التناسق المذهبي يقود تركيا إلى الزعامة في سوريا
تاريخ النشر: 20th, January 2025 GMT
20 يناير، 2025
بغداد/المسلة: أصبحت تركيا لاعباً محورياً في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد الذي أنهى عقوداً من حكم عائلته، لتبرز أنقرة كأحد الأطراف الأكثر تأثيراً على مستقبل البلاد دبلوماسياً واقتصادياً وعسكرياً.
و تمثل الحدود الطويلة بين تركيا وسوريا، والتي تمتد لنحو 911 كيلومتراً، عاملاً جغرافياً مهماً منح تركيا القدرة على التأثير المباشر في مجريات الأحداث داخل سوريا.
ومنذ بداية الثورة السورية، لعبت أنقرة دور الداعم الرئيسي للمعارضة المسلحة، خاصة “الجيش الوطني السوري”، بالإضافة إلى استضافتها نحو ثلاثة ملايين لاجئ سوري، وهو العدد الأكبر على مستوى العالم. كما استخدمت تركيا موقعها الجغرافي كنقطة عبور رئيسية للمساعدات الإنسانية الدولية إلى الداخل السوري.
و تتمتع تركيا بميزة إضافية في المشهد السوري تتمثل في التناسق المذهبي والديني الذي يجمعها مع غالبية الشعب السوري، مما يعزز من قدرتها على التأثير والاندماج في الشأن السوري بشكل أعمق مقارنة بإيران ذات الأغلبية الشيعية.
هذا التناسق المذهبي والديني خلق روابط اجتماعية وثقافية جعلت تركيا شريكاً أكثر تقبلاً من قبل السوريين، لا سيما بعد سقوط نظام الأسد. وبالرغم من وجود اختلافات سياسية، فإن القرب الثقافي والمذهبي يعزز من فرص التعاون بين أنقرة والقيادة السورية الجديدة.
على النقيض، تواجه إيران تحدياً كبيراً في سوريا بسبب الفجوة الطائفية التي تعمق العداء المجتمعي لها. إذ ينظر العديد من السوريين إلى النفوذ الإيراني باعتباره تدخلاً مذهبياً يسعى لفرض أجندة طائفية، ما دفع قطاعات واسعة إلى تفضيل العلاقة مع تركيا التي تمثل نموذجاً أقرب دينياً ومجتمعياً.
و تسعى تركيا إلى تحقيق جملة من الأهداف الاستراتيجية التي تشمل تعزيز التعاون التجاري، والمشاركة الفاعلة في إعادة إعمار سوريا، وتوسيع نفوذها في مجالات الطاقة والدفاع. كما تأمل في إنهاء وجود “وحدات حماية الشعب” الكردية على حدودها الجنوبية، والتي تعتبرها تهديداً لأمنها القومي.
وترى أنقرة في القيادة السورية الجديدة حليفاً محتملاً لمواجهة الجماعات الكردية التي قادت تحالف “قوات سوريا الديمقراطية” المدعوم أميركياً في الحرب ضد تنظيم داعش. هذه القضية كانت مصدر توتر دائم بين تركيا والولايات المتحدة، حيث تأمل تركيا أن يتخذ الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب موقفاً داعماً لمطالبها.
و في سياق تعزيز نفوذها، سارعت تركيا إلى فتح قنوات اتصال مباشرة مع القيادة الجديدة في دمشق. قام رئيس المخابرات التركي إبراهيم كالين بزيارة سريعة إلى دمشق، تلاها لقاء وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مع أحمد الشرع، قائد الإدارة الجديدة. وأعادت تركيا فتح سفارتها في دمشق كأول دولة تقوم بهذه الخطوة.
و عسكرياً، تستمر الاشتباكات في شمال شرق سوريا بين القوات المدعومة من تركيا والجماعات الكردية، إلا أن هناك مؤشرات على استعداد “قوات سوريا الديمقراطية” للتفاوض، بما في ذلك استعدادها لانسحاب المقاتلين الأجانب من سوريا إذا وافقت أنقرة على وقف إطلاق النار.
و تلعب تركيا دوراً رئيسياً في جهود إعادة الإعمار، حيث عرضت دعمها في إصلاح البنية التحتية وتزويد سوريا بالكهرباء وفتح المجال لعودة الرحلات الجوية. كما تأمل أن يبدأ اللاجئون السوريون في العودة تدريجياً إلى وطنهم دون إجبارهم على ذلك، وهو ما يمثل جزءاً من استراتيجيتها لتخفيف العبء الداخلي.
و هذه العوامل تتيح لتركيا أن تكون اللاعب الأكبر في سوريا ما بعد الأسد، مستفيدة من التوافق الديني والقدرة على بناء تحالفات قائمة على المصالح المشتركة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: فی سوریا
إقرأ أيضاً:
تركيا تعين مستشارا دينيا لدى سفارتها في دمشق
24 مارس، 2025
بغداد/المسلة: أعلنت السفارة التركية في سوريا، اليوم الاثنين، أن الملحقين التجاري والديني بدآ مهامهما في العاصمة دمشق، وذلك بعد نحو شهر على بدء عمل الملحق العسكري.
وبحسب السفارة: “بدأ اليوم الملحق التجاري، جانر بوزات، بالإضافة إلى ملحق الشؤون الدينية، حسين دميرهان، عملهما في السفارة في دمشق”.
وأشارت السفارة إلى أن “هذه التعيينات تعتبر بمثابة خطوة تهدف إلى تعزيز علاقات تركيا مع سوريا، وأن السفارة تهدف إلى “تعميق العلاقات التركية السورية مع هذا الفريق الجديد، الذي سيلعب دورا مهما في تطوير العلاقات الدينية والتجارية”.
وأفادت وزارة الخارجية التركية، في وقت سابق، بأن وزير الخارجية التركي ووزير الدفاع التركي ورئيس جهاز الاستخبارات التركي موجودون في دمشق في زيارة عمل، دون تقديم تفاصيل أخرى.
وقال فيدان إن استقرار الوضع في سوريا هو “مسؤولية تاريخية” تقع على عاتق أنقرة.
وتعقيبا على الزيارة التي أجراها إلى دمشق، قال فيدان في تصريحات لوسائل إعلام تركية: “كانت زيارتنا إلى سوريا بالغة الأهمية، ففي الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 2024، انطلقت حقبة جديدة في سوريا. ورغم أنها أتت بفرص تاريخية عظيمة، إلا أنها كانت أيضا نقطة انطلاق للعديد من المشاكل للشعب السوري والمنطقة بأسرها”.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts