كيف ينعكس وقف إطلاق النار في غزة على الملفات الإيرانية؟
تاريخ النشر: 20th, January 2025 GMT
طهران- يشكل وقف إطلاق النار في غزة تحولا بارزا في سياق القضية الفلسطينية، وتداعياته تتجاوز حدود القطاع المحاصر لتطال التوازنات الإقليمية والدولية، خاصة في الملفات الإيرانية الحساسة.
ومع أن إيران تضع دعم المقاومة الفلسطينية في قلب سياساتها الإقليمية، تجد نفسها أمام مرحلة مفصلية في كيفية استغلال هذه التهدئة لمصلحة إستراتيجياتها الكبرى.
ويعتبر الملف النووي الإيراني، الذي يشهد جولات تفاوضية مع القوى الكبرى، أحد أبرز التحديات التي تواجهه طهران في هذه اللحظة، خصوصا مع احتمالات استئناف المفاوضات مع إدارة ترامب القادمة.
في الوقت ذاته، تسعى إيران إلى إعادة ترتيب علاقاتها مع الأوروبيين في إطار الاتفاق النووي، مع تركيز خاص على الملفات الأمنية والاقتصادية.
أما بما يتعلق بعلاقات إيران مع الدول العربية، فإن تطورات الوضع في غزة قد تفتح المجال أمام إعادة النظر في مواقف طهران الإقليمية، خاصة في ظل محاولات تحسين العلاقات مع بعض الدول الخليجية في مواجهة التحديات المشتركة.
وبالنسبة لتموضع إيران الإقليمي، يبقى دورها في الشرق الأوسط محورا رئيسيا في السياسة الإيرانية، لكن هذا الاتفاق قد يضعها أمام خيارات دقيقة في تعزيز نفوذها في المنطقة أو اتخاذ مواقف أكثر مرونة تواكب التحولات الجديدة.
إنهاء الحروب
يعتقد أستاذ العلوم السياسية مصطفى نجفي أن وقف إطلاق النار في غزة يمكن أن يشكل فرصة مناسبة لتقليل النزاعات والتوترات الإقليمية، مضيفا أنه إذا انتهت حرب غزة التي تعتبر نقطة انطلاق للعديد من الصراعات، فقد تؤثر على مراكز النزاع الأخرى أيضا، خاصة أن دونالد ترامب أعلن أنه يسعى إلى إنهاء الحروب في المنطقة.
إعلانوتابع في حديثه للجزيرة نت قائلا إن نهج إدارة ترامب تجاه الشرق الأوسط، وإيران، وطموحات نتنياهو واليمين المتطرف في إسرائيل، بالإضافة إلى حقوق الفلسطينيين، قد يؤدي إلى وضع مختلف تماما.
وإذا قرر ترامب تبني سياسة صارمة تجاه إيران، والتماشي مع الطموحات العسكرية والأمنية لإسرائيل، وتجاهل حقوق الفلسطينيين، واتخاذ موقف عدائي تجاه محور المقاومة، فإن المنطقة بلا شك ستواجه مرحلة جديدة من عدم الاستقرار، وربما حتى تواجه حربا شاملة، حسب النجفي.
وبغض النظر عن الحملات الإعلامية الأخيرة في الأوساط "الصهيونية" والغربية التي تزعم ضعفها، فإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، يوضح المتحدث ذاته، قد أعدت نفسها لكلا السيناريوهين، حيث إنها مستعدة لدعم المسارات السياسية التي تسهم في تخفيف التوتر، وأيضا مستعدة للتصدي لأي عمل يستهدف مصالحها.
وفيما يتعلق بالملفات الإقليمية لإيران، ذكر الخبير السياسي روزبه علمداري في حديثه للجزيرة نت نقطتين:
لم يصل الوضع إلى استقرار سياسي، ولا تزال التحركات وتغير مواقف اللاعبين مستمرة، وعليه، لا يمكن في الوقت الحالي إصدار حكم بشأن مستقبل القوة في الشرق الأوسط. طبيعة نفوذ طهران في المنطقة فكرية ومعنوية، وعلى عكس بعض اللاعبين الآخرين، فإن توظيف أو تعيين قوى بالوكالة لم يكن أبدا من أساليبها.ورأى المتحدث ذاته أن الضرورات التي أدت إلى الحضور العسكري خلقت تصورا بأن تعرض حلفاء إيران حاليا لضغوط عسكرية وخسائر يعني تراجع نفوذها.
أما فيما يتعلق بصعود ترامب في هذه المرحلة، بحسب علمداري، ورغم أن المنطقة أصبحت في مرحلة ما بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول أكثر صعوبة، فإن هناك اختلافات عن ولايته الثانية تتمثل في:
إعلان العلاقات بين إيران والسعودية ودول الخليج تحسنت في هذه المرحلة. أظهر الرئيس بزشكيان وحكومته نهجا إيجابيا ومنفتحا تجاه الحوار، مما أزال الذرائع للتصعيد، كما أن المفاوضات مع أوروبا قد بدأت وتستمر بشكل بناء. أصبح واضحا لترامب أن أساليبه السابقة، مثل “الضغط الأقصى” عبر العقوبات والضغوط المختلفة، لم تحقق تأثيرا، وعليه أن يعيد التفكير في نهجه.
قوة كافية
من جانبها، قالت الباحثة السياسية عفيفة عابدي إن وقف إطلاق النار الذي بدأ اليوم في غزة كان مطلبا لإيران طوال الأشهر الـ15 الماضية.
وبشأن سوريا والتطورات التي أعقبت سقوط بشار الأسد، أوضحت عابدي للجزيرة نت أن الرؤية في إيران تختلف عن الرواية الغربية التي تزعم أنها تراجعت بفقدان سوريا، حيث إن إيران تعتقد أن سوريا خرجت من نطاق أولوياتها الإستراتيجية، وأصبحت عبئا مكلفا على منافسيها.
ورأت الباحثة السياسية أن سوريا تبقى ساحة خلاف بين أعداء إيران، فلا تزال إسرائيل تشعر بعدم الأمان من جهة سوريا، وكذلك تركيا والولايات المتحدة، حيث يمكن أن يتصاعد صراع النفوذ بين هذه الأطراف، في الواقع. وأن هذه الظروف، تضيف الباحثة، تتيح لإيران مراقبة التكاليف التي يتحملها منافسوها وأعداؤها في سوريا.
وإضافة إلى ذلك، ترى إيران أن وجودها في سوريا كان بهدف مكافحة داعش وضمان أمن الأماكن المقدسة، وليس فقط لدعم نظام بشار الأسد، بحسب عابدي، التي قالت إنه مع عودة تهديد ظهور داعش مجددا في سوريا، فإن هذا الخطر قد يؤدي بشكل أكبر إلى صراع على النفوذ بين تركيا والولايات المتحدة وإسرائيل وبعض الأطراف الإقليمية الأخرى، مما يجعل تكاليفه المباشرة بعيدة عن إيران.
ووفق الباحثة ذاتها، تعتقد إيران أنها، بفضل الخيارات المختلفة التي تمتلكها، لا تزال تتمتع بقوة كافية للتفاوض من أجل التوصل إلى اتفاق نووي عادل. وتشير الدلائل، بحسبها، إلى أن الطرفين الأميركي والأوروبي يظهران رغبة متزايدة في التفاوض مع إيران.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات وقف إطلاق النار فی غزة
إقرأ أيضاً:
باكستان تسقط طائرة استطلاع هندية في كشمير وسط تصاعد التوترات الإقليمية
الثورة /متابعات
أعلنت باكستان، امس إسقاط طائرة استطلاع هندية من دون طيار فوق منطقة كشمير المتنازع عليها، في ظل تصاعد التوترات العسكرية بين البلدين النوويين.
وذكرت الإذاعة الباكستانية الرسمية أنّ الدفاعات الباكستانية تمكّنت من إسقاط طائرة رباعية المروحيات على طول خط المراقبة في منطقة بيمبر الحدودية، محبطةً محاولة انتهاك للمجال الجوي الباكستاني.
يأتي هذا التطوّر بعد أيام من تبادل إطلاق النار بين القوات الهندية والباكستانية، ما يزيد من المخاوف بشأن تفاقم النزاع في منطقة تعتبر من أكثر بؤر التوتر في العالم.
وأفادت الإذاعة الباكستانية بأنّ القوات الباكستانية رصدت وأسقطت طائرة استطلاع هندية كانت حلّقت فوق منطقة بيمبر على خط المراقبة في كشمير. يأتي ذلك بعد 5 أيام فقط من تصعيد ميداني شهد إطلاق نار متبادل بين الجانبين.
الجيش الهندي أكّد بدوره وقوع تبادل لإطلاق النار، متهماً القوات الباكستانية بفتح النار من أسلحة صغيرة على المواقع .
وكان وزير الدفاع الباكستاني، خواجة محمد آصف، صرح بأنّ “التوغّل العسكري الهندي بات وشيكاً”.
وتصاعدت التوترات بعد هجوم دموي وقع في 22 نيسان/أبريل الجاري، في منطقة “باهالغام” في كشمير، أسفر عن مقتل 26 سائحاً وإصابة 17 آخرين.
وقد تبنّت جماعة “مقاومة كشمير” مسؤولية الهجوم، بينما وجّهت الهند أصابع الاتهام إلى جماعات مرتبطة بباكستان، مثل “لشكر طيبة” و”حزب المجاهدين”.
رداً على الهجوم، أعلنت الهند إجراءات تصعيدية شملت تعليق معاهدة نهر السند، إغلاق المعابر البرية، خفض التمثيل الدبلوماسي مع باكستان، وطرد مستشاري الدفاع، إلى جانب إلغاء تسهيلات التأشيرات للمواطنين الباكستانيين.
ونفت باكستان أيّ علاقة لها بالهجوم الذي وقع في “باهالغام”، معتبرةً أنّ الإجراءات الهندية مجرّد ذريعة لتبرير التصعيد. كما أكّدت إسلام آباد أنّها “ستردّ بقوة على أيّ انتهاك لسيادتها”.
ودعت الصين، القوة الإقليمية المؤثّرة، كلاً من الهند وباكستان إلى “ضبط النفس” والعمل على “تسوية الخلافات بالحوار” للحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة.