع، لا من أجل حماية الدولة، بل لمواجهة الثورة السلمية، التي كان شعارها الأبرز: "سلمية سلمية، ضد الحرامية". لقد أصبح هو نفسه مدافعًا عن الفساد، ومتاجِرًا بدماء الشهداء، من أجل الحفاظ على سلطته ومصالحه.
فأي رجل هذا الذي رمى به القدر في سدة الحكم؟!
وأي أخلاق يحملها هذا "الممثل القدير" لأدوار الخيانة، وهو يلعب دور الذراع الباطشة للحركة الإسلاموية في حربها ضد الثورة، لا في مواجهتها للدعم السريع؟!
لقد قال ألبير كامو ذات مرة: *"كل الطغاة يبدؤون بأن يكونوا محاربين باسم العدالة، وينتهون بأن يكونوا قتلة باسم النظام."*
ويبدو أن هذا القائد "الاستثنائي"، قد أتقن الدورين معًا ولا يزال يراهن على غش الناس حين يؤشر للانحراف في كل الاتجاهات في وقت واحد.
wagdik@yahoo.com