المشروع الإيراني في العراق يتجرع السُّم مرتين
تاريخ النشر: 20th, January 2025 GMT
آخر تحديث: 20 يناير 2025 - 9:58 صبقلم: سمير داود حنوش لا يمكن اعتبار علاقة بغداد بطهران منذ عام 2003 ضمن بديهيات العلاقات الدبلوماسية، خصوصا بين دول الجوار. العراق كان أول محطة في برنامج إيران لتصدير الثورة عام 1979 لاعتبارات عقائدية في عقول الإيرانيين، إذ أن المذهبية العراقية هي الأقرب إلى نظام الولي الفقيه.
لكن الحكمة الإيرانية فشلت في تحقيق ذلك الهدف، وهذا ما أكدته الحرب العراقية – الإيرانية التي اندلعت عام 1980 واستمرت لغاية 1988 بتجرع الخميني السُّم واعترافه بوقف إطلاق النار. تلك الحرب التي اشترك بها سنة وشيعة العراق وكرده في معارك الخليج الأولى، باعتراف صريح أن المجتمع العراقي كان بعيداً عن الطائفية قبل الاحتلال الأميركي. حاولت طهران أن تكتب حقيقة تاريخية بدأت تنقلب عليها حالياً، بأن تكون شريكاً مهماً في نفوذ العراق بعد عام 2003 وسقوط نظامه السابق، لتتمدد تلك الحقيقة إلى دول مجاورة مثل سوريا ولبنان بصناعة هلال شيعي يضمن لها مصالحها وتطويع أنظمة المنطقة وصولاً إلى دول الخليج. كان مشروع نظام وليّ الفقيه الإيراني هو الابن البكر للمشروع الطائفي في العراق، جاهدت إيران لأن تطبق هذه الوصفة على الدولة العراقية الجديدة بعد الاحتلال، لذلك كان من البديهي أن تحاول إيران إبعاد العراق عن محيطه العربي، وصل ذلك الإبعاد إلى حد القطيعة والنفور. المفكر الإيراني صادق زيبا يُشير إلى عنصرية الفرس بالقول “إننا كإيرانيين لم ننس هزيمتنا التاريخية أمام العرب في معركة القادسية رغم مرور 1400 عام عليها، فنخفي في أعماقنا حقداً وضغينة دفينين تجاه العرب وكأنها نار تحت الرماد قد تتحول إلى لهيب كلما سنحت لها الفرصة.” انكشفت تلك الحقيقة في أيام الاحتلال الأولى للعراق حين قُتل أكثر من 150 عراقيا في تموز – يوليو من عام 2004 في أكثر الأيام دموية منذ انتقال السلطة إلى حكومة إياد علاوي. آنذاك كانت الرياض تبحث مع واشنطن إرسال قوة عربية إسلامية لضبط الأمن في هذا البلد، حينذاك أعلن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل عن إجراء محادثات أولية مع الولايات المتحدة لإرسال قوات عربية إلى العراق، لكن ذلك الاتفاق سرعان ما تبخّر بعد تدخل دول مجاورة لإلغائه. ستقرأ الأجيال العراقية اللاحقة في كتبها صفحات مؤلمة صنعها الاحتلال الأميركي وأوكل مهمة تمزيق الجسد العراقي إلى الجارة الشرقية بعد أن قدم لها هذا البلد على طبق من ذهب، تستخدم أدواتها من عملاء ومرتزقة يتباهون أمام الملأ بانتمائهم إلى الخارج. ما كان يحصل في البيئة العراقية أن الكثير من الأحزاب السياسية وفصائلها المسلحة كانوا جنوداً مطيعين في تنفيذ الأجندة الإيرانية لمحاصرة الوجود الأميركي في العراق الذي جاء بهم تماماً كلعبة القط والفأر، أو عبر التلاعب بمشاعر وعواطف العراقيين بأن إسرائيل ستُرمى في البحر، حتى أصبحت تلك الفصائل بديلاً عن الدولة العراقية وصل بها إلى احتكار القرار السيادي المتحالف مع طهران التي بدأت تتحدث باسم شعب العراق وأهله. في عام 2018 أعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي أن “إيران ستقاتل الأميركان بشباب العراق وأمواله في خدمة مشروع الإمام الخميني.” كان ذلك القول لاعتقاد إيران أنها حققت مكاسب سياسية ولوجستية في العراق وسوريا ولبنان، جعلتها ترسم سيناريو الدولة الفارسية. كلمات قاسمي كانت تشير بوضوح إلى استعداد طهران لحرق العراق وشعبه من أجل غاياتها ومصالحها، وتعبر عن استعداد أذرعها وأدواتها للقتال بالنيابة على أرض محروقة بعيداً عن حدودها الجغرافية.يبدو الآن ومع جلوس دونالد ترامب بولايته الثانية في البيت الأبيض أن اللعبة انتهت بالعراق، وما كان يحصل هو حالة من الفوضى آن لها أن تنتهي ومعها هذه اللعبة. التاريخ دائما يؤكد أن الانتصار في النهاية للشعوب، وأن نظام ولاية الفقيه الذي تجرع السُّم في عام 1988 عندما أعلن عن انتهاء الحرب العراقية – الإيرانية، يبدو أنه يتجرع كأسا ثانية من السُّم عبر إنهاء وصايته على العراقيين.بغداد لها تاريخ حافل بالأحداث، سواء كانت انكسارات وهزائم أو انتصارات. غزاها هولاكو عام 1258، أدى ذلك الغزو إلى القتل والحرق والتدمير وضياع الكثير من التراث العلمي بعد أن رُميت مجلداته في نهر دجلة، لكن بغداد استعادت عافيتها، ونعتقد أنها ستستعيد عافيتها مجددا بعد أن ترفع إيران يدها عن الشعب العراقي.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: فی العراق
إقرأ أيضاً:
رشيد: إيران وتركيا وراء أزمة المياه في العراق
آخر تحديث: 18 يناير 2025 - 4:08 مبغداد/ شبكة أخبار العراق- قال رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد في كلمة له خلال زيارته جامعة الانبار، إنه “نعاني من تناقص الموارد المائية وتزايد التصحر والجفاف، الذي تتحكم فيه ثلاثة عوامل رئيسية هي: المناخ، إدارة المياه وتصرفات دول الجوار خاصة إيران وتركيا “.وأضاف “كلنا شركاء أساسيون في عملية التنمية، وبناء المجتمع والإصلاح السياسي ومكافحة الظواهر السلبية ومعالجة الفساد الإداري والمالي وحماية البيئة ومواجهة آثار التغيرات المناخية”.ويعاني العراق من أزمة للمياه غير أنها اشتدت وبلغت مرحلة خطيرة في السنوات الأربع الأخيرة لتصل إلى ذروتها في السنة الماضية 2023، حيث انخفضت مناسيب المياه إلى مستويات غير مسبوقة بفعل الجفاف الذي يضرب المنطقة بأسرها. ويعد العراق من بين أكثر خمس دول تضرراً من التغير المناخي بحسب تقارير للأمم المتحدة ومنظمات دولية معنية بالموضوع.وفالت منظمة البنك الدولي، في نهاية العام 2022، إن العراق يواجه تحدياً مناخياً طارئاً ينبغي عليه لمواجهته التوجه نحو نموذج تنمية “أكثر اخضراراً ومراعاةً للبيئة”، لا سيما عبر تنويع اقتصاده وتقليل اعتماده على الكربون. ووفقا لتقرير صادر عن المنظمة، فإنه وبحلول العام 2040، “سيكون العراق بحاجة إلى 233 مليار دولار كاستثمارات للاستجابة إلى حاجاته التنموية الأكثر إلحاحاً فيما هو بصدد الشروع في مجال نمو أخصر وشامل”، أي ما يساوي نسبة 6% من ناتجه الإجمالي المحلي سنوياً.وكان مركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان قد افاد مؤخرا، بأن العراق فقد نحو 30% من الأراضي الزراعية المنتجة للمحاصيل بسبب التغيرات المناخية خلال السنوات الثلاثين الاخيرة.