براعة التصميم.. الكشف عن بكتيريا تتمكن من توجيه جيناتها
تاريخ النشر: 20th, January 2025 GMT
في دراسة حديثة نشرتها مجلة "نيتشر ميكروبيولوجي" توصل باحثون من جامعة تكساس في أوستن إلى اكتشاف مذهل حول تطور بكتيريا بحيرة مندوتا بولاية ويسكونسن الأميركية، حيث أظهرت الدراسة أن معظم أنواع البكتيريا في البحيرة تخضع لتحولات جينية موسمية متكررة في نمط واضح.
الجينات هي الشيفرة الوراثية التي تحكم الكائن الحي، وتوجد في كل خلاياه، وتشبه الكتاب الذي يحمل تعليمات تصنيع كل شيء في الجسم، بداية من لون العينين أو الشعر مثلا، ووصولا لكيفية عمل أدق التركيبات الخلوية.
وقد لاحظ الباحثون أن هذا التغيير الموسمي في جينات البكتيريا يحدث عاما بعد عام، كما لو كان تطورها من حالة لأخرى فيلما يعاد تشغيله من البداية في كل مرة، ويبدو أنه لا يصل إلى أي شكل نهائي مستقر.
مشهد لبحيرة مندوتا (روبن روير) حلقة متكررة من التطور الموسميتمتلك بحيرة مندوتا أرشيفا فريدا من نوعه لعينات المياه التي تم جمعها على مدى عقدين من الزمن. وقد ساعدت هذه البيانات غير المسبوقة الباحثين على تتبع التغيرات الجينية بشكل دقيق.
وقام فريق البحث بتحليل مادة وراثية مأخوذة من ميكروبات تقطن 471 عينة مياه، ووجدوا أن التحولات الجينية تحدث بشكل دوري على مدار العام، حيث تتذبذب تلك التحولات وتعود إلى حالتها الأصلية مع تعاقب الفصول. وأثار هذا النمط الدوري اهتمام روبن روير، الباحثة في قسم علم الأحياء التكاملي، في جامعة تكساس في أوستن، بالولايات المتحدة الأميركية، والتي قادت الدراسة.
وتقول روير في تصريحات خاصة للجزيرة نت "هذه الأنماط الدورية تعني أن التحولات الجينية تتبدّل على مدار العام، وتتكرر مع مرور الزمن. بطريقة أخرى، يمكننا القول إن البكتيريا تصبح أكثر تشابها في المواسم ذاتها، حتى لو كان الفاصل الزمني هو 20 عاما".
إعلانواستخدم الباحثون موارد الحوسبة الفائقة في مركز تكساس للحوسبة المتقدمة لإعادة بناء الجينومات البكتيرية من تسلسلات قصيرة للحمض النووي في عينات المياه. وتشرح روير "لأننا نراقب البكتيريا في بيئة طبيعية وليس في المختبر، لم نتمكن من إجراء نوع الاختبارات التي من شأنها تأكيد التأثير الدقيق للتحولات الجينية في عملية التمثيل الغذائي للنيتروجين. ومع ذلك، على الرغم من أننا لا نستطيع تحديد تأثير التحولات على وجه التحديد، فقد استنتجنا أنها أثرت على الأرجح على استخدام مركبات النيتروجين العضوية، بسبب العدد الكبير من هذه الجينات التي تغيرت".
هذه الدراسة تُعد نقطة تحول في فهم كيفية تطور المجتمعات الميكروبية بمرور الزمن (غيتي) كشف سر البحيرةفي عام 2012، شهدت البحيرة ظروفا غير عادية، مثل ذوبان جليدي مبكر، وصيف أكثر حرارة وجفافا أكثر من المعتاد، وانخفاض في تدفق المياه التي تصب في البحيرة، ونقص الطحالب، التي تعد مصدرا مهما للنيتروجين العضوي للبكتيريا.
وقد اكتشف الباحثون أن العديد من البكتيريا في البحيرة في ذلك العام شهدت تحولا كبيرا في الجينات المرتبطة بأيض النيتروجين، ربما بسبب ندرة الطحالب.
وتقول روير "ما تتبعناه هو التغير في الجينات الموجودة بالفعل، وليس ظهور جينات أو إنزيمات جديدة. وقد يعني هذا أن الإصدارات المختلفة من إنزيمات التمثيل الغذائي للنيتروجين قد تعمل بشكل أفضل مع هياكل مختلفة من المغذيات النيتروجينية العضوية على سبيل المثال، أو أن بعض سلالات الجينومات قد تعتمد على بعض المغذيات النيتروجينية العضوية، بينما لا تعتمد عليها جينومات أخرى".
وتتوقع الدراسة أن تستمر البكتيريا في التطور استجابة للتغيرات المناخية المستقبلية، سواء كانت هذه التغيرات تدريجية أو مفاجئة. ومع ذلك، يبقى السؤال حول ما إذا كان هذا التطور سيساعد في استقرار النظم البيئية أم سيؤدي إلى تغييرات غير متوقعة، مطروحا على طاولة النقاش البحثي.
إعلانوتعلق روير "هذا سؤال مهم حقا. أعتقد أننا لا نزال غير قادرين على القول ما إذا كان تطور الميكروبات سيجعل النظم البيئية أكثر استقرارا في مواجهة تغير المناخ، لأنها يمكن أن تتكيف بسرعة للحفاظ على وظائف النظام البيئي الأصلية، أو ما إذا كان سيجعل النظم البيئية أقل استقرارا في مواجهة تغير المناخ، لأنها يمكن أن تتغير بسرعة لأداء وظائف النظام البيئي الجديدة".
وتُعد هذه الدراسة نقطة تحول في فهم كيفية تطور المجتمعات الميكروبية بمرور الزمن. وبدلا من التركيز فقط على التغيرات البيئية، تقترح الدراسة النظر إلى التغيرات البيئية والتطورية على أنها عملية مستمرة ومتكاملة.
تختتم روير "عندما نحاول فهم كيفية تطور البكتيريا في البيئة، ربما لا يهم إن كان الأمر يتعلق بالبيئة أم التطور، ربما يجب أن نفكر في الأمر باعتباره تدرجا مستمرا من التحولات".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات البکتیریا فی
إقرأ أيضاً:
توجيه اتهامات لحفتر بدعم المعارضة السودانية وسط تزايد النفوذ الإقليمي في ليبيا
طرابلس – «القدس العربي» لقاء جديد يجمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع قائد الجيش الليبي خليفة حفتر بحضور حسن رشاد رئيس المخابرات العامة، اللقاء تطرق إلى أهمية التنسيق بين الجهات الليبية لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن، وعلى ضرورة منع التدخلات الخارجية وإخراج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية.
وقالت الرئاسة المصرية في بيان، إن السيسي أكد حرص مصر على ضمان وحدة وتماسك المؤسسات الوطنية الليبية، كما شدد على أهمية التنسيق بين جميع الأطراف الليبية لبلورة خارطة سياسية متكاملة تؤدي إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المنتظرة في البلاد.
في الوقت نفسه، أكد الرئيس المصري “ضرورة منع التدخلات الخارجية في ليبيا وإخراج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية.
ويأتي الحديث عن ملف المرتزقة في ليبيا في ظل استمرار شكاوى الجيش السوداني من استمرار تدفق قوافل من مسلحي قوات الدعم السريع من ليبيا، حيث أعلن الجيش السوداني استهدافه عدداً من الآليات السبت بواسطة الطيران الحربي، ولا تزال الجهات الرسمية السودانية تكرر اتهامها لقائد الجيش خليفة حفتر بتوفير الدعم لقوات الدعم السريع من بدء الحرب السودانية.
وأكد رئيس جيش تحرير السودان، مني اركومناوي، عبر حسابه على منصة “أكس”، أن الدعم الأجنبي يتواصل عبر محور ليبيا ويدخل تعزيزات جديدة بقوة قوامها 400 آلية عسكرية متنوعة عن طريق ليبيا إلى دارفور الآن، حسب قوله.
هذه الأنباء الجديدة تأتي لتطرح تساؤلات حول الرابط بين التحرك الجديد للمعارضة السودانية مع عزم روسيا توسيع نفوذها في ليبيا ونقل قوات معدات إلى قاعدة “معطن السارة” على الحدود مع تشاد والسودان، وهو وصف بالاستراتيجي وضمن عملية روسية كبرى لتعزيز السيطرة على منطقة الساحل الإفريقي وذلك بعد خسارتها مواقعها في سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد.
وحول الدور الذي يلعبه حفتر في دعم قوات المعارضة السودانية، تشير مصادر عسكرية ومحلية أن كتيبة طارق بن زياد التابعة لصدام حفتر قد توجهت مؤخراً نحو “معطن السارة” لتأمين المنطقة وحماية الطرق المؤدية إلى السودان بما في ذلك إمدادات الأسلحة والوقود التي تنطلق من ميناء طبرق وتصل إلى السودان.
وبدأ التحرك الروسي في إثارة القلق الأوروبي، حيث عبرت رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني، لحلف شمال الأطلسي (ناتو) عن أهمية التركيز بشكل أكبر على جناحه الجنوبي، وهي منطقة جنوب البحر المتوسط وشمال إفريقيا، محذرة من توجه روسيا إلى تعزيز وجودها في شرق ليبيا.
وقبل أيام، قالت وكالة “نوفا” الإيطالية بأن روسيا تعمل على توسيع نفوذها في ليبيا من خلال نقل الرجال والمعدات إلى قاعدة “معطن السارة” على الحدود مع تشاد والسودان.
ونقلت الوكالة في تقرير لها، عن مصادر ليبية وصفتها بالمطلعة، أن موقع قاعدة معطن السارة استراتيجي، وقد استُخدمت خلال الحرب الليبية التشادية في الثمانينيات، وتقع الآن في قلب عملية روسية كبرى لتعزيز السيطرة على منطقة الساحل، التي أصبحت بشكل متزايد في مركز المصالح الجيوسياسية لموسكو.
وأوضح التقرير أنه في ديسمبر 2024، أرسلت روسيا مجموعة من الجنود السوريين الفارين من هيئة تحرير الشام لإعادة القاعدة إلى العمل، بهدف تحويلها إلى نقطة استراتيجية للعمليات العسكرية في إفريقيا، يمكن الإمداد منها مباشرة إلى مالي وبوركينا فاسو وربما السودان.
ويعتبر ذلك مرحلة جديدة في التوسع الروسي في القارة الإفريقية بعد خسارتها مواقعها في سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد. وتكثف روسيا تدخلها في ليبيا، حيث تنقل معدات عسكرية عبر عشرات الرحلات الجوية بين بنغازي وقاعدة اللاذقية في سوريا.
وفي الأشهر الأخيرة، وسعت موسكو وجودها في ليبيا، وعززت عملياتها في قواعدها الجوية الأربع الرئيسية: قاعدة الخادم في شرق البلاد؛ وقاعدة الجفرة في الوسط؛ وقاعدة براك الشاطئ جنوب غرب سبها بالجنوب، وقاعدة القرضابية في سرت بالمنطقة الوسطى الشمالية.
وتستضيف هذه القواعد مجموعة متنوعة من المعدات العسكرية، بما في ذلك الدفاعات الجوية ومقاتلات ميج 29 وطائرات بدون طيار، وتديرها فرقة مختلطة من العسكريين الروس ومرتزقة مجموعة فاغنر، بعيدًا عن رقابة السلطات الليبية.
وبحسب مصادر “نوفا”، قامت موسكو مؤخراً بتوسيع وجودها من خلال قاعدة عسكرية جديدة، وهي قاعدة معطن السارة، في منطقة كانت لها أهمية استراتيجية تاريخياً.
وتشير المصادر نفسها إلى أن روسيا نقلت في كانون الأول/ ديسمبر 2024، كميات كبيرة من المعدات العسكرية وأرسلت إلى القاعدة قوة مكونة من ضباط وجنود سوريين، سبق أن انتشر الكثير منهم في سوريا وغادروا البلاد بعد سقوط نظام الأسد.
ومن المقرر أن تصبح قاعدة معطن السارة مركزًا لوجستيًا رئيسيًا للعمليات الروسية في إفريقيا، ومركزًا مهمًا لتدفق الإمدادات إلى مناطق أخرى في الساحل، ولا سيما إلى مالي وبوركينا فاسو، حيث عززت روسيا بالفعل قواتها العسكرية، كما تعتبر القاعدة أيضًا استراتيجية لحماية طرق الإمداد إلى السودان.
وأكدت مصادر “نوفا” أن رتلًا عسكريًا من كتيبة طارق بن زياد التابعة لصدام حفتر، توجه مؤخراً نحو “معطن السارة” لتأمين المنطقة وحماية الطرق المؤدية إلى السودان، بما في ذلك إمدادات الأسلحة والوقود التي تنطلق من ميناء طبرق وتصل إلى السودان.
ورغم الوجود العسكري الروسي المتزايد في المنطقة، تؤكد مصادر “نوفا” أن موسكو نأت بنفسها عن قوات الدعم السريع، التي يقودها محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي.
وأشار التقرير إلى عمل روسيا على الاتصال المتزايد مع المجتمعات القبلية في الجنوب الليبي على الحدود مع تشاد والنيجر، وتمكن الروس من تشكيل تحالفات مع القبائل المحلية، وخاصة التي تسيطر على المناطق الحدودية، لتعزيز موقعها الاستراتيجي والوصول إلى الثروات الطبيعية، مثل مناجم الذهب في جبال كالانغا. وسبق أن كشف مسؤولون أمريكيون وغربيون، بداية ديسمبر الماضي، أن موسكو بدأت في سحب كميات ضخمة من العتاد العسكري والقوات من سوريا يشمل أنظمة دفاع جوي متطورة.
وأظهرت صور أنظمة دفاع جوي متطورة تنتظر نقلها خارج سوريا. وفي الثامن والعشرين من ديسمبر الماضي، أظهرت صور أخرى عودة طائرة أنتونوف إلى حميميم من ليبيا.
كما يُظهر مقطع فيديو جرى تحديد موقعه جغرافيًا أن إحدى الطائرات التي وصلت أخيرًا إلى قاعدة الخادم في ليبيا حلقت إلى مدينة باماكو في مالي، حيث حلت روسيا أخيرًا محل النفوذ الفرنسي طويل الأمد.